تتميز الغدة الدرقية عن غيرها من الغدد في جهاز الغدد الصماء في الجسم وذلك بفضل حجمها وموقعها، فهذه الغدة تتكون من فصّين جانبيين متصلين في ما بينهما بقناة توصيل ضيقة وهي موجودة في مقدمة العنق.
تتطور الغدة الدرقية خلال الطور الجنيني من الغدد الموجودة في ظهارة البلعوم، ثم تهبط حتى المكان المحدد والدقيق للغدة الدرقية في مقدمة العنق، يبلغ وزن الغدة السليمة ما بين 15 و20 غرامًا وهي مقسمة إلى قسمين ينقسم كل منهما إلى عدة أكياس صغيرة تحتوي هذه الأكياس على هرمون الغلوبولين الدرقي (Thyroglobulin).
كردة فعل على المواد المختلفة التي يتم إفرازها من الغدة تحت المهاد (Hypothalamus) يتم إفراز الهرمون المنبه للغدة الدرقية الذي يسمى ثيروتروبين (Thyrotropin) من مقدمة الغدة النخامية، حيث يؤثر الهرمون المنبه للغدة الدرقية على الغدة الدرقية وإفرازاتها، ويؤدي في النهاية إلى تحول بروتين الغلوبولين الدرقي إلى ثيروكسين (T4 - Thyroxine) وكميات قليلة من ثلاثي اليودوثيونين (T3 - Triiodothyronine).
حيث أن اليود هو عنصر أساس في تركيبة هذه الهرمونات التي يتم إفرازها إلى الدم، حيث ترتبط مع بروتينات خاصة تقوم بنقلها إلى الأنسجة، وعادةً ما تكون الهرمونات التي تفرزها الغدة الدرقية مسؤولة عن عملية الأيض.
في حالات الحمل، والنمو، وعدد من حالات التوتر يزداد حجم الغدة وتزداد بالتالي كميات الهرمونات التي تفرزها، ومع زوال هذه الحالات يحصل تراجع في حجم الغدة وأدائها.
في الحالات التي يكون فيها نقص خلقي في هرمون الغدة الدرقية نتيجة خلل في تطور الغدة خلال سن الرضاعة، من الممكن أن يحصل اضطراب في نمو وتطور الهيكل العظمي والجهاز العصبي المركزي، وهذا يظهر لاحقًا على شكل تخلف عقلي واضطراب في النمو.
على الرغم من أن هذه الحالة المرضية تنتشر بين المواليد الجدد بالأساس، إلا أنه من الممكن أن تحدث الإصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية في سن متقدم أكثر وهذا الوضع يسمى اضطراب الإفراز الدرقي المكتسب والذي يتمثل بنقص في إفراز هرمون الغدة الدرقية، حيث من الممكن أن تحصل هذه الحالة لدى الأولاد في أي سن لكنها أكثر انتشارًا بين الأولاد في سن المدرسة وسن المراهقة.
سبب حدوث هذه الحالة هو هبوط الكميات المفرزة من هرمون الثيروكسين، وقد تظهر أعراض اضطراب الأداء في الغدة الدرقية بشكل بطيء وعلى مدى أشهر أو حتى سنوات ولذلك فإنه من الصعب أحيانًا تشخيص هذه الحالة طبيًا.
أعراض الفدامة
في العادة يكون تراجع التحصيل العلمي واضطراب النمو لدى أبناء نفس العمر أكثر الأعراض إثارة للشك بوجود نقص في هرمون الغدة الدرقية، وبالإضافة إلى ذلك تظهر في أحيان كثيرة علامات إضافية تتمثل في الآتي:
- تساقط الشعر.
- حساسية للبرد.
- إمساك متواصل.
- تعب، والنوم لساعات طويلة.
أما الأعراض السريرية الأساسية التي قد تبدو على المولود فقد تتمثل في:
- اليرقان الدائم.
- تضخم اللسان.
- الإمساك.
- التوتر العضلي المتدني.
- في بعض الحالات قد يكون الرضيع هادئا جدا، بصورة غير طبيعية.
لدى المواليد الذين يعانون من نقص خلقي في هرمون الغدة الدرقية هنالك حاجة إلى العلاج الفوري من أجل منع حدوث أضرار في عملية تطور الجهاز العصبي المركزي، حيث أن السبب الرئيس الذي قد يسبب نقصًا في هرمون الغدة الدرقية هو خلل جزئي أو كلي قد يصيب عملية نمو أو نشوء الغدة نفسها.
أما السبب الأكثر شيوعًا لانخفاض إنتاج الثيروكسين فهو التهاب مناعي ذاتي وهو التهاب الدرقية المنسوب لهاشيموتو (Hashimoto’s Thyroiditis)، حيث أن هذا المرض ينتشر بين البنات أكثر من انتشاره بين البنين بعشر أضعاف، وهو يتميز بتضخم في حجم الغدة الدرقية، كذلك من الممكن أن ينتج نقص هرمون الغدة الدرقية عن اضطراب في أداء الغدة النخامية التي تراقب عمل الغدة الدرقية.
مضاعفات الفدامة
من شأن النقص الخلقي في هرمون الغدة الدرقية الذي لا يتم تشخيصه ومعالجته في الوقت المناسب أن يؤدي إلى ظهور المضاعفات الآتية:
- تباطؤ وتيرة النمو والتطور الجسدي بشكل كبير لدرجة احتمال حدوث ظاهرة القزامة.
- تأخر التطور الذهني والقدرات التعلمية.
- بشرة سميكة، ومرتخية، ومتشمعة.
- أنف مفلطح.
- بروز البطن إلى الأمام وتضخمها.
- بطء في الكلام وتصرفات بطيئة بشكل عام.
يمكن تشخيص نقص هرمون الغدة الدرقية (Cretinism) بواسطة فحص جسدي، وذلك من خلال ملاحظة ظهور علامات عصبية ظاهرة للعيان إضافةً إلى عدد من المقاييس السريرية والمخبرية التي تتعلق بمستويات هرمونات الغدة الدرقية في الدم.
نظرًا لأن هذه العلامات ليست مميزة بشكل واضح بغاية التشخيص يتم عادةً إجراء فحص للدم من أجل قياس كمية الثيروكسين كفحص روتيني لجميع المواليد قبل خروجهم من المستشفى، هذا الفحص يتيح الاكتشاف المبكر لنقص هرمون الغدة الدرقية ومباشرة العلاج مبكرًا قدر الإمكان من أجل منع وقوع أضرار غير قابلة للإصلاح قد تصيب الجهاز العصبي الآخذ بالنمو.
هذا النوع من الفحوص والذي يتم إجراؤه في جميع الدول المتقدمة في السنوات الأخيرة أدى إلى تراجع كبير في عدد حالات التخلف العقلي الناجمة عن نقص هرمون الغدة الدرقية.
علاج الفدامة
في جميع حالات الإصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية يتمثل العلاج بإعطاء هرمون الثيروكسين الذي يتم إنتاجه بشكل صناعي ويتم تناوله عن طريق الفم، كما أن هنالك حاجة بالطبع إلى رصد مرحلي لقياس مستوى الهرمونات في الدم من أجل المحافظة على توازنها.
لدى اكتشاف الحالة مبكرًا خلال سن الرضاعة يمكن معالجتها بواسطة إعطاء الطفل هرمونًا بديلًا وجرعات من اليود طوال حياته، بهذه الطريقة يمكن استعادة القدرة على التطور الجسدي والذهني بشكل كامل أو تحسينهما بشكل ملحوظ.
الوقاية من الفدامة
يمكن الوقاية من الإصابة بالمرض عن طريق إعطاء الأم الحامل والطفل المولود الكمية الكافية والمناسبة من اليود ولكن تحت إشراف الطبيب.