تعرفوا على الموسيقى في بلجيكا Belgique..حسني الحريري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعرفوا على الموسيقى في بلجيكا Belgique..حسني الحريري

    بلجيكه(موسيقي)

    Belgium - Belgique


    الموسيقى في بلجيكة

    لم تأخذ الموسيقى البلجيكية طابعها القومي إلا متأخراً، إذ كان يطلق عليها أسماء مختلفة مثل «الفلمنكية» أو «الفرانكوـ فلمنكية» أو «الفرانكوـ هولندية». وقد سميت كذلك لأن الموسيقيين البلجيكيين الأوائل منهم من ولد أو تدرب في منطقة الفلاندر، أو في فرنسة، أو في الأراضي المنخفضة (هولندة).
    وقد كانت انطلاقة الموسيقى الفلمنكية من مدينة لييج في القرن العاشر الميلادي، ثم عمّت في الكثير من المدن الأخرى، وفي أوربة منذ منتصف القرن الخامس عشر وحتى أواخر القرن السادس عشر. وكانت أوربة أكثر معرفة بالفنون التشكيلية الفلمنكية منها بالفنون الموسيقية، ولكن ليس أكثر تأثراً بالأولى منهما.
    وقد أدى اهتمام بعض ملوك و أمراء البلاد بالموسيقى الفلمنكية إلى شيوعها، وخاصة الغناء الكنسي مثل «الموتيت» motet و«القداس» mass [ر.الإنشاد الديني]، وإلى انتشار الأغنية الدنيوية في قصور الأمراء، وكان ذلك من أسباب نشوء المدارس التي تعنى بالموسيقى و الغناء في الكثير من المدن البلجيكية بقيادة موسيقيين جادين مثل هوكبالد Hucbald (نحو840 -930م)، وجان سيكونيا J.Ciconia (نحو 1340-1411)، وجان براسّار J.Brassart (نحو 1405- 1445). وكان غيوم دوفي (1400- 1474) G.Dufay قد أقام في منتصف القرن الخامس عشر، مركزاً موسيقياً في مدينة هينو Hainaut حيث نشأت موسيقى «تعدد الأصوات» (البوليفونية) polyphony[ر.الإنسجام]، وبذا عُدَ دوفي على رأس الجيل الأول من الموسيقيين الفلمنكيين الذين أسهموا في نشر موسيقاهم. كذلك يعد معاصره جيل بنشوا (1400-1460) G.Binchois، أحد أقدم الباحثين في فن «الطباق»[ر] counterpoint، وساعد في تخليص الموسيقى من «الانسجام»[ر] harmony البدائي و تجريديته العقيمة، وصارت الأصوات تتمازج باتفاق تام. ثم جاء يوهانس أوكغيم[ر] (1430- 1495) J.Ockeghem، من الجيل الثاني الناشط، ليساعد في تطوير الموسيقى الفلمنكية أكثر من سابقيه مما كان له تأثير كبير في معظم أنحاء أوربة أيضاً. وقد طور أوكغيم مع زميله أوبريخت[ر] Obrecht تقنية «البوليفونية» الغنائية الكنسية وغدا الموسيقيون الفلمنكيون مكرمين في جميع البلاد الأوربية إضافة إلى موطنهم. ويعد جوسكان ديبريه[ر] (1440- 1521) J.Desprès على رأس الجيل الثالث الفلمنكي بسبب خياله الخصب وابتكاراته اللذين أديا إلى نهضة موسيقية في كل من إيطالية وفرنسة إضافة إلى بلاده. وقد ربط بين الكلمة والموسيقى في أنواع الغناء الديني. وتابع أدريان ويلاّر (1490-1562) A.Willaert خطا ديبريه، واستدعي إلى مدينة البندقية (إيطالية) ليعين قائداً موسيقياً في كنيستها «سان ماركو».
    أما الجيل الأخير من الموسيقيين الفلمنكيين فيمثله أورلاندو دي لاسّو[ر] O. di Lasso (نحو1532- 1594) الذي اتبع التقانة الهولندية التي طبقت في الأغاني الدينية والدنيوية الألمانية والإيطالية، وصار الأسلوب الفلمنكي شائعاً في شتى أنحاء أوربة. وفي المقابل، فقد تَمثّل بعض الصيغ الموسيقية الأوربية، مثل «الأغنية» chanson الفرنسية، و«المادريغال» madrigal الإيطالية، و«الليد» lied الألمانية [ر.الأغنية] في الموسيقى الفلمنكية وغدا جزءاً منها. ولم يحاول الموسيقيون الفلمنكيون الخروج عن النظم الموسيقية التقليدية المألوفة آنذاك.
    لم ينتج القرن السابع عشر، بعد وفاة دي لاسو، أي مؤلف موسيقي فلمنكي فذّ مع ما بذلته الكنيسة الملكية ومرتلوها، إذ إن الموسيقى الدينية ومرافقتها بالآلات الموسيقية كانت تجري وفق التقليد البوليفوني، إلا أن جان باتيست لوييه (1680-1730) J.B.Luillet أدى، في القرن الثامن عشر، دوراً مهماً في نشر آلة الفلوت الخشبية [ر.الناي]، كما أعطى أندريه غريتري A.Grétry (1741-1813م) دفعاً قوياً لـ«الأوبرا ـ الهزلية» الفرنسية، وكان أحد قادة الجوقات الغنائية الرسميين للثورة الفرنسية. وكان موسيقيون آخرون أسهموا، في تلك الحقبة، في تثبيت دعائم الأسلوب الاتباعي [ر] (الكلاسيكي) التقليدي في مستقبل الموسيقى البلجيكية.
    حين استقلت بلجيكة عام 1830، لم تكن المدرسة الموسيقية القومية قد تكونت بعد، إذ كان التقنيون والعازفون وعلماء الموسيقى هم الغلبة في الساحة الموسيقية، فلمعت أسماء كثيرة في القرن التاسع عشر، مثل شارل دو بريو (1802-1870) Ch.de Bériot، وهنري فيوتان (1820-1881) H.Vieuxtemps، وأوجين إيزاي (1858-1931) E.Ysaye في آلة الكمان؛ ونيكولا لِمّنس (1823-1881) N.Lemmens مؤسس مدرسة الأرغن؛ وفرنسوا جوزيف فيتيس (1784-1871) F.J.Fètis في علم الموسيقى.
    وبدأت الحركة الموسيقية البلجيكية في منتصف القرن التاسع عشر، تستوحي موضوعاتها من الأدب الفلمنكي وتستقي من الألحان الفلكلورية. وأُسست المعاهد الموسيقية في كثير من المدن، وكانت الاتجاهات الموسيقية القومية كمثيلاتها الفرنسية في الفن والأدب والفلسفة، وكان المؤلف الموسيقي سيزار فرانك[ر] C.Franck قد أسهم في تعميق الشعور الموسيقي القومي، وأثَّر في الأوساط الفنية الفرنسية أيضاً حتى عده الفرنسيون واحداً من موسيقييهم.
    وشهر موسيقيون بلجيكيون كثيرون في القرن العشرين، فمنهم من كانت نزعته الموسيقية فرنسية، ومنهم من عني بالموسيقى «اللامقامية» atonale، و«الدوديكافونية» (الاثنى عشرية)، و«الإلكترونية» [ر. الموسيقى]، والنقد الموسيقي. ويعد جان أبسيل (1893-1974) J.Absil في مشاهير المؤلفين الموسيقيين البلجيكيين في الحداثة الموسيقية، والناطق باسم «جماعة التوليفيين» Les Synthétistes، التي أُسست عام 1925، الذين أرادو تحديد أساليب التأليف الموسيقي المعاصر، وكانوا ينشرون آراءهم في «المجلة الموسيقية البلجيكية»، إضافة إلى هنري بوسور (1929-) H.Pousseur، تلميذ أبسيل، الذي كان له أثر مهم في التجديد الموسيقي الأوربي عامة، وله عدة مؤلفات في الموسيقى التقليدية والإلكترونية.
    وأسهمت مؤسسات بلجيكية كثيرة في دعم الحركة الموسيقية القومية وتطويرها مثل «مؤسسة الملكة إليزابيث الموسيقية الكنسية» التي تهيئ الفرص الملائمة للفنانين الموهوبين لتحسين أنفسهم، و«هيئة الإذاعة والتلفزة»، والمعاهد الموسيقية المتعددة في الكثير من المدن البلجيكية، إضافة إلى مساق «علم الموسيقى» musicology الذي يدرس في جامعات متعددة، و«مركزالأبحاث الموسيقية»، و«دار أوبرا والون».

    حسني الحريري

يعمل...
X