إذا أخبرك زميلك في العمل أن المدير موجود في منزله، فستستنتج مباشرةً أنه غير موجود في غرفته في مكان العمل، وكذا إذا أخفيت عنك ورقةً نقديةً وسألتك عن قيمتها، هل هي عشرة دولارات أم مئة دولار؟ ثم أتركك لتُجيب وأعرض عليك العُملة الصحيحة التي في يدي، فإذا وجدتها عشرة دولارات فإنك ستستنتج مباشرةً أنني لم أكن أحمل مئة دولار. تُعد مثل هذه الاستنتاجات من أهم العمليات المنطقية التي نقوم بها يوميًا بلا جهد كبير، وصياغتها المنطقية هي:
إذا كان الشيء إما «أ» أو «ب» وكشفتَ عنه ووجدته «أ»، إذن هو ليس «ب».
كان الاعتقاد السابق وفق نظرية جان بياجيه للتطور المعرفي للإنسان، أن الاستنتاجات المنطقية تأتي متأخرةً في سلم التطور المعرفي للطفل، إلا أن دراسة حديثة أجرت اختباراتها على أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و19 شهرًا -أي قبل تولّد العمليات اللغوية لديهم- وأثبتت أن الأطفال يمتلكون القدرة على الاستنتاجات المنطقية في هذه السن المبكرة ما يعني أن اعتقاد بياجيه القديم كان خاطئًا.
وضعوا أمام الأطفال حاجزًا خلفه صورتان، واحدة لديناصور وأخرى لزهرة، يأتي الباحث ويسحب إحدى الصورتين الصغيرتين بواسطة كوب ثُم يُزال الحاجز ليرى الطفل الصورة الباقية خلفه.
فعلى سبيل المثال، سُحبت صورة الزهرة حتى صارت تحت الكوب وأُزيل الحاجز من أمام الطفل ليرى صورة الديناصور أمامه.
لو كان الطفل فعلًا يستنتج بصورة منطقية فإنه سيستنتج فور رؤيته للديناصور أن ما في الكوب لا بد وأن يكون زهرةً اعتمادًا على الأسلوب المنطقي الذي تقدم، أي إذا كانت الصورة الأولى للديناصور موجودة خلف الجدار فإن الصورة الثانية تحت الكوب لا يمكن أن تكون له، لذا فهي صورة الزهرة.
لكن ثمة مشكلة مفادها أن الطفل لا يستطيع الكلام لنستكشف ما في ذهنه، إلا أن العلماء تغلبوا عليها عبر قياس مدى انتباه الأطفال وقياس توسع حدقة العين، فما يشد انتباه الأطفال بالفعل هي الأشياء الغريبة وغير المتوقعة عندهم وهذه طريقة مُستخدمة في العديد من الدراسات العلمية على الأطفال.
وبالفعل، كانت النتيجة طبيعية ووجد الأطفال ما كانوا يتوقعونه من كون صورة الزهرة تحت الكوب فلم يُبالوا كثيرًا، على عكس ما لو وجدوا صورة ديناصور أخرى تحت الكوب عبر تلاعب لم ينتبه له الأطفال.
على الرغم من أن هذا التفكير، هو شكل بدائي من التفكير المنطقي فإنه أحد أكثر طرق الاستنتاج التي نستخدمها في حياتنا اليومية، وقد اعتمد الشهير شارلوك هولمز عليها في حل كثير من الألغاز عبر تحليل الاحتمالات المختلفة للجواب.
تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن الاستنتاجات المنطقية قد تكون فطرية غير مكتسبة، ما يجعل فرض كونها بديهية ومغروسة في نسيج عقولنا أمرًا معقولًا.
تُعد هذه التجربة جزءًا من سلسلة تجارب أجراها العلماء لأجل اختبار تمكن الأطفال من فرض الفرضيات والتنبؤ بها واختبار صحتها، كل ذلك قبل أن تبدأ العمليات اللغوية لديهم بالظهور.
نال اختصاصي الأطفال الدكتور بيري برازلتون سمعته منذ فترة بعيدة حينما بدأ بالتشكيك بالمبدأ الراسخ آنذاك إبان دخوله المجال الطبي في أربعينيات القرن الماضي القائل إن الأطفال ليسوا إلا كتلًا طينية نتلاعب بها ونشكّلها كيفما نشاء، وادعى أنهم كائنات أكثر تعقيدًا مما نعتقد، ويبدو أن برازلتون كان محقًا في ذلك.
المصدر:ibelieveinsci
إذا كان الشيء إما «أ» أو «ب» وكشفتَ عنه ووجدته «أ»، إذن هو ليس «ب».
كان الاعتقاد السابق وفق نظرية جان بياجيه للتطور المعرفي للإنسان، أن الاستنتاجات المنطقية تأتي متأخرةً في سلم التطور المعرفي للطفل، إلا أن دراسة حديثة أجرت اختباراتها على أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و19 شهرًا -أي قبل تولّد العمليات اللغوية لديهم- وأثبتت أن الأطفال يمتلكون القدرة على الاستنتاجات المنطقية في هذه السن المبكرة ما يعني أن اعتقاد بياجيه القديم كان خاطئًا.
وضعوا أمام الأطفال حاجزًا خلفه صورتان، واحدة لديناصور وأخرى لزهرة، يأتي الباحث ويسحب إحدى الصورتين الصغيرتين بواسطة كوب ثُم يُزال الحاجز ليرى الطفل الصورة الباقية خلفه.
فعلى سبيل المثال، سُحبت صورة الزهرة حتى صارت تحت الكوب وأُزيل الحاجز من أمام الطفل ليرى صورة الديناصور أمامه.
لو كان الطفل فعلًا يستنتج بصورة منطقية فإنه سيستنتج فور رؤيته للديناصور أن ما في الكوب لا بد وأن يكون زهرةً اعتمادًا على الأسلوب المنطقي الذي تقدم، أي إذا كانت الصورة الأولى للديناصور موجودة خلف الجدار فإن الصورة الثانية تحت الكوب لا يمكن أن تكون له، لذا فهي صورة الزهرة.
لكن ثمة مشكلة مفادها أن الطفل لا يستطيع الكلام لنستكشف ما في ذهنه، إلا أن العلماء تغلبوا عليها عبر قياس مدى انتباه الأطفال وقياس توسع حدقة العين، فما يشد انتباه الأطفال بالفعل هي الأشياء الغريبة وغير المتوقعة عندهم وهذه طريقة مُستخدمة في العديد من الدراسات العلمية على الأطفال.
وبالفعل، كانت النتيجة طبيعية ووجد الأطفال ما كانوا يتوقعونه من كون صورة الزهرة تحت الكوب فلم يُبالوا كثيرًا، على عكس ما لو وجدوا صورة ديناصور أخرى تحت الكوب عبر تلاعب لم ينتبه له الأطفال.
على الرغم من أن هذا التفكير، هو شكل بدائي من التفكير المنطقي فإنه أحد أكثر طرق الاستنتاج التي نستخدمها في حياتنا اليومية، وقد اعتمد الشهير شارلوك هولمز عليها في حل كثير من الألغاز عبر تحليل الاحتمالات المختلفة للجواب.
تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن الاستنتاجات المنطقية قد تكون فطرية غير مكتسبة، ما يجعل فرض كونها بديهية ومغروسة في نسيج عقولنا أمرًا معقولًا.
تُعد هذه التجربة جزءًا من سلسلة تجارب أجراها العلماء لأجل اختبار تمكن الأطفال من فرض الفرضيات والتنبؤ بها واختبار صحتها، كل ذلك قبل أن تبدأ العمليات اللغوية لديهم بالظهور.
نال اختصاصي الأطفال الدكتور بيري برازلتون سمعته منذ فترة بعيدة حينما بدأ بالتشكيك بالمبدأ الراسخ آنذاك إبان دخوله المجال الطبي في أربعينيات القرن الماضي القائل إن الأطفال ليسوا إلا كتلًا طينية نتلاعب بها ونشكّلها كيفما نشاء، وادعى أنهم كائنات أكثر تعقيدًا مما نعتقد، ويبدو أن برازلتون كان محقًا في ذلك.
المصدر:ibelieveinsci