برنهارد (توماس)
Bernhard (Thomas-) - Bernhard (Thomas-)
برنهارد (توماس ـ)
(1931 ـ 1989)
توماس برنهارد Thomas Bernhard شاعر وروائي ومسرحي نمسوي، ولد في هرلين Herleen في هولندة لأبوين نمسويين، وتوفي في أولسدورف Ohlsdorf في النمسة. كان والده نجاراً ووالدته ابنة الكاتب يوهانِس فرويمبيشلر J.Freumbichler. نشأ برنهارد في رعاية جديه لأمه وتنقل معهما عدة مرات، وبدأ في المدرسة الداخلية في مدينة سالزبورغ Salzburg بالتركيز على الموسيقى والغناء. فقَدَ والديه وجديه وهو في التاسعة عشرة، وأصيب بالسل عام1949 مما سبب بقاءه في المصح حتى عام1951، حين انتسب إلى المعهد العالي للموسيقى وفنون العرض في سالزبورغ، وأنهى دراسته في عام 1957 ببحث مقارن حول أرتو[ر] Artuad وبريخت[ر] Brecht. عمل خلال الدراسة مراسلاً لـ«صحيفة الشعب الديمقراطية» Das demokratisch Volksblatt في أخبار المحاكم وفي نقد الكتب والعروض المسرحية، وتفرغ للكتابة منذ عام 1957. قام برحلات متعددة إلى يوغسلافية وإيطالية وبولونية وإنكلترة، ونال كثيراً من الجوائز الأدبية والمسرحية أهمها جائزة مدينة بريمن للأدب (1965) وجائزة الدولة النمسوية للأدب (1968) وجائزة غيورغ بوشنر للمسرح (1970) وجائزة مدينة هانوفر للمسرح (1974) وجائزة غرفة التجارة النمسوية للأدب (1976).
يتضمن شعر برنهارد المبكر الذي لم يلق كبير اهتمام من النقاد الموضوعات المفضلة لديه والتي تظهر فيما بعد في أعماله النثرية والمسرحية، وهي الموت والمرض والعزلة والتشاؤم الناشئ من المعرفة والتدهور الإنساني وفقدان العزاء. وقد ظهرت هذه الموضوعات في أول دواوينه «على الأرض وفي الجحيم» (1957) Auf der Erde und in der Holl وفي ثانيها «في ساعة الموت» (1958) In hora mortis وكذلك في آخرها «وداعاً يا فرجيل» (1981) Ave Vergil. ومنذ روايته الأولى «صقيع» (1963) Frost والثانية «اضطراب» (1967) Verstorung لفت برنهارد اهتمام النقاد والقراء على حد سواء. فالشخصيات الرئيسية في كلا العملين علماء يشوبهم مس من جنون، إنهم متطرفون في موقفهم العدائي تجاه العالم، ويبحثون عن المعرفة المطلقة، ولا يمكنهم تشكيل ذواتهم وتأكيدها إلا بعزل الأنا عن مؤثرات الواقع، فينتهون إلى طريق مسدود. وفي روايته «مصنع الكلس» (1970) Das Kalkwerk يلجأ الراوي إلى توليف تقارير المحاكمات كي يحلل أسباب قتل العالم كونراد زوجته المعقدة، مستخدماً تقنية القطع المتتالي لزمان السرد ومنظوره. وقد ركز النقد على التجديد اللغوي اللافت على صعيد صياغة المفردة وبناء الجملة.. أما في رواياته الأخيرة، مثل «المتلاشي» (1983) Der Untergeher أو «قطع الأشجار» (1984) Hozlfallen فهناك بساطة ملحوظة في لغة السرد وفي البناء الروائي، تدل على قصدية فنية فكرية لدى المؤلف بأن البناء مهما ابتعد عن التركيب والتعقيد، واللغة مهما تبسطت، فإنهما باتا عاجزين عن تحقيق التواصل ومد الجسور، في عالم صار فيه كل إنسان جزيرة معزولة، قصداً أو قسراً.
وفي أعماله المسرحية تظهر لحظات سلبية الفرد أكثر وضوحاً مما في رواياته مع أثر كوميدي، إذ على الشخوص في المسرحية أن تبني عالمها عبر اللغة أولاً، قبل أن تتخذ موقفاً نقدياً منه، وبذلك تتكشف تأملات الشخصيات الرئيسية عن طريق تناقض العوالم التي بنتها لغوياً وعدم منطقية الحجج المستخدمة، على أنها ردود أفعال مشروطة مسبقاً. وشخوص مسرحياته تنحو إلى التنميط، ومن ثم فإن مساحة أفعالها محدودة وضيقة، لاسيما في تلك المسرحيات التي يمطر فيها السيد الخادم بسيل من الأوامر والاتهامات التي لامعنى لها ولاجدوى منها مثل مسرحية «حفلة من أجل بوريس» (1970)
Ein Fest für Boris و«الرئيس» (1975) Der prasident و«مصلح العالم» (1982) Der Welt-Verbesserer إذ يتبدى التأثير المتبادل بين الطرفين وكأنه طقس احتفالي، فالخدم والمستمعون يؤدون في اللعبة دور من يقدم الكلمة/ المفتاح لرد فعل السيد، مثلما جرى مع الأب الأعمى في مسرحيته «الغبي والمجنون» (1972) Der Ignorant und der Wahnsinnige ، وحين يصير المسرح مادة الحديث ينتهز الشخوص في المسرحية الفرصة للسخرية من الجمهور واتهامه بعدم القدرة على التمييز وعدم المسؤولية، هذا الجمهور الذي قد يصفق للشتائم المنهالة على رأسه، وقد حدث هذا في مسرحية «وصلنا» (1981) Am Ziel. ومن المعروف عن برنهارد أنه كان ينتهز كل فرصة سانحة كي يستفز الجمهور علناً، تماماً كما تفعل شخوص مسرحياته، ففي عام1979 أعلن انسحابه من عضوية الأكاديمية الألمانية للغة والأدب بسبب تسميتها رئيس جمهورية ألمانية الأسبق فالتر شيل[ر] W.Scheel عضواً فيها.
نبيل الحفار
Bernhard (Thomas-) - Bernhard (Thomas-)
برنهارد (توماس ـ)
(1931 ـ 1989)
توماس برنهارد Thomas Bernhard شاعر وروائي ومسرحي نمسوي، ولد في هرلين Herleen في هولندة لأبوين نمسويين، وتوفي في أولسدورف Ohlsdorf في النمسة. كان والده نجاراً ووالدته ابنة الكاتب يوهانِس فرويمبيشلر J.Freumbichler. نشأ برنهارد في رعاية جديه لأمه وتنقل معهما عدة مرات، وبدأ في المدرسة الداخلية في مدينة سالزبورغ Salzburg بالتركيز على الموسيقى والغناء. فقَدَ والديه وجديه وهو في التاسعة عشرة، وأصيب بالسل عام1949 مما سبب بقاءه في المصح حتى عام1951، حين انتسب إلى المعهد العالي للموسيقى وفنون العرض في سالزبورغ، وأنهى دراسته في عام 1957 ببحث مقارن حول أرتو[ر] Artuad وبريخت[ر] Brecht. عمل خلال الدراسة مراسلاً لـ«صحيفة الشعب الديمقراطية» Das demokratisch Volksblatt في أخبار المحاكم وفي نقد الكتب والعروض المسرحية، وتفرغ للكتابة منذ عام 1957. قام برحلات متعددة إلى يوغسلافية وإيطالية وبولونية وإنكلترة، ونال كثيراً من الجوائز الأدبية والمسرحية أهمها جائزة مدينة بريمن للأدب (1965) وجائزة الدولة النمسوية للأدب (1968) وجائزة غيورغ بوشنر للمسرح (1970) وجائزة مدينة هانوفر للمسرح (1974) وجائزة غرفة التجارة النمسوية للأدب (1976).
يتضمن شعر برنهارد المبكر الذي لم يلق كبير اهتمام من النقاد الموضوعات المفضلة لديه والتي تظهر فيما بعد في أعماله النثرية والمسرحية، وهي الموت والمرض والعزلة والتشاؤم الناشئ من المعرفة والتدهور الإنساني وفقدان العزاء. وقد ظهرت هذه الموضوعات في أول دواوينه «على الأرض وفي الجحيم» (1957) Auf der Erde und in der Holl وفي ثانيها «في ساعة الموت» (1958) In hora mortis وكذلك في آخرها «وداعاً يا فرجيل» (1981) Ave Vergil. ومنذ روايته الأولى «صقيع» (1963) Frost والثانية «اضطراب» (1967) Verstorung لفت برنهارد اهتمام النقاد والقراء على حد سواء. فالشخصيات الرئيسية في كلا العملين علماء يشوبهم مس من جنون، إنهم متطرفون في موقفهم العدائي تجاه العالم، ويبحثون عن المعرفة المطلقة، ولا يمكنهم تشكيل ذواتهم وتأكيدها إلا بعزل الأنا عن مؤثرات الواقع، فينتهون إلى طريق مسدود. وفي روايته «مصنع الكلس» (1970) Das Kalkwerk يلجأ الراوي إلى توليف تقارير المحاكمات كي يحلل أسباب قتل العالم كونراد زوجته المعقدة، مستخدماً تقنية القطع المتتالي لزمان السرد ومنظوره. وقد ركز النقد على التجديد اللغوي اللافت على صعيد صياغة المفردة وبناء الجملة.. أما في رواياته الأخيرة، مثل «المتلاشي» (1983) Der Untergeher أو «قطع الأشجار» (1984) Hozlfallen فهناك بساطة ملحوظة في لغة السرد وفي البناء الروائي، تدل على قصدية فنية فكرية لدى المؤلف بأن البناء مهما ابتعد عن التركيب والتعقيد، واللغة مهما تبسطت، فإنهما باتا عاجزين عن تحقيق التواصل ومد الجسور، في عالم صار فيه كل إنسان جزيرة معزولة، قصداً أو قسراً.
وفي أعماله المسرحية تظهر لحظات سلبية الفرد أكثر وضوحاً مما في رواياته مع أثر كوميدي، إذ على الشخوص في المسرحية أن تبني عالمها عبر اللغة أولاً، قبل أن تتخذ موقفاً نقدياً منه، وبذلك تتكشف تأملات الشخصيات الرئيسية عن طريق تناقض العوالم التي بنتها لغوياً وعدم منطقية الحجج المستخدمة، على أنها ردود أفعال مشروطة مسبقاً. وشخوص مسرحياته تنحو إلى التنميط، ومن ثم فإن مساحة أفعالها محدودة وضيقة، لاسيما في تلك المسرحيات التي يمطر فيها السيد الخادم بسيل من الأوامر والاتهامات التي لامعنى لها ولاجدوى منها مثل مسرحية «حفلة من أجل بوريس» (1970)
Ein Fest für Boris و«الرئيس» (1975) Der prasident و«مصلح العالم» (1982) Der Welt-Verbesserer إذ يتبدى التأثير المتبادل بين الطرفين وكأنه طقس احتفالي، فالخدم والمستمعون يؤدون في اللعبة دور من يقدم الكلمة/ المفتاح لرد فعل السيد، مثلما جرى مع الأب الأعمى في مسرحيته «الغبي والمجنون» (1972) Der Ignorant und der Wahnsinnige ، وحين يصير المسرح مادة الحديث ينتهز الشخوص في المسرحية الفرصة للسخرية من الجمهور واتهامه بعدم القدرة على التمييز وعدم المسؤولية، هذا الجمهور الذي قد يصفق للشتائم المنهالة على رأسه، وقد حدث هذا في مسرحية «وصلنا» (1981) Am Ziel. ومن المعروف عن برنهارد أنه كان ينتهز كل فرصة سانحة كي يستفز الجمهور علناً، تماماً كما تفعل شخوص مسرحياته، ففي عام1979 أعلن انسحابه من عضوية الأكاديمية الألمانية للغة والأدب بسبب تسميتها رئيس جمهورية ألمانية الأسبق فالتر شيل[ر] W.Scheel عضواً فيها.
نبيل الحفار