الفن اليوناني Greece .تعود الفنون اليونانية إلى القرن السابع قبل الميلاد.عفيف البهنسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفن اليوناني Greece .تعود الفنون اليونانية إلى القرن السابع قبل الميلاد.عفيف البهنسي

    اليونان (الفن في-)

    يونان (فن في)

    Greece - Grèce

    الفن

    تعود الفنون اليونانية إلى القرن السابع قبل الميلاد، وقد نقب عنها الأثريون في مناطق غنية بالآثار مثل هيركولانُم Herculaneum وبومبي Pompeii. وتمت حفريات في معابد إلجين (ميونيخ Munich) وفي أثينا Athènes ودلفي Delphes وأولمبيا Olympia وإيبيداوروس Épidaure، وفي جزيرتي ديوس وكريت Crète وغيرها. وتم اكتشاف روائع النحت والفن وأسس العمارة. وفي متاحف العالم نماذج من تراث الفن اليوناني الذي تجلى خصوصاً في عهد الزعيم بركليس Pericles.
    استطاعت الحضارة اليونانية أن تنهض بسرعة منذ القرن السادس والخامس قبل الميلاد، وكانت تأخذ معينها الأول من الحضارة الرافدية والمصرية. ثم أصبح على الفنان اليوناني أن يحقق أعلى مستويات محاكاة الواقع البشري مع مسحة مثالية تدعمها الموضوعات المقدسة والنبيلة التي وقف عندها المعمار والنحات والمصور، وجعلها مقياس الجمال المدعم بالقواعد الرياضية ذات المقاييس العضوية البشرية.
    وبعد أن مرت مرحلة الفن البدائي Archaic، ومع بداية القرن الخامس قبل الميلاد تحددت معالم النزعة الجمالية الإنسانية المثالية للفن اليوناني، وأصبحت هذه النزعة الإنسانية ذات قواعد رياضية تجلت فيما يسمى بالقانون Canon اعتماداً على النظرية العددية الفيثاغورية، وبدا الطابع الإنساني في الهدوء الجمالي وفي شفافية الدقة، وفي ليونة اللباس؛ مع نزعة فردية تسعى إلى رفع الآلهة إلى أعلى المستوى الجمالي البشري، وأن ترقى تماثيل الأبطال والمصارعين إلى أعلى مستويات الجمال الجسدي، وكان سقراط قد نادى «أن تعبر تماثيل المقاتلين عن التحدي وأن نطالع على وجوههم نشوة الانتصار». ويؤلف هذا الاتجاه الإنساني ما يسمى العصر الكلاسي في القرن الخامس قبل الميلاد.
    وإلى جانب الواقعية كانت الرمزية في التعبير عن الأفكار والانفعالات التي لم يكن الفن قبل هذا العصر الكلاسي قد اهتم بها.
    ولعل الآلهة اليونانية كانت أكثر حظاً في موضوعات النحاتين والمصورين، وقد بدت بشراً سوياً كما تصورها الشاعر هوميروس[ر] في «إلياذته»، فلم تعد الآلهة هي خالق الإنسان، بل أصبح الفنان يصور الآلهة بحسب مدلولاتها وخصائصها، فكانت أثينا تمثل الذكاء الأمثل، وكان هرمس يمثل الحركة الأكثر نشاطاً، وكان أبولون يمثل الإرادة الخلاقة، ويمثل ديونيسوس الشاعرية، حتى الغرائز الفطرية صورها ومثلها الفنان على شكل أنصاف آلهة.
    واعتمد الفن اليوناني على قوانين الانسجام والتشريح إلى جانب اعتماده على القواعد السحرية الأسطورية البليغة. واعتمد الفنان والمعمار على القياس الرياضي العضوي Module، فكان ثمة علاقة عضوية بين عناصر العمارة أو عناصر الجسم البشري تحدد مقاييس الجمال ضمن نسب رقمية.
    فن النحت
    فيدياس: تمثال «أثينا بارثنوس»
    بدأ النحت اليوناني في العصر البدائي متأثراً بالفن المصري القديم وبالفن الإيجي، وكان يتناول الرجال والنساء بأوضاع قائمة وأيدٍ مسبلة ملتصقة بالجسم، وبالرجل اليسرى المقدمة إلى الأمام، وبأغطية الرؤوس وتصلب الهيئات، وكانت تماثيل الرجال المصارعين عارية، أما تماثيل النساء فكانت كاسية. ويتألف لباس المرأة من ثوب مستطيل من قماش غليظ وقد يبدو أحياناً رقيقاً خفيفاً، وترتدي المرأة معطفاً من قماش أقل نعومة فوق الثوب. وتتصف تماثيل النساء بشعورهن المصفوفة بمهارة. ومن أشهر التماثيل منحوتة «انتينور» Antinor المحفوظة في متحف أثينا.
    وعلى نحو عام فإن هذا العصر شهد تقدماً في فن النحت اليوناني، ولكنه لم يصل في واقعيته ودقته إلى نحت العصر الكلاسي، وما يميز ذلك النحت أنه بدا في واجهة معبد إلجين ملوناً.
    ومن أشهر تماثيل هذا العصر تمثال «الحوذي» البرونزي، وقد عثر عليه في خرائب معبد دلفي، ولعله كان جزءاً من تماثيل أخرى أمر بإنجازها أمير سيراكوزة (480 ق.م). وهكذا سار النحت في طريق تمثيل الحركة.
    ومن الألواح المشهورة ألواح «لودوفيزي» وتمثل ولادة الربة أفروديت حسب رواية هوميروس، وفيها تبدو هذه الإلهة وهي تخرج من الماء وتمتد إليها أيدي الربات لتساعدها.
    وظهر النحت على الألواح الحجرية على جدران المعابد وواجهاتها، والتماثيل ضمن الجبهات المثلثية والأفاريز وعلى الميتوبات التي تمثل صراع الآلهة والعمالقة، وقتال الإغريقيين مع الأمازونات واللابيث، وحروب طروادة وولادة بعض الآلهة، وأعمال الأبطال الخارقة. ومن أجمل الجبهات وما فيها من منحوتات جبهة معبد هيكاتوبيدون.
    ومنذ العصر ما قبل الكلاسي استخدم النحاتون الحجر الجيري والرخام والبرونز والخشب والحديد، وقد لجأ بعض النحاتين إلى نحت الأطراف والرأس مستقلة قبل تجميعها.
    من أبرز خصائص النحت اليوناني ـ في عصره الكلاسي ـ الواقعية البعيدة عن التصنع، مع احترام قوانين النسب، والاهتمام بالتشريح وبكمال الجسم البشري، وبالحركية وعدم التناظر، وبتعددية الأساليب والقواعد.
    وفي هذا العصر ظهر عباقرة النحاتين من أمثال ميرون Miron ت(495ق.م)، وأشهر أعماله «رامي القرص» في المتحف البريطاني. وبوليكليت Polyclète ت(495ق.م) الذي بحث عن الإيقاع والحركية، ومن أعماله «حامل القرص» و«حامل الرمح» وتمثال «المصارع المعصوب العينين».
    ويُعدّ النحات فيدياس [ر] Phidias ت(490ق.م) زعيم النحت اليوناني، تُرى آثاره الأصلية واضحة في جبهة معبد البارثنون في أثينا، ويمثل تمثاله «أثينا بارثنوس» (438 ق.م) الربة كاسية وعلى صدرها درع الميدوزا ورأسه، وفي متحف برلين نسخة هلينستية وتسمى «أثينا برغام»؛ إذ فقد تمثاله الأصلي الضخم المغشى بالذهب والعاج. ومن أشهر أعمال فيدياس أيضاً تمثال «زيوس بارثنوس» (450 ق.م) ولم يعد له أثر بل نسخة رومانية، وكان موضوعاً داخل معبد بارثنون، وكان وجهه وصدره وذراعاه ويداه وقدماه من العاج، وشعره وثوبه وصولجانه من الذهب المحفور، نزّل فيه معادن ثمينة أخرى، أما عرشه فهو من الذهب المرصع بالأحجار الكريمة، والأبنوس والعاج.
    ويبقى من أعمال فيدياس التماثيل البارزة التي نقلت من معبد بارثنون إلى المتحف البريطاني، وهي تمثل صراع اللابيث والسانتور أو صراع الإغريقيين مع الأمازونات، كما تمثل الآلهة أفروديت، وقد وصل فيدياس بهذه الأعمال إلى ذروة النحت الكلاسي.
    وفي المرحلة الكلاسية الثانية ظهر النحات سكوباس[ر] Scopas ت(420ق.م) ويمتاز بمقدرته على إبراز العواطف الإنسانية والانفعالات النفسية الداخلية.
    أما براكسيتيل Praxitèle ت(380ق.م) فقد أسهم في آسيا في تزيين مذبح أرتيميزيون إيفيز، وهو أول من أنجز تماثيل عارية لأفروديت.
    والنحات الثالث هو ليسيب[ر] Lysippse الذي برع في تمثيل الحركة في منحوتاته التي تمثل المصارع والآلهة، وكان نحات الإسكندر المقدوني وانتقل معه إلى الشرق.
    العمارة اليونانية:
    معبد إركتيون على حافة الأكروبول (420ق.م)
    تقوم العمارة اليونانية على مبدأ الحامل والمحمول، وعلى ضخامة الجدران والفخامة، وعلى تصحيح الخطأ البصري في العمارة، وعلى المقياس العضوي (المودول).
    وكانت المدن اليونانية مؤلفة من الأكروبول Acropolis ـ أي المدينة العالية ـ ومن السهل المزروع. وكانت المعابد والأبنية العامة تشيد في الأكروبول، ومن أبرز أبنية الأكروبول معبد البارثنون[ر]، ومعبد أثينا ـ تيكه الصغير، ثم معبد إركتيون.
    ومعبد إركتيون بناء جميل وغريب، أنشئ على حافة الأكروبول (420 ق.م)، ويتألف من ثلاثة إيوانات متوزعة؛ الإيوان الشرقي رواق محمول على ستة أعمدة إيونية. والإيوان الشمالي الذي يحوي مذبح الإله زيوس وهو من روائع العمارة الإيونية، وهو محمول على ستة أعمدة، أربعة منها على الواجهة الأمامية، وواحد في كل طرف. وثمة إيوان معروف باسم إيوان «الكارياتيد» وهي تماثيل نساء (كاريا) تقوم مقام الأعمدة الحاملة.
    أما معبد (أثينا ـ نيكه) فهو أصغر المعابد وأجملها.
    ثم امتد العمران إلى السفوح فتشكلت المدينة ذات السور، وفي وسطها ساحة تسمى «أغورا». ويقطع المدينة شارعان متعارضان هما أساس التخطيط الشطرنجي لنسيج المدينة العمراني.
    نظم العمارة اليونانية:
    لوحة تمثل الإلهة ثيتس تقدم لابنها أخيل الأسلحة التي صنعها له هيفايستوس (500ق.م)
    قامت العمارة اليونانية على ثلاثة نظم Order: النظام الدوري نسبة إلى الشعوب الدورية، والنظام الإيوني نسبة إلى إيونيا، والطراز الكورنثي نسبة إلى كورنثة.
    وتعتمد عمارة المعابد خاصة على «حوامل» هي الأعمدة التي تبدو في النظام الدوري مؤلفة من بدن مقنى وتاج بسيط من دون قاعدة، وفي النظام الإيوني يبدو التاج حلزونياً في جوانبه الأربعة، كما يبدو في النظام الكورنثي مؤلفاً من مجموعة من أوراق الأقنثة (أكانتوس)، ويعتمد البدن في النظامين الأخيرين على قاعدة دائرية.
    ويتألف المحمول من الساكف في الأسفل ـ أي العتبة الممتدة فوق الأعمدة مباشرة ـ ثم الإفريز ويتكون من مربعات من النحت البارز Métope، وفوق الإفريز يقوم الطنف أو الكورنيش، ثم الجبهة المثلثة في الأعلى.
    ويختلف «المودول» في هذه الأنظمة الثلاثة؛ إذ تصبح نسبة قطر العمود إلى طوله 1/5.5 في العمود الدوري، و1/9 في العمود الإيوني، و1/10 في العمود الكورنثي.
    وانتقلت هذه النظم المعمارية إلى العمارة الهلينستية والعمارة الرومانية.
    ومن أمثلة الطراز الدوري معبد البارثنون[ر] في أعلى الأكروبول.
    فن التصوير:
    ليس من صور جدارية أو لوحات تعود إلى العصر اليوناني الكلاسي، ولكن المؤرخين المعاصرين من أمثال بلين القديم تحدثوا عن أعمال مصورين مشهورين. ففي القرن الخامس قبل الميلاد برز اسم بوليغنوتِه Polygnote ت(470ق.م) الذي كلف تزيين بعض القاعات في دلفي وأثينا، مستوحياً موضوعاته من «إلياذة» هوميروس ولاسيما حرب طروادة، وكان اهتمامه بعلم المنظور والمشاهد الطبيعية سبب شهرته.
    وكان أبولودورس الدمشقي Apollodore de Damas أول من اهتم بتصوير اللوحات الملونة المنفصلة ذات الموضوعات التاريخية.
    وتدين نهضة الحركة المسرحية لأعمال الديكور التي كان ينفذها أغاتارك Agathark.
    ويعد زيوخيس Zeuxis أول من أقام التصوير على أصول راسخة في المنظور والتظليل ومحاكاة الواقع، ويقال إنه صور طفلاً مع عنقود عنب، وكانت العصافير تتهافت لنقر العنب لشدة واقعيته، وكان بارازيوس Parasius مساعد زيوخيس وتلميذه.
    وفي القرن الرابع قبل الميلاد كان أپلِّه Apelle مصور الإسكندر وصديقه ومرافقه، وأنجز عدداً من الصور الخاصة، منها ما يمثل زيوس ممسكاً بالصاعقة، أو فارساً ممتطياً جواده، وبعد موت الإسكندر سافر أپلِّه إلى مصر وعاش فيها برعاية البطالسة[ر]، ثم انتقل إلى إيفيز ومات فيها.
    ومع فقدان روائع التراث اليوناني في التصوير فإن الصور التي تزين الأواني الفخارية بقيت شاهداً أصلياً على فن التصوير الرمزي. وكانت اليونان قد قدمت أواني فخارية عليها صور حيوانية بحرية، وكانت الزخارف الكورنثية سارية تتضمن رسوم حيوانات متتابعة، ثم انتقلت الموضوعات إلى رسم الأساطير. وفي العصر الذهبي صارت الحياة الخاصة إلهاماً للمصورين على الأواني الفخارية المزينة باللون الأسود على أرضية آجرية، وكانت الأواني على أشكال مختلفة (أمفورا) حملت أسماء خاصة امتازت كلها بالرشاقة والدقة والتنوع بحسب المصورين الذين ذكروا أسماءهم أحياناً على هذه الأواني.
    الفنون التطبيقية:
    رافقت نهضة الفنون التشكيلية في بلاد الإغريق نهضة مماثلة في الفنون التطبيقية التي تشمل الصناعات البرونزية والفخارية والفضيات والمجوهرات والفسيفساء. ومن أشهر مراكز هذه الفنون كانت كورنثة في القرن السادس قبل الميلاد، وفيها معمل للصناعات البرونزية التي صدرتها إلى جميع أنحاء بلاد الإغريق.
    وقد اشتهرت سيسيون بالصناعات العاجية، ومنها كنوز دلفي، أما الوجوه المصنوعة من الفخار فقد كانت محلية، ولكن ما اشتهر منها كان من صناعة طيبة Thêbai وتاناغرا وكورنثة ورودوس، أما القطع الذهبية والفضية الدقيقة الصنع فقد امتازت بها أثينا وصقلية.
    وفي القرن الخامس بقيت كورنثة مصدرة للصناعات البرونزية، غير أن أثينا قدمت بعض الأشياء البرونزية كالمرايا ذات المقابض على شكل وجه بشري، والأواني ذات التزيينات الأسطورية. أما الوجوه المصنوعة من الطين فقد تأثرت بأساليب النحت، وبعضها بلغ أهمية كبيرة كتلك التي صنعت في جزيرة ميلو Milo ولوكرس Locres. ومن أشهر التماثيل الخزفية مجموعة تاناغرا في «اللوڤر».
    وفي القرن الرابع قبل الميلاد قدمت المشاغل الأثيّنية أثاثاً من البرونز، كما قدمت أواني برونزية مطلية بالفضة ومزينة بحفر نافر، وعلباً للمجوهرات. وقد كانت مشاغل طيبة وتاناغرا أشهر المشاغل المنتجة وأنشطها.
    عفيف البهنسي



يعمل...
X