في الكتاب الشهير «الإنسان يبحث عن المعنى» لفيكتور فرانكل فصلٌ بعنوان «الفراغ الوجودي» يدّعي أن الفراغ الوجودي ظاهرة منتشرة في القرن العشرين، ويشرح الكاتب سبب ظهور هذه الظاهرة بقوله: «في القرن العشرين توقف الناس عن الاعتماد على تقاليدهم وغرائزهم».
هناك الكثير من الآراء المشابهة اليوم، فالناس يتناقشون غالبًا حول الفراغ الوجودي المنتشر، والشعور الكلي بانعدام المعنى، والخواء الوجودي الشائع، والأزمة الوجودية المتفشية. وقد يصل الأمر ببعض الناس إلى الشعور باضطراب لأنهم لا يشعرون بأن الحياة عديمة المعنى.
ما مشكلة هؤلاء الناس؟ ولمَ لا يشعرون بانعدام معنى الحياة كالآخرين؟ هل هم أشخاص سطحيون وغير صادقين؟
إن دليل فرانكل في ادعائه بأن الفراغ الوجودي ظاهرة منتشرة هو دراسة مسحية إحصائية وجدت أن 25% من تلامذته الأوروبيين و60% من تلامذته الأمريكيين قد أظهروا بدرجات متباينة درجة واضحة من الفراغ الوجودي، ولم يذكر فرانكل للأسف مرجعًا لدراسته هذه. وفاتته ملاحظة أن التكيف مع انعدام معنى الحياة لدى تلامذته الذين يعانون فراغًا وجوديًا قد يكون أقوى من تكيف سائر الناس معه. وكذلك فإن المحاورين المعاصرين عند سؤالهم عن سبب انتشار الفراغ الوجودي لا يملكون دليلًا قويًا يدعمون به وجهة نظرهم.
يُظهر البحث التجريبي أن انتشار هذه الظاهرة ربما يكون أقل من اعتقاد البعض. فقد راجع كل من سامنتثا ج. هاينتزلمان ولورا أ. كينغ من جامعة ميزوري الكثير من الدراسات التجريبية التي قيّمت مدى شيوع الشعور بانعدام معنى الحياة، وقد عكس عنوان دراستهم «الحياة غنية بالمعنى» الخلاصة التي توصلوا إليها، إذ وجدوا أن الشعور بانعدام معنى الحياة ليس أمرًا شائعًا على الإطلاق.
على سبيل المثال، ذكرت دراسة أجريت عام 2002 في جامعة ميشيغان كانت برعاية المركز الوطني للشيخوخة سُئل فيها 1062 شخصًا ممن تفوق أعمارهم الخمسين عامًا عن كونهم شعروا بأن لحياتهم خلال السنة السابقة أي معنًى فأجاب ما نسبته 95% من هؤلاء الأشخاص السؤال السابق بكلمة نعم.
في دراسة أخرى أجريت في جامعة بايلور طُلب من 1648 شخصًا أن يقيّموا الادعاء القائل «لحياتي غاية حقيقية» بمقياس ذي خمس درجات تتراوح بين أتفق بشدة وأعارض بشدة، بينت النتائج أن 10% فقط من المشاركين قد عارضوا أو عارضوا بشدة الادعاء السابق، وبقي 6% غير محددين موقفهم بينما وافق 86% منهم على الادعاء أو وافقوا بشدة عليه.
في دراسة أخرى أيضًا ذكر شيغيهيرو أويشي وإد داينر أن 91% من المشاركين البالغ عددهم 137678 شخصًا من 132 دولة حول العالم قد ردّوا بالإيجاب على سؤال: «هل تشعر بأن لحياتك غاية أو معنًى مهمًا؟» وفقًا لدراسة استقصائية قامت بها مؤسسة غالوب العالمية.
تقدم الكثير من الدراسات الأخرى نتائج مشابهة، ولكن يجب أن ننظر إلى هذه الأرقام بحذر، وإن إجراء المزيد من الدراسات على أشخاص من دول مختلفة في مناطق مختلفة من العالم أمر مفيد وضروري. يشير الكثير من الفلاسفة إلى أن شعور الناس بمعنى حياتهم قد يختلف عما يعدّونه معنًى حقيقيًا لحياتهم. إن النسب الكبيرة للأشخاص الذين يجدون لحياتهم معنًى يجب ألا تقودنا إلى تجاهل من لا يجدون معنًى لحياتهم، بل يجب أخذهم على محمل الجد.
مع ذلك، تجدر ملاحظة وجود الكثير ممن يعتقدون أن الفراغ الوجودي ظاهرة منتشرة أكثر بكثير مما تظهره الأبحاث التجريبية.
المصدر:ibelieveinsci
هناك الكثير من الآراء المشابهة اليوم، فالناس يتناقشون غالبًا حول الفراغ الوجودي المنتشر، والشعور الكلي بانعدام المعنى، والخواء الوجودي الشائع، والأزمة الوجودية المتفشية. وقد يصل الأمر ببعض الناس إلى الشعور باضطراب لأنهم لا يشعرون بأن الحياة عديمة المعنى.
ما مشكلة هؤلاء الناس؟ ولمَ لا يشعرون بانعدام معنى الحياة كالآخرين؟ هل هم أشخاص سطحيون وغير صادقين؟
إن دليل فرانكل في ادعائه بأن الفراغ الوجودي ظاهرة منتشرة هو دراسة مسحية إحصائية وجدت أن 25% من تلامذته الأوروبيين و60% من تلامذته الأمريكيين قد أظهروا بدرجات متباينة درجة واضحة من الفراغ الوجودي، ولم يذكر فرانكل للأسف مرجعًا لدراسته هذه. وفاتته ملاحظة أن التكيف مع انعدام معنى الحياة لدى تلامذته الذين يعانون فراغًا وجوديًا قد يكون أقوى من تكيف سائر الناس معه. وكذلك فإن المحاورين المعاصرين عند سؤالهم عن سبب انتشار الفراغ الوجودي لا يملكون دليلًا قويًا يدعمون به وجهة نظرهم.
يُظهر البحث التجريبي أن انتشار هذه الظاهرة ربما يكون أقل من اعتقاد البعض. فقد راجع كل من سامنتثا ج. هاينتزلمان ولورا أ. كينغ من جامعة ميزوري الكثير من الدراسات التجريبية التي قيّمت مدى شيوع الشعور بانعدام معنى الحياة، وقد عكس عنوان دراستهم «الحياة غنية بالمعنى» الخلاصة التي توصلوا إليها، إذ وجدوا أن الشعور بانعدام معنى الحياة ليس أمرًا شائعًا على الإطلاق.
على سبيل المثال، ذكرت دراسة أجريت عام 2002 في جامعة ميشيغان كانت برعاية المركز الوطني للشيخوخة سُئل فيها 1062 شخصًا ممن تفوق أعمارهم الخمسين عامًا عن كونهم شعروا بأن لحياتهم خلال السنة السابقة أي معنًى فأجاب ما نسبته 95% من هؤلاء الأشخاص السؤال السابق بكلمة نعم.
في دراسة أخرى أجريت في جامعة بايلور طُلب من 1648 شخصًا أن يقيّموا الادعاء القائل «لحياتي غاية حقيقية» بمقياس ذي خمس درجات تتراوح بين أتفق بشدة وأعارض بشدة، بينت النتائج أن 10% فقط من المشاركين قد عارضوا أو عارضوا بشدة الادعاء السابق، وبقي 6% غير محددين موقفهم بينما وافق 86% منهم على الادعاء أو وافقوا بشدة عليه.
في دراسة أخرى أيضًا ذكر شيغيهيرو أويشي وإد داينر أن 91% من المشاركين البالغ عددهم 137678 شخصًا من 132 دولة حول العالم قد ردّوا بالإيجاب على سؤال: «هل تشعر بأن لحياتك غاية أو معنًى مهمًا؟» وفقًا لدراسة استقصائية قامت بها مؤسسة غالوب العالمية.
تقدم الكثير من الدراسات الأخرى نتائج مشابهة، ولكن يجب أن ننظر إلى هذه الأرقام بحذر، وإن إجراء المزيد من الدراسات على أشخاص من دول مختلفة في مناطق مختلفة من العالم أمر مفيد وضروري. يشير الكثير من الفلاسفة إلى أن شعور الناس بمعنى حياتهم قد يختلف عما يعدّونه معنًى حقيقيًا لحياتهم. إن النسب الكبيرة للأشخاص الذين يجدون لحياتهم معنًى يجب ألا تقودنا إلى تجاهل من لا يجدون معنًى لحياتهم، بل يجب أخذهم على محمل الجد.
مع ذلك، تجدر ملاحظة وجود الكثير ممن يعتقدون أن الفراغ الوجودي ظاهرة منتشرة أكثر بكثير مما تظهره الأبحاث التجريبية.
المصدر:ibelieveinsci