يونغر (ارنست)
Jünger (Ernst-) - Jünger (Ernst-)
يونغر (إرنست ـ)
(1895ـ 1998)
إرنست يونغر Ernst Jünger كاتب مقالات وروائي وناشر ألماني، كان أكثر الكتّاب الألمان إثارة للجدل في القرن العشرين بشأن تقييم أعماله الأدبية ومواقفه الفكرية. ولد في مدينة هايدلبرغ Heidelberg وأمضى طفولته وفتوته حتى نهاية التعليم الثانوي في هانوڤر Hanover. كان والده صيدلانياً تمكن في عام 1913 من استعادته من «الفرقة الأجنبية الفرنسية» Légion étrangère التي تطوع فيها بعد أن هرب من البيت ليخدم في شمالي إفريقيا. ومع بداية الحرب العالمية الأولى تطوع يونغر في الجيش وخدم برتبة ملازم في فلاندريا Flandern على الجبهة الغربية، حيث أبدى شجاعة فائقة وجرح سبع مرات، فمنح «وسام الاستحقاق»، وكان أصغر وآخر عسكري ألماني يحصل عليه في عام 1918، وبقي ضابطاً في جيش جمهورية ڤايمار[ر] حتى تسريحه في عام 1923. وكان قد نشر في عام 1920 كتاب «في عواصف الفولاذ» In Stahlgewittern الذي تضمن «يوميات قائد مجموعة اقتحام» Tagebuch eines Stosstruppführers التي لاقت نجاحاً هائلاً على صعيد القراء والنقاد في ألمانيا وخارجها، بأسلوبها التقريري الذي استخدمه الكاتب لوصف حياته في الخنادق الأمامية وبطولاته مع جنوده في المعارك من دون أي لمسة عاطفية. وبين عامي 1923ـ 1925 درس يونغر الفلسفة والعلوم الطبيعية في لايبزيغ ونابولي، ثم تزوج غريتا فون ياينسِن Gretha von Jeinsen وتفرغ للكتابة في برلين. وأسهم حتى عام 1933 في إصدار ست مجلات أسبوعية ذات طابع قومي متعصب وتحريرها، ولكن بنَفَسٍ مختلف عن الموجة النازية الصاعدة التي لم يتماشَ يونغر معها؛ بسبب طابعها الشعبي المبتذل و«ديماغوجيتها»، وليس نتيجة موقف إنساني. بيد أن مواقفه التي تمجد الحرب وبطولات المقاتلين فيها وفرت له دعم النازيين والقوميين الألمان عامة، إضافة إلى رعاية الرجعية اليمينية المهيمنة اقتصادياً وسياسياً. وقد توج يونغر موقفه من النازيين برفض الانتساب إلى «أكاديمية الفنون البروسية» على أثر استلامهم السلطة في ألمانيا عام 1933. لكنه استدعي إلى الجيش في الحرب العالمية الثانية وكان في عام 1941 أحد ضباط القيادة الألمانية في باريس، حيث التقى الفنان بيكاسو[ر] والمسرحي كوكتو[ر]، وغيرهم كثير. أبدى تعاطفه مع المشاركين في مؤامرة قتل هتلر في تموز/يوليو عام 1944 من دون أن يسهم فيها مباشرة. كان في الآونة نفسها قد قدم إلى رومل[ر] Rommel كتابه «السلام» Der Friede الذي عرض فيه موقفه من وضع ألمانيا في الحرب واحتمالات خلاصها؛ مما أدى إلى تسريحه من دون إدانته. وقد أدى هذا إلى عدم ترحيب قوات الاحتلال بعودته إلى وطنه بعد انتهاء الحرب، لكنه عاد لاحقاً واستقر في الجزء الغربي من ألمانيا.
بعد سنوات قليلة ـ في إطار التحولات السياسية والاقتصادية والثقافية ـ طرأ تبدل على موقف السلطات الألمانية الغربية تجاه إرنست يونغر، فإذا به يحصل عام 1955 على الجائزة الثقافية لمدينة غوسلار Goslar، وعلى الجائزة الأدبية لمدينة بريمن Bremen عام 1956، وعلى الجائزة الثقافية لرابطة الصناعيين الألمان عام 1960، وعلى جائزة إمَّرمَن Immermann عام 1964، وعلى جائزة شيلر[ر] عام 1974. وقد حاولت أطراف سياسية واقتصادية في ألمانيا إيجاد تأويلات لأعمال يونغر ولعصرنتها والرفع من شأنها، بيد أن المعارضة الديمقراطية كانت تؤكد دائماً أن أعماله ذات طابع لا إنساني يحتقر عامة الشعب ويعادي الديمقراطية بتمجيده النظام العسكري وبطولاته الحربية، وبلغ هذا النقد ذروته في الاحتجاجات الشعبية الواسعة إثر منح يونغر جائزة غوته[ر] في مدينة فرنكفورت عام 1982. وعلى الرغم من ذلك كله حصل الكاتب في عام 1985 على أرفع وسام استحقاق على مستوى ألمانيا الاتحادية.
لقد ربط إرنست يونغر فلسفياً بين أطروحة داروين[ر: داروِن] عن الصراع من أجل البقاء وفكرة نيتشه[ر] عن إرادة السلطة، مسوغاً الحرب بصفتها قانوناً حياتياً أساسياً، يطلق العنصر الحيواني المدمِّر في الذات البشرية ضد النظام الحضاري ومثُل التقدم الإنساني البرجوازية، مبشراً بولادة تقاليد «إيديولوجية» جديدة عن (الرجل ـ الجندي ـ البطل ـ الخارق) الذي تجلى لاحقاً في الأفلام الأمريكية، ولاسيما بعد حرب ڤييتنام.
بلغ مجموع أعمال يونغر نحو خمسين كتاباً بين الرواية والمقالة واليوميات وأدب الرحلات وأدب الخيال العلمي، صدرت في ثمانية عشر مجلداً عام 1983، وكان قد نال قبل سنتين الجائزة الدولية «تشينو دِل دوكا» Cino Del Duca عن مجمل أعماله ذات الأسلوب اللغوي الرفيع. وقد اعترف الكاتب بصورة صريحة في بعض أعماله الأخيرة، ولاسيما في كتاب «مقاربات» Annäherungen ت(1970) بأنه لم يتوقف عن تعاطي المخدرات طوال حياته.
ارتبط يونغر بعلاقات صداقة مع شخصيات فكرية وسياسية مهمة، مثل الفيلسوف مارتين هايدِغَر[ر] والرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران[ر]. وقد توفي في منزله عن عمر ناهز مئة وثلاثة أعوام في ڤيلفلينغِن Wilflingen على نهر الدانوب في ولاية بادن- ڤورتمبرغ Baden-Württemberg.
نبيـل الحفار
Jünger (Ernst-) - Jünger (Ernst-)
يونغر (إرنست ـ)
(1895ـ 1998)
بعد سنوات قليلة ـ في إطار التحولات السياسية والاقتصادية والثقافية ـ طرأ تبدل على موقف السلطات الألمانية الغربية تجاه إرنست يونغر، فإذا به يحصل عام 1955 على الجائزة الثقافية لمدينة غوسلار Goslar، وعلى الجائزة الأدبية لمدينة بريمن Bremen عام 1956، وعلى الجائزة الثقافية لرابطة الصناعيين الألمان عام 1960، وعلى جائزة إمَّرمَن Immermann عام 1964، وعلى جائزة شيلر[ر] عام 1974. وقد حاولت أطراف سياسية واقتصادية في ألمانيا إيجاد تأويلات لأعمال يونغر ولعصرنتها والرفع من شأنها، بيد أن المعارضة الديمقراطية كانت تؤكد دائماً أن أعماله ذات طابع لا إنساني يحتقر عامة الشعب ويعادي الديمقراطية بتمجيده النظام العسكري وبطولاته الحربية، وبلغ هذا النقد ذروته في الاحتجاجات الشعبية الواسعة إثر منح يونغر جائزة غوته[ر] في مدينة فرنكفورت عام 1982. وعلى الرغم من ذلك كله حصل الكاتب في عام 1985 على أرفع وسام استحقاق على مستوى ألمانيا الاتحادية.
لقد ربط إرنست يونغر فلسفياً بين أطروحة داروين[ر: داروِن] عن الصراع من أجل البقاء وفكرة نيتشه[ر] عن إرادة السلطة، مسوغاً الحرب بصفتها قانوناً حياتياً أساسياً، يطلق العنصر الحيواني المدمِّر في الذات البشرية ضد النظام الحضاري ومثُل التقدم الإنساني البرجوازية، مبشراً بولادة تقاليد «إيديولوجية» جديدة عن (الرجل ـ الجندي ـ البطل ـ الخارق) الذي تجلى لاحقاً في الأفلام الأمريكية، ولاسيما بعد حرب ڤييتنام.
بلغ مجموع أعمال يونغر نحو خمسين كتاباً بين الرواية والمقالة واليوميات وأدب الرحلات وأدب الخيال العلمي، صدرت في ثمانية عشر مجلداً عام 1983، وكان قد نال قبل سنتين الجائزة الدولية «تشينو دِل دوكا» Cino Del Duca عن مجمل أعماله ذات الأسلوب اللغوي الرفيع. وقد اعترف الكاتب بصورة صريحة في بعض أعماله الأخيرة، ولاسيما في كتاب «مقاربات» Annäherungen ت(1970) بأنه لم يتوقف عن تعاطي المخدرات طوال حياته.
ارتبط يونغر بعلاقات صداقة مع شخصيات فكرية وسياسية مهمة، مثل الفيلسوف مارتين هايدِغَر[ر] والرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران[ر]. وقد توفي في منزله عن عمر ناهز مئة وثلاثة أعوام في ڤيلفلينغِن Wilflingen على نهر الدانوب في ولاية بادن- ڤورتمبرغ Baden-Württemberg.
نبيـل الحفار