الجزائري شمس الدين بلعربي: الأفيش السينمائي صار من ماضي العالم العربي
التكنولوجيا غيّبت مواهب الرسامين العرب في إنتاج بوسترات جذابة.
الثلاثاء 2022/12/13
انشرWhatsAppTwitterFacebook
بوسترات شهيرة في معرض بلبنان
كان البوستر السينمائي لا يزال يحظى بأهمية كبرى في الترويج للأفلام السينمائية، لكن عملية إنتاجه اختلفت من جيل إلى آخر، ففي حين كانت البوسترات في الماضي مرسومة بأنامل أشهر الفنانين التشكيليين الذين يتنافسون للفوز بتصميم بوسترات أشهر الأفلام، صارت اليوم تنجز بواسطة التكنولوجيا، فتأتي دون روح إبداعية خلاقة، تجعلها تنسى بسرعة ولا تظل خالدة كالمئات من الأعمال الكلاسيكية.
القاهرة – يعتبر فن رسم البوستر من بين الفنون التقليدية والكلاسيكية، حيث يُعنى برسم الملصقات الدعائية للأفلام والحملات الدعائية، وغيرها. ويستعمل فيه الرسامون الألوان الجذابة في إنجاز البوستر لإخراج مضمون الفيلم، وإبراز توجهه العام، سواء كان فيلما دارميا أو روائيا أو وثائقيا، أو تعلق الأمر بأفلام الرعب، وغيرها. وقد اشتهر هذا الفن في الغرب منذ القرن التاسع عشر، أما في العالم العربي فكانت شهرته الأكبر في مصر الملقبة بـ”هوليوود الشرق” خلال فترة النهضة السينمائية، إلا أنه الآن لم يعد موجودا، وصرنا نتحدث عن متاحف لعرض بوسترات أشهر كلاسيكيات السينما العربية.
وقال إن فن البوستر (الأفيش) السينمائي “اندثر تماما في العالم العربي، ولم يَعُدْ له أثر، وصار مكانه الوحيد المتاحف الفنية وأرشيفات هواة جمع البوسترات السينمائية اليدوية”.
وأشار بلعربي، الذي يُعرف أيضا باسم شمسو بلعربي، والذي يُصنف من قبل نقاد أجانب وعرب بأنه من بين آخر العرب والأفارقة الذين يعملون بتصميم ملصقات الأفلام بالطريقة التقليدية، إلى أن تصميم البوستر السينمائي بطريقة يدوية الذي صار من الماضي في العالم العربي “مازال باقيا في بعض البلدان مثل الولايات المتحدة، وفي فرنسا، وذلك على يد فنانين قلائل مثل ستيف كورني، الذي يعد من أشهر فناني البوستر السينمائي في هوليوود، كما يوجد كذلك لورين مالكيت الذي يعد من أشهر رسامي البوستر السينمائي في فرنسا”.
وأضاف التشكيلي الجزائري بلعربي، في مقابلة عبر الإنترنت، أنه في مقابل وجود فن البوستر اليدوي في بلدان غربية، فإن كل رسامي البوستر السينمائي التقليدي بالعالم العربي “قد توقفوا عن العمل” وذلك بسبب انتشار التكنولوجيا الرقمية، موضحا أن أشهر رسامي البوستر السينمائي بالعالم العربي هم من مصر التي كانت عاصمة لهذا الفن.
هذا الفن بحاجة إلى متحف متخصص يجمع تحت سقفه كل ما أبدعه الفنانون العرب من بوسترات أو أفيشات سينمائية
وحول بداية مشواره مع فن البوستر السينمائي، وما قام به من تصميمات لبوسترات الأفلام، قال بلعربي إنه عندما كان صغيرا لفتت انتباهه ملصقات الأفلام المعلقة على بوابات قاعات السينما، وبدأ في إعادة رسمها على الورق في المنزل، وحتى وهو يقوم برعي الغنم في صغره كان يصادف بعض الصحف ملقاة على الأرض، فكان يحتفظ بها ويذهب بها إلى المنزل ويحاول رسم صور الفنانين الموجودة على صفحات تلك الصحف.
وأضاف أنه في أحد الأيام وهو يحتفل بعيد ميلاده أهدته زوجة عمه، وهي سيدة ألمانية، كتابا لتعليم الرسم مما زاد من شغفه وساعده على إتقان رسوماته، وبعدها بدأ رحلة بحث كبيرة قادته إلى التعرف على الممثلين والمخرجين والعمل في هذا المجال الجميل.
ولفت إلى أنه كان ينتمي إلى عائلة فقيرة، ولذلك اضطر للخروج إلى الشارع لامتهان الرسم كحرفة مثل تجميل واجهات المحال التجارية، وبعد أن امتلك أدواته الفنية جيدا قرر أن يرسل أعماله الفنية لشركات الإنتاج السينمائي بالولايات المتحدة وأوروبا، وبدأ في التواصل مع بعض صناع وفناني السينما الأجانب، ومن هنا كانت بدايته الفعلية في تصميم بوسترات الأفلام يدويا.
البوستر السينمائي له قيمة فنية تتمثل في عرض مضمون الفيلم للمتلقي، وأخرى تجارية تتمثل في جذب أكبر عدد من المشاهدين
وأشار إلى أن أول رسالة تلقاها بقبول التعاون معه في عمل بوسترات سينمائية، كانت من منتج سينمائي من الأرجنتين ويعمل في هوليوود، بعدها بدأت أعماله بالانتشار بين صناع السينما خاصة في هوليوود، ونجح في تقديم بوسترات لمجموعة من الأفلام العالمية، كما حاز على بعض التكريمات الدولية، وأدرج اسمه بالقاموس العالمي للسينما.
ولفت إلى أنه صمم الكثير من بوسترات الأفلام الهوليوودية منها “ذا نيوز” و”هونور” و”باكس أوف أميركا” و”ريفانش” وكثير من الأفلام الأخرى.
وأكد بلعربي أن رسم ملصقات الأفلام “فن تقليدي كلاسيكي رواده هم الفنانون المصريون، لكن هذا الفن اليوم صار المتحف هو المكان الوحيد الذي يمكننا من رؤيته في العالم العربي، وبالطبع فإن سبب اندثار هذا الفن هو التكنولوجيا الحديثة وظهور ما بات يُعرف بالفن الرقمي”.
وتابع أنه فكر في إعادة هذا الفن إلى مكانته بطريقة عصرية لمواكبة الموجة الرقمية، لكنه واجه الكثير من الصعوبات، أولها كيف يتمكن من عرض الفكرة على المنتجين السينمائيين، وكيف يقنعهم بأن هذا الفن يمكن أن يكون فنا معاصرا ومميزا، وأن سعيه لإحياء ذلك الفن كان من أسباب توجهه لتصميم بوسترات الأفلام يدويا.
وحول القيمة التي يمثلها البوستر السينمائي، قال بلعربي إن البوستر السينمائي له قيمة فنية تتمثل في إخراج مضمون الفيلم وعرضه للمتلقي، وأخرى تجارية تتمثل في قوة جذب البوستر لأكبر عدد من المشاهدين ومن ثم رفع إيرادات الفيلم.
وحول اهتمام النقاد والكتاب المعنيين بالأعمال السينمائية بفن البوستر السينمائي والتأريخ له عربيا، قال بلعربي إن هناك من أرخ بالفعل لهذا الفن بالعالم العربي، لكنه اعتبر أن ما تم من جهد في هذا الشأن هو جهد متواضع، منتقدا غياب دور المراكز السينمائية والمؤسسات الفنية في توثيق تاريخ ذلك الفن.
وحول من قاموا بتأسيس فن البوستر السينمائي بالعالم العربي، قال إن مصر هي أول بلد عربي يشهد مرحلة تأسيس هذا الفن عربيا، وأن أول وأشهر رسامي البوستر أو الأفيش السينمائي في مصر هو الخواجة نيكولا صاحب أول ورشة لصنع البوستر أو الأفيش السينمائي في مصر، ثم تبعه ظهور عدد كبير من الفنانين الذين أسسوا ورشهم الخاصة لممارسة هذا الفن.
وأوضح أن تطور صناعة السينما في مصر، صاحبه تطور فن البوستر أو الأفيش السينمائي، حيث وصل إلى مستوى متطور، وأن هذا التطور كان دليلا على مهارة الفنانين المصريين الذين عملوا بهذا المجال.
وحول روّاد ورموز فن البوستر السينمائي من الفنانين العرب، قال بلعربي إن من أشهر من عمل بتصميم البوستر أو الأفيش السينمائي عربيا خميس الثغر، وعبده الحميد، وعلي جابر، وناجي شاكر، ووهيب فهمي، وأنور، وجسور، وراغب وغيرهم من الأجيال المتتالية من الفنانين الذين يعدون من روّاد ورموز ذلك الفن بالوطن العربي.
وعن الحاجة لوجود متحف عربي يوثق تاريخ هذا الفن، ويستحضر سيرة روّاده، قال إن هذا الفن بحاجة إلى متحف متخصص يجمع تحت سقفه كل ما أبدعه الفنانون العرب من بوسترات أو أفيشات سينمائية منذ ظهور السينما وحتى اليوم، وحفظ تلك الأعمال الفنية للأجيال، مع عرض مسيرة هؤلاء الفنانين الذين أبدعوا في هذا الفن وقدموا لنا إبداعا فنيا لا يُنسى.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
حجاج سلامة
التكنولوجيا غيّبت مواهب الرسامين العرب في إنتاج بوسترات جذابة.
الثلاثاء 2022/12/13
انشرWhatsAppTwitterFacebook
بوسترات شهيرة في معرض بلبنان
كان البوستر السينمائي لا يزال يحظى بأهمية كبرى في الترويج للأفلام السينمائية، لكن عملية إنتاجه اختلفت من جيل إلى آخر، ففي حين كانت البوسترات في الماضي مرسومة بأنامل أشهر الفنانين التشكيليين الذين يتنافسون للفوز بتصميم بوسترات أشهر الأفلام، صارت اليوم تنجز بواسطة التكنولوجيا، فتأتي دون روح إبداعية خلاقة، تجعلها تنسى بسرعة ولا تظل خالدة كالمئات من الأعمال الكلاسيكية.
القاهرة – يعتبر فن رسم البوستر من بين الفنون التقليدية والكلاسيكية، حيث يُعنى برسم الملصقات الدعائية للأفلام والحملات الدعائية، وغيرها. ويستعمل فيه الرسامون الألوان الجذابة في إنجاز البوستر لإخراج مضمون الفيلم، وإبراز توجهه العام، سواء كان فيلما دارميا أو روائيا أو وثائقيا، أو تعلق الأمر بأفلام الرعب، وغيرها. وقد اشتهر هذا الفن في الغرب منذ القرن التاسع عشر، أما في العالم العربي فكانت شهرته الأكبر في مصر الملقبة بـ”هوليوود الشرق” خلال فترة النهضة السينمائية، إلا أنه الآن لم يعد موجودا، وصرنا نتحدث عن متاحف لعرض بوسترات أشهر كلاسيكيات السينما العربية.
وقال إن فن البوستر (الأفيش) السينمائي “اندثر تماما في العالم العربي، ولم يَعُدْ له أثر، وصار مكانه الوحيد المتاحف الفنية وأرشيفات هواة جمع البوسترات السينمائية اليدوية”.
وأشار بلعربي، الذي يُعرف أيضا باسم شمسو بلعربي، والذي يُصنف من قبل نقاد أجانب وعرب بأنه من بين آخر العرب والأفارقة الذين يعملون بتصميم ملصقات الأفلام بالطريقة التقليدية، إلى أن تصميم البوستر السينمائي بطريقة يدوية الذي صار من الماضي في العالم العربي “مازال باقيا في بعض البلدان مثل الولايات المتحدة، وفي فرنسا، وذلك على يد فنانين قلائل مثل ستيف كورني، الذي يعد من أشهر فناني البوستر السينمائي في هوليوود، كما يوجد كذلك لورين مالكيت الذي يعد من أشهر رسامي البوستر السينمائي في فرنسا”.
وأضاف التشكيلي الجزائري بلعربي، في مقابلة عبر الإنترنت، أنه في مقابل وجود فن البوستر اليدوي في بلدان غربية، فإن كل رسامي البوستر السينمائي التقليدي بالعالم العربي “قد توقفوا عن العمل” وذلك بسبب انتشار التكنولوجيا الرقمية، موضحا أن أشهر رسامي البوستر السينمائي بالعالم العربي هم من مصر التي كانت عاصمة لهذا الفن.
هذا الفن بحاجة إلى متحف متخصص يجمع تحت سقفه كل ما أبدعه الفنانون العرب من بوسترات أو أفيشات سينمائية
وحول بداية مشواره مع فن البوستر السينمائي، وما قام به من تصميمات لبوسترات الأفلام، قال بلعربي إنه عندما كان صغيرا لفتت انتباهه ملصقات الأفلام المعلقة على بوابات قاعات السينما، وبدأ في إعادة رسمها على الورق في المنزل، وحتى وهو يقوم برعي الغنم في صغره كان يصادف بعض الصحف ملقاة على الأرض، فكان يحتفظ بها ويذهب بها إلى المنزل ويحاول رسم صور الفنانين الموجودة على صفحات تلك الصحف.
وأضاف أنه في أحد الأيام وهو يحتفل بعيد ميلاده أهدته زوجة عمه، وهي سيدة ألمانية، كتابا لتعليم الرسم مما زاد من شغفه وساعده على إتقان رسوماته، وبعدها بدأ رحلة بحث كبيرة قادته إلى التعرف على الممثلين والمخرجين والعمل في هذا المجال الجميل.
ولفت إلى أنه كان ينتمي إلى عائلة فقيرة، ولذلك اضطر للخروج إلى الشارع لامتهان الرسم كحرفة مثل تجميل واجهات المحال التجارية، وبعد أن امتلك أدواته الفنية جيدا قرر أن يرسل أعماله الفنية لشركات الإنتاج السينمائي بالولايات المتحدة وأوروبا، وبدأ في التواصل مع بعض صناع وفناني السينما الأجانب، ومن هنا كانت بدايته الفعلية في تصميم بوسترات الأفلام يدويا.
البوستر السينمائي له قيمة فنية تتمثل في عرض مضمون الفيلم للمتلقي، وأخرى تجارية تتمثل في جذب أكبر عدد من المشاهدين
وأشار إلى أن أول رسالة تلقاها بقبول التعاون معه في عمل بوسترات سينمائية، كانت من منتج سينمائي من الأرجنتين ويعمل في هوليوود، بعدها بدأت أعماله بالانتشار بين صناع السينما خاصة في هوليوود، ونجح في تقديم بوسترات لمجموعة من الأفلام العالمية، كما حاز على بعض التكريمات الدولية، وأدرج اسمه بالقاموس العالمي للسينما.
ولفت إلى أنه صمم الكثير من بوسترات الأفلام الهوليوودية منها “ذا نيوز” و”هونور” و”باكس أوف أميركا” و”ريفانش” وكثير من الأفلام الأخرى.
وأكد بلعربي أن رسم ملصقات الأفلام “فن تقليدي كلاسيكي رواده هم الفنانون المصريون، لكن هذا الفن اليوم صار المتحف هو المكان الوحيد الذي يمكننا من رؤيته في العالم العربي، وبالطبع فإن سبب اندثار هذا الفن هو التكنولوجيا الحديثة وظهور ما بات يُعرف بالفن الرقمي”.
وتابع أنه فكر في إعادة هذا الفن إلى مكانته بطريقة عصرية لمواكبة الموجة الرقمية، لكنه واجه الكثير من الصعوبات، أولها كيف يتمكن من عرض الفكرة على المنتجين السينمائيين، وكيف يقنعهم بأن هذا الفن يمكن أن يكون فنا معاصرا ومميزا، وأن سعيه لإحياء ذلك الفن كان من أسباب توجهه لتصميم بوسترات الأفلام يدويا.
وحول القيمة التي يمثلها البوستر السينمائي، قال بلعربي إن البوستر السينمائي له قيمة فنية تتمثل في إخراج مضمون الفيلم وعرضه للمتلقي، وأخرى تجارية تتمثل في قوة جذب البوستر لأكبر عدد من المشاهدين ومن ثم رفع إيرادات الفيلم.
وحول اهتمام النقاد والكتاب المعنيين بالأعمال السينمائية بفن البوستر السينمائي والتأريخ له عربيا، قال بلعربي إن هناك من أرخ بالفعل لهذا الفن بالعالم العربي، لكنه اعتبر أن ما تم من جهد في هذا الشأن هو جهد متواضع، منتقدا غياب دور المراكز السينمائية والمؤسسات الفنية في توثيق تاريخ ذلك الفن.
وحول من قاموا بتأسيس فن البوستر السينمائي بالعالم العربي، قال إن مصر هي أول بلد عربي يشهد مرحلة تأسيس هذا الفن عربيا، وأن أول وأشهر رسامي البوستر أو الأفيش السينمائي في مصر هو الخواجة نيكولا صاحب أول ورشة لصنع البوستر أو الأفيش السينمائي في مصر، ثم تبعه ظهور عدد كبير من الفنانين الذين أسسوا ورشهم الخاصة لممارسة هذا الفن.
وأوضح أن تطور صناعة السينما في مصر، صاحبه تطور فن البوستر أو الأفيش السينمائي، حيث وصل إلى مستوى متطور، وأن هذا التطور كان دليلا على مهارة الفنانين المصريين الذين عملوا بهذا المجال.
وحول روّاد ورموز فن البوستر السينمائي من الفنانين العرب، قال بلعربي إن من أشهر من عمل بتصميم البوستر أو الأفيش السينمائي عربيا خميس الثغر، وعبده الحميد، وعلي جابر، وناجي شاكر، ووهيب فهمي، وأنور، وجسور، وراغب وغيرهم من الأجيال المتتالية من الفنانين الذين يعدون من روّاد ورموز ذلك الفن بالوطن العربي.
وعن الحاجة لوجود متحف عربي يوثق تاريخ هذا الفن، ويستحضر سيرة روّاده، قال إن هذا الفن بحاجة إلى متحف متخصص يجمع تحت سقفه كل ما أبدعه الفنانون العرب من بوسترات أو أفيشات سينمائية منذ ظهور السينما وحتى اليوم، وحفظ تلك الأعمال الفنية للأجيال، مع عرض مسيرة هؤلاء الفنانين الذين أبدعوا في هذا الفن وقدموا لنا إبداعا فنيا لا يُنسى.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
حجاج سلامة