باوند (ازرا)
Pound (Ezra-) - Pound (Ezra-)
باوند (إزرا ـ )
(1885 ـ 1972)
إزرا لوميس باوند Ezra Loomis Pound أديب وشاعر أمريكي ولد في مدينة هيلي Hailey في ولاية أيداهو Idaho في الغرب الأمريكي، لكنه لم يبق هناك مدة طويلة، إذ رحل والداه به إلى ولاية بنسلفانية Pennsylvania حيث بدأ دراسته، ولما بلغ الخامسة عشرة من عمره انتسب إلى جامعتها، وفي العام التالي بدأ دراسة الأدب المقارن، وحصل على درجته الجامعية الأولى في كلية هاملتون في مدينة كلينتون Clinton، عاد بعدها إلى جامعة بنسلفانية وحصل فيها على درجة الماجستير عام 1906. عمل مدرساً بعض الوقت في الجامعة نفسها ثم شد الرحال إلى أوربة لمدة وجيزة عاد بعدها إلى أمريكة ليبدأ عمله محاضراً في كلية واباش في ولاية انديانة، غير أن هذا لم يستمر طويلاً إذ إنه عاد إلى أوربة عام 1907، وبقي هناك معظم حياته عدا السنين التي قضاها في السجن بعد اتهامه بالموالاة للفاشية.
أصدر باوند أول ديوان شعري له «النور المطفأ» (1908) A Lume Spento في البندقية واستقر بعد ذلك في لندن حتى عام 1920. وتعرف الشاعر الإيرلندي ييتس[ر] Yeats، وانضم إلى جماعته الأدبية، لكن بمرور الوقت تجمعت حوله نخبة من الأدباء، وصارت له جماعته الخاصة. صدر ديوانه الثاني «شخصيات» Personae في لندن عام 1909، ولقي ترحيباً من النقاد وازدادت شهرته بين أدباء الطليعة. وفي عام 1914 نشر ديواناً شعرياً سماه «الصوْريون» Des Imagistes يحتوي مجموعة من القصائد التي أعلنت بدء الحركة الصوْرية[ر] Imagism في إنكلترة وأمريكة. وبقي باوند حامل الراية لهذه الحركة حتى أخذتها منه الشاعرة إيمي لويل Amy Lowell فتحول بعيداً عن هذا الاتجاه الشعري. وتظهر عوامل هذا التحول في قصيدته «لسترا» (1916) Lustra إذ بدا أسلوبه أكثر نضجاً. وبدأ باستخدام مصطلح «الدوَّامية» Vorticism ليصف به تأثيراً شعرياً يعتمد على شكل من التركيز مع جعل القصيدة تحوي حركة كالدوار يمور بالحيوية التي تفتقر إليها الصورية.
أنتج باوند في هذه المرحلة عدة ترجمات لشعراء إيطاليين وصينيين، ثم صدر له أهم عمل في هذه الفترة تحت عنوان «هيو سلوين موبرلي» Hugh Selwyn Mauberley، وهي قصيدة طويلة تتألف من عدة مقاطع تتصف بالغموض وتتضمن إشارات واقتباسات من أعمال أخرى. وكان لهذه القصيدة تأثير كبير في عدد من الشعراء منهم ت.س إليوت[ر] T.S.Eliot في قصيدته «الأرض اليباب» The Waste Land. انتقل باوند إلى باريس عام 1921 ومكث فيها حتى عام 1924 وصاحب هناك زمرة الكتاب المغتربين الذين جعلوا من باريس مهجرهم أمثال إرنست همنغواي[ر] وجيمس جويس[ر]، وعمل على مساعدة كثير من هؤلاء الكتاب بنشر أعمالهم أو لفت النظر إليها.
رحل باوند عن باريس إلى رابالو على الريفيرا الإيطالية، وبقي هناك عقدين من الزمن. وفي إيطالية نشر عام 1925 أول مجموعة من «الأغاني» Cantos. ثم نشر عام 1935 كتاب «جيفرسون و/ أو موسوليني» Jefferson and/or Mussolini. ومع بدايات الحرب العالمية الثانية بدأ يذيع تعليقات من الإذاعة الإيطالية يهاجم فيها أمريكة، وترتب على ذلك توجيه تهمة الخيانة إليه، وصدر بحقه حكم غيابي، وهذا مادعاه لتسليم نفسه إلى القوات الأمريكية عند وصولها إلى إيطالية، وسجن قرب مدينة بيزا حتى رُحِّل إلى أمريكة. ومع ماعاناه في سجنه فقد أنجز كتابة مسودة «أغاني بيزا» The Pisan Cantos التي نشرت عام 1948. وحين أعيد إلى أمريكة أجري له فحص طبي فزعمت اللجنة الفاحصة أنه مختل العقل، ووضع في مصح للأمراض العقلية قرب مدينة واشنطن. لكن عمله الشعري نال جائزة بولنغن Bollingen عام 1949، وهي جائزة أدبية تمنح بإشراف مكتبة الكونغرس الأمريكي، فأثار هذا التكريم ضجة كبيرة، لكن لجنة التحكيم التي تألفت من إليوت وأودن[ر] Auden وآلن تيت[ر] Allen Tate وروبرت بن وارن[ر] Robert Penn Warren وكاثرين آن بورتر[ر] Katherine Anne Porter دافعت عن قرارها إعطاء الجائزة لشخص مختل عقلياً ومتهم بالخيانة بأن إدخال أمور خارجة عن الشعر نفسه يضعف الجائزة. وبقي باوند مصدر حرج للحكومة الأمريكية حتى أفرج عنه عام 1958 بعد تدخل أصدقائه. ورحل فوراً إلى إيطالية، ولم يغادرها إلا لحضور مراسم دفن صديقه إليوت. وتوفي باوند في مدينة البندقية.
كانت نظرة باوند إلى الفن عاملاً أثَّر في الكثير من شعراء القرن العشرين. قال في رسالة مشهورة لوليم كارلوس وليامز[ر] William Carlos Williams «الفن السيئ يقدم تقارير مزورة... علينا أن نحاول إقناع الإنسان العادي أن الفن السيئ غير أخلاقي، وأن الفن الجيد مهما بدا غير أخلاقي فهو ينبع من الفضيلة». ويتضح تأثير باوند في حركة الحداثة في الشعر، وقد قال إليوت عنه إنه أكثر شعراء اللغة الإنكليزية أهمية في القرن العشرين. أما آلان تيت فقد قال عن «الأغاني» إنها واحدة من أفضل ثلاثة أعمال شعرية في العصر الحديث. ويتفق النقاد على أن شعره دليل واضح على اتساع معرفته التي يلمسها القارئ بعد قراءة القليل منه، كما أنهم يتفقون على أصالته وقدرته الفكرية البارزة ورسوخ معرفته التقنية الشعرية.
يستخدم باوند في شعره معرفته للتاريخ الأدبي والشعر الأنغلوسكسوني والفرنسي والإيطالي واللاتيني والصيني وأهم اللغات المعاصرة. وفي «الأغاني» يلاحظ القارئ الإشارات والإحالات والاستخدامات المعقدة لمئات من الأعمال الأدبية، فهو يستخدم أعمال هوميروس وأعمال دانتي والشعر الصيني كما يستخدم شعر براوننغ[ر] ليبني الشكل الأساسي لديوانه «شخصيات».
كان باوند مهتماً بالحرية الشخصية ومناوئاً لمبدأ الربا، إذ رأى أن الرأسمالية والبنوك أساس الشر في المجتمع وأول مظاهر انحداره، وأوضح ذلك بأمثلة من التاريخ الإغريقي وتاريخ إيطالية في العصور الوسطى، ولم يفتأ باوند يحذّر من الرأسمالية الحديثة واليهودية العالمية. كذلك اهتم باوند بالناس وتصرفاتهم، وبلغ هذا الاهتمام ذروته في قصيدته «هيوسلوين موبرلي». ويتحدث في بداية عمله الرئيس «الأغاني» عن عصر النهضة، وفي الجزء التالي عن التاريخ الإيطالي والأمريكي والصيني، وتكلم بعد ذلك عن حياته الخاصة في «أغاني بيزا». ومايزال باوند يحتل مركزاً مهماً في تاريخ الشعر الحديث إذ يعده النقاد واحداً من أكثر المواهب إبداعاً في القرن العشرين.
أحمد رامز قطرية
Pound (Ezra-) - Pound (Ezra-)
باوند (إزرا ـ )
(1885 ـ 1972)
إزرا لوميس باوند Ezra Loomis Pound أديب وشاعر أمريكي ولد في مدينة هيلي Hailey في ولاية أيداهو Idaho في الغرب الأمريكي، لكنه لم يبق هناك مدة طويلة، إذ رحل والداه به إلى ولاية بنسلفانية Pennsylvania حيث بدأ دراسته، ولما بلغ الخامسة عشرة من عمره انتسب إلى جامعتها، وفي العام التالي بدأ دراسة الأدب المقارن، وحصل على درجته الجامعية الأولى في كلية هاملتون في مدينة كلينتون Clinton، عاد بعدها إلى جامعة بنسلفانية وحصل فيها على درجة الماجستير عام 1906. عمل مدرساً بعض الوقت في الجامعة نفسها ثم شد الرحال إلى أوربة لمدة وجيزة عاد بعدها إلى أمريكة ليبدأ عمله محاضراً في كلية واباش في ولاية انديانة، غير أن هذا لم يستمر طويلاً إذ إنه عاد إلى أوربة عام 1907، وبقي هناك معظم حياته عدا السنين التي قضاها في السجن بعد اتهامه بالموالاة للفاشية.
أنتج باوند في هذه المرحلة عدة ترجمات لشعراء إيطاليين وصينيين، ثم صدر له أهم عمل في هذه الفترة تحت عنوان «هيو سلوين موبرلي» Hugh Selwyn Mauberley، وهي قصيدة طويلة تتألف من عدة مقاطع تتصف بالغموض وتتضمن إشارات واقتباسات من أعمال أخرى. وكان لهذه القصيدة تأثير كبير في عدد من الشعراء منهم ت.س إليوت[ر] T.S.Eliot في قصيدته «الأرض اليباب» The Waste Land. انتقل باوند إلى باريس عام 1921 ومكث فيها حتى عام 1924 وصاحب هناك زمرة الكتاب المغتربين الذين جعلوا من باريس مهجرهم أمثال إرنست همنغواي[ر] وجيمس جويس[ر]، وعمل على مساعدة كثير من هؤلاء الكتاب بنشر أعمالهم أو لفت النظر إليها.
رحل باوند عن باريس إلى رابالو على الريفيرا الإيطالية، وبقي هناك عقدين من الزمن. وفي إيطالية نشر عام 1925 أول مجموعة من «الأغاني» Cantos. ثم نشر عام 1935 كتاب «جيفرسون و/ أو موسوليني» Jefferson and/or Mussolini. ومع بدايات الحرب العالمية الثانية بدأ يذيع تعليقات من الإذاعة الإيطالية يهاجم فيها أمريكة، وترتب على ذلك توجيه تهمة الخيانة إليه، وصدر بحقه حكم غيابي، وهذا مادعاه لتسليم نفسه إلى القوات الأمريكية عند وصولها إلى إيطالية، وسجن قرب مدينة بيزا حتى رُحِّل إلى أمريكة. ومع ماعاناه في سجنه فقد أنجز كتابة مسودة «أغاني بيزا» The Pisan Cantos التي نشرت عام 1948. وحين أعيد إلى أمريكة أجري له فحص طبي فزعمت اللجنة الفاحصة أنه مختل العقل، ووضع في مصح للأمراض العقلية قرب مدينة واشنطن. لكن عمله الشعري نال جائزة بولنغن Bollingen عام 1949، وهي جائزة أدبية تمنح بإشراف مكتبة الكونغرس الأمريكي، فأثار هذا التكريم ضجة كبيرة، لكن لجنة التحكيم التي تألفت من إليوت وأودن[ر] Auden وآلن تيت[ر] Allen Tate وروبرت بن وارن[ر] Robert Penn Warren وكاثرين آن بورتر[ر] Katherine Anne Porter دافعت عن قرارها إعطاء الجائزة لشخص مختل عقلياً ومتهم بالخيانة بأن إدخال أمور خارجة عن الشعر نفسه يضعف الجائزة. وبقي باوند مصدر حرج للحكومة الأمريكية حتى أفرج عنه عام 1958 بعد تدخل أصدقائه. ورحل فوراً إلى إيطالية، ولم يغادرها إلا لحضور مراسم دفن صديقه إليوت. وتوفي باوند في مدينة البندقية.
كانت نظرة باوند إلى الفن عاملاً أثَّر في الكثير من شعراء القرن العشرين. قال في رسالة مشهورة لوليم كارلوس وليامز[ر] William Carlos Williams «الفن السيئ يقدم تقارير مزورة... علينا أن نحاول إقناع الإنسان العادي أن الفن السيئ غير أخلاقي، وأن الفن الجيد مهما بدا غير أخلاقي فهو ينبع من الفضيلة». ويتضح تأثير باوند في حركة الحداثة في الشعر، وقد قال إليوت عنه إنه أكثر شعراء اللغة الإنكليزية أهمية في القرن العشرين. أما آلان تيت فقد قال عن «الأغاني» إنها واحدة من أفضل ثلاثة أعمال شعرية في العصر الحديث. ويتفق النقاد على أن شعره دليل واضح على اتساع معرفته التي يلمسها القارئ بعد قراءة القليل منه، كما أنهم يتفقون على أصالته وقدرته الفكرية البارزة ورسوخ معرفته التقنية الشعرية.
يستخدم باوند في شعره معرفته للتاريخ الأدبي والشعر الأنغلوسكسوني والفرنسي والإيطالي واللاتيني والصيني وأهم اللغات المعاصرة. وفي «الأغاني» يلاحظ القارئ الإشارات والإحالات والاستخدامات المعقدة لمئات من الأعمال الأدبية، فهو يستخدم أعمال هوميروس وأعمال دانتي والشعر الصيني كما يستخدم شعر براوننغ[ر] ليبني الشكل الأساسي لديوانه «شخصيات».
كان باوند مهتماً بالحرية الشخصية ومناوئاً لمبدأ الربا، إذ رأى أن الرأسمالية والبنوك أساس الشر في المجتمع وأول مظاهر انحداره، وأوضح ذلك بأمثلة من التاريخ الإغريقي وتاريخ إيطالية في العصور الوسطى، ولم يفتأ باوند يحذّر من الرأسمالية الحديثة واليهودية العالمية. كذلك اهتم باوند بالناس وتصرفاتهم، وبلغ هذا الاهتمام ذروته في قصيدته «هيوسلوين موبرلي». ويتحدث في بداية عمله الرئيس «الأغاني» عن عصر النهضة، وفي الجزء التالي عن التاريخ الإيطالي والأمريكي والصيني، وتكلم بعد ذلك عن حياته الخاصة في «أغاني بيزا». ومايزال باوند يحتل مركزاً مهماً في تاريخ الشعر الحديث إذ يعده النقاد واحداً من أكثر المواهب إبداعاً في القرن العشرين.
أحمد رامز قطرية