تعرفوا على اليمن Yemen في العصر الحديث.مصطفى الخطيب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعرفوا على اليمن Yemen في العصر الحديث.مصطفى الخطيب

    يمن (تاريخ حديث)

    Yemen - Yémen

    التاريخ الحديث

    ـ اليمن في العصر الحديث: في سنة 945 هـ/1538م دخل العثمانيون إلى اليمن في إطار فتحهم لأقطار الوطن العربي، وربما ارتبط الفتح العثماني لليمن بعاملين اثنين، أما الأول فهو السعي إلى منع السفن البرتغالية من الوصول إلى ميناء جدة ثغر الأماكن المقدسة لحمايته من تهديد القوات البرتغالية، ولاسيما أن سلاطين الدولة العثمانية عدّوا أنفسهم حماة لتلك الأماكن بعد أن أعلن الشريف بركات خضوعه للسلطان سليم الأول. أما الثاني فلأهمية اليمن بالنسبة إلى أمن مصر وعلى الأخص في أعقاب الاتصالات التي أجراها البرتغاليون مع امبراطور الحبشة لإقامة تحالف مسيحي (حبشي ـ برتغالي) لمواجهة الخطر العثماني. ومع وصول طلائع القوات العثمانية إلى اليمن عن طريق البحر الأحمر أعلن الأمير إسكندر قائد الحملة المملوكية خضوعه للسلطان العثماني، وأصبح مع قواته الموجودة في صنعاء جزءاً من الجيش العثماني الذي تمكن من الاستيلاء على مناطق اليمن الغربية وتقويض دولة بني طاهر بعد مقتل آخر سلاطينها عامر بن عبد الوهاب، وأصبح اليمن بمجمله خاضعاً للسيطرة العثمانية باستثناء صعدة معقل الإمامة الزيدية في شماليّ البلاد. ومن أشهر ولاة اليمن في القرن السادس عشر أويس باشا (1546ـ1547) وسنان باشا الوزير (1569ـ1570) وحسن باشا (1580)، وقد وُصف بعض ولاة هذه الفترة بأنهم كانوا على درجة من الكفاءة، ويتمتعون بسمعة حسنة، ومع ذلك فإن اليمنيين كانوا ينظرون إلى العثمانيين بشيء من الريبة، ويعدّونهم مجرد غزاة ومغتصبين، فكانت بينهم معارك متواصلة قادها عن الجانب اليمني الأئمة الزيديون (يحيى شرف الدين ـ المطهر بن يحيى شرف الدين ـ الحسن المؤيدي) استمرت حتى بداية القرن السابع عشر، غير أن أهم ثورة تلك التي قادها الإمام القاسم بن محمد[ر] (1559 ـ 1619) مطلع القرن السابع عشر، وأتمها أبناؤه من بعده، ونجم عنها خروج القوات العثمانية من اليمن في المرة الأولى. فكانت اليمن أول بلد عربي استقل عن الإدارة العثمانية سنة 1635م، وعلى رأسها إمام زيدي فرض سلطانه على أقاليم اليمن كافة للمرة الأولى أيضاً في تاريخ الإمامة الزيدية. ومن ألمع الأسماء التي حكمت اليمن حتى نهاية القرن السابع عشر المؤيد بالله محمد بن القاسم[ر]، والمتوكل على الله إسماعيل بن القاسم، والمؤيد بالله أحمد بن الحسن بن القاسم الذين شهدت البلاد في عهدهم حالة من الهدوء والاستقرار مكّنت البلاد من تحقيق بعض المنجزات السياسية والاقتصادية بوساطة محاولة هؤلاء الأئمة إقامة علاقات ودية مع كل من عُمان والحجاز حتى الدولة العثمانية نفسها، لكن الخلاف الذي وقع بين الإخوة وأولاد العمومة من أجل السيطرة على البلاد أدى إلى قيام حروب طاحنة بين أفراد الجيل الثاني من أبناء الأسرة القاسمية أزهقت فيها أرواح كثيرة، وبددت ثروات البلاد إلى أن انتهى الأمر بخروج عدن ولحج عن سيطرة الإمام، ومهدت الطريق لتدخل القوات البريطانية في أقاليم الجنوب بالتزامن مع دخول عبد الوهاب الرفيدي المعروف بأبي نقطة إلى المخلاف السليماني وأبي عريش في الغرب مدعوماً من قادة الحركة الوهابية[ر] التي كان أتباعها قد توسعوا في الجزيرة العربية، وسيطروا على الحجاز، وهو ما دعا الدولة العثمانية إلى أخذ الأهبة والتصدي لها، فأوعزت إلى واليها على مصر محمد علي باشا بالتوجه إلى جزيرة العرب، وقد استغل محمد علي تصدي أهالي عسير وساحل تهامة اليمني لقواته، فأرسل حملة عسكرية استولت على ميناء القنفذة، وألحقت الهزيمة بالقوات الوهابية، واستولت على المخلاف السليماني وزبيد والحديدة التي أصبحت مركزاً لإدارة محمد علي في اليمن سنة 1836، وخوفاً من وصول محمد علي إلى مضيق باب المندب دعت بريطانيا إلى عقد مؤتمر لندن الشهير سنة 1840 الذي تقرر فيه سحب القوات المصرية من اليمن، وكانت قد هيأت الأجواء لتنفيذ هذه القرارات باحتلالها عدن سنة 1839، وقد ترتب على انسحاب القوات المصرية من اليمن قيام خلافات جديدة بين أدعياء الإمامة في اليمن (محمد بن يحيى ابن المنصور ومنافسه المهدي عبد الله ابن المتوكل) إذ لجأ الأول إلى طلب المساعدة من السلطان العثماني عبد المجيد الذي أمده بقوات مكنته من دخول صنعاء سنة 1849 دون مقاومة. أما خصمه فقد قام بتأليب القبائل اليمنية على محمد بن يحيى بعد أن أقنعها بأنه خائن لبلاده، فهجمت تلك القبائل على صنعاء، وجرى القتل والسلب في شوارعها، وانتهى الأمر بقتل ابن يحيى وطرد الأتراك من صنعاء إلى تهامة حيث أقاموا في الحديدة بانتظار الفرصة التي تمكنهم من العودة إليها، وقد واتتهم تلك الفرصة حينما اقتنعت الإدارة العثمانية بأهمية اليمن وضرورة إخضاعها لسيادتهم عقب افتتاح قناة السويس، فدخلوا صنعاء مرة ثانية سنة 1872 بقيادة مختار باشا الذي وضع حداً لأعمال الفوضى والشغب، وأقام حكومة عثمانية فيها، في حين اقتصر نشاط الأئمة الزيديين على حقهم في ممارسة زعامتهم الدينية والروحية بما لايتعارض ومصالح الدولة العثمانية، وهنا وجد اليمنيون أنفسهم أمام سلطتين، كل منهما تدعي لنفسها الحق في جباية الضرائب وجني ثمار الملك، الأمر الذي أرهق اقتصاد البلاد، واستنزف قواها ومواردها، فشهدت اليمن على إثرها عدة ثورات قامت بها بعض القبائل كثورة الحدا وخولان وأرحب وحاشد. أخمدها العثمانيون بمنتهى القسوة، وقاموا باعتقال العديد من الشخصيات العلمية والدينية ظناً منهم أنهم هم الذين يقومون بتحريض السكان، ومن بين هؤلاء محمد حميد الدين والد الإمام يحيى ورئيس علماء اليمن أحمد بن محمد الكبسي ومحمد بن إسماعيل عشيش الذي مات في سجن الأتراك، وهو المشهور بغزارة علمه، غير أن تلك الإجراءات لم تثن اليمنيين عن مواصلة ثورتهم ضد الأتراك، فكانت ثورة 1891 التي قادها الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين من قفلة عذر ببلاد حاشد، وحاصر الأتراك داخل صنعاء، ولم تنته هذه الثورة إلا بوصول قوات جديدة بقيادة أحمد فيضي باشا الذي تمكن من فك الحصار عن صنعاء ودخولها من جديد، ثم قامت ثورة أخرى قادها الإمام يحيى عشية وفاة والده المنصور سنة 1904 مهدت إلى إجراء مفاوضات انتهت بعقد صلح بين الجانبين التركي واليمني سنة 1906 منحت الإمام يحيى صلاحيات واسعة على مستوى الداخل اليمني، ثم جاءت ثورة 1910 التي اشتعلت بسبب سوء إدارة حكومة الاتحاديين، واستمرت حتى عام 1911، وقام الإمام يحيى بمحاصرة صنعاء وبعض المدن اليمنية الأخرى بالوقت الذي كان فيه الأدارسة (حكام عسير ينسبون لأحمد الإدريسي 1758 ـ 1837 من أهل فاس) يضغطون على القوات العثمانية في الشمال والغرب، وانتهت تلك الأحداث بعقد صلح دعان في 9 تشرين الأول/أكتوبر 1911 بين الإمام يحيى والوالي العثماني أحمد عزت باشا اعترفت بموجبه الدولة العثمانية للإمام بنفوذ واسع و وضع خاص داخل الهضبة اليمنية، لكن هذا الاتفاق كان له تداعيات أخرى أثرت في العلاقة ما بين الإمام يحيى وحلفائه الأدارسة في عسير الذين عدوا تلك الاتفاقية مناقضة للتحالف الذي كان قائماً بينهم، فواصل الأدارسة ثورتهم ضد النفوذ العثماني مستندين إلى دعم قوى محلية (آل سعود في نجد ـ وبعض القبائل المناوئة للإمام يحيى) وأخرى دولية (إيطاليا ـ بريطانيا) أسفرت عن توتير الأجواء ما بين الأدارسة من جهة والإمام يحيى مدعوماً من قبل السلطات العثمانية من جهة أخرى، وتطور الأمر إلى معارك في حجور وخولان ورازح مكنت الأدارسة من تحقيق بعض الانتصارات، ودخلت قواتهم إلى القنفدة، وأسرت حاميتها العثمانية بالوقت الذي أخذت فيه نذر الحرب العالمية الأولى تلوح في الأفق، وكانت الدولة العثمانية أحد أقطابها، فانشغلت في أحداثها حتى نهاية الحرب.
    ـ اليمن في الحقبة المعاصرة
    ـ الفترة الملكية: بعد إعلان الهدنة بنهاية الحرب العالمية الأولى طلبت الحكومة البريطانية تسليم الجنود الأتراك المقيمين باليمن مع أسلحتهم، لكن الوالي العثماني محمود نديم آثر تسليم البلاد إلى أهلها، وقام بتسليم أسلحة الجيش إلى الإمام يحيى حميد الدين[ر]، وغادرت القوات التركية بلاد اليمن عن طريق عدن. وعندما وجه الإمام يحيى قواته لفرض سيادته على الموانئ اليمنية (الحديدة ـ اللحية ـ صبيا ـ أبي عريش) التي احتلها الأدارسة بمساعدة إيطاليا قبل قيام الحرب العالمية الأولى اصطدمت هذه القوات بالأدارسة في عسير وتلك المناطق، فاضطر السيد الحسن بن علي الإدريسي إلى اللجوء إلى الملك عبد العزيز آل سعود سنة 1926، وأبرم معه اتفاقية تنص على وضع إمارة الأدارسة بما فيها عسير تحت الحماية السعودية؛ الأمر الذي أشعل فتيل الحرب بين السعوديين والإمام يحيى، انتهت بإبرام معاهدة الطائف سنة 1934 وزوال إمارة الأدارسة وضم أقاليمها إلى المملكة العربية السعودية.
    استمر حكم الإمام يحيى حميد الدين حتى سنة 1948م، عاشت اليمن في عهده معزولة عن العالم، ولم تشهد أي نهضة اقتصادية أو اجتماعية. وبسبب هذه العزلة قامت ثورة 1948 التي قادها أحمد بن عبد الله الوزير، وانتهت بمقتل الإمام يحيى وتولية ابنه أحمد إماماً على البلاد. وقد استمر الإمام أحمد في منصبه حتى وفاته سنة 1962 حاول فيها إخراج اليمن من عزلتها، فطالب بريطانيا بالخروج من عدن وضمها وما يتبع لها إلى الدولة الأم، غير أن هذه المطالب قوبلت بالرفض من قبل الاستعمار البريطاني، وجرت اشتباكات مسلحة على الحدود لم تسفر عن نتائج تذكر، من جهة أخرى لم يخل عهد الإمام أحمد من بعض الأحداث الداخلية والمحاولات الانقلابية مثل حركة العقيد أحمد الثلايا 1955 التي شارك فيها الأمير سيف الإسلام عبد الله شقيق الإمام أحمد، وحركة 1959 ثم حركة 1961 التي أصيب فيها الإمام نفسه غير أن تلك الحركات أخفقت بسبب انعدام التنظيم بين القائمين بها، فكان مصير أكثرهم القتل والسجن. ومع قيام الوحدة السورية المصرية سنة 1958 أعلن عن قيام اتحاد «فدرالي» بين اليمن والجمهورية العربية المتحدة، لكن لم يقدر لهذا الاتحاد أن يدوم بسبب قيام حركة الانفصال بين سورية ومصر أواخر أيلول/سبتمبر 1961. وبعد وفاة الإمام أحمد في العام التالي تولى الأمر من بعده ولده محمد البدر الذي سقط نظام الإمامة بعد توليته مباشرة، وأعلن قيام النظام الجمهوري في 26/9/1962.
    ـ اليمن في العهد الجمهوري:
    بعد قيام الثورة في اليمن شهدت البلاد حرباً أهلية امتدت حتى نهاية ستينيات القرن الماضي. ومع أن أكثر فئات الشعب وقفت إلى جانب القيادة الجديدة فإن بعض القبائل بقيت على موالاتها لنظام الإمامة مستندة إلى دعم المملكة العربية السعودية، في حين لم يفقد قادة الثورة دعمهم من قوى التحرر العربي، فوقفت مصر إلى جانبهم، وأمدتهم بعشرات الآلاف من الجنود، وللخروج بالبلاد من محنتها عقدت في هذه المدة عدة مؤتمرات (مؤتمر عمران 1963 ـ مؤتمر خمر 1965 ـ مؤتمر الطائف 1965) مهدت إلى إيجاد مناخ ملائم جمع بين المتخاصمين، وانتهى الأمر بتوقيع اتفاقية جدة بين الرئيس عبد الناصر والملك فيصل، واستقرت الأوضاع في اليمن لمصلحة أنصار الجمهورية، لكن ثمة خلافات برزت من جديد بين شيوخ القبائل والمشير عبد الله السلال[ر] نجم عنها الإطاحة بالسلال ونشوب ما يعرف بحرب السبعين يوماً، تشكل في أعقابها مجلس لرئاسة الجمهورية برئاسة القاضي عبد الرحمن الإرياني، وفي سنة 1972 تم توقيع اتفاق يدعو إلى توحيد شطري اليمن بعد أن حصل الشطر الجنوبي على استقلاله عن الإدارة البريطانية نهاية ستينيات القرن الماضي، بيد أن ثمة خلافات في وجهات النظر بين القاضي الإرياني الذي كان من أهدافه إخراج اليمن من تبعية سياسة المحاور ورئيس وزرائه القاضي الحجري الموالي للرياض أدت إلى إقالة حكومة الحجري وتشكيل حكومة جديدة برئاسة حسن مكي، ومع ذلك بقيت قوى اليمين تضغط بثقلها على الإرياني، وكادت تنشب حرب قبلية بين أنصاره وخصومهم، فقام الجيش بحركة عسكرية في 13 حزيران/يونيو 1974 قادها العقيد إبراهيم الحمدي الذي تولى رئاسة الحكومة، وقام بتشكيل لجنة مشتركة لتوحيد شطري اليمن ونهج سياسة مستقلة، وتم في عهده إنجاز عدة مشروعات اقتصادية اكتمل بعضها، وتعثر الآخر بسبب اغتياله في ظروف غامضة عشية سفره إلى جمهورية اليمن الديمقراطية في صيف 1977. وقام نائبه أحمد الغشمي بتشكيل مجلس استشاري كانت غالبية أعضائه من زعماء القبائل ورموز الطبقة البرجوازية في اليمن، ثم مالبث الغشمي أن اغتيل هو الآخر في ظروف غامضة اتهمت حكومة عدن الجنوبية بتدبيره. وتوترت العلاقات في إثرها بين شطري البلاد غير أن العقيد علي عبد الله صالح الذي تولى دفة الحكم في الشمال اتفق مع عبد الفتاح إسماعيل رئيس الشطر الجنوبي على إعادة العمل بالاتفاقيات المبرمة بين الشطرين والعمل على وحدة البلاد، وقد تحقق هذا الإنجاز بعد سلسلة من اللقاءات انتهت بإعلان الوحدة بين اليمنين في 22 أيار/مايو 1990، وخلع العقيد علي عبد الله صالح بزته العسكرية ليصبح أول رئيس للجمهورية اليمنية الموحدة، وفي ظل دولة الوحدة تم إنجاز العديد من المشروعات المهمة ووضع الخطط الإنمائية لاستثمار ثروات البلاد التي لم تستغل إلى اليوم على الوجه المطلوب.
    مصطفى الخطيب
يعمل...
X