يعرف معظمنا العلامات الواضحة للإساءة العقلية أو العاطفية، لكن يصعب علينا أحيانًا عندما نكون في علاقة مُسيئة تمييز السمات الخفية للسلوك المُسيء، فكل محاولات الترهيب والعزل والتحكم التي يمارسها أي شخص على شخص آخر هي إساءة نفسية، وقد تكون الإساءة بالقول أو بالفعل والإصرار عليهما.
ربما يكون الشخص المسيء أحد الزوجين أو شريكًا عاطفيًا أو زميل عمل أو أحد الوالدين أو شخصًا وظيفته تقديم الرعاية لك. ومهما كانت صلتك بهذا الشخص، فأنت لست مسؤولًا عن تصرفاته ولا ذنب لك فيها.
علامات الإساءة العقلية والعاطفية:
1-الإذلال والإهمال والانتقاد:
يستخدم الشخص المسيء أساليب هدفها إضعاف تقديرك لنفسك، ويتصف أسلوبه بالقسوة والإصرار، ويشمل الأمور الكبيرة والصغيرة.
من أمثلة ذلك:
- إطلاق الألقاب السلبية: قد يناديك بأسماء وصفات سلبية من قبيل (غبي) أو (فاشل).
- المناداة بأسماء تحبُّب مهينة: وهي طريقة خفيَّة أخرى للإهانة، مثل: (صغيري الساذج) أو (دبدوبتي السمينة)، وكلها ألفاظ مُهينة لا علاقة لها بالحب.
- إلغاء شخصيتك: يستخدم المسيء كلمة (دائمًا) كثيرًا في وصفه لك، فيقول إنك (تتأخر/ تخطئ/ تفشل/ تبدو غير مُرَتَّب دائمًا)، المهم أن يُشعِرك أنك شخص سيء.
- الصراخ: يهدف المسيء بالصراخ والسباب جعلك تشعر أنك صغير وتافه، وقد يترافق ذلك مع الضرب أو رمي الأشياء.
- يعاملك بفوقية ويُقلل من شأنك: كأن يقول لك «أعلم أنك تبذل جهدك، لكن هذا الأمر يفوق قدرتك على الفهم».
- الإحراج أمام الآخرين: يفتعل المُسيء الشجار ليفضح أسرارك أو يسخر من عيوبك على الملأ.
- الرفض والتجاهل: عندما تخبره عن شيء يهمك، يقلل من أهميته بالقول أو بلغة الجسد كأن يقلب عينيه أو يبتسم ساخرًا.
- المزاح: قد يكون مبنيًا على شيء من الحقيقة أو محض تلفيقات، لكنه في الحالتين يجعلك تبدو غبيًا.
- التهكم والسخرية: والهدف منها إطلاق التلميحات المؤذية بطريقة غير مباشرة، وعندما تعترض على هذه التلميحات تُتَّهم بعدم تقبّل المزاح والجدية الزائدة.
- السخرية من المظهر الخارجي: يحب المسيء إخبارك قبل مغادرة المنزل أن «شعرك يبدو قبيحًا» أو أن «ثيابك تشبه ثياب المهرجين».
- التقليل من إنجازاتك: يحاول إقناعك أن إنجازاتك لا تعني شيئًا، وقد يحاول نسب نجاحاتك إلى نفسه.
- تسفيه اهتماماتك: يحب المسيء أن يوهمك أن هوايتك طفولية ومضيعة للوقت، أو أنك لست مؤهلًا لممارسة الرياضة التي تحبها مثلًا. والسبب الحقيقي في هذا أنه لا يرغب في رؤيتك مهتمًا بممارسة أي نشاط من دونه.
- الاستفزاز: عندما يعرف المسيء الأشياء التي تضايقك وتستفزك، ينتهز كل الفرص لفعلها بهدف إغضابك.
2-التحكم والخزي:
يتعمد الشخص المسيء إشعارك بالحرج من عيوبك، وهي وسيلة أخرى لفرض السيطرة والتحكم.
ومن الأدوات التي يستخدمها لتحقيق ذلك:
- التهديد: كأن يقول أحد الزوجين لزوجه «سآخذ الأطفال وأذهب بعيدًا» أو «لا تعلم ما أستطيع أن أفعل».
- مراقبة تحركاتك: يجب أن يعرف المسيء مكانك في كل وقت، وحذار أن تتأخر في الرد على مكالماته أو رسائله، وقد يتبعك للتحقق من الأماكن التي تقصدها.
- التجسس على الإنترنت: يحب المسيء تتبع تاريخ تصفحك للإنترنت ومراقبة بريدك الإلكتروني وسجل مكالماتك ورسائلك، وقد يطلب منك كلمة سر حساباتك الالكترونية.
- الاستئثار بصنع القرارات: يسمح المسيء لنفسه باتخاذ القرارات دون الرجوع إليك، كأن يغلق حسابًا بنكيًا مشتركًا بينكما، أو يلغي موعدك مع الطبيب أو يتحدث إلى مديرك دون علمك.
- التحكم المادي: يحاول المسيء جعل الحسابات البنكية باسمه فقط، لترجع إليه في كل مرة تحتاج إلى المال، ويجب أن تقدم له بيانًا بكل قرش تنفقه.
إلقاء المحاضرات: يستفيض في الحديث عن أخطائك لأنه مقتنع بأنه أفضل وأكثر حكمة منك. - إصدار التعليمات والأوامر: تتراوح من أوامر عادية مثل «حضِّري لي العشاء فورًا» إلى قرارات مصيرية مثل «أوقفي أدوية منع الحمل»، ويتوقع المسيء تنفيذ أوامره دون اعتراض بصرف النظر عن رغبات الطرف الآخر.
- نوبات الغضب: يأمرك أن تلغي موعدك مع أصدقائك أو أن تضع السيارة في المرأب، وإن لم تنفذ الأمر تجد نفسك وسط عاصفة من التقريع، يخبرك فيها كم أنت مُهمِل وغير متعاون.
- يعاملك معاملة الأطفال: يحب المسيء أن يختار لك ملابسك وطعامك ونوعية الأشخاص الذين تُصادقهم.
- ادعاء العجز: يدعي المسيء أحيانًا عجزه عن فعل أمر ما، مستغلًا أنك ستؤدي الأمر بنفسك حتى لا تضطر إلى شرح طريقة عمله.
- السلوك غير المُتَوقَّع: قد ينفجر الشخص المسيء غاضبًا فجأة، أو يغدق عليك الحب، أو ينقلب مزاجه كئيبًا. فيجعلك متحفزًا وقلقًا طوال الوقت.
- الانسحاب: قد يتركك غاضبًا وسط مناسبة اجتماعية، أو يفعل هذا في المنزل لترك مشكلة ما مُعَلقة بلا حل.
- استخدام الآخرين: يخبرك المسيء أن (الجميع) يظنونك مجنونًا أو أن (الكل) يقولون إنك مخطئ.
3-الاتهام واللوم والإنكار:
ينبع هذا السلوك من مشاكل المسيء النفسية وانعدام ثقته بنفسه، فيخلق نوعًا من الهرمية تضعه هو في القمة وأنت في الأسفل، ومن أمثلة ذلك:
- الغيرة: باتهامك أنك تغازل غيره أو تخونه مع شخص آخر.
- قلب الطاولة: يلومك المسيء على نوبات غضبه ومحاولاته فرض سيطرته عليك، لأنك مزعج وتخطئ دائمًا.
- الإنكار: يميل المسيء إلى إنكار حدوث حوار معين بينكما أو اتفاق توصلتما إليه معًا، يُسمى هذا (التلاعب بالعقول)، لجعلك تشك في ذاكرتك وسلامتك العقلية.
- يُشعِرك بالذنب: قد يقول لك أشياء من قبيل «أنت مدين لي» أو «بعد كل ما فعلته من أجلك» للحصول على مبتغاه.
- الاستفزاز ثم اللوم: يعرف المسيء جيدًا كيف يثير غضبك، لكن عندما تشتعل ثورة غضبك ينسحب ويلومك عليها.
- يُنكر أنه مسيء: عندما تواجهه بأفعاله ينكرها كلها، ويبدو متفاجئًا من اتهامك له بالإساءة.
- يتهمك بالإساءة: يتهمك المسيء بأنك أنت من يسيء إليه بنوبات غضبك وحبك للسيطرة وأنه هو ضحية لا ذنب له.
- تسفيه المشكلة: عندما تحاول التحدث عن مشاعرك وعن الأذى الذي تسببه لك إساءته، يتهمك أنك تبالغ في رد فعلك.
- يقول إنك لا تملك حس فكاهة: عندما تعترض على النكات الشخصية التي يطلقها المسيء يتهمك بالجدية الزائدة وينصحك أن تأخذ الأمور بسعة صدر.
- يحملك مسؤولية مشاكله: يلومك الشخص المسيء على ما يحصل معه، فأنت إما لا تدعمه بما يكفي، أو لا تؤدي واجباتك كما ينبغي، أو تدس أنفك فيما لا يعنيك.
- التخريب والإنكار: قد يكسر المسيء شاشة جهازك المحمول أو يضيع مفاتيح سيارتك وينكر ذلك.
4-العزلة والإهمال العاطفي:
يضع الشخص المسيء احتياجاته العاطفية أولًا، وقد يحاول إبعادك عن الأشخاص الداعمين لك لتضطر إلى الاعتماد عليه أكثر، ويفعل ذلك من طريق:
- المطالبة بالاحترام: لن تمر أي هفوة لك دون حساب، فأنت مُطالَب باحترامه دومًا، لكن ليس من واجبه أن يحترمك بالمقابل.
- قطع سبل الحوار: يتفادى المسيء محاولاتك للحوار معه شخصيًا أو هاتفيًا أو باستخدام الرسائل.
- تجريدك من إنسانيتك: بأن ينظر لشيء آخر في أثناء حديثك معه، أو يدير وجهه عندما توجّه حديثك إليه.
- يبعدك عن حياتك الاجتماعية: كلما قررت الخروج للقاء أصدقائك يختلق المسيء سببًا لمنعك من الخروج.
- يُبعدك عن عائلتك: يخبر أفراد عائلتك أنك لا ترغب في رؤيتهم، ويختلق الأعذار لمنعك من حضور المناسبات العائلية.
- إخفاء المشاعر: يبخل عليك حتى بإمساك يدك أو التربيت على كتفك، وقد يرفض شريكك المسيء العلاقة الجنسية لمعاقبتك أو إجبارك على أمر ما.
- التجاهل: قد يلوح بيده في تذمر أو يغير الموضوع، أو يتجاهلك ببساطة لو حاولت مناقشة علاقتك معه.
- يحرض الآخرين ضدك: يخبر زملاءك في العمل أو أصدقاءك أو أفراد عائلتك أنك شخص كثير الانفعال وغير متزن.
- اتهامك بالتطلب: عندما تشعر بالإحباط وتطلب العون والمساعدة، يخبرك أنك كثير التطلب وأن مشاكلك ليست محور العالم.
- يقاطعك: يطلب منك عندما تكون مشغولًا بمكالمة هاتفية مثلًا قطع ما تفعل والانتباه إليه لأنه يحب أن يكون مركز اهتمامك دومًا.
- اللامبالاة: قد يراك حزينًا أو باكيًا فلا يفعل شيئًا لمواساتك.
- التشكيك في مشاعرك: يخبرك أنك مخطئ في تفسير مشاعرك، وأنك في الحقيقة تحس بمشاعر مختلفة تمامًا.
5-الاعتماد المُشترك:
في العلاقة الاعتمادية تصبح تصرفاتك انعكاسًا لسلوك شريكك، الذي يحتاج إليك ليعزز ثقته بنفسه، في دائرة لا تنتهي من السلوك غير الصحي.
ومن صفاتها أن تكون:
- غير سعيد في العلاقة لكنك تخشى البدائل.
- تتجاهل احتياجاتك دومًا لتلبية احتياجات الطرف الآخر.
- تهمل أصدقاءك وتهمّش عائلتك لإرضاء شريكك.
- تسعى دائمًا للحصول على رضا شريكك.
- تنظر إلى نفسك وتنتقدها عبر عيني شريكك متجاهلًا حدسك.
- أنت الوحيد الذي تقدم التضحيات في العلاقة.
- تفضّل الفوضى على البقاء وحيدًا.
- تمسك لسانك وتكبت مشاعرك لتتجنب المشاكل.
- تشعر بالمسؤولية وتُحمّل نفسك ذنوب شريكك.
- تبرر إساءته عندما يحاول الأخرون التحدث عنها.
- تحاول إنقاذ شريكك من نفسه.
- تشعر بالذنب عندما تدافع عن نفسك.
- مُقتنع أنك تستحق هذا النوع من المعاملة.
- تظن أنك لن تجد شخصًا آخر يقبل بك.
- تغير سلوكك بدافع الإحساس بالذنب، يقول شريكك لك: «لا أستطيع العيش من دونك» فتغير رأيك وتبقى.
6- حلول للتحرر من العلاقة المُسيئة:
إذا كنت تشعر أنك تُستَغل نفسيًا أو عاطفيًا فثق بحدسك هذا، واعلم أنك تستحق حياة أفضل. اتصل بالطوارئ فورًا إن كنت تخشى التعنيف الجسدي.
ومن الخيارات أخرى:
- أن تفهم أن لا ذنب لك في سلوك المسيء: لا تحاول تبرير سلوك المسيء، لأنه لن يتغير دون مساعدة مختصّ نفسي، وهذه مسؤولية المُسيء لا مسؤوليتك.
- الابتعاد ووضع حدود شخصية: قرر أنك لن تتجاوب مع الإساءة ولن تسمح للمسيء بدفعك إلى الشجار، التزم بهذا القرار، وتجنب التعامل معه.
- إنهاء العلاقة: حاول قطع كل ما يربطك بالشخص المسيء، قل له بوضوح إن كل شيء بينكما قد انتهى، واطلب مساعدة مختص نفسي عند الحاجة.
- أعط نفسك وقتًا للتعافي: اطلب المساعدة من أفراد عائلتك أو أصدقائك الداعمين لك، أو تحدث إلى مختص نفسي ليساعدك على تجاوز الأزمة، تستطيع أيضًا -إن كنت طالبًا- الحديث إلى مدرسك أو مرشدك النفسي.
يصبح إنهاء العلاقة أعقد إن كنت متزوجًا أو لديك أطفال، عليك عندها طلب الاستشارة القانونية قبل اتخاذ أي خطوة.
المصدر:ibelieveinsci