يماثل النوم الجيد في أهميته التمارين الرياضية المنتظمة والحمية الصحية، إذ وجدت الأبحاث أن قلة النوم تعود بآثار سلبية فورية في الهرمونات وأداء التمارين ووظيفة الدماغ، وقد تتسبب أيضًا في زيادة الوزن وخطر الإصابة بالأمراض لدى البالغين والأطفال. بالمقابل يساعدنا النوم الجيد على تقليل تناول الطعام وأداء التمارين والبقاء بحالة صحية عمومًا.
انخفضت جودة النوم ونوعيته خلال العقود القليلة الماضية، ولا ينال معظم الناس كفايتهم من النوم، والنوم الجيد من أهم السبل المتخذة بهدف تحسين الصحة وتخفيض الوزن، لذا نقدم لكم 17 نصيحةً مثبتة علميًا لتحسين نومكم الليلي:
1- زد من تعرضك للضوء الساطع نهارًا:
يملك جسدنا ساعةً طبيعية تنظم الوقت تسمى الساعة البيولوجية؛ تؤثر في الدماغ والجسم والهرمونات لتساعدنا على البقاء يقظين وتخبرنا بمواعيد النوم. يساعد التعرض لضوء الشمس والضوء الساطع نهارًا على الحفاظ على سلامة وظيفة الساعة البيولوجية، ما يزيد نشاطنا النهاري ويحسن جودة نومنا الليلي وكميته.
عزز التعرض النهاري للضوء نوعية نوم مرضى الأرق وكميته، وخفّض المدة اللازمة للاستغراق في النوم بنسبة 83%. ووجدت دراسة مشابهة أُجريت على كبار السن أن ساعتين من التعرض للضوء الساطع نهارًا زادتا كمية النوم ساعتين وجودته بنسبة 80%.
مع أن معظم الأبحاث تضمنت مرضى يعانون مشكلات شديدة في النوم، فإن التعرض للضوء نهارًا سيحسن نومك حتى إن كان نومك جيدًا، لذا حاول التعرض لضوء الشمس أو لضوء صناعي نهارًا.
2- قلل تعرضك للضوء الأزرق ليلًا:
التعرض للضوء نهارًا مفيد، لكن التعرض له ليلًا يملك تأثيرًا معاكسًا، ويعمل هذا التأثير أيضًا على مستوى الساعة البيولوجية بواسطة خداع الدماغ بأن الوقت ما زال نهارًا، ما يؤدي إلى خفض بعض الهرمونات كالميلاتونين الذي يساعدنا على الاسترخاء ونيل نوم هنيء.
نخص بالذكر هنا الضوء الأزرق الذي يصدر عن بعض الأجهزة بكميات كبيرة كالحواسيب والهواتف الذكية لكونه يملك أسوأ التأثيرات.
توجد طرائق عدة لتخفيف التعرض للضوء الأزرق ليلًا تتضمن:
- ارتداء نظارات تصد الضوء الأزرق.
- استخدام تطبيقات تمنع إصدار الضوء الأزرق على الحواسيب والهواتف المحمولة.
- تجنب مشاهدة التلفاز وإطفاء مصادر الإنارة الساطعة قبل ساعتين من التوجه إلى النوم.
يملك الكافيين فوائد كثيرة ويستهلكه 90% من سكان الولايات المتحدة، فجرعة واحدة منه تعزز التركيز والنشاط وأداء التمارين. لكن عندما يُستهلك في وقت متأخر من النهار سينبه الجهاز العصبي وقد يمنع الجسم من استرخائه الطبيعي ليلًا.
وجدت إحدى الدراسات أن تناول الكافيين قبل ست ساعات من النوم خفض من جودته.
تدوم فاعلية الكافيين في الجسم 6-8 ساعات، لذا لا يُنصح بتناول كميات كبيرة من القهوة بعد الساعة الثالثة أو الرابعة عصرًا، خصوصًا إن كنت حساسًا للكافيين أو تعاني مشكلات في النوم. وإذا رغبت بشدة في كوب من القهوة، تناوله منزوع الكافيين.
4- قلل من القيلولات النهارية الطويلة وغير المنتظمة:
مع أن القليولات النهارية القصيرة تعزز النشاط، فإن القيلولات الطويلة أو غير المنتظمة نهارًا تنعكس سلبًا على النوم بواسطة التشويش على الساعة البيولوجية، ووجدت إحدى الدراسات أن المتطوعين شعروا بالنعاس أكثر (خلال النهار) بعد اخذهم قيلولات نهارية.
أشارت دراسة أخرى إلى أن التقيّل نصف ساعة أو أقل نهارًا قد يعزز وظيفة الدماغ، والتقيّل فترات أطول قد يؤذي الصحة ويخفض جودة النوم.
على أي حال، وجدت بعض الدراسات أن الأشخاص المعتادين على التقيّل فترات طويلة نهارًا لا يعانون قلة النوم أو تقطّعه ليلًا. لذا يبدو أن هذا التأثير يختلف من فرد لآخر.
5- حاول النوم والاستيقاظ في فترات محددة:
تعمل الساعة البيولوجية وفق حلقة منظمة ركائزها شروق الشمس وغروبه. وسيساعدك تنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ في فترات محددة على رفع جودة النوم على المدى الطويل.
وجدت إحدى الدراسات أن المتطوعين الذين يملكون مواعيد نوم غير منتظمة ويتأخرون في مواعيد نومهم في عطل نهاية الأسبوع عانوا من قلة النوم.
ووجدت دراسات أخرى أن مواعيد النوم غير المنتظمة قد تؤثر في الساعة البيولوجية وتراكيز الميلاتونين، منبهةً الدماغ بالذهاب إلى النوم.
إذا كنت تعاني في نومك، حاول الاعتياد على النوم والاستيقاظ في مواعيد محددة، وستجد نفسك مستيقظًا بعد فترة دون منبه.
6- تناول مكملات الميلاتونين:
الميلاتونين هرمون نوم أساسي يخبر الدماغ عن موعد الاسترخاء والخلود إلى النوم. ومكملات الميلاتونين مساعدات نوم معروفة تُستعمل عادةً لمعالجة الأرق، وقد تكون أسهل طريقة للاستغراق سريعًا في النوم.
وجدت دراسة أن تناول 2 ميليغرام من الميلاتونين قبل النوم يحسن جودة النوم والنشاط في اليوم التالي ويساعد على الاستغراق سريعًا في النوم، ولم تبلغ الدراسة عن وجود آثار جانبية.
يفيد الميلاتونين أيضًا عند السفر والذهاب إلى منطقة زمنية جديدة، لكونه يساعد الساعة البيولوجية على التأقلم مع الوضع الجديد.
تحتاج إلى وصفة طبية للحصول على الميلاتونين في بعض البلدان، بينما يتوفر في المتاجر وعلى الإنترنت في بلدان أخرى، ويُنصح بتناول 1-5 ميليغرامات منه قبل ساعة أو نصف ساعة من التوجه إلى النوم.
ابدأ بجرعة منخفضة لمعرفة درجة تحملك وزدها ببطء تدريجيًا عند الحاجة، ويُنصح باستشارة مقدم رعاية صحية قبل استخدام الميلاتونين لكونه يؤثر في الدماغ، ويُفضل الحصول على استشارة أيضًا قبل إعطائه للأطفال لعدم وجود دراسات كافية حول تأثيره في الأطفال.
7- بعض المكملات الأخرى:
توجد مكملات كثيرة تساعد على زيادة الاسترخاء والنوم تتضمن:
جنكة بيلوبا (جنكو ثنائي الفلقة): عشبة طبيعية بفوائد كثيرة تساعد على النوم والاسترخاء وخفض التوتر، لكن الأدلة العلمية محدودة. تناول 250 ميليغرام قبل ساعة أو نصف ساعة من النوم.
الغليسين: وجدت بعض الدراسات أن تناول 3 غرامات من الحمض الأميني الغليسين يحسن جودة النوم.
الناردين المخزني: تشير دراسات كثيرة إلى أن الناردين يساعد على النوم ويحسن جودته. تناول 500 ميليغرام قبل النوم.
المغنزيوم: مسؤول عن أكثر من 600 تفاعل كيميائي في الجسم، ويزيد الاسترخاء ويحسن جودة النوم.
الثيانين الشكل L: حمض أميني يعزز الاسترخاء والنوم؛ تناول 100- 200 ميليغرام قبل النوم.
الخزام: نبات شديد التأثير بمنافع كثيرة؛ يعزز الاسترخاء وله تأثير قوي في تحسين النوم؛ تناول 60- 160 ميليغرامًا يحوي 25- 46% من اللينالول.
عند تجربة هذه المكملات، احرص على تجربة واحدة منها فقط كل مرة، وتذكر أن هذه المكملات ليست حلًا سحريًا لمشكلات النوم، وإنما تظهر فوائدها عند مشاركتها مع تقنيات نوم طبيعية أخرى.
8- لا تتناول الكحول:
تناول الكحول ليلًا يؤثر سلبًا في النوم والهرمونات.
يُعرف الكحول بتأثيره المسبب (الذي يزيد) لأعراض انقطاع النفس في أثناء النوم والشخير وأنماط النوم المتقطع، ويؤثر أيضًا في إنتاج الميلاتونين الذي يلعب دورًا أساسيًا في عمل الساعة البيولوجية.
وجدت دراسة أخرى أن تناول الكحول ليلًا خفض من إنتاج هرمون النمو الطبيعي الليلي الذي يلعب دورًا هامًا في عمل الساعة البيولوجية إلى جانب أدواره الرئيسية الأخرى في الجسم.
9- حسّن بيئة نومك:
يظن الكثير من الناس أن بيئة النوم وتجهيزات غرفة النوم عوامل مفتاحية للحصول على نوم هنيء ليلًا، وتتضمن هذه العوامل الحرارة والضجيج والأضواء الخارجية وترتيب الأثاث.
أشارت دراسات كثيرة إلى أن الضجة الخارجية التي تنتج غالبًا عن الازدحام المروري قد تسبب قلة النوم ومشكلات صحية على المدى الطويل.
وجدت دراسة أخرى أُجريت على بيئة النوم لدى النساء أن 50% من المتطوعات لاحظن ارتفاعًا في جودة نومهن عندما يزول الضجيج والضوء.
حاول تخفيف الضجيج والأضواء الخارجية، واحرص على هدوء غرفة النوم وجعلها مريحةً ونظيفةً.
10- اضبط حرارة غرفة النوم:
قد تؤثر حرارة الجسم وغرفة النوم أيضًا في نوعية النوم، إذ وجدت إحدى الدراسات أن حرارة غرفة النوم تؤثر في نوعية النوم أكثر من الضجيج الخارجي، وأظهرت دراسات أخرى أن ارتفاع حرارة الجسم وغرفة النوم يخفض نوعية النوم ويزيد اليقظة.
11- لا تأكل في وقت متأخر من الليل:
تناول الطعام في وقت متأخر ليلًا يؤثر سلبًا في نوعية النوم وفي إفراز هرموني النمو والميلاتونين، ويُقال إن نوع وجبة الطعام يلعب دورًا في ذلك أيضًا.
وجدت إحدى الدراسات أن تناول وجبة غنية بالكربوهيدرات قبل 4 ساعات من النوم ساعد المتطوعين على النوم أسرع، ووجدت دراسة أخرى أن حميةً منخفضة الكربوهيدرات حسنت جودة النوم أيضًا، لذا يبدو أن هذا التأثير متباين.
12- استرخِ وصفِّ ذهنك مساءً:
يملك معظم الناس روتينًا قبل النوم يساعدهم على الاسترخاء.
تحسن تقنيات الاسترخاء قبل النوم من نوعيته وهي طريقة مشهورة لعلاج الأرق.
وجدت إحدى الدراسات أن التدليك يحسن جودة النوم لدى المرضى، وتوجد تقنيات كثيرة أخرى تتضمن الاستماع للموسيقى الهادئة وقراءة الكتب والاستحمام بالماء الساخن والتأمل والتنفس العميق. جرب هذه الطرق لمعرفة أي منها يلائمك.
13- خذ حمامًا مريحًا:
تقنية شائعة أخرى للمساعدة على للنوم؛ أظهرت الدراسات أنها تساعد الناس وخصوصًا كبار السن على النوم أسرع.
وجدت دراسة أن حمامًا ساخنًا مدة ساعة ونصف قبل النوم يحسن من جودة النوم وعمقه، ويمكنك بدلًا من ذلك نقع قدميك بالماء الساخن إذا لم ترغب في أخذ حمام كامل.
14- استثنِ اضطرابات النوم:
قد يكون سبب مشكلات النوم هو حالة طبية غير ظاهرة، ومن أبرز هذه الحالات انقطاع النفس في أثناء النوم، وهي حالة شائعة جدًا تصيب 24% من الرجال و 9% من النساء وفق إحدى المراجعات.
تتضمن المشكلات الطبية المشخصة الأخرى الشائعة اضطرابات الحركة في أثناء النوم، واضطرابات الساعة البيولوجية، وهي تصيب عمال المناوبات.
إذا كنت تعاني في نومك دومًا، استشر مقدم الرعاية الصحية.
15- نم على سرير وفراش ووسادة مريحين:
يتساءل بعض الناس عن سبب نومهم على نحو أفضل في الفنادق، والسبب على الأرجح هو جودة السرير إلى جانب بيئة الاسترخاء.
بحثت دراسة عن فوائد تغيير الفراش كل 28 يومًا، ووجدت أنها تخفض آلام الظهر بنسبة 57%، وآلام الكتف بنسبة 60%، وتيبس الظهر بنسبة 59%، وحسنت جودة النوم أيضًا بنسبة 60%.
أشارت دراسة أخرى إلى أن تغيير السرير يحسن النوم؛ أضف إلى ذلك أن الأسرّة منخفضة الجودة تسبب آلام أسفل الظهر.
يختلف نوع الفرشات والأسرّة الأفضل اختلافًا كبيرًا حسب الأشخاص، لكن يوصى بتبديل السرير كل 5-8 سنين.
16- تدرب بانتظام لكن ليس قبل النوم:
التمارين الرياضية من أفضل الطرق المثبتة علميًا لتحسين النوم والصحة، فهي تحسن النوم وتخفض أعراض الأرق.
وجدت إحدى الدراسات المجراة على كبار السن أن التمارين قللت الوقت اللازم للاستغراق في النوم بمقدار النصف وزادت كمية النوم 41 دقيقةً ليلًا.
قدمت التمارين الرياضية فوائد لمرضى الأرق الشديد أكثر من الأدوية، إذ قللت كل من الوقت اللازم للاستغراق في النوم بنسبة 35% ووقت الأرق بنسبة 30% والقلق بنسبة 15% وزادت كمية النوم بنسبة 18%.
مع أن التمارين النهارية هي المفتاح للنوم ليلًا، فإن ممارستها في وقت متأخر من النهار قد يسبب مشكلات في النوم نتيجة التأثير المنبه للتمارين الذي يزيد اليقظة وهرمونات مثل الإبينيفرين والأدرينالين.
على أي حال تظهر بعض الدراسات انعدام التأثيرات السلبية، لذا يتباين هذا الأثر بين الأفراد.
17- لا تشرب السوائل قبل النوم:
يعبر مصطلح البوال الليلي عن التبول الزائد في الليل؛ ما يؤثر في جودة النوم والنشاط خلال النهار.
شرب كميات كبيرة من السوائل قبل النوم يسبب أعراضًا مشابهة، علمًا بأن بعض الأفراد يتأثرون أكثر من غيرهم.
مع أن الترطيب مهم جدًا للصحة، لكن من المفيد تخفيض الوارد المائي في وقت متأخر من الليل، وحاول تجنب تناول السوائل قبل ساعة أو ساعتين من التوجه إلى النوم، ويُنصح أيضًا بالذهاب إلى الحمام قبل الخلود للنوم.
ختامًا:
يلعب النوم دورًا أساسيًا في صحتنا، إذ ربطت إحدى الدراسات قصور النوم بازدياد خطر البدانة بنسبة 89% لدى الأطفال و 55% لدى البالغين.
وخلصت دراسة أخرى إلى أن النوم أقل من 7-8 ساعات ليلًا يزيد خطر تطور أمراض القلب والسكري من النمط الثاني.
إذا كنت مهتمًا بالحصول على صحة مثالية، ننصحك بجعل النوم من أولوياتك وطبق بعض النصائح الواردة أعلاه.
المصدر:ibelieveinsci