یوسف بن تاشفین
حين يبحث المرء في تاريخ الحركات السياسية والدينية في الاسلام ، يرى الكثير من أوجه الشبه فيها ، فجل الحركات كان بعدما يتحقق لها النجاح نتوجه نحو قلب العالم الاسلامي لاحتلاله أو احتلال أجزاء منه ، ويكاد الباحث يجزم أنه لا يوجد في تاريخ الاسلام حركة واحدة كانت ذات مقاصد خارجية أو نصف خارجية اللهم إلا حركة المرابطين . قامت حركة المرابطين في بداية القرن الخامس للهجرة بين قبائل لمنونه ، وكانت هذه القبائل تقطن أطراف الصحراء المغربية ، ولها علاقات مباشرة مع افريقيا السوداء ، وحركة المرابطين حركة اسلامية اصلاحية ، ارادت تطبيق الاسلام نصاً وروحا في ديار الاسلام ، كما ابتغت نشره خارج ديار الاسلام وحين حقق المرابطون نجاحاتهم الأولى سيطروا على الصحراء المغربية كلها ، واتخذ زعيمهم أبو بكر بن عمر مدينة أغمات على طرف الصحراء مقراً مؤقتاً له وذلك سنة ٤٦٠ ه ، وفي أغمات اعتمــد المرابطون خططا جديدة لعمل المستقبل ، بحيث تقرر شطر قواتهم إلى قسمين : واحداً يضم الثلثين يعود إلى الصحراء ليتوجه منها إلى قلب القارة الافريقية حاملا اليها رسالة السماء ، والآخر يتولى تحرير مسلمي الغرب الاسلامي ، ويعيدهم إلى جادة الهدى والصلاح ، وقام زعيم
عاصمة أخذ مد سلطانه على وقبل أن يعود أبو بكر إلى الصحراء أناب ابن عمه يوسف بن تاشفين ليقود عنه جناح المرابطين الذي اوكل اليه أمر العمل في المغرب ، وبدأ يوسف أعماله بتأسيس مدينة مراكش ، التي ستصبح المغرب لقرون عديدة ثم أجزاء المغرب الأقصى فتحقق له ذلك في عدة سنوات
المرابطون أبو بكر بن عمر بالعودة نحو الصحراء ، حيث نشط هناك ، حتى توفاه الله مجاهداً في سبيله و وقبره الآن موجود في وسط جمهورية موريتانيا الاسلامية في منطقة تكانت في ولاية تجكجا ( الولاية التاسعة سابقاً ) وهو ما زال يزار حتى الآن .
واهتم يوسف بجيشه اهتماماً كبيراً ، فاستورد الاسلحة وصنع بعضها كما أولى الاسطول عنايته الفائقة ، حتى صار المرابطين اسطولهم الخاص الذي يخشى جانبه ، كما التفت يوسف الى ادارة دولته النامية فاستعان بعدد من رجال الادارة من أهل الأندلس ، وهكذا بدأت . اتصالاته الاولى بمشاكل الأندلس
كانت الأندلس آنند تعيش في حالة من التمزق السياسي الشديد حل بها اثر سقوط الخلافة الاموية فيها ، وكان لهذا التمزق ابلغ الآثار على مستقبل الاسلام والمسلمين في شبه الجزيرة الايبيريه ، حيث نشطت حركة الاسترداد الصليبية بشكل مروع ، وبات سقوط الأندلس قاب
قوسين أو أدنى عرفت حالة الأندلس آنذاك باسم عصر ملوك الطوائف ، وكانت مملكة اشبيلية أكبر ممالك الطوائف وأقواها وكان على عرشها المعتمد ابن عباد ، الذي يمكن اعتباره بين أعظم شخصيات العالم الاسلامي في القرن الخامس ، فهو كان سياسياً بارعاً ، وادارياً ناجحاً ، كما كان
من فارساً محنكا ، وعلى درجة كبيرة من الشجاعة والاقدام ، وفوق هذا كله كان من أعظم شعراء عصره ، وأكثرهم تمكنا فنون الأدب والبلاغة
وعندما شعر المعتمد بثقل الغارات الصليبية على ديار المسلمين ، ورأى أن طاقات مسامي الأندلس الممزقة لا تقوى على دفع هذا الخطر المحدق قرر طلب العون من يوسف بن تاشفين ، وأقدم على ذلك رغم التحذيرات الشديدة له ، بأنه سيفقد نتيجة عمله هذا عرشه وملكه ، فقد قال له ابنه الرشيد : ( أتدخل علينا في اندلسنا من يسلبنا ملكنا ، ويبدد شملنا ؟ . . فقال : أي بني ، والله لا يسمع عني أبداً اني أعدت الأندلس دار كفر ، ولا تركتها للنصارى ، فتقوم علي اللعنة في منابر الاسلام مثلما قامت على غيري ، حرز الجمال والله عندي خير من حرز الخنازير .) وبعدما وصلت الدعوة ليوسف بن تاشفين استجاب لها ، وأعـــد العدة الكافية للجهاد في الأندلس وعبر اليها سنة ٤٧٩ ه ، على رأس قوة ربما تجاوزت الخمسة وعشرين الفا ، واتخذ من الجزيرة الخضراء شحنها بالمؤن والسلاح ، ورم ما تشعث من أسوارها ، ثم توجه نحو اشبيلية. وهناك تلقاه المعتمد بن عباد كما توافد غالبية ملوك الطوائف بقواتهم الخاصة عليه ، حتى تجمع من الاندلسيين قرابة ألفا قاعدة له ، من المقاتلين أيضاً خمسة وعشرين وقام يوسف بمراسلة الفونسو السادس ملك قشتاله يدعوه إلى الاسلام أو الجزية أو القتال ، فاستجاب إلى دعوة القتال ، لذلك توجه المسلمون لمحوه إلى منطقة بطليوس من غرب الأندلس ، قريباً من أراضي البرتغال حالياً ، وإلى الشمال الشرقي من بطليوس في سهل عرف باسم الزلاقه ، جاءت القوات الاسلامية وجها لوجه أمام حشد هائل من ٢٦ - مائة أوائل
حين يبحث المرء في تاريخ الحركات السياسية والدينية في الاسلام ، يرى الكثير من أوجه الشبه فيها ، فجل الحركات كان بعدما يتحقق لها النجاح نتوجه نحو قلب العالم الاسلامي لاحتلاله أو احتلال أجزاء منه ، ويكاد الباحث يجزم أنه لا يوجد في تاريخ الاسلام حركة واحدة كانت ذات مقاصد خارجية أو نصف خارجية اللهم إلا حركة المرابطين . قامت حركة المرابطين في بداية القرن الخامس للهجرة بين قبائل لمنونه ، وكانت هذه القبائل تقطن أطراف الصحراء المغربية ، ولها علاقات مباشرة مع افريقيا السوداء ، وحركة المرابطين حركة اسلامية اصلاحية ، ارادت تطبيق الاسلام نصاً وروحا في ديار الاسلام ، كما ابتغت نشره خارج ديار الاسلام وحين حقق المرابطون نجاحاتهم الأولى سيطروا على الصحراء المغربية كلها ، واتخذ زعيمهم أبو بكر بن عمر مدينة أغمات على طرف الصحراء مقراً مؤقتاً له وذلك سنة ٤٦٠ ه ، وفي أغمات اعتمــد المرابطون خططا جديدة لعمل المستقبل ، بحيث تقرر شطر قواتهم إلى قسمين : واحداً يضم الثلثين يعود إلى الصحراء ليتوجه منها إلى قلب القارة الافريقية حاملا اليها رسالة السماء ، والآخر يتولى تحرير مسلمي الغرب الاسلامي ، ويعيدهم إلى جادة الهدى والصلاح ، وقام زعيم
عاصمة أخذ مد سلطانه على وقبل أن يعود أبو بكر إلى الصحراء أناب ابن عمه يوسف بن تاشفين ليقود عنه جناح المرابطين الذي اوكل اليه أمر العمل في المغرب ، وبدأ يوسف أعماله بتأسيس مدينة مراكش ، التي ستصبح المغرب لقرون عديدة ثم أجزاء المغرب الأقصى فتحقق له ذلك في عدة سنوات
المرابطون أبو بكر بن عمر بالعودة نحو الصحراء ، حيث نشط هناك ، حتى توفاه الله مجاهداً في سبيله و وقبره الآن موجود في وسط جمهورية موريتانيا الاسلامية في منطقة تكانت في ولاية تجكجا ( الولاية التاسعة سابقاً ) وهو ما زال يزار حتى الآن .
واهتم يوسف بجيشه اهتماماً كبيراً ، فاستورد الاسلحة وصنع بعضها كما أولى الاسطول عنايته الفائقة ، حتى صار المرابطين اسطولهم الخاص الذي يخشى جانبه ، كما التفت يوسف الى ادارة دولته النامية فاستعان بعدد من رجال الادارة من أهل الأندلس ، وهكذا بدأت . اتصالاته الاولى بمشاكل الأندلس
كانت الأندلس آنند تعيش في حالة من التمزق السياسي الشديد حل بها اثر سقوط الخلافة الاموية فيها ، وكان لهذا التمزق ابلغ الآثار على مستقبل الاسلام والمسلمين في شبه الجزيرة الايبيريه ، حيث نشطت حركة الاسترداد الصليبية بشكل مروع ، وبات سقوط الأندلس قاب
قوسين أو أدنى عرفت حالة الأندلس آنذاك باسم عصر ملوك الطوائف ، وكانت مملكة اشبيلية أكبر ممالك الطوائف وأقواها وكان على عرشها المعتمد ابن عباد ، الذي يمكن اعتباره بين أعظم شخصيات العالم الاسلامي في القرن الخامس ، فهو كان سياسياً بارعاً ، وادارياً ناجحاً ، كما كان
من فارساً محنكا ، وعلى درجة كبيرة من الشجاعة والاقدام ، وفوق هذا كله كان من أعظم شعراء عصره ، وأكثرهم تمكنا فنون الأدب والبلاغة
وعندما شعر المعتمد بثقل الغارات الصليبية على ديار المسلمين ، ورأى أن طاقات مسامي الأندلس الممزقة لا تقوى على دفع هذا الخطر المحدق قرر طلب العون من يوسف بن تاشفين ، وأقدم على ذلك رغم التحذيرات الشديدة له ، بأنه سيفقد نتيجة عمله هذا عرشه وملكه ، فقد قال له ابنه الرشيد : ( أتدخل علينا في اندلسنا من يسلبنا ملكنا ، ويبدد شملنا ؟ . . فقال : أي بني ، والله لا يسمع عني أبداً اني أعدت الأندلس دار كفر ، ولا تركتها للنصارى ، فتقوم علي اللعنة في منابر الاسلام مثلما قامت على غيري ، حرز الجمال والله عندي خير من حرز الخنازير .) وبعدما وصلت الدعوة ليوسف بن تاشفين استجاب لها ، وأعـــد العدة الكافية للجهاد في الأندلس وعبر اليها سنة ٤٧٩ ه ، على رأس قوة ربما تجاوزت الخمسة وعشرين الفا ، واتخذ من الجزيرة الخضراء شحنها بالمؤن والسلاح ، ورم ما تشعث من أسوارها ، ثم توجه نحو اشبيلية. وهناك تلقاه المعتمد بن عباد كما توافد غالبية ملوك الطوائف بقواتهم الخاصة عليه ، حتى تجمع من الاندلسيين قرابة ألفا قاعدة له ، من المقاتلين أيضاً خمسة وعشرين وقام يوسف بمراسلة الفونسو السادس ملك قشتاله يدعوه إلى الاسلام أو الجزية أو القتال ، فاستجاب إلى دعوة القتال ، لذلك توجه المسلمون لمحوه إلى منطقة بطليوس من غرب الأندلس ، قريباً من أراضي البرتغال حالياً ، وإلى الشمال الشرقي من بطليوس في سهل عرف باسم الزلاقه ، جاءت القوات الاسلامية وجها لوجه أمام حشد هائل من ٢٦ - مائة أوائل
تعليق