من هو يوحنا دمشقي John of Damascus أو«سيل الذهب» ..طارق علوش

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من هو يوحنا دمشقي John of Damascus أو«سيل الذهب» ..طارق علوش

    يوحنا دمشقي

    John of Damascus - Jean Damascène

    يوحنا الدمشقي
    (نحو675 ـ 749م)

    لُقب يوحنا الدمشقي John Damascene بـ«سيل الذهب» Chrysorrhoas الذي ينساب من فمه، لبلاغته وفصاحته، مثلما أُطلقت تسمية «فم الذهب» John Chrysostom على يوحنا آخر وهو سوري من أنطاكية، وكلاهما من أكبر آباء الكنيسة في المشرق، وقد اتهم كلاهما بالتحريض على الفتنة من قبل الامبراطور البيزنطي في زمنيهما.
    يوحنا الدمشقي ـ نسبة إلى مسقط رأسه ـ سليل عائلة عريقة ورثت منصب المستشارية في بلاط الخلافة الأموية في دمشق أباً عن جد في أثناء حكم الخلفاء معاوية وعبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز. وفي أثناء توليه الوزارة لدى الخليفة هشام بن عبد الملك كتب باليونانية «خطابات حول الصور المقدسة» (نحو 730) تحدى فيها أمراً يمنع تقديس صور السيد المسيحu[ر] والسيدة العذراء[ر. مريم العذراء]، وكان بذلك من المفكرين والكتّاب الذين دافعوا عن تقديس الأيقونات في الجدل الذي قام حول ذلك، مطلقاً بذلك ما عُرف بـ«لاهوت الأيقونات». صار في العصر الوسيط صلة الوصل بين الكنيسة الشرقية ذات الثقافة اليونانية والغربية ذات الثقافة اللاتينية وطُوِّب قديساً لدى الاثنتين.
    نذر الدمشقي نفسه، بعد ذلك بوقت قصير، للتعبد في دير مار سابا في القدس هاجراً الحياة الدنيوية، وتوفي هناك بعد أن أمضى ما تبقى من حياته في الدراسة والتأمل والكتابة والوعظ. ومع ما يعزى إلى الدمشقي من آراء في الإسلام بيد أنه أبرز الوفاق بين الديانتين المسيحية والإسلامية على الإيمان بالإله الواحد مؤسساً بذلك للحوار بين الديانات.
    استشهد توما الأكويني[ر] كثيراً بكتابات الدمشقي الغزيرة، ويعد كتاب «منهل المعرفة» Pege gnõseõs أهمها، وكانت آخر مراجعة له نحو عام 743م، وقد جمع فيه خلاصة الفلسفة والعقيدة المسيحية، وكان له بذلك فضل السبق على توما الأكويني، فصار المرجع الأول في دراسة لاهوت الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية. يتألف الكتاب من ثلاثة أجزاء، الأول في الديالكتيك Dialectica وهو تفسير لاهوتي لمنطق أرسطو[ر] ويعتمد فلسفة سوري آخر هو فورفوريوس[ر] Porphyrios، والثاني في تأريخ البِدع ويعتمد كتاب «باناريون» Panarion الذي ألفه رجل الدين اليوناني إبيفانيوس Epiphanios، والثالث والأهم هو «عرض» Ekthesis للعقيدة المسيحية الحقة ويعتمد أفكار الآباء القديسين القبادوقيين، أو «الأقمار الثلاثة» ـ باصيل Basilius (ت379) وغريغوريوس النازيانزي Gregorios Nazianzus (ت389) وغريغوريوس النيساوي Gregorios Nyssanius (ت395) ـ حول الإله والألوهية وإرادة الإنسان الحرة. وقد صار هذا الجزء الأخير مرجعاً أساسياً في الكنيستين الشرقية والغربية لجزالة لغته وأصالة فكره وتسلسله المنطقي.
    سنّ يوحنا الدمشقي تقليداً جديداً في كتابة الترانيم والأناشيد الدينية Kanõn للصلوات في الكنيسة اليونانية وألّف عدداً كبيراً منها لايزال ينشد حتى اليوم، كما راجع كتاب الأناشيد Octoechos المعتمد في الكنائس الأرثوذكسية. كتب أيضاً بعض الحكايات ذات الأصول الشرقية بمغزاها الإرشادي التربوي، منها «بَرلام ويوسَفات» Barlaam & Josaphat عن حماقة الانبهار بالمظاهر عن طريق وضع اختبار للاختيار بين صناديق مختلفة المظهر والمحتوى. وقد استخدمت هذه الحكاية من قبل بوكاتشو[ر] في «الديكاميرون» ومن قبل شكسبير[ر] في «تاجر البندقية» في الحبكة داخل الحبكة؛ حيث كان على بسانيو Bassanio الاختيار بين ثلاثة صناديق من ذهب وفضة ورصاص، وعند الاختيار الصحيح حظي بسانيو بيد بورشا Portia الشابة ذات الجمال والمال والحسب والنسب والفطنة، وإحدى أكثر شخصيات شكسبير النسائية جاذبية وكمالاً.
    طارق علوش

يعمل...
X