Αίγυπτος ايجيبتوس
الغزو الرهيب الذي غير وجه أوروبا وصده المصريون .. شعوب البحر
-------------------------------------------------------------------
شعوب البحر هم عبارة عن تحالف بين قبائل بحر أيجه وقبائل البحر الأسود وقبائل غرب آسيا الصغرى ومناطق أوروبية وأسيوية أخرى 1229ق.م-1187ق.م، وأدى هذا التحالف إلى تدمير إمبرطوريات كبرى مثل الإمبرطورية الحيثية وإبادة مدن كثيرة للأبد وعدد ضخم من الضحايا. في نهاية عهد العصر البرونزي في منتصف القرن 13 ق.م حلت كارثة اقتصادية باليونان وأدت تلك الكارثة الاقتصادية إلى انتشار المجاعة والفوضي السياسية وشملت أيضا تلك الأزمة أجزاء كبيرة من آسيا الصغرى (تركيا حاليا).
سبب تلك الأزمة الأقتصادية الطاحنة هو ازدحام اليونان القديمة الغنية والمزدهرة بالمواطنين وبالمهاجريين، وبالتالي زاد الاستهلاك بشكل كبير وقل الانتاج عن العهود السابقة بسبب قلة الأيدي العاملة الماهرة وقلة العبيد الماهريين. وأيضا تسبب في الأزمة الاقتصادية تعرض طرق التجارة البحرية لغارات القراصنة بطريقة متزايدة وبالتالي أصبحت تلك الطرق التجارية البحرية غير آمنة، وأدى كل ذلك في النهاية إلى تبخر الاحتياطي والمخزونات الخاصة بإمبرطورية اليونان القديمة في العصر البرونزي. اضطر في النهاية ملوك اليونان والطبقة الغنية إلى البحث عن مناطق جديدة من أجل إيجاد مواد خام جديدة، ومن أجل إيجاد عمال وعبيد أكثر وأراضي أخرى للاستيطان، ولنهب بضائع ومخزونات البلاد الأخرى، ولاكتشاف طرق تجارة جديدة. وبالتالي اضطر اليونانيين لمهاجمة طروادة (معركة حصان طروادة الشهيرة التي تكلم عنها الفيلم الشهير بطولة براد بيت). ولكن الأزمة الاقتصادية استمرت واضطر معظم اليونانيين وسكان بحر إيجة للهجرة للبحر المفتوح، ليصبحوا بعد ذلك شعوب البحر الشهيرة وذلك في النصف الأول من القرن 13 ق.م.
العالمة البريطانية بجامعة مانشيستر أليزابيث فرينش تعتقد أن مدينة تيرينس التي تقع بالقرب من أثينا كانت مركز انطلاق شعوب البحر. خصوصا أن تلك المدينة ازدهرت عندما انهارت باقي المدن اليونانية وتحولوا أيضا إلى البحر للقرصنة. وبالتالي ازدهرت تلك المدينة بكونها مركز للقراصنة اليونانيين أو شعوب البحر، كما تم تسميتهم لاحقا. وكانت مدينة تيرنيس أيضا هي المركز لآخر فوجين من شعوب البحر، وهم قبيلة البيليسيت (في النصوص المصرية كانوا يسموا بالبيليسيت أو بالبولاستي، وفي النصوص اليونانية كانوا يسموا بالبيلاسجيانز) وقبيلة الدينين أو الدانونا والمعروفين أيضا بقبيلة داناس باليونانية.
بدأ اليونانيون وسكان بحر إيجه وغيرهم من قبائل أوروبا التي اتجهت للقرصنة البحرية (شعوب البحر) بمهاجمة مصر خلال القرنين 14 و 13 ق.م، منذ عهد الملك أمنحتب الثالث تاسع ملك من ملوك الأسرة 18 والملك رمسيس الثاني ثالث ملوك الأسرة 19، وتمت هزيمتهم علي يد المصريين.
استطاع رمسيس الثاني أسر البعض من قبيلة الشردان أثناء محاولتهم مهاجمة دلتا النيل، واستخدمهم في حربه ضد الحيثيين بعد ذلك. لكن أول هجوم خطير لشعوب البحر كان في عهد الملك مرنبتاح (ابن رمسيس الثاني) رابع ملوك الأسرة التاسعة عشر. حيث صد الملك مرنبتاح تحالفا من قبائل الأمازيغ وشعوب البحر، فهاجم شعوب البحر والأمازيغ من الغرب، وصدهم مرنبتاح وتسبب في إبادة معظمهم.
حسب المصادر المصرية تكونت قبائل شعوب البحر التي هاجمت مصر في عهد مرنبتاح من القبائل الأتية:
قبيلة ليقيا أو ليكيا (مدينة في جنوب تركيا حاليا).
قبيلة شيردان من سردينيا (جزيرة إيطالية كبيرة وتعتبر أكبر ثاني جزيرة في البحر المتوسط بعد صقلية).
قبائل التيرسنيانز من مملكة ليديا في (غرب تركيا حاليا.)
قبيلة شاكاراسا من إقليم بيسيديا جنوب غرب تركيا.
الجيش اليوناني بأكمله انطلاقا من إقليم أخايا من اليونان.
تكون هذا التحالف عن طريق اليونانيين بتسهيل التحالف بين القبائل الأمازيغية الليبية والقبائل التركية والإيطالية ليتكون تحالف أمازيغي إيطالي تركي يوناني لمهاجمة مصر، وتجمعت قوات ذلك التحالف في مدينة برقة الليبية. وقد اصطحب الليبيون معهم عائلاتهم بغرض الاستيطان في مصر، وهاجمت قوات تحالف شعوب البحر مع الليبيين عند محوريين في غرب مصر. المحور الأول بحريا في شمال غرب مصر عند مصب النيل في أبي قير والمحور الثاني بريا عند واحة الفرافرة. وحرك الملك مرنبتاح قواته المصرية عند تلك المحاور في 1229 ق.م محدثا نصرا كبيرا لمصر وهزيمة قاسية لهذا التحالف وسقط معظم قوات التحالف قتلى والمتبقي تم أسره أو هرب.
بعد انتصار مرنبتاح العظيم بوقت قصير حوالي عام 1220 ق.م، أدت المجاعات والفوضي السياسية المتزايدة في اليونان (خصوصا بعد هزيمة اليونانيين علي يد المصريين) والأقاليم في غرب تركيا إلى تأسيس تحالف أكبر من المهاجرين من مختلف أنحاء أوروبا بجانب اليونانيين وسكان غرب تركيا لتكوين تجمع من موجة أكبر من شعوب البحر في الساحل الغربي لتركيا. التجمع الجديد تكون من التحالف القديم من الشعوب البحر الذي هاجم مصر في عهد مرنبتاح، بجانب قبائل وأهالي مناطق أخرى مثل قبائل فلسطيين من تركيا وإيران، وقبائل دينيين من أوكرانيا وسكان مملكة طروادة وأهالي أقليم تراقيا التي هي جزء من بلغاريا ورومانيا حاليا. وهذا بجانب سكان من مدن تركية أخرى ومهاجريين من أقاليم أوروبية أخرى مثل تيوكريانز من وسط إيطاليا وكاركيشا من أسبانيا هذا بجانب قبائل مشويش الليبية. أي بأختصار ضم تحالف الكثير من المدن والبلاد المطلة على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، وتم وصفه من قبل المؤرخين أيضا بأنه كان أكبر تجمع للقراصنة علي مستوي العالم المعروف وقتها.
تقدمت جيوش شعوب البحر في آسيا الصغرى أولا (تركيا حاليا) فكانت أول ضحية لهم هي مملكة الحيثيين (بالرغم من قوة الحيثيين حيث أن كل جنودهم بلا استثناء كانوا مزودين بدروع وتروس من البرونز إلى جانب عجلات حربية قوية)، وتم تحويل مدنها وعاصمتها إلى حطام. ثم بعد تدمير الامبرطورية الحيثية القوية تقدمت جحافل شعوب البحر لتدمير مملكة أوغاريت أقوي مملكة في الشام القديمة. وكذلك نفس المصير انتظر مدن تركية وشامية أخرى مثل حلب وغازي انتيب وحماة وصيدا. وتم أيضا تدمير مملكة العموريين القديمة وبالتالي تشويه هذه المناطق للأبد بعد نهبها مخلفين فقط خلفهم الرماد والأطلال.
المعركة الرهيبة ... من اقوي معارك العالم القديم
----------------------------------------------------
في عام 1195 ق.م تحركت جموع الغزاة لحدود مصر الشرقية، ليس بغرض النهب هذه المرة كما حدث في البلاد الأخرى، لكن هذه المرة من أجل إبادة جموع الشعب المصري واستعباده والاستيطان بمصر للأبد.
رمسيس الثالث كان جاهزا بجيشه لملاقاه المهاجمين ، قسم المهاجمون أنفسهم لقسمين، وهاجموا عن طريق محوريين كما حدث في الماضي. محور بري عند بيلوسيوم (تقع بالقرب من مدينة بورسعيد)، ومحور بحري عند مصب النيل بالبحر. وفي يوم واحد فقط خاض الجيش المصري العظيم بقيادة الملك رمسيس الثالث معركتين في مكانيين مختلفين، المعركة الأولي برية في بيلوسيوم والأخرى بحرية عند مصب النيل، وتم سحق التحالف الأوروبي بشكل شبه كامل لدرجة جعلت شعوب البحر لا يفكرون حتي مجرد التفكير في مهاجمة مصر مرة أخرى، وذهبوا ليبحثوا عن مناطق أخرى للاستيطان بها. وبالرغم من دروع شعوب البحر البرونزية إلا أن حماسة وشراسة المصريين جعلتهم يسددون حرابهم وسهامهم بقوة تجعلها تخترق تلك الدروع مما سبب الفزع لشعوب البحر.
بعد هزيمتهم الساحقة علي يد المصريين اتجهت قبائل شعوب البحر للاستيطان بأماكن أخرى. فاستقر جزء منهم في الشام وتركيا، والجزء الآخر بإيطاليا وجزرها مغيريين للأبد التركيبة السكانية لتلك البلاد.
#ابن_كيميت
الصورة لاسري من شعوب البحر من المعبد الجنائزي لرمسيس الثالث - مدينة هابو