Muslim Al-ta'an
جماليّات المسافة الدرامية للماء في قصيدة النثر:قراءة مسافاتية في ديوان ( شغب أنثوي) للشاعرة رسمية محيبس زاير*
بقلم: مسلم الطعان
الشاعرة رسمية محيبس زاير بين مسافتين:
مسافة السردية الشعرية ومسافة الشعرية السردية
مسافة الاستهلال:
إن الشاعرة المبدعة رسمية محيبس زاير هي إمرأة مسافاتية بإمتياز ويمكن لنا أن نختصر مسافات إبداعها، على سعته، بأربع مسافات:
الأولى: مسافة قصيدة النثر
الثانية: مسافة القصة القصيرة
الثالثة: مسافة الرواية
الرابعة: مسافة الكتابة السيرذاتية
المسافة الأولى:
ما يهمنا في هذه القراءة هو كيف يتحول النهر المادي Physical River إلى نهر جماليّ Aesthetic River ليروي ماءه عطش حواسنا حيث تقول الشاعرة بقصيدة ذات عنوان مائي مسافاتيّ ( أمواج):
"النهر الذي ورثته عن أبي
يتنهد بإرتياح
فقد تناهى إليه صوت سيول جارفة
وأمواج قادمة لم تكن في الحسبان
إنه ينام في سريرهِ مطمئنا ً
هازئاً بحكاية العطش
وتوقعات النجوم
إنه وليد السماء الذي لا يفطم أبداً
هو نهرٌ من قصائد راقصة
حفلة أساور وغزل بنات
أغنية الصيّادين في عرس النجمة".
( ديوان: شغب أنثوي: 2020: ص15)
هذا الإشتغال المسافاتي للشاعرة على البنية الثيّميَّة Thematic Setting لدراما الماء التي تجسدها تحولات النهر في النص أعلاه
ينم عن براعتها في إصطياد أسماك أفكارها بشبكة إيقاعها الغرافيّ( نسبة لنهر الغرّاف): الملهم الجماليّ لقصائد الشاعرة في كافة أعمالها الشعرية والسردية على حد سواء. في قصيدة أخرى بعنوان ( خريف) تحشد الشاعرة أدوات وعيها الجماليّ Aesthetic Consciousness لترصد لنا لعبة درامية أخرى ثيمتها الأساسية التحوّلChange أو التغيير المسافاتي: أي تحوّل الكائن من مسافة معينة إلى مسافة أخرى حين تخاطب الخريف قائلةً:
"يا لغفلتي أيها الخريف
كيف سهوت عن هذا الجمال
أنت أخّاذ
فيك شعرٌ لم أقرأْهُ في عينيّ فصلٍ آخر
الأرصفةُ محشوةٌ بالحقائب
أنت شاعرٌ سرياليّ
تمزّقُ القصائدَ
وترمي بها على الأرصفة ".
( شغب أنثوي: ص26)
وفي ذات القصيدة تواصل الشاعرة حفرها الجماليّ في بنية القصيدة للكشف عن تحوّل دراميّ للماء يتحوّل من خلالها النهر إلى نهر آخر:
"نحن مصابون بحروبٍ مزمنة
لا شأن لنا بالفصول الخضراء
حدّق في وجوهنا
إنها مضيئة بشحوبِكَ الجميل
نجلسُ على مصاطبكَ الصفراء
نسبحُ في نهر الصبر المتدفق
فينا حتى نغرق" ( ص26)
مسافة الخاتمة...
كل ما تكتبه الشاعرة المبدعة الأستاذة رسمية محيبس زاير المحترمة معجون بطينة الجمال وحتى في سردياتها الطويلة والقصيرة ثمة شعرية مائية مدهشة تنسجها أصابع خيالها الخصب. مسافات الماء كوجود فيزيائي Physical أو إستعاري Metaphorical تكاد تكون متسيدة على البنية الصورية والثيّميّة Thematic لخطابها الشعري- النثري، فلا تخلو أية قصيدة من مسافة الماء المادي أو مسافة الماء الجماليّ Aesthetic Water، وهذا الأمر يزيد في خصوبة نصوصها ومن طراوة صورها الشعرية Poetic Images وسيولة إيقاعاتها المتدفقة وكأن نهر الغراف الذي تعيش بقربه وتزور ضفافه يومياً وجد له نهراً جمالياً آخر في تفاصيل كتابتها اليومية، ولا شك أن نهر إبداعها المتدفق قد أصبح معادلا جماليّاً للنهر الذي بادلته العشق السومري منذ نعومة طفولتها الشطرية.
* مقطع من دراسة مطوّلة لديوان ( شغب أنثوي)
-------------------------------------------------------
كل التفاعلات:
علي السباعي
Muslim Al-ta'an
جماليّات المسافة الدرامية للماء في قصيدة النثر:قراءة مسافاتية في ديوان ( شغب أنثوي) للشاعرة رسمية محيبس زاير*
بقلم: مسلم الطعان
الشاعرة رسمية محيبس زاير بين مسافتين:
مسافة السردية الشعرية ومسافة الشعرية السردية
مسافة الاستهلال:
إن الشاعرة المبدعة رسمية محيبس زاير هي إمرأة مسافاتية بإمتياز ويمكن لنا أن نختصر مسافات إبداعها، على سعته، بأربع مسافات:
الأولى: مسافة قصيدة النثر
الثانية: مسافة القصة القصيرة
الثالثة: مسافة الرواية
الرابعة: مسافة الكتابة السيرذاتية
المسافة الأولى:
ما يهمنا في هذه القراءة هو كيف يتحول النهر المادي Physical River إلى نهر جماليّ Aesthetic River ليروي ماءه عطش حواسنا حيث تقول الشاعرة بقصيدة ذات عنوان مائي مسافاتيّ ( أمواج):
"النهر الذي ورثته عن أبي
يتنهد بإرتياح
فقد تناهى إليه صوت سيول جارفة
وأمواج قادمة لم تكن في الحسبان
إنه ينام في سريرهِ مطمئنا ً
هازئاً بحكاية العطش
وتوقعات النجوم
إنه وليد السماء الذي لا يفطم أبداً
هو نهرٌ من قصائد راقصة
حفلة أساور وغزل بنات
أغنية الصيّادين في عرس النجمة".
( ديوان: شغب أنثوي: 2020: ص15)
هذا الإشتغال المسافاتي للشاعرة على البنية الثيّميَّة Thematic Setting لدراما الماء التي تجسدها تحولات النهر في النص أعلاه
ينم عن براعتها في إصطياد أسماك أفكارها بشبكة إيقاعها الغرافيّ( نسبة لنهر الغرّاف): الملهم الجماليّ لقصائد الشاعرة في كافة أعمالها الشعرية والسردية على حد سواء. في قصيدة أخرى بعنوان ( خريف) تحشد الشاعرة أدوات وعيها الجماليّ Aesthetic Consciousness لترصد لنا لعبة درامية أخرى ثيمتها الأساسية التحوّلChange أو التغيير المسافاتي: أي تحوّل الكائن من مسافة معينة إلى مسافة أخرى حين تخاطب الخريف قائلةً:
"يا لغفلتي أيها الخريف
كيف سهوت عن هذا الجمال
أنت أخّاذ
فيك شعرٌ لم أقرأْهُ في عينيّ فصلٍ آخر
الأرصفةُ محشوةٌ بالحقائب
أنت شاعرٌ سرياليّ
تمزّقُ القصائدَ
وترمي بها على الأرصفة ".
( شغب أنثوي: ص26)
وفي ذات القصيدة تواصل الشاعرة حفرها الجماليّ في بنية القصيدة للكشف عن تحوّل دراميّ للماء يتحوّل من خلالها النهر إلى نهر آخر:
"نحن مصابون بحروبٍ مزمنة
لا شأن لنا بالفصول الخضراء
حدّق في وجوهنا
إنها مضيئة بشحوبِكَ الجميل
نجلسُ على مصاطبكَ الصفراء
نسبحُ في نهر الصبر المتدفق
فينا حتى نغرق" ( ص26)
مسافة الخاتمة...
كل ما تكتبه الشاعرة المبدعة الأستاذة رسمية محيبس زاير المحترمة معجون بطينة الجمال وحتى في سردياتها الطويلة والقصيرة ثمة شعرية مائية مدهشة تنسجها أصابع خيالها الخصب. مسافات الماء كوجود فيزيائي Physical أو إستعاري Metaphorical تكاد تكون متسيدة على البنية الصورية والثيّميّة Thematic لخطابها الشعري- النثري، فلا تخلو أية قصيدة من مسافة الماء المادي أو مسافة الماء الجماليّ Aesthetic Water، وهذا الأمر يزيد في خصوبة نصوصها ومن طراوة صورها الشعرية Poetic Images وسيولة إيقاعاتها المتدفقة وكأن نهر الغراف الذي تعيش بقربه وتزور ضفافه يومياً وجد له نهراً جمالياً آخر في تفاصيل كتابتها اليومية، ولا شك أن نهر إبداعها المتدفق قد أصبح معادلا جماليّاً للنهر الذي بادلته العشق السومري منذ نعومة طفولتها الشطرية.
* مقطع من دراسة مطوّلة لديوان ( شغب أنثوي)
-------------------------------------------------------
كل التفاعلات:
علي السباعي