قرمط
لاقى تاريخ حركة القرامطة في أيامنا عناية كبيرة فأقبل على دراسته عدد من الباحثين غير العرب ثم العرب ، أن هذا يدعو للارتياح ، إلا أنه في نفس الوقت يبعث على الارتياب ، لأن التحريف قد ألم بكثير من الكتابات حيث ودت «عصرنة » حركة القرامطة وجعلها « ثورية » أصيلة شاء الواقع التاريخي ذلك أم أبى . وحين يقدم البعض على ذلك يزيفون ، وينسون الفوارق بين الأزمان والأماكن ، وأنه في . كان يباع فيه الإنسان ويشرى تختلف المقاييس عن عصر يعطى فيه العمال حقوقهم ، ويجعل منهم سادة . ومن الملاحظ أن غالبية الذين بحثوا في تاريخ حركة القرامطة انطلقوا من منطلق الربط بينها وبين الدعوة الاسماعيلية ، وأن هذه الدعوة أرسلت أحد دعاتها إلى سواد العراق ، فعرف لسبب ما باسم قرمط ، ثم فجر حرا كة القرامطة قد يكون هذا ماحصل ، وقد يكون غير ذلك ، حيث لا علاقة أساسية بين القرامطة والاسماعيلية الفاطمية ثم إن الاسماعيلية كما يبدو. كانت عبارة عن حركات ، الناظم بينها قبل إعلان الخلافة الفاطمية واهي ، ثم إن الكثير من الحركات التي تصدت للنظام العباسي منذ القرن الثاني للهجرة ، تسترت بستار التشيع العام ، ووجدت نفسها تنتسب إليها ، أو مصنفة ضمن فئة من فئات الشيعة ، لكن دون قرار منها بذلك وإرادة إن البحث في حركة القرامطة يقتضي منا العودة إلى ما حدث عند قيام الخلافة العباسية ، فقد ولدت هذه الخلافة بواسطة قوة جاءت من المشرق ، وكان عليها تبعاً لذلك أن تقع أسيرة لمشاكل المشرق ، وتظل هكذا حتى جاءت قوة كافرة جديدة [ المغول ] من المشرق فقضت عليها ولقنت التجربة العباسية أحزاب المعارضة الاسلامية درسا بليغاً ، حيث تعلموا جميعاً أن عليهم أن يثوروا في مناطق نائية عن ديار الخلافة ، وبعد اخفاق ثورة النفس الزكية ونجاح عبد الرحمن بن معاوية في الأندلس تبين ، أن أفضل المناطق النائية للنشاط ضد العباسيين هي اليمن والمغرب ، وفي القرن الثاني للهجرة كان المغرب مسرحاً لنشاط الشيعة المعتدلة والخوارج من أباضية وصفريه مع قوى برغواطة ، وكانت بسبب ذلك مجالات النشاط لغير الخوارج من القوى المتطرقة آنذاك غير مشجعة ، لهذا توجهت أنظار رجالات من المعارضة الشيعية إلى اليمن، وفي هذه البلاد ذات الطبيعة الجبلية نشط دعاة الشيعة ، وكان أبرزهم دعاة الجماعة الحسنية ، التي تجلت في حركة الهادي إلى الحق ، في أواخر القرن الثالث للهجرة ، وبالإضافة لهذه الجماعات كانت بعض مناطق اليمن مركز نشاط لدعاة الاسماعيلية وسواهم من الحركات المتطرفة وفي اليمن حقق الاسماعيلية أول نجاحاتهم ، ولنتذكر أن مركز اليمن هو الذي وجه أبا عبد الله الداعي إلى المغرب ، حيث نجح في إقامة الخلافة الفاطمية هناك .
وتتحدت مصادرنا عن عدد من الدعاة نشطوا منذ القرن الثاني في اليمن ، وبشروا بأفكار قريبة للغاية من أفكار القرامطة ، بل تدعوهم
و سبب بعض المصادر اليمنية أحياناً باسم القرامطة ، ويظهر أن نشاط هؤلاء الدعاة كسب إلى جانبهم عدداً كبيراً من رجالات القبائل ، ذلك جيشانا هائلا داخل شبه الجزيرة وقد نجم عن هذا النشاط قيام هجرة بدوية كبرى من داخل شبه الجزيرة إلى أطرافها ، لعلها كانت الثانية في الحجم بعد الهجرة التي واكبت قيام الفتوحات الكبرى إثر قيام الاسلام ، وقد جلبت هذه الهجرة إلى بلاد الرافدين والشام قبائل من طيء وفزارة ، وهلال وسليم و من عامر بن صعصعة : كلاب ، وعقيل ، ونمير ، وتشير ، ومن أسد وخفاجة ، وقدمت هذه القبائل مادة بشرية ذات أثر فعال للدعاة الشيعة من اسماعيلية وسواهم في هذه البلاد ، وانتقل الآن النشاط المعارض للحكم العباسي من المناطق النائية إلى العراق والشام ، وهكذا حدث ما يدعى باسم حركات قرامطة العراق والشام ، وقرامطة الأحساء والبحرين وهنا نجد أنفسنا أمام سؤال كبير هو : ومن أين جاء للقرامطة تسميتهم وأين استخدمت هذه التسمية أولاً ؟ إن أحسن جواب معروف لهذا السؤال هو ما ورد عند ابن العديم مؤرخ حلب الكبير ، حيث نقل عن مصادر قديمة محجوبة عنا ما يلي وإنما سموا القرامطة زعموا أنهم يدعون إلى محمد بن اسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي ، ونسبوا إلى قرمط الأشعث ، كان بسواد الكوفة ، وإنما سمي قرمطا لأنه كان رجلاً قصيراً ، وكان رجلاه قصيرتين ، وكان خطوه متقارباً ، فسمي بهذا الاسم قرمطا وكان قرمط قد أظهر الزهد والورع ، وتسوق به على الناس مكيدة وخبثاً ... وذكر بعض العلماء أن لفظة قرامطة إنما نسبة إلى مذهب يقال له القرمطة ، خارج عن مذاهب الاسلام ، فيكون على هذه المقالة قد عزوه إلى مذهب باطل ، لا إلى . وهو حمدان .
لاقى تاريخ حركة القرامطة في أيامنا عناية كبيرة فأقبل على دراسته عدد من الباحثين غير العرب ثم العرب ، أن هذا يدعو للارتياح ، إلا أنه في نفس الوقت يبعث على الارتياب ، لأن التحريف قد ألم بكثير من الكتابات حيث ودت «عصرنة » حركة القرامطة وجعلها « ثورية » أصيلة شاء الواقع التاريخي ذلك أم أبى . وحين يقدم البعض على ذلك يزيفون ، وينسون الفوارق بين الأزمان والأماكن ، وأنه في . كان يباع فيه الإنسان ويشرى تختلف المقاييس عن عصر يعطى فيه العمال حقوقهم ، ويجعل منهم سادة . ومن الملاحظ أن غالبية الذين بحثوا في تاريخ حركة القرامطة انطلقوا من منطلق الربط بينها وبين الدعوة الاسماعيلية ، وأن هذه الدعوة أرسلت أحد دعاتها إلى سواد العراق ، فعرف لسبب ما باسم قرمط ، ثم فجر حرا كة القرامطة قد يكون هذا ماحصل ، وقد يكون غير ذلك ، حيث لا علاقة أساسية بين القرامطة والاسماعيلية الفاطمية ثم إن الاسماعيلية كما يبدو. كانت عبارة عن حركات ، الناظم بينها قبل إعلان الخلافة الفاطمية واهي ، ثم إن الكثير من الحركات التي تصدت للنظام العباسي منذ القرن الثاني للهجرة ، تسترت بستار التشيع العام ، ووجدت نفسها تنتسب إليها ، أو مصنفة ضمن فئة من فئات الشيعة ، لكن دون قرار منها بذلك وإرادة إن البحث في حركة القرامطة يقتضي منا العودة إلى ما حدث عند قيام الخلافة العباسية ، فقد ولدت هذه الخلافة بواسطة قوة جاءت من المشرق ، وكان عليها تبعاً لذلك أن تقع أسيرة لمشاكل المشرق ، وتظل هكذا حتى جاءت قوة كافرة جديدة [ المغول ] من المشرق فقضت عليها ولقنت التجربة العباسية أحزاب المعارضة الاسلامية درسا بليغاً ، حيث تعلموا جميعاً أن عليهم أن يثوروا في مناطق نائية عن ديار الخلافة ، وبعد اخفاق ثورة النفس الزكية ونجاح عبد الرحمن بن معاوية في الأندلس تبين ، أن أفضل المناطق النائية للنشاط ضد العباسيين هي اليمن والمغرب ، وفي القرن الثاني للهجرة كان المغرب مسرحاً لنشاط الشيعة المعتدلة والخوارج من أباضية وصفريه مع قوى برغواطة ، وكانت بسبب ذلك مجالات النشاط لغير الخوارج من القوى المتطرقة آنذاك غير مشجعة ، لهذا توجهت أنظار رجالات من المعارضة الشيعية إلى اليمن، وفي هذه البلاد ذات الطبيعة الجبلية نشط دعاة الشيعة ، وكان أبرزهم دعاة الجماعة الحسنية ، التي تجلت في حركة الهادي إلى الحق ، في أواخر القرن الثالث للهجرة ، وبالإضافة لهذه الجماعات كانت بعض مناطق اليمن مركز نشاط لدعاة الاسماعيلية وسواهم من الحركات المتطرفة وفي اليمن حقق الاسماعيلية أول نجاحاتهم ، ولنتذكر أن مركز اليمن هو الذي وجه أبا عبد الله الداعي إلى المغرب ، حيث نجح في إقامة الخلافة الفاطمية هناك .
وتتحدت مصادرنا عن عدد من الدعاة نشطوا منذ القرن الثاني في اليمن ، وبشروا بأفكار قريبة للغاية من أفكار القرامطة ، بل تدعوهم
و سبب بعض المصادر اليمنية أحياناً باسم القرامطة ، ويظهر أن نشاط هؤلاء الدعاة كسب إلى جانبهم عدداً كبيراً من رجالات القبائل ، ذلك جيشانا هائلا داخل شبه الجزيرة وقد نجم عن هذا النشاط قيام هجرة بدوية كبرى من داخل شبه الجزيرة إلى أطرافها ، لعلها كانت الثانية في الحجم بعد الهجرة التي واكبت قيام الفتوحات الكبرى إثر قيام الاسلام ، وقد جلبت هذه الهجرة إلى بلاد الرافدين والشام قبائل من طيء وفزارة ، وهلال وسليم و من عامر بن صعصعة : كلاب ، وعقيل ، ونمير ، وتشير ، ومن أسد وخفاجة ، وقدمت هذه القبائل مادة بشرية ذات أثر فعال للدعاة الشيعة من اسماعيلية وسواهم في هذه البلاد ، وانتقل الآن النشاط المعارض للحكم العباسي من المناطق النائية إلى العراق والشام ، وهكذا حدث ما يدعى باسم حركات قرامطة العراق والشام ، وقرامطة الأحساء والبحرين وهنا نجد أنفسنا أمام سؤال كبير هو : ومن أين جاء للقرامطة تسميتهم وأين استخدمت هذه التسمية أولاً ؟ إن أحسن جواب معروف لهذا السؤال هو ما ورد عند ابن العديم مؤرخ حلب الكبير ، حيث نقل عن مصادر قديمة محجوبة عنا ما يلي وإنما سموا القرامطة زعموا أنهم يدعون إلى محمد بن اسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي ، ونسبوا إلى قرمط الأشعث ، كان بسواد الكوفة ، وإنما سمي قرمطا لأنه كان رجلاً قصيراً ، وكان رجلاه قصيرتين ، وكان خطوه متقارباً ، فسمي بهذا الاسم قرمطا وكان قرمط قد أظهر الزهد والورع ، وتسوق به على الناس مكيدة وخبثاً ... وذكر بعض العلماء أن لفظة قرامطة إنما نسبة إلى مذهب يقال له القرمطة ، خارج عن مذاهب الاسلام ، فيكون على هذه المقالة قد عزوه إلى مذهب باطل ، لا إلى . وهو حمدان .
تعليق