يعاني البشر مجموعة من الاضطرابات الناتجة عن نمط الحياة العصرية ومشكلاتها، لكننا استطعنا إيجاد دواء للمشكلات والآلام الاجتماعية مثل الاكتئاب أو القلق، فلماذا لا نجد دواء للوحدة ؟
الوحدة جزء من حالة الإنسان، وهي علامة تحذير بدائية مثل الجوع أو العطش تحفزنا للبحث عن حاجة أساسية هي التواصل، إذ جعلتنا ملايين السنين من التطور مخلوقات تحتاج إلى الروابط الاجتماعية مثلما تحتاج إلى الطعام والماء.
ومع ذلك، نجد أنفسنا في عزلة متزايدة، ولم يعد شعورنا بالوحدة سببًا قويًا بما يكفي لنخرج من العزلة التي سببتها لنا الحياة الحديثة.
من الصعب مقارنة الوحدة الآن بوحدة الأجيال السابقة لأننا لم نقسها من قبل باستمرار، ولكن تشير التقديرات الأخيرة إلى أن 22%-75% من البالغين الأمريكيين يشعرون بالوحدة دائمًا. قد يكون ذلك بسبب التغيرات الهيكلية الثقافية التي تحدث على نطاق واسع في أمريكا، إذ إن الكثير من الأمريكيين يعيشون بمفردهم حاليًا أكثر من أي وقت مضى، وقلة منهم متزوجون أو لديهم أطفال، بالإضافة إلى تناقص متوسط عدد أفراد الأسرة.
جون كاسيوبو عالم أعصاب درس الألم الاجتماعي -المعاناة الاجتماعية- وتوفي في مارس 2018، ويقول في كتابه “الوحدة”: «تناقصت أهمية العشرة والألفة الاجتماعية في المجتمعات الغربية، وتحولت من ضرورة إلى حاجة عرضية».
المشكلة أن الوحدة المزمنة لا تجعلك تشعر بالسوء فحسب بل تضرك أيضًا، إذ إنها تزيد خطر الإصابة بمجموعة من الاضطرابات التي تتضمن أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض التنكس العصبي ومشكلات الإدراك والمعرفة والسرطان النقيلي، بالإضافة إلى أنها تضعف الجهاز المناعي وتجعلنا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
تؤكد ستيفاني كاسيوبو -أرملة جون كاسيوبو وشريكته في الأبحاث حتى وفاته ومديرة مختبر ديناميكيات الدماغ بكلية الطب في جامعة شيكاغو بريتزكر- أن الوحدة الناتجة عن التعرض لظرف ما قد تتحول إلى حالة ثابتة تُغير بنية الدماغ وتسبب اضطرابًا في وظائفه.
يقارن البعض أحيانًا الخسارة الاجتماعية مثل فقدان شخص مقرب بالألم الجسدي، ولكن وجدت ستيفاني أن هذا مقياس غير دقيق تمامًا. فبعد وفاة جون، ركضت مسافات طويلة معرضة نفسها إلى درجات حرارة شبه متجمدة سببت الألم لرئتيها وعضلاتها، وتقول: «استطعت تحمل الألم لأنني أعلم أن له نهاية، وكان الألم الجسدي بسبب الجري أقل حدة من الألم العميق العاطفي الصادق لفقدان حب حياتي زوجي جون».
أشارت ستيفاني إلى أنها تعتمد على العديد من تمارين اللياقة الاجتماعية التي أثبت صحتها الزوجان في أبحاثهما معًا، ومنها بذل جهد للتعبير عن الامتنان أو فعل شيء لطيف لشخص ما دون انتظار مقابل أو التعامل مع الغرباء ومشاركة الأخبار الجيدة مع الآخرين. وتقول: «أنا دليل حي على علمي، إذ أطبقه كل يوم».
على عكس الاكتئاب والقلق، لا يوجد شكل سريري معترف به للوحدة، ولا يوجد تشخيص أو علاج للشعور بالوحدة المزمنة. وجدت ستيفاني الراحة في عملها ومتابعتها مجهود زوجها وأبحاثهما معًا، فتقول: «إذا كنت تقدر نفسك ولديك هدف في الحياة فستشعر بوحدة أقل».
واليوم، تواصل ستيفاني مجموعة الأبحاث التي بدأتها مع زوجها، إذ حاولوا ابتكار أقراص لعلاج الوحدة.
قد يبدو ذلك خيالًا علميًا، لكن تُجرى حاليًا عدد من التجارب السريرية ترأسها ستيفاني وغيرها من الباحثين، وذلك لتحديد كيف تؤثر الوحدة المزمنة في الدماغ وما ينتج عن ذلك من خسائر في الجهاز العصبي.
في الوقت الحالي، يعتبر القلق الاجتماعي اضطرابًا فقط إذا أعاق الشخص عن مواصلة حياته اليومية. تؤكد ألين هندريكسن الطبيبة النفسية المتخصصة في القلق أن ذلك ينطبق أيضًا على الوحدة، وتقول: «قد نسمي هذه متلازمة العزلة الاجتماعية»، وتعتقد هندريكسن أن العديد من مرضاها تنطبق عليهم تلك المعايير، إذ إن بعضهم يخبرها أنها الشخص الوحيد الذي يتعاملون معه خلال الأسبوع.
وفقًا لستيفاني، الوحدة نتيجة لإشارات بيولوجية تدفعنا للتواصل مع الآخرين مع أننا نعاني اضطرابًا يشعرنا بوجود الخطر الاجتماعي في كل مكان. تركز ستيفاني على علاج واعد وهو هرمون عصبي يسمى بريغنانولون الذي ثبت أنه يُحسن الاضطرابات المرتبطة بالتوتر ويخفف القلق الناتج عن تعرض الشخص لتهديدات اجتماعية، ويهدف هذا العلاج إلى منع تأثيرات الوحدة في الدماغ والجسم بدلًا من جعل الأشخاص يتوقفون عن الشعور بها.
عند عزل الفئران اجتماعيًا ينخفض لديها مستوى البريغنانولون، ويحدث هذا أيضًا عند الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة.
في دراسة أُجريت عام 2013 على 31 شخصًا من الأصحاء، وجد الباحثون أن تناول جرعات فموية من مركب ألوبريغنانولون المشتق من البريغنانولون يهدئ اللوزة الدماغية وفص الجزيرة لدى المشاركين، وهي مناطق في الدماغ مسؤولة عن الشعور بالتهديد والعاطفة وتوقع ردود الفعل السلبية.
بدأت كاسيوبو في التركيز على البريغنانولون والألوبريغنانولون بعد أن أظهرت التجارب قبل السريرية أن هذه المركبات قد تقاوم شعور الوحدة، ومع أن بعض مضادات الاكتئاب أعطت تأثيرًا مشابهًا فإنها سببت آثارًا جانبية غير مرغوب فيها مثل النعاس والغثيان والأرق.
شاركت كاسيوبو عام 2016 في مراجعة للعلاجات الدوائية، وفيها اكتشفت إمكانية إعطاء الأشخاص هرمون الأوكسيتوسين لمحاربة الشعور بالوحدة المزمنة. وأكد الباحثون أن إعطاء الأشخاص الأوكسيتوسين المرتبط بالرضاعة الطبيعية والولادة والاتصال الجسدي قد يعزز السلوكيات الاجتماعية والانتماء والثقة.
تعاون ستيف كول -أستاذ الطب والطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس- مع كاسيوبو عدة مرات.
اكتشف كول طريقة لتخفيف الشعور بالوحدة التي تجعل الجسم عرضة لمجموعة من الأمراض، إذ يقول إن حاصرات بيتا وأدوية القلب التي طورت في الستينيات تثبط استجابة الجسم للأدرينالين وتؤدي إلى فصل التجربة النفسية للتهديد الاجتماعي والقلق عن عواقبها البيولوجية. وأضاف: «حتى إذا لم نستطع منع الشعور بالوحدة باستخدام عقار يستهدف الدماغ فقد نستطيع حماية الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة من العواقب الصحية السلبية».
يأمل كول في التحقق من قدرة الدواء على الحد من تأثير التوتر في الجسم، وفي الوقت الحالي يدرس تأثير حاصرات بيتا عند مرضى السرطان، إذ إن التوتر يؤدي إلى تفاقم انتشار المرض، وإذا أثبتت حاصرات بيتا فعاليتها فهذا يعني أنها قد تخفف العواقب البيولوجية المدمرة للوحدة.
توضح ستيفاني أن الوحدة إشارة على أنك تعاني نقص التواصل مثلما يشير العطش إلى جفاف جسمك. ومع أن كثيرين نجحوا في إخراج أنفسهم من الوحدة، فإنه ما يزال باستطاعتنا الاستفادة من التدخل الدوائي للوقاية من العزلة الاجتماعية.
درست جوليان هولت لينستاد عالمة النفس في جامعة بريغهام يونغ العزلة الاجتماعية، وتقول: «علينا التفكير قبل اعتبار العزلة اضطرابًا، وبدلًا من ذلك نستطيع اعتبارها دليلًا على حاجتنا إلى الاتصال الاجتماعي».
بالنسبة للعديد من الأشخاص، من الأفضل النظر إلى الاتصال الاجتماعي بوصفه جزءًا لا يتجزأ من صحتنا البدنية والعاطفية، التي نستطيع تحسينها بتنظيم نمط حياتنا.
في عصرنا هذا نعتمد على هواتفنا المحمولة، فبالإضافة إلى أنها تملأ الفراغ في حياتنا. تقول جوليا بينبريدج الكاتبة والمحررة المستقلة: «نلجأ إلى هواتفنا عندما نكون قلقين أو غير مرتاحين اجتماعيًا». لا نستطيع التنبؤ بأحداث العالم، لكن شاشة هواتفنا تشكل حاجزًا ضد قدرتنا على التفاعل البشري العفوي. تنتظر بدء صف أو حضور صديق؟ من السهل عليك الانشغال بهاتفك المحمول بدلًا من إجراء محادثة مع الشخص المجاور لك والمخاطرة بالتعرض لموقف محرج.
قضت التكنولوجيا على عقبة التفاعل مع الآخرين وأهميته، إذ نستطيع العمل من المنزل وطلب البقالة من الإنترنت ومشاهدة الأفلام في السرير، وقد انخفضت النسبة المئوية للأمريكيين الذين يشاركون في المجموعات الاجتماعية مثل الفرق الرياضية أو المنظمات التطوعية أو المجموعات الدينية.
من المفيد أيضًا البحث عن هدف لحياتك، وقد يساعدك الانضمام إلى منظمة أو حركة أو مجموعة دينية متطوعة. يقول كول إن الأمر لا يتعلق بمقابلة أشخاص آخرين فقط، بل تكمن أهميته في إيجاد هدف والمشاركة في شيء أكبر منك، ويضيف أيضًا: «يعزز التركيز على الذات الحالة العاطفية السلبية، لكن توجد أدلة قوية على أن مساعدة الآخرين من أكثر الأشياء التي تحفز شعور المكافأة في الدماغ».
وجدت ستيفاني كاسيوبو هدفًا أقوى لتعزيز العمل الذي بدأته مع جون، إذ تمسكت باقتباس سمعته، يقول: «موتسارت لم يمت، لكنه أصبح موسيقا»، وأضافت: «أعتقد أن زوجي لم يمت، لكنه أصبح نظرية وأنا أطبق نظريته».
المصدر:ibelieveinsci
الوحدة جزء من حالة الإنسان، وهي علامة تحذير بدائية مثل الجوع أو العطش تحفزنا للبحث عن حاجة أساسية هي التواصل، إذ جعلتنا ملايين السنين من التطور مخلوقات تحتاج إلى الروابط الاجتماعية مثلما تحتاج إلى الطعام والماء.
ومع ذلك، نجد أنفسنا في عزلة متزايدة، ولم يعد شعورنا بالوحدة سببًا قويًا بما يكفي لنخرج من العزلة التي سببتها لنا الحياة الحديثة.
من الصعب مقارنة الوحدة الآن بوحدة الأجيال السابقة لأننا لم نقسها من قبل باستمرار، ولكن تشير التقديرات الأخيرة إلى أن 22%-75% من البالغين الأمريكيين يشعرون بالوحدة دائمًا. قد يكون ذلك بسبب التغيرات الهيكلية الثقافية التي تحدث على نطاق واسع في أمريكا، إذ إن الكثير من الأمريكيين يعيشون بمفردهم حاليًا أكثر من أي وقت مضى، وقلة منهم متزوجون أو لديهم أطفال، بالإضافة إلى تناقص متوسط عدد أفراد الأسرة.
جون كاسيوبو عالم أعصاب درس الألم الاجتماعي -المعاناة الاجتماعية- وتوفي في مارس 2018، ويقول في كتابه “الوحدة”: «تناقصت أهمية العشرة والألفة الاجتماعية في المجتمعات الغربية، وتحولت من ضرورة إلى حاجة عرضية».
المشكلة أن الوحدة المزمنة لا تجعلك تشعر بالسوء فحسب بل تضرك أيضًا، إذ إنها تزيد خطر الإصابة بمجموعة من الاضطرابات التي تتضمن أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض التنكس العصبي ومشكلات الإدراك والمعرفة والسرطان النقيلي، بالإضافة إلى أنها تضعف الجهاز المناعي وتجعلنا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
تؤكد ستيفاني كاسيوبو -أرملة جون كاسيوبو وشريكته في الأبحاث حتى وفاته ومديرة مختبر ديناميكيات الدماغ بكلية الطب في جامعة شيكاغو بريتزكر- أن الوحدة الناتجة عن التعرض لظرف ما قد تتحول إلى حالة ثابتة تُغير بنية الدماغ وتسبب اضطرابًا في وظائفه.
يقارن البعض أحيانًا الخسارة الاجتماعية مثل فقدان شخص مقرب بالألم الجسدي، ولكن وجدت ستيفاني أن هذا مقياس غير دقيق تمامًا. فبعد وفاة جون، ركضت مسافات طويلة معرضة نفسها إلى درجات حرارة شبه متجمدة سببت الألم لرئتيها وعضلاتها، وتقول: «استطعت تحمل الألم لأنني أعلم أن له نهاية، وكان الألم الجسدي بسبب الجري أقل حدة من الألم العميق العاطفي الصادق لفقدان حب حياتي زوجي جون».
أشارت ستيفاني إلى أنها تعتمد على العديد من تمارين اللياقة الاجتماعية التي أثبت صحتها الزوجان في أبحاثهما معًا، ومنها بذل جهد للتعبير عن الامتنان أو فعل شيء لطيف لشخص ما دون انتظار مقابل أو التعامل مع الغرباء ومشاركة الأخبار الجيدة مع الآخرين. وتقول: «أنا دليل حي على علمي، إذ أطبقه كل يوم».
على عكس الاكتئاب والقلق، لا يوجد شكل سريري معترف به للوحدة، ولا يوجد تشخيص أو علاج للشعور بالوحدة المزمنة. وجدت ستيفاني الراحة في عملها ومتابعتها مجهود زوجها وأبحاثهما معًا، فتقول: «إذا كنت تقدر نفسك ولديك هدف في الحياة فستشعر بوحدة أقل».
واليوم، تواصل ستيفاني مجموعة الأبحاث التي بدأتها مع زوجها، إذ حاولوا ابتكار أقراص لعلاج الوحدة.
قد يبدو ذلك خيالًا علميًا، لكن تُجرى حاليًا عدد من التجارب السريرية ترأسها ستيفاني وغيرها من الباحثين، وذلك لتحديد كيف تؤثر الوحدة المزمنة في الدماغ وما ينتج عن ذلك من خسائر في الجهاز العصبي.
في الوقت الحالي، يعتبر القلق الاجتماعي اضطرابًا فقط إذا أعاق الشخص عن مواصلة حياته اليومية. تؤكد ألين هندريكسن الطبيبة النفسية المتخصصة في القلق أن ذلك ينطبق أيضًا على الوحدة، وتقول: «قد نسمي هذه متلازمة العزلة الاجتماعية»، وتعتقد هندريكسن أن العديد من مرضاها تنطبق عليهم تلك المعايير، إذ إن بعضهم يخبرها أنها الشخص الوحيد الذي يتعاملون معه خلال الأسبوع.
وفقًا لستيفاني، الوحدة نتيجة لإشارات بيولوجية تدفعنا للتواصل مع الآخرين مع أننا نعاني اضطرابًا يشعرنا بوجود الخطر الاجتماعي في كل مكان. تركز ستيفاني على علاج واعد وهو هرمون عصبي يسمى بريغنانولون الذي ثبت أنه يُحسن الاضطرابات المرتبطة بالتوتر ويخفف القلق الناتج عن تعرض الشخص لتهديدات اجتماعية، ويهدف هذا العلاج إلى منع تأثيرات الوحدة في الدماغ والجسم بدلًا من جعل الأشخاص يتوقفون عن الشعور بها.
عند عزل الفئران اجتماعيًا ينخفض لديها مستوى البريغنانولون، ويحدث هذا أيضًا عند الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة.
في دراسة أُجريت عام 2013 على 31 شخصًا من الأصحاء، وجد الباحثون أن تناول جرعات فموية من مركب ألوبريغنانولون المشتق من البريغنانولون يهدئ اللوزة الدماغية وفص الجزيرة لدى المشاركين، وهي مناطق في الدماغ مسؤولة عن الشعور بالتهديد والعاطفة وتوقع ردود الفعل السلبية.
بدأت كاسيوبو في التركيز على البريغنانولون والألوبريغنانولون بعد أن أظهرت التجارب قبل السريرية أن هذه المركبات قد تقاوم شعور الوحدة، ومع أن بعض مضادات الاكتئاب أعطت تأثيرًا مشابهًا فإنها سببت آثارًا جانبية غير مرغوب فيها مثل النعاس والغثيان والأرق.
شاركت كاسيوبو عام 2016 في مراجعة للعلاجات الدوائية، وفيها اكتشفت إمكانية إعطاء الأشخاص هرمون الأوكسيتوسين لمحاربة الشعور بالوحدة المزمنة. وأكد الباحثون أن إعطاء الأشخاص الأوكسيتوسين المرتبط بالرضاعة الطبيعية والولادة والاتصال الجسدي قد يعزز السلوكيات الاجتماعية والانتماء والثقة.
تعاون ستيف كول -أستاذ الطب والطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس- مع كاسيوبو عدة مرات.
اكتشف كول طريقة لتخفيف الشعور بالوحدة التي تجعل الجسم عرضة لمجموعة من الأمراض، إذ يقول إن حاصرات بيتا وأدوية القلب التي طورت في الستينيات تثبط استجابة الجسم للأدرينالين وتؤدي إلى فصل التجربة النفسية للتهديد الاجتماعي والقلق عن عواقبها البيولوجية. وأضاف: «حتى إذا لم نستطع منع الشعور بالوحدة باستخدام عقار يستهدف الدماغ فقد نستطيع حماية الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة من العواقب الصحية السلبية».
يأمل كول في التحقق من قدرة الدواء على الحد من تأثير التوتر في الجسم، وفي الوقت الحالي يدرس تأثير حاصرات بيتا عند مرضى السرطان، إذ إن التوتر يؤدي إلى تفاقم انتشار المرض، وإذا أثبتت حاصرات بيتا فعاليتها فهذا يعني أنها قد تخفف العواقب البيولوجية المدمرة للوحدة.
توضح ستيفاني أن الوحدة إشارة على أنك تعاني نقص التواصل مثلما يشير العطش إلى جفاف جسمك. ومع أن كثيرين نجحوا في إخراج أنفسهم من الوحدة، فإنه ما يزال باستطاعتنا الاستفادة من التدخل الدوائي للوقاية من العزلة الاجتماعية.
درست جوليان هولت لينستاد عالمة النفس في جامعة بريغهام يونغ العزلة الاجتماعية، وتقول: «علينا التفكير قبل اعتبار العزلة اضطرابًا، وبدلًا من ذلك نستطيع اعتبارها دليلًا على حاجتنا إلى الاتصال الاجتماعي».
بالنسبة للعديد من الأشخاص، من الأفضل النظر إلى الاتصال الاجتماعي بوصفه جزءًا لا يتجزأ من صحتنا البدنية والعاطفية، التي نستطيع تحسينها بتنظيم نمط حياتنا.
في عصرنا هذا نعتمد على هواتفنا المحمولة، فبالإضافة إلى أنها تملأ الفراغ في حياتنا. تقول جوليا بينبريدج الكاتبة والمحررة المستقلة: «نلجأ إلى هواتفنا عندما نكون قلقين أو غير مرتاحين اجتماعيًا». لا نستطيع التنبؤ بأحداث العالم، لكن شاشة هواتفنا تشكل حاجزًا ضد قدرتنا على التفاعل البشري العفوي. تنتظر بدء صف أو حضور صديق؟ من السهل عليك الانشغال بهاتفك المحمول بدلًا من إجراء محادثة مع الشخص المجاور لك والمخاطرة بالتعرض لموقف محرج.
قضت التكنولوجيا على عقبة التفاعل مع الآخرين وأهميته، إذ نستطيع العمل من المنزل وطلب البقالة من الإنترنت ومشاهدة الأفلام في السرير، وقد انخفضت النسبة المئوية للأمريكيين الذين يشاركون في المجموعات الاجتماعية مثل الفرق الرياضية أو المنظمات التطوعية أو المجموعات الدينية.
من المفيد أيضًا البحث عن هدف لحياتك، وقد يساعدك الانضمام إلى منظمة أو حركة أو مجموعة دينية متطوعة. يقول كول إن الأمر لا يتعلق بمقابلة أشخاص آخرين فقط، بل تكمن أهميته في إيجاد هدف والمشاركة في شيء أكبر منك، ويضيف أيضًا: «يعزز التركيز على الذات الحالة العاطفية السلبية، لكن توجد أدلة قوية على أن مساعدة الآخرين من أكثر الأشياء التي تحفز شعور المكافأة في الدماغ».
وجدت ستيفاني كاسيوبو هدفًا أقوى لتعزيز العمل الذي بدأته مع جون، إذ تمسكت باقتباس سمعته، يقول: «موتسارت لم يمت، لكنه أصبح موسيقا»، وأضافت: «أعتقد أن زوجي لم يمت، لكنه أصبح نظرية وأنا أطبق نظريته».
المصدر:ibelieveinsci