علي أحمد يوسف البَلَسْفُوري الحُسيني المصري،سياسي وصحافي ..محمود الأرناؤوط

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • علي أحمد يوسف البَلَسْفُوري الحُسيني المصري،سياسي وصحافي ..محمود الأرناؤوط

    يوسف (علي احمد)

    Youssef (Ali ibn Ahmad-) - Youssef (Ali ibn Ahmad-)

    يوسف (علي بن أحمد ـ)
    (1280ـ 1331هـ/ 1863ـ 1913م)

    علي بن أحمد بن يوسف البَلَسْفُوري الحُسيني المصري، أحد كبار رجال السياسة والدعوة وشيخ الصحافة الإسلامية بمصر في العصر الحديث.
    ولد في قرية بَلَسْفُورَة من أعمال إخميم بصعيد مصر، ومات والده وهو في السنة الأولى من سنوات حياته فنشأ يتيماً، وتلقى علومه الأولى في قريته وفي المركز الذي كانت تتبع له.
    وحين بلغ التاسعة عشرة من عمره قصد القاهرة والتحق بالأزهر الشريف، وأخذ العلم عن الشيوخ الأجلاء فيه، وكان طَموحاً، يدرك ذلك من يقرأ سيرته وأخباره في جميع مصادرها، فقد أنشأ مجلة أسبوعية سماها «مجلة الآداب» استمر صدورها ثلاث سنوات. ثم أصدر صحيفة «المؤيد» سنة 1307هـ/1889م وكانت صحيفة يومية ذات شأن في سياسة مصر والبلدان العربية والإسـلامية، واسـتمر صدورها إلى أواخر أيامه. وكان صاحب شخصية قوية وحُجَّة راجحة وتأثير عظيم في المجتمع المصري بجميع طبقاته في عصره، الأمر الذي حمله على تأسيس حزب سياسي ـ سماه «حزب الإصلاح» ـ على المبادئ الدستورية، فصار زعيماً سياسياً من الطبقة الأولى يقارن بمصطفى كامل زعيم الحزب الوطني، وبمحمود سليمان زعيم حزب الأمة، ولكن مجده الحقيقي لم يأت من طريق زعامته السياسية بل من طريق صحيفة «المؤيد» اليومية التي أنشأها، وكانت صحيفة رأي لا صحيفة خبر، بمعنى أن صولتها القوية في مصر والعالم الإسلامي كانت ترجع أول ما ترجع إلى ما كان ينشر فيها من المقالات التوجيهية في الشؤون المعاصرة شرقاً وغرباً، وبما كان لها من كُتَّاب مرموقين في عالم الفكر، يُعرفون بهدوئهم وعمقهم وسَعَة محيطهم الثقافي، وفي الطليعة منهم مؤسسها صاحب هذه الترجمة الذي رُزق من سرعة البديهة وصواب النظرة وهدوء النفس ما جعل مقالاته موضع إعجاب القراء بجميع طبقاتهم. ومع ذلك كله لم تَخْلُ حياته من بعض المنغّصات المزعجة التي تسبَّبَ له بها بعض خصومه وأتباعهم مع أولي الأمر من الحُكَّام ومع رجالات الإنكليز أصحاب الحلّ والعقد في مصر آنذاك. وكان لنثره مسحة أدبية عالية أكدت شاعريته التي تجلت بإصداره ديوانه «نسمات السحر» الذي أصدره في مرحلة مبكرة نسبياً من حياته، وبإصداره مجلة «الآداب» التي سبقت إصداره صحيفة «المؤيد» التي اشتهر بها.
    وإذا كانت صحيفة «المؤيد» قد حملت إلينا آراءَه السياسية والدعوية؛ فإن مجلة «الآداب» قد حملت قبلها معاركه ومعارك بعض نظرائه المهمة في سبيل الانتصار للفُصحى، وكانت معاركه تلك ضد بعض أدوات الاستعمار الإنكليزي لمصر الذين كانوا يدعون إلى نشر العامية في طبقات المجتمع المصري بمختلف انتماءاته، مما أدى إلى إخفاق تلك الدعوات التي دعت إلى انتشار العامية إخفاقاً بيّناً، ومن يتصفح أعداد مجلته تلك يتلَمّس ما أُشير إليه هنا ويعلم أي أثر كان لتلك المجلة الرائدة في هذا الأمر الخطير.
    وللمكانة المهمة التي بلغها علي يوسف في التاريخ السياسي والميدان الثقافي بمصر خصوصاً وفي العالم الإسلامي عموماً؛ فقد قام عباس محمود العقاد بموازنة دقيقة بينه وبين مصطفى كامل انتهى فيها إلى القول: «لقد كان لعلي يوسف ومصطفى كامل طريقتان مختلفتان في الكتابة الصحفية وفي الخطة السياسية وفي الدعوة الوطنية. ولقد فَرَّق النُّقَّاد بين الطريقتين، فكان الفرق بينهما عند أُناس أن طريقة مصطفى كامل هي طريقة التطرف والحماسة، وأن طريقة علي يوسف هي طريقة المحافظة والاعتدال، كان الفرق بينهما عند أُناس هو الفرق بين التعليم القديم والتعليم الحديث، أو هو الفرق بين الشباب والكهولة، أو الفرق بين الكاتب الحصيف والخطيب المنطلق، ولكن الواقع أن الفارق الوحيد الذي يحتوي جميع هذه الفروق هو شعور العصامية في نفس الرجل مصطفى كامل الذي كان مثله الأعلى في الحياة أن يصل بحيلته واجتهاده إلى مكانة السيد الموقّر، يرعى له السادة الوارثون كرامة الرأي وكرامته، وكان من حق هذه العصامية الناجحة عند علي يوسف أن يتكلم مع ذوي الاعتبار كما يتكلم ذوو الاعتبار ولا يخفّ به القلم خفَّة الحديث المتعجّل، أو الحديث المستثار».
    وإذا أردنا معرفة المكانة الحقيقية التي بلغها علي يوسف في مصر من خلال نشاطه العام من جهة، ومن خلال صعود نجمه صحفياً كبيراً، لابد من مراعاة أمر إقدام عليّة القوم من أهل العلم وأساطين مجالسه على الكتابة في صحيفته، وفي المقدمة منهم الإمام محمد عبده بما كان يمثله من ثقل كبير في مصر في ذلك العصر.
    وقد بقي الشيخ علي يوسف شعلة نشاط ـ ستبقى مذكورة على مر الدهر ـ إلى أن وافته المنية في القاهرة ودفن فيها، ورثاه عدد كبير من الشعراء والكُتَّاب بجمهرة من القصائد والمقالات.
    محمود الأرناؤوط

يعمل...
X