يزيد حاتم مهلبي
Yazid ibn Hatim al-Mouhallabi - Yazid Ibn Hatim al-Mouhallabi
يزيد بن حاتم المهلبي
(… ـ170هـ/… ـ 786م)
أبو خالد يزيد بن حاتم بن قبيصة ابن المهلب بن أبي صفرة الأزدي الطائي المهلبي، من قواد عسكر أبي جعفر المنصور، ذو رأيٍ ومشورةٍ عنده، وأميره على مصر ثم إفريقية، وهو من أهل بيتٍ كبيرٍ اجتمع فيه خلقٌ كثيرٌ من الأعيان الفضلاء والنجباء؛ فجَدُه المهلب بن أبي صفرة وأخوه روح بن حاتم، وعم أبيه يزيد بن المهلب، ومن ولده الوزير أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي.
أرسله أبو جعفر سنة 138هـ فيمن أرسلَ من القواد لقتال ملبد بن حرملة الشيباني ـ الذي استغل انشغال الخليفة المنصور بخروج سنباذ المجوسي في نيسابور بعد قتل أبي مسلم الخراساني[ر] ـ الخارج بناحية من الجزيرة، واستبسل يزيد في قتاله على الرغم من خسارته، وأظهر من الشجاعة والبأس والتضحية ما عزز مكانته عند الخليفة.
ولاه أبو جعفر المنصورـ لِما رأى من إقدامه وفطنته في الرأي ـ على الصلاة والخراج عن إمرة مصر سنة 143هـ، بعد عزل نوفل بن الفرات الذي وليها بعد حميد بن قحطبة[ر]، وقيل إن توليته لمصر كانت بعد حميد بن قحطبة مباشرةً سنة 144هـ. فأقرّ على شرطته عبد الله بن عبد الرحمن، وعلى الخراج معاوية بن مروان بن موسى بن نصير.
وفى سنة تولي يزيد بن حاتم مصر ظهرت دعوة محمد وإبراهيم ابني الحسن بن علي بن أبى طالبt[ر] وبايعهما كثيرٌ من الناس، فحصلت معارك بينهم وبين الخليفة أبي جعفر المنصور، وكان الناس بمصر قد أظهروا هياجاً لذلك، وخرج علي بن محمد من أحفاد الحسن بن علي بن أبي طالب سنة 145هـ في مصر، وتوارى في قرية طوخ الخيل في الصعيد غربي النيل (يقال لها طوخ بيت يمون ويقال لها طوه) وتُوفي بها مختبئاً، فمنع يزيدُ أهل مصر من الحج، ولم يقصد مكة أحدٌ من الشام ومصر بسبب الاضطرابات الحاصلة في تلك السنة.
فلما قُتل إبراهيم وانتهت الفتنة حج يزيد بن حاتم بأهل مصر سنة 147هـ، ولما عاد من الحج أعدَّ جيشاً لغزو الحبشه لظهور الخوارج فيها، فتوجه إليهم يزيد وتحقق النصر له عليهم، فضم له المنصور على إثرها ولاية برقة زيادةً على عمل مصر سنة 149هـ، وبذلك يكون هو أول من جمع له ولاية مصر وبرقة في خلافة المنصور.
ثم خرج في أيام يزيد القبط في بعض مصر، فجهز يزيد جيشاً كثيفاً لقتالهم، لكنهم ردوه مهزوماً، فأعفاه الخليفة من ولاية مصر سنة 152هـ، وتولى مصر من بعده عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج الذي كان صاحب شرطة يزيد.
ولما حُصِرَ عمرُ بن حفص المهلبي ابن عم حاتم ووالي المنصور على إفريقية، وغَلب على إفريقية أبو حاتم يعقوب ابن تميم الأباضي وأبو عادٍ ومعهما من البربر ثلاثمئة وخمسون ألف جندي، منها خمسة وثلاثون ألف فارس، ومعهم أبو قرة الصفري في أربعين ألفاً من أتباعه؛ قُتِلَ عمر بن حفص شاهراً سيفه لفك الحصار عن مدينته سنة 153هـ -وقيل سنة 154هـ- وكان أبو جعفر قد سيَّر من بيت المقدس خمسين ألفاً من الأشداء سنة 154هـ، على رأسهم يزيد بن حاتم وولاه المغرب، فشخص إلى إفريقية بعد أن أناخ في مصر برهة، وتحقق له النصر على الخوارج في طرابلس وقتل أبا حاتمٍ وأبا عادٍ الأباضيين في ثلاثين ألفاً من أشراف أصحابهم وكبرائهم، وتتبعهم بالقتل طلباً لدم ابن عمه، ثم دخل مدينة القيروان ونادى في أهلها بالأمان سنة 155هـ، وأرسل من قواده من تتبع فلول البربر وأوقع بهم، وظل كذلك حتى ركدت ريح الخوارج من البربر وافترق جمعهم.
أمن في حكمه العباد وصلحت به البلاد إذ مهد طرقها، ورتب أسواقها، وأفرد لكل صناعة مكاناً، وجدد بناء جامعها، وضبط الأمور فيها أحسن ضبط، ولازال بها مقيماً في خلافة أبي جعفر وخلافة المهدي إلى أيام الرشيد حتى وافته المنية فيها بعد أن استخلف ابنه داود عليها، لكن الرشيد عزل داودَ بعد اضطراب الأمور في القيروان لسوء إدارته، وأوكل الأمر إلى روح بن حاتم المهلبي.
كان يزيدُ بن حاتم جواداً شجاعاً سمحاً محباً للشعر وأهله، ومقصِداً للناس والشعراء، مدحه منهم الكثير مثل محمد بن عبد الله بن مسلم، والمشهر التميمي، وصفوان بن صفوان من بني الحارث بن الخزرج وغيرهم.
وقال فيه ربيعة بن ثابت الرقى لمّا عُزل عن إمرة مصر:
بكى أهل مصر بالدموع السواجم غداة غدا عنها الأغر ابن حاتم
ويُذكر أن أشعب قدم على يزيد بن حاتم مصر، فجلس في مجلسه من الناس، فدعا يزيدُ أحد غلمانه وأسَرَّ له بشيء، فقام أشعب فقبَّل يد يزيد فقال له: ولمَ فعلت هذا؟ قال أشعب: رأيتك أسررت إلى غلامك بشيء! فعلمت أنك قد أمرت لي بِصِلَة. فضحك منه وقال: ما فعلتُ، ولكني أفعل. وأمر له بالعطاء.
هبة ترجمان
Yazid ibn Hatim al-Mouhallabi - Yazid Ibn Hatim al-Mouhallabi
يزيد بن حاتم المهلبي
(… ـ170هـ/… ـ 786م)
أبو خالد يزيد بن حاتم بن قبيصة ابن المهلب بن أبي صفرة الأزدي الطائي المهلبي، من قواد عسكر أبي جعفر المنصور، ذو رأيٍ ومشورةٍ عنده، وأميره على مصر ثم إفريقية، وهو من أهل بيتٍ كبيرٍ اجتمع فيه خلقٌ كثيرٌ من الأعيان الفضلاء والنجباء؛ فجَدُه المهلب بن أبي صفرة وأخوه روح بن حاتم، وعم أبيه يزيد بن المهلب، ومن ولده الوزير أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي.
أرسله أبو جعفر سنة 138هـ فيمن أرسلَ من القواد لقتال ملبد بن حرملة الشيباني ـ الذي استغل انشغال الخليفة المنصور بخروج سنباذ المجوسي في نيسابور بعد قتل أبي مسلم الخراساني[ر] ـ الخارج بناحية من الجزيرة، واستبسل يزيد في قتاله على الرغم من خسارته، وأظهر من الشجاعة والبأس والتضحية ما عزز مكانته عند الخليفة.
ولاه أبو جعفر المنصورـ لِما رأى من إقدامه وفطنته في الرأي ـ على الصلاة والخراج عن إمرة مصر سنة 143هـ، بعد عزل نوفل بن الفرات الذي وليها بعد حميد بن قحطبة[ر]، وقيل إن توليته لمصر كانت بعد حميد بن قحطبة مباشرةً سنة 144هـ. فأقرّ على شرطته عبد الله بن عبد الرحمن، وعلى الخراج معاوية بن مروان بن موسى بن نصير.
وفى سنة تولي يزيد بن حاتم مصر ظهرت دعوة محمد وإبراهيم ابني الحسن بن علي بن أبى طالبt[ر] وبايعهما كثيرٌ من الناس، فحصلت معارك بينهم وبين الخليفة أبي جعفر المنصور، وكان الناس بمصر قد أظهروا هياجاً لذلك، وخرج علي بن محمد من أحفاد الحسن بن علي بن أبي طالب سنة 145هـ في مصر، وتوارى في قرية طوخ الخيل في الصعيد غربي النيل (يقال لها طوخ بيت يمون ويقال لها طوه) وتُوفي بها مختبئاً، فمنع يزيدُ أهل مصر من الحج، ولم يقصد مكة أحدٌ من الشام ومصر بسبب الاضطرابات الحاصلة في تلك السنة.
فلما قُتل إبراهيم وانتهت الفتنة حج يزيد بن حاتم بأهل مصر سنة 147هـ، ولما عاد من الحج أعدَّ جيشاً لغزو الحبشه لظهور الخوارج فيها، فتوجه إليهم يزيد وتحقق النصر له عليهم، فضم له المنصور على إثرها ولاية برقة زيادةً على عمل مصر سنة 149هـ، وبذلك يكون هو أول من جمع له ولاية مصر وبرقة في خلافة المنصور.
ثم خرج في أيام يزيد القبط في بعض مصر، فجهز يزيد جيشاً كثيفاً لقتالهم، لكنهم ردوه مهزوماً، فأعفاه الخليفة من ولاية مصر سنة 152هـ، وتولى مصر من بعده عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج الذي كان صاحب شرطة يزيد.
ولما حُصِرَ عمرُ بن حفص المهلبي ابن عم حاتم ووالي المنصور على إفريقية، وغَلب على إفريقية أبو حاتم يعقوب ابن تميم الأباضي وأبو عادٍ ومعهما من البربر ثلاثمئة وخمسون ألف جندي، منها خمسة وثلاثون ألف فارس، ومعهم أبو قرة الصفري في أربعين ألفاً من أتباعه؛ قُتِلَ عمر بن حفص شاهراً سيفه لفك الحصار عن مدينته سنة 153هـ -وقيل سنة 154هـ- وكان أبو جعفر قد سيَّر من بيت المقدس خمسين ألفاً من الأشداء سنة 154هـ، على رأسهم يزيد بن حاتم وولاه المغرب، فشخص إلى إفريقية بعد أن أناخ في مصر برهة، وتحقق له النصر على الخوارج في طرابلس وقتل أبا حاتمٍ وأبا عادٍ الأباضيين في ثلاثين ألفاً من أشراف أصحابهم وكبرائهم، وتتبعهم بالقتل طلباً لدم ابن عمه، ثم دخل مدينة القيروان ونادى في أهلها بالأمان سنة 155هـ، وأرسل من قواده من تتبع فلول البربر وأوقع بهم، وظل كذلك حتى ركدت ريح الخوارج من البربر وافترق جمعهم.
أمن في حكمه العباد وصلحت به البلاد إذ مهد طرقها، ورتب أسواقها، وأفرد لكل صناعة مكاناً، وجدد بناء جامعها، وضبط الأمور فيها أحسن ضبط، ولازال بها مقيماً في خلافة أبي جعفر وخلافة المهدي إلى أيام الرشيد حتى وافته المنية فيها بعد أن استخلف ابنه داود عليها، لكن الرشيد عزل داودَ بعد اضطراب الأمور في القيروان لسوء إدارته، وأوكل الأمر إلى روح بن حاتم المهلبي.
كان يزيدُ بن حاتم جواداً شجاعاً سمحاً محباً للشعر وأهله، ومقصِداً للناس والشعراء، مدحه منهم الكثير مثل محمد بن عبد الله بن مسلم، والمشهر التميمي، وصفوان بن صفوان من بني الحارث بن الخزرج وغيرهم.
وقال فيه ربيعة بن ثابت الرقى لمّا عُزل عن إمرة مصر:
بكى أهل مصر بالدموع السواجم غداة غدا عنها الأغر ابن حاتم
ويُذكر أن أشعب قدم على يزيد بن حاتم مصر، فجلس في مجلسه من الناس، فدعا يزيدُ أحد غلمانه وأسَرَّ له بشيء، فقام أشعب فقبَّل يد يزيد فقال له: ولمَ فعلت هذا؟ قال أشعب: رأيتك أسررت إلى غلامك بشيء! فعلمت أنك قد أمرت لي بِصِلَة. فضحك منه وقال: ما فعلتُ، ولكني أفعل. وأمر له بالعطاء.
هبة ترجمان