يحيي محمد (امام حميد دين) imam Hamid al-Dine.الإمام المتوكل على الله.كاميليا أبو جبل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يحيي محمد (امام حميد دين) imam Hamid al-Dine.الإمام المتوكل على الله.كاميليا أبو جبل

    يحيي محمد (امام حميد دين)

    Yahya ibn Mohammad (al-imam Hamid al-Din-) - Yahya ibn Mohammad (al-imam Hamid al-Dine-)

    يحيى بن محمد (الإمام حميد الدين ـ )
    (1869ـ 1948)

    حميد الدين، يحيى بن محمد بن يحيى الحسني العلوي الطالبي، الإمام المتوكل على الله، من أئمة الزيدية الذين حكموا اليمن. ولد في صنعاء، وتلقى علومه فيها على أيدي شيوخ اليمن وعلمائها وأجازوه في مختلف العلوم والآداب على الطريقة القديمة المتوارثة. وكان أبوه يشركه في أمور الحكم، فنشأ خبيراً في الإدارة، عالماً بالأحوال السياسية والاجتماعية والقبلية، في اليمن وخارج اليمن.
    وعند وفاة أبيه في سنة 1904م جمع العلماء وأهل الشورى في البلاد، وطلب منهم اختيار إمام لليمن، فاختاروه، لكنه امتنع أو تظاهر بذلك، ثم تراجع عن قراره «رحمة بشعبه» وبويع رسمياً وشعبياً. وكان يومها في الخامسة والثلاثين، وكان نقش خاتمه: «عصمتي بالله، المتوكل على الله».
    وفي الوقت نفسه ظهر في اليمن من نازعه في الإمامة، لكنه كان الأقوى، فدان له الجميع، وكانت سياسته في الحكم ـ شأنه شأن من سبقه من الأئمة ـ تقوم على عدد من المبادئ الثابتة، فهو سيد البلاد الأوحد، يحكمها بما شرع الله له، في ظل القرآن الكريم والسنة النبوية وهدي الأئمة، وهو مرجع الكبير والصغير في اليمن، وهو المسؤول عن كل ما يجري في بلاده، والموظفون عنده يتحرّكون ضمن دائرة محدودة لا يتجاوزونها، وهو يفضل خراب البلاد وهي مستقلة على عمارتها وهي تحت الحكم الأجنبي، كما كانت الحال في معظم البلاد العربية في ذلك الوقت. وفي الوقت نفسه كان ينظر إلى العرب نظرته إلى أهل اليمن، يقبل مساعداتهم وآراءهم ويفتح بلاده أمامهم من دون إذن، وقد اعتمد عليهم في أمور الجيش والصناعة والتجارة والتعليم.
    وهو يؤمن بالشورى، ولكنه لا يلزم نفسه بما يراه الآخرون من أهل الشورى، فهو يحبّ أن يستمع إلى الآخرين بكل صراحة، ولا يضيق بآرائهم، وبعد ذلك يتخذ قراراته بناءً على قناعته مادام هو المسؤول الوحيد عنها. وانطلاقاً من هذا المبدأ كان الإمام يأتي في قمّة الطبقة الحاكمة، يساعده أبناؤه وأقرباؤه ومشايخ القبائل.
    وكان اعتماد الإمام في دعم حكمه على جيشه الذي شكّلهُ من بقايا الجيش العثماني، إضافة إلى رجال القبائل، وكانت أشدَّ هذه القبائل دعماً له قبيلتا: حاشد وبكيل، وضماناً لتأييد رجال القبائل له، وعدم التفكير بخيانته والغدر به، فقد كان «يستضيف» أبناءهم عنده ضيافة إجبارية، فيقيمون عنده، وهم في واقع الأمر رهائن عنده.
    وبعد ثبوت إخفاق جيشه أمام قوات المملكة السعودية سنة 1934 فرض الإمام «التجنيد الإجباري» على الشباب في اليمن سنة 1937م.
    وفي عهده الطويل فتحت في اليمن مدارس ابتدائية بكثرة، وتم إحداث «دار العلوم» في صنعاء سنة 1925م، وفي العام نفسه افتتحت مكتبة الجامع الكبير للناس، كما افتتحت «دار الأيتام» التي تعنى بإيواء الأيتام وتعليمهم، وكانت المساجد تسهم بدور كبير في حركة التعليم.
    وفي سنة 1927 م صدرت في اليمن صحيفة «الإيمان» وهي الصحيفة الوحيدة في البلاد، وكانت تنشر أوامر الإمام ومواعظه وإرشاداته، وشيئاً من قصائده الشعرية.
    لقد حاول الإمام يحيى المحافظة على استقلال بلاده في الوقت الذي كانت جميع البلاد العربية فيه، وبلا استثناء خاضعة للاستعمار بطريقة سافرة، أو من وراء ستار، وترتبط مع هذه الدولة أو تلك بمعاهدات تحالف أو انتداب هي في واقع الأمر صورة ملونة من صور الاستعمار. وكما قيل فإن اليمن مدين باستقلاله للإمام يحيى.
    وكان طبيعيـاً أن يكون ثمة معارضـون وأعداء للإمام حتى من ضمن «الأسرة المالكة» بتحريض من جيرانه الطامعين في الشمال والجنوب، وقد نجح هؤلاء سنة 1948م بمهاجمة سيارته وإطلاق النار عليها بغزارة، الأمر الذي أدى إلى مصرع الإمام ووزيره الأول. وحكم ابنه سيف الإسلام أحمد بعد فترة قلاقل حكم فيها عبد الله بن أحمد بن محمد الوزير [ر] مدة عشرين يوماً فقط.
    كانت باكورة أعماله عند تولي الإمامة سنة 1904م مهاجمة العثمانيين بدافع وطني ومذهبي، وقد استمرت المناوشات والحروب بين الفريقين قرابة 14 عاماً، انتهت عندما وضعت الحرب العالمية أوزارها.
    وكان مقرراً بموجب هدنة «مودروس» في تشرين الأول/أكتوبر سنة 1918م استسلام القوات العثمانية في المدينة المنوّرة واليمن ولحج للقوات الإنكليزية. وكان قائد القوات العثمانية في صنعاء آنذاك الوالي العثماني محمود نديم بيك. فاتفق مع الإمام على التسليم له بدل الإنكليز مفضلاً المصلحة الإسلامية على مصلحة الإنكليز، وفعلاً تسلم الإمام قصر رغدان بما فيه من الأسلحة والذخائر والعتاد، فكان ذلك نواة الجيش اليمني. وكان ذلك في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1918م. أما في لحج فقد انتظر القائد العثماني علي سعيد باشا أن يرسل الإمام من يتسلم منه لحج قبل الإنكليز، لكن الإمام لم يفعل، فاستسلم مع ألف من جنوده للقوات الإنكليزية في عدن.
    دخلت العلاقات بين الإمام والإنكليز مرحلة من التوتر، تطورت إلى المناوشات العسكرية وهجوم الطائرات البريطانية على اليمن، وتسليم الحديدة للإدريسي حاكم عسير، وقد أوعزت بريطانيا إلى أصدقائها بمهاجمة اليمن، وتم ذلك فعلاً وانتهى ذلك كله سنة 1934م بتوقيع معاهدة حسن جوار مع كل من إنكلترا والسعودية بعدما انسلخت عن بلاده نجران وعسير.
    وعلى المستوى العربي انضم اليمن إلى معاهدات الصداقة والأخوة الموقعة بين العراق والسعودية ومصر، كما أسهمت اليمن في مباحثات إنشاء الجامعة العربية، ويمكن القول إن سياسة الإمام يحيى العربية كانت مشرفة، فقد كانت بلاده مفتوحة لكل العرب، فزارها الريحاني من لبنان، ونزيه المؤيد العظم من سورية، إضافة إلى عدد من الضباط والخبراء والمعلمين من العراق ومصر، ووضعت عن بلاده عدة كتب كان من أفضلها كتاب «رحلة في بلاد العرب السعيدة» للعظم.
    وعلى المستوى الدولي كان اليمن أول دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوڤييتي، وكان ذلك سنة 1928م حين لم تجرؤ دول عربية كثيرة أن تفكر بأمر كهذا؛ مما ينفي عن الإمام صفة الجمود والانغلاق والعزلة وما إلى ذلك من الصفات الغريبة التي ألصقها به المؤرخون.
    ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تعداه إلى عقد اتفاقات تجارية وزراعية مع عدد غير قليل من دول العالم، كل ذلك ضمن الإطار الكبير الذي وضعه الإمام يحيى وهو استقلال اليمن استقلالاً لاتشوبه معاهدة ولا قيد، وهو ما أخفقت فيه حكومات كثيرة كانت تنتقد حكم الإمام.
    كاميليا أبو جبل
يعمل...
X