تضمين عقود الزواج ضوابط للعلاقة لا يكفي لاستقرار الأسرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تضمين عقود الزواج ضوابط للعلاقة لا يكفي لاستقرار الأسرة

    تضمين عقود الزواج ضوابط للعلاقة لا يكفي لاستقرار الأسرة


    مصر تعيد صياغة وثيقتي الزواج والطلاق لتشمل ما اتفق عليه الطرفان.
    السبت 2023/02/25
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    بنود جديدة في وثيقة الزواج يتقيد بها الشريكان

    تحرص لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية في مصر على وضع بنود جديدة في وثيقة الزواج يتقيد بها الرجل والمرأة على حد سواء، وتضمن هذه البنود لكل طرف حقوقه وواجباته ومطالبه من الآخر أثناء الزواج أو بعد الطلاق، ولا يحق لأحدهما الالتفاف على البنود مستقبلا لتصبح العلاقة بينهما واضحة ومحددة منذ البداية. ويرى الخبراء أن تضمين عقود الزواج ضوابط للعلاقة لا يكفي لاستقرار الأسرة ويدعون إلى أن تكون العلاقة بينهما مبنية على التفاهم.

    القاهرة - أمام حالة التنكيل بالمرأة في مجتمعات عربية مختلفة، سواء أكانت متزوجة أو مطلقة، بدأت تتعالى أصوات تطالب بضرورة تحديد ضوابط للعلاقة الزوجية، وآليات يمكن الاحتكام لها إذا وصلت الأمور حد الانفصال، في ظل صراعات تشهدها مجتمعات عدة، حيث يتبارز الشريكان وتصل العلاقة بينهما إلى الانتقام لنيل الحقوق.

    ترتبط المطالب الجديدة بأن المرأة قد تكال ضدها اتهامات ويتم التقليل من شأنها وسحب صلاحياتها، بحيث تكون تابعة للرجل على اعتبار أنه شريكها ويحق له التدخل في كل تفاصيل حياتها كي لا تخرج عن العادات والأعراف والتقاليد الأسرية.

    أدركت مصر خطورة استمرار النزاعات الزوجية أثناء فترة إقامة العلاقة بين الشريكين أو بعد الطلاق، وقرّرت الحكومة إعادة صياغة وثيقتي الزواج والطلاق بما يضمن شمولهما على ما اتفق عليه الطرفان عند الزواج، أو حال صعوبة الحياة بينهما وقررا الانفصال، وهو ما استقرت عليه اللجنة القضائية المعنية بإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية على تضمينه في التشريع المزمع تطبيقه.


    رحاب العوضي: وجود اتفاقات مسبقة أمر ضروري لتحقيق التفاهم بين الطرفين


    يعاني العديد من الزوجات عند الوصول إلى الطلاق من إخلال وتنكر لاتفاقات عقدت قبل بدء العلاقة الزوجية، ما يؤثر على تماسك الحياة الأسرية وينعكس بشكل سلبي على أطراف الأسرة، ما جعل الحكومة المصرية تدرك أهمية تعديل بنود عقود الزواج للاتفاق على كل شيء مبكرا، وتكون العلاقة قائمة على قواعد محددة ملزمة.

    وظل تضمين عقود الزواج بجملة من الشروط والاتفاقات التي تُريح كل طرف مسألة فردية، كأن تقرر الفتاة أن الاستمرار في عملها دون أن يجبرها زوجها على البقاء في المنزل أو يشترط الشاب على شريكته أن تقيم معه في منزل عائلته وينزع عنها الحق مستقبلا في بيت مستقل، بحيث تكون الحياة الزوجية قائمة على قواعد واضحة لكل طرف ولا يطالب بتعديلها أو التنصل منها.

    أوجد عدم توضيح كل طرف للآخر ما يرغب في تطبيقه خلال فترة العلاقة الزوجية مشكلات معقدة قادت إلى أن يقرر الشريكان أو أحدهما اللجوء إلى الانفصال، لكنهما يواجهان معضلات أكثر تعقيدا بعد الطلاق، تتعلق بكيفية حصول كل منهما على حقوقه، سواء ما يرتبط برؤية الأبناء أو حق الزوجة في النفقة وسكن الزوجية والولاية التعليمية وغير ذلك من خلافات تصل حد الصراع والكراهية.

    لا يرتبط هذا الوضع بدولة بعينها لأن مؤسسة الزواج في الكثير من المجتمعات العربية محاطة بأزمات تنخر في أساسها وتؤدي إلى انهيارها بانتهاء العلاقة لأسباب واهية.

    كل ذلك نتاج عدم اتفاق مسبق على شكل الحياة الزوجية وما يجب تطبيقه أو الابتعاد عنه لراحة الطرفين، وفرض المناداة بتضمين عقود الزواج بنودا تريح الشريكين.

    وتحركت لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية في مصر أخيرا لوضع بنود جديدة في وثيقة الزواج أشبه بدستور يتقيد به الرجل والمرأة بناء على طلب من الرئيس عبدالفتاح السيسي، ويحدد بموجبه كل شريك حقوقه وواجباته ومطالبه من الآخر أثناء الزواج أو بعد الطلاق، على أمل أن تنتهي الخلافات التي تنعكس على الأبناء والتي حولت البيوت إلى ساحات تشبه المعارك.

    عدم توضيح كل طرف للآخر ما يرغب في تطبيقه خلال فترة العلاقة الزوجية أوجد مشكلات معقدة يصعب حلها

    وتعد الاشتراطات الجديدة بين الزوجين جزءا أصيلا من العقود التي يتم إبرامها من خلال المأذونين الشرعيين ويتاح لكل طرف كتابة ما يشاء ثم يوقعان في حضور أفراد من الأسرتين وشهود ومأذون، ولا يحق لأحدهما الإخلال أو الالتفاف على البنود مستقبلا لتصبح العلاقة بينهما واضحة ومحددة منذ البداية، ويعرف كل شخص واجباته ومسؤولياته والطريقة التي يمكن أن يتم بها الطلاق.

    وعانت آية محمد، وهي زوجة مصرية وأم لطفلين، من الوعود الشفهية التي قطعها زوجها على نفسه قبل بدء العلاقة، فقد تعهد لها بأن يتركها تعمل في وظيفتها بأحد البنوك ولا يجبرها على الاستقالة والتفرغ لخدمته وتربية الأبناء، لكنه تنصل من تعهداته مع إنجاب أول طفل وخيّرها بينه والبيت وبين الوظيفة، فما كان منها إلا الاستجابة لضغوط أسرتها وتقدمت باستقالتها من وظيفتها.

    ارتبط ندم الزوجة على الانصياع لرغبة شريكها بأن الخلافات بينهما لم تنته باستقالتها وقررت الزوجة على إثرها أن تنهي العلاقة مع شريكها أمام عجزها عن إرضائه.

    وقالت لـ “العرب”، “للأسف خسرت وظيفتي ومستقبلي وأصبحت مطلقة وأجبرني زوجي على رفع قضية خلع لأنه رفض الطلاق ولم يحكم لي القاضي بأيّ حقوق لأنني طلبت الانفصال”.

    وتابعت “لو كنت أضفت إلى عقد الزواج بندا يشترط استمراري في العمل بعد الزواج وتراجع زوجي عن ذلك كنت أجبرته على الالتزام بما قرره على نفسه، وإذا طلبت الطلاق، كنت سأحصل على كامل حقوقي لو رفعت ضده قضية خلع، لذلك فوجود شروط محددة وملزمة للطرفين في وثيقة الزواج راحة لهما لمنع الخلافات أو حصول الطرف المتضرر على حقوقه بشكل سريع ومتحضر”.

    المطالبة بتوضيح شكل العلاقة بين الشريكين خلال الزواج وبعد الطلاق لا تلقى دعما من المؤسسة الدينية

    ويخشى متخصصون في العلاقات الأسرية أن يكون الانغلاق الفكري للأسرة سببا في عدم إقدام الفتاة قبل الزواج على تدوين ضوابط وشروط محددة على شريكها المستقبلي، وبالتالي فإن ضمانة الحياة الزوجية المستقرة للمرأة بوضعها آليات لشكل العلاقة مع زوجها مرتبطة بمدى استقلال قرارها عن عائلتها لتختار حياتها بالطريقة التي اعتادت عليها، لا أن تظل مجرد تابعة لزوجها.

    والمعضلة أن المطالبة بتوضيح شكل العلاقة بين الشريكين خلال الزواج وبعد الطلاق لا تلقى دعما من المؤسسة الدينية التي أعلنت رفضها لوضع شروط في وثائق الزواج بحجة أن الزواج المشروط باطل خشية أن يتم تضمين العقود بضوابط تتعارض مع الإسلام كأن تشترط الزوجة على شريكها عدم الزواج من أخرى.

    وأوضحت استشارية متخصّصة في العلاقات الزوجية رحاب العوضي أن تحديد ضوابط للحياة الأسرية بين الشريكين أو بعد الانفصال تزداد أهميتها عندما يكون هناك ظلم واقع على المرأة وتحميلها وحدها مسؤولية الخلافات، لكن تحديد مسار العلاقة وشكلها يوفر الراحة للشريكين ويجعل حياتهما مستقرة.

    وقالت لـ”العرب” إن وجود اتفاق حاكم للعلاقة الزوجية أمر ضروري لتحقيق التفاهم بين الطرفين والحفاظ على قوام أسري متماسك قائم على أن كل شريك يعرف واجباته وحقوقه، خاصة في السنوات الأولى للزواج أو عند الاتفاق على الطلاق.

    ويرى معارضون لاستسهال وضع ضوابط حاكمة للعلاقة الزوجية أن ذلك يقود إلى أن تتحول الحياة بين الشريكين إلى سجن ويجعل كل شريك رقيبا على الآخر بشكل ربما يهدد استقرار العائلة ويقضي على التناغم والتشارك، ويجعل العلاقة قائمة على المبارزة والمساومة والابتزاز، ما يفرض على الشريكين أن تكون الضوابط عقلانية وقابلة للتطبيق لا أن يقيد كلاهما الآخر باشتراطات تعجيزية تهدم علاقتهما.

    من الصعب تحقيق الاستقرار الكامل في العلاقة بمجموعة من الضوابط فقط، والأهم أن يقتنع الطرفان بأن الشروط وحدها ليست كافية للوصول إلى حياة أسرية هادئة دون خلافات، لأن الاستقرار في العلاقة الزوجية يفترض أن يتأسس على التفاهم والتضحية والتراحم والتشارك والتنازل عن بعض أخطاء الشريك، لا إظهار التحدي بدعوى أنه تراجع عن بعض تعهداته السابقة.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    أحمد حافظ
    كاتب مصري
يعمل...
X