بورسيل (هنري)
Purcell (Henry-) - Purcell (Henry-)
بورسيل (هنري ـ)
(نحو 1659م ـ 1695م)
هنري بورسيل Henry Purcell مؤلف موسيقي وعازف أرغن[ر] Organ إنكليزي ولد وتوفي في لندن. كان والده يدرب موسيقيي الكنيسة الملكية، وكان هنري يغني، طفلاً، في جوقتها فاكتسب كثيراً من الخبرات الموسيقية. ولما صارغلاماً بالغاً وتبدل صوته عُين، عام 1673، مساعداً لرئيس الفرقة الموسيقية الملكية وعاملاً على إصلاح آلاتها. وفي العام التالي، شغل عمل مصلح لأرغن كنيسة وستمينستر Westminster، وصار ينسخ المؤلفات الغنائية المرافقة بالأرغن. وفي العام 1677 عين مؤلفاً موسيقياً في الفرقة الموسيقية للملك شارل الثاني المؤلفة من 24 عازف كمان[ر]. وبعد عامين، صار عازف أرغن في كنيسة وستمينستر خلفاً للعازف جون بلو (1649 - 1708) J.Blow . ثم عين، عام 1682، واحداً من عازفي الأرغن الثلاثة في الكنيسة الملكية وبقي في عمله هذا خلال حكم الملك جيمس الثاني والملك وليم الثالث وزوجته الملكة ماري مما أعطاه دعماً مالياً وافياً. وكان قد تزوج ورزق بستة أبناء صار أحدهم، وهو إدوارد، موسيقياً.
إضافة إلى ذلك، ألّف بورسيل مجموعة من السوناتا[ر] Sonata ذات ثلاثة أقسام لاثنتين من الكمان وفيول واحدة بمرافقة الأرغن أو الهاربسيكورد [ر. البيانو] Harpsichord نشر منها (عام 1683) اثنتي عشرة سوناتا مهداة إلى الملك شارل الثاني، كما ألّف عشر سوناتات أخرى ذات أقسام أربعة مع قطعة «اتباع» (كانون) Canon [ر.الصيغ الموسيقية] نشرتها أرملته عام 1697.
وكان من أشهر هذه الأعمال «السوناتا الذهبية» Golden Sonata. أما موسيقاه الغنائية فقد كانت تفتقر، في الكثير منها، إلى التمازج بين الكلمة واللحن فلم تتناغم الكلمات مع إبداعه الموسيقي وذلك بسبب ضحالة النصوص الكتابية. ومع ذلك فقد كان يُعد المؤلف الموسيقي الأكثر خصوصية وتميزاً بين معاصريه في أوربة. ويرجع ذلك إلى حفاظه على الأسلوب الموسيقي الإنكليزي مع تأثره الواضح بالموسيقى الإيطالية.
أخذت شخصية بورسيل الموسيقية تتسم بطابع مميز في الثمانينات وبداية التسعينات من القرن السابع عشر. ويبدو ذلك جلياً في جميع أعماله التي كتبها في ذاك الوقت مثل أغنية «الملكة الجنية» Fairy Queen التي أهداها إلى الملكة ماري، و«قصيدة يوم القديسة سيسيليا» ode on St. Cecilia’s day اللتين ألّف موسيقاهما عام 1692.
لم يحاول بورسيل الكتابة الموسيقية للمسرح الغنائي لقلة وجود جمهور للأوبرا[ر] آنذاك، وتتكون معظم أعماله للمسرح من موسيقى للآلات والغناء المرافقين للأحداث المسرحية مثل «حكاية ديوكليزيان» The History of Dioclesian (عام 1690) المستمدة من مأساة «الوحي» Profetess، و«الملك أرثر» (عام 1691) وبقيت الأعمال المماثلة لهما متواضعة جداً. إلا أنه ألّف، عام 1689، موسيقى أوبراه الوحيدة «دايدو وإينياس» Dido and Aeneas التي كتب نصها ناهوم تيت Nahum Tate بغرض تأديتها في مدرسة للإناث في تشيلسي Chelsea. وتتصف هذه الأوبرا، على صغرها، بالمأساة المؤثرة التي تدور حوادثها في المدينة التاريخية «قرطاجة» وبطلتها فينيقية من مدينة صور. وقد قدمها طلاب المعهدين العاليين للموسيقى والمسرح ـ في دمشق ـ في قصر الأمويين عام 1995، متعاونين مع خبراء إنكليز في هذا المضمار. وتتميز هذه الأوبرا بالأداء الموسيقي والمسرحي اللامعقد. وقد أظهر بورسيل في أعماله هذه موهبة وإحساساً مميزاً في التعبير الموسيقي العاطفي كان يتجاوز، غالباً، قوة النصوص المدونة. وكان الأسلوب الإيطالي بيّناً في موسيقاه وخاصة في أعماله الأخيرة للمسرح.
تضاءل إنتاج بورسيل في الموسيقى الدينية في أواخر حياته وذلك بسبب قلة موارد الكنيسة الملكية بعد وفاة الملك شارل الثاني، واهتمام بورسيل بالتأليف الموسيقي للمسرح. وقد اتسمت بعض أعماله الغنائية الهامة بالمزج بين الإلقاء الملحّن Recitative والأريا Aria (أغنية قصيرة لصوت منفرد ترافقه آلة واحدة أو بضعة آلات موسيقية) بأسلوب «المغنّاة»[ر] (الكانتاتا) Cantata الإيطالية المنفردة. واستخدم بورسيل كذلك، في موسيقاه الغنائية الدنيوية، تقانة «الجهير المستمر» Basso Ostinato (Ground bass) (وهي جملة لحنية قصيرة تتكرر مراراً في الصوت الجهير «المنخفض» ترافقها جمل لحنية متنوعة في الأصوات العليا).
إضافة إلى ما نشر من مؤلفات موسيقية لبورسيل في حياته، وإلى ما نشرته أرملته من موسيقاه للهاربسيكورد وللمسرح، قام الناشر هنري بليفورد H.Playford بنشر جزأين من أعمال بورسيل الغنائية بعنوان «أورفيوس البريطاني» Orpheus Britanicus. ثم نشرت «جمعية بورسيل» التي تأسست عام 1876، كامل مؤلفاته التي بلغت 32 جزءاً أكمل إصدارها عام 1965.
وتحتوي هذه المؤلفات بعض الصيغ الموسيقية التي كانت مستخدمة آنذاك مثل: الأوبرا (واحدة فقط)، وأعمال موسيقية غنائية للمسرح منها: «الملكة الجميلة» (1692) وهي مقتبسة عن «حلم منتصف ليلة صيف» لشكسبير، و«الملكة الهندية» و«العاصفة» (وكلتاهما عام 1695)، وموسيقى مرافقة Incidental music منها: «ثيودوزيوس» Theodosius أو «قوة الحب» (1680)، و«أمفيتريون» (1690) Amphitryon، و«الامبراطور الهندي» (1691)، و«قصة دون كيشوت الساخرة» (1694-1695)، وأغانٍ كثيرة منفردة وللجوقة الغنائية مثل مناسبات أعياد القديسة سيسيليا، وأعياد ميلاد الملكة ماري، ورثائها في موتها وجناز لها (1695)، وتراتيل دينية مختلفة، وقطع موسيقية كثيرة مثل الفانتازيا والسوناتا والافتتاحية[ر] Overture والمتتالية [ر. الصيغ الموسيقية] Suite للوتريات (أسرة الكمان)، وقطع موسيقية مختلفة للأرغن وللهاربسيكورد.
أبية حمزاوي