لبنانيون يحيون "كرنفال الزامبو" بعيدا عن همومهم
عادة قديمة عرفتها مدينة طرابلس اللبنانية منذ العشرات من السنين وتحولت شيئا فشيئا إلى تقليد سنوي.
الاثنين 2023/02/27
انشرWhatsAppTwitterFacebook
احتفالات رغم الأزمات
يحيي الشباب اللبنانيون من كل الطوائف الدينية في مدينة طرابلس "كرنفال الزامبو" ملطّخين بالألوان الزاهية، ويحتفلون بقدوم الصوم الكبير، رغم ما يمرون به من أزمات.
بيروت - شهدت مدينة طرابلس شمالي لبنان الأحد الاحتفال باليوم السنوي المعروف باسم "كرنفال الزامبو". وهذا الاحتفال يعبر عن الفرحة باقتراب شهر الصوم، ويسبق بداية الصوم الكبير لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي الذي يبدأ الاثنين. ويشارك عشرات من الشباب والفتيات في طلاء أجسادهم ووجوههم بألوان مختلفة ولبس التنانير الورقية ووضع ريش ملون على رؤوسهم. ويسيرون على طول الشوارع القديمة وهم يرقصون ويغنون.
ويشارك المسيحيون والمسلمون ومن مختلف الطوائف في هذا المهرجان، وتسير خلفهم النساء. ويراقبهم الناس أمام منازلهم ويتبرعون بمبالغ من المال لهم. ويتبرع المشاركون بجزء من المال لمساعدة الفقراء، ومن لا يدفع يلطخ بالأسود. وتغطي وسائل الإعلام هذا الحدث كل عام. والأحد وضع الشباب أقنعة على وجوههم وشكلوا مجموعات تحمل السيوف والرماح والخناجر وتقرع الطبول وتردد أغاني أفريقية قديمة.
كرنفال يرمز إلى الانتقال من الوثنية إلى المسيحية
و"كرنفال الزامبو" عادة قديمة عرفتها المدينة اللبنانية منذ عشرات السنين وتحولت شيئا فشيئا إلى تقليد سنوي، وهو يرمز إلى الانتقال من الوثنية إلى المسيحية، بحسب أبناء طائفة الروم الأرثوذكس.
وقال ألكسندر كيال أحد المحتفلين "نقوم بها (هذه العادة السنوية) لبث الفرح في نفوس الناس، ولنفرح قلوب الأطفال.. أشارك بالكرنفال منذ طفولتي”. فيما اعتبر روجيه خرما أن "الكرنفال يجذب الناس من الكثير من المناطق اللبنانية كما يشارك فيه أشخاص من مختلف الطوائف”. أما بشارة حسن فعلّق “في طرابلس نحيي هذه العادة منذ 30 سنة ومستمرون من جيل إلى جيل رغم الوضع المعيشي الصعب اليوم.. هذا الكرنفال يأخذ الطابع الترفيهي السياحي في منطقة الميناء الطرابلسية".
وهناك آراء مختلفة حول تاريخ ظهور “الزامبو” وكيفية وصوله إلى مدينة الميناء، فبداية هذا التقليد تعود إلى زمن الانتداب الفرنسي، وتحديداً إلى وجود فرقة سنغالية عسكرية ضمن وحدات الجيش الفرنسي التي رابطت في ميناء طرابلس وتميزت بهذا الاحتفال الخاص، فكان أفرادها يقيمونه قبل أسبوع الصوم، وكان أبناء الميناء يتفرجون عليهم وهم يتجولون راقصين ببشرتهم السمراء الداكنة والمطلية بمختلف الألوان الزاهية، فبدأ الشباب يقلدونهم، مع ترديد عبارة “زامبو.. زامبو” والتي كان السنغاليون ينطقونها خلال احتفالاتهم، ما أغضب العسكريين السنغاليين فاشتكوا إلى القيادة الفرنسية التي حظرت على الشباب اللبنانيين القيام بذلك إلا في المنازل وفي داخل الحارات.
تقليد قديم تعود جذوره إلى زمن الانتداب الفرنسي
وقال أحد كبار السن إن مدينة الميناء تنفرد منذ أكثر من مئة سنة بهذا المهرجان وهو يهدف إلى تطهير النفس والجسد وطرد الأرواح الشريرة من المدينة وينتهي دائماً بإلقاء الشباب المشاركين أنفسهم في مياه البحر لتطهيرها وتطهير أجسادهم من خلال إزالة الطلاء عنها. وأشار كابي سرور إلى أن المهرجان يعود تاريخه إلى أيام وجود الجنود السنغاليين على شواطئ الميناء حيث كانوا يقيمون الاحتفالات الصاخبة. ويكون الختام بتطهير الأجساد، غوصاً في مياه البحر الباردة وسط صيحات الفرح.
◙ الاحتفال يعبر عن الفرحة قبل بداية الصوم الكبير لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي
وهناك رواية أخرى لأصل هذا الاحتفال تقول إن الحكاية بدأت في الحرب العالميّة الأولى عندما سافر شخصان من الميناء في طرابلس إلى البرازيل وعادا بهذا الكرنفال، وعدّلاه ليتزامن مع آخر يوم قبل الصوم عند الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي. ولأنها الميناء، الأكثر تعايشاً على هذه البقعة الجغرافية، فإن عادة الطائفة الواحدة تتشارك فيها كل الطوائف.
ويحافظ أهل طرابلس على مثل هذه العادات على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات وأدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية وهبوط حاد في القدرة الشرائية. ويؤكد الكثير من المشاركين أن الروح الواحدة تجمعهم وأنهم سيستمرون في الاحتفال رغم كل ما يمرون به.
عادة قديمة عرفتها مدينة طرابلس اللبنانية منذ العشرات من السنين وتحولت شيئا فشيئا إلى تقليد سنوي.
الاثنين 2023/02/27
انشرWhatsAppTwitterFacebook
احتفالات رغم الأزمات
يحيي الشباب اللبنانيون من كل الطوائف الدينية في مدينة طرابلس "كرنفال الزامبو" ملطّخين بالألوان الزاهية، ويحتفلون بقدوم الصوم الكبير، رغم ما يمرون به من أزمات.
بيروت - شهدت مدينة طرابلس شمالي لبنان الأحد الاحتفال باليوم السنوي المعروف باسم "كرنفال الزامبو". وهذا الاحتفال يعبر عن الفرحة باقتراب شهر الصوم، ويسبق بداية الصوم الكبير لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي الذي يبدأ الاثنين. ويشارك عشرات من الشباب والفتيات في طلاء أجسادهم ووجوههم بألوان مختلفة ولبس التنانير الورقية ووضع ريش ملون على رؤوسهم. ويسيرون على طول الشوارع القديمة وهم يرقصون ويغنون.
ويشارك المسيحيون والمسلمون ومن مختلف الطوائف في هذا المهرجان، وتسير خلفهم النساء. ويراقبهم الناس أمام منازلهم ويتبرعون بمبالغ من المال لهم. ويتبرع المشاركون بجزء من المال لمساعدة الفقراء، ومن لا يدفع يلطخ بالأسود. وتغطي وسائل الإعلام هذا الحدث كل عام. والأحد وضع الشباب أقنعة على وجوههم وشكلوا مجموعات تحمل السيوف والرماح والخناجر وتقرع الطبول وتردد أغاني أفريقية قديمة.
كرنفال يرمز إلى الانتقال من الوثنية إلى المسيحية
و"كرنفال الزامبو" عادة قديمة عرفتها المدينة اللبنانية منذ عشرات السنين وتحولت شيئا فشيئا إلى تقليد سنوي، وهو يرمز إلى الانتقال من الوثنية إلى المسيحية، بحسب أبناء طائفة الروم الأرثوذكس.
وقال ألكسندر كيال أحد المحتفلين "نقوم بها (هذه العادة السنوية) لبث الفرح في نفوس الناس، ولنفرح قلوب الأطفال.. أشارك بالكرنفال منذ طفولتي”. فيما اعتبر روجيه خرما أن "الكرنفال يجذب الناس من الكثير من المناطق اللبنانية كما يشارك فيه أشخاص من مختلف الطوائف”. أما بشارة حسن فعلّق “في طرابلس نحيي هذه العادة منذ 30 سنة ومستمرون من جيل إلى جيل رغم الوضع المعيشي الصعب اليوم.. هذا الكرنفال يأخذ الطابع الترفيهي السياحي في منطقة الميناء الطرابلسية".
وهناك آراء مختلفة حول تاريخ ظهور “الزامبو” وكيفية وصوله إلى مدينة الميناء، فبداية هذا التقليد تعود إلى زمن الانتداب الفرنسي، وتحديداً إلى وجود فرقة سنغالية عسكرية ضمن وحدات الجيش الفرنسي التي رابطت في ميناء طرابلس وتميزت بهذا الاحتفال الخاص، فكان أفرادها يقيمونه قبل أسبوع الصوم، وكان أبناء الميناء يتفرجون عليهم وهم يتجولون راقصين ببشرتهم السمراء الداكنة والمطلية بمختلف الألوان الزاهية، فبدأ الشباب يقلدونهم، مع ترديد عبارة “زامبو.. زامبو” والتي كان السنغاليون ينطقونها خلال احتفالاتهم، ما أغضب العسكريين السنغاليين فاشتكوا إلى القيادة الفرنسية التي حظرت على الشباب اللبنانيين القيام بذلك إلا في المنازل وفي داخل الحارات.
تقليد قديم تعود جذوره إلى زمن الانتداب الفرنسي
وقال أحد كبار السن إن مدينة الميناء تنفرد منذ أكثر من مئة سنة بهذا المهرجان وهو يهدف إلى تطهير النفس والجسد وطرد الأرواح الشريرة من المدينة وينتهي دائماً بإلقاء الشباب المشاركين أنفسهم في مياه البحر لتطهيرها وتطهير أجسادهم من خلال إزالة الطلاء عنها. وأشار كابي سرور إلى أن المهرجان يعود تاريخه إلى أيام وجود الجنود السنغاليين على شواطئ الميناء حيث كانوا يقيمون الاحتفالات الصاخبة. ويكون الختام بتطهير الأجساد، غوصاً في مياه البحر الباردة وسط صيحات الفرح.
◙ الاحتفال يعبر عن الفرحة قبل بداية الصوم الكبير لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي
وهناك رواية أخرى لأصل هذا الاحتفال تقول إن الحكاية بدأت في الحرب العالميّة الأولى عندما سافر شخصان من الميناء في طرابلس إلى البرازيل وعادا بهذا الكرنفال، وعدّلاه ليتزامن مع آخر يوم قبل الصوم عند الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي. ولأنها الميناء، الأكثر تعايشاً على هذه البقعة الجغرافية، فإن عادة الطائفة الواحدة تتشارك فيها كل الطوائف.
ويحافظ أهل طرابلس على مثل هذه العادات على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات وأدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية وهبوط حاد في القدرة الشرائية. ويؤكد الكثير من المشاركين أن الروح الواحدة تجمعهم وأنهم سيستمرون في الاحتفال رغم كل ما يمرون به.