و معروف أن بلاد الشام اجتاحها في القرن الحادي عشر جموع من التركمان ، وأن هؤلاء التركمان دفعوا أمامم قبائل شمال الشام والجزيرة نحو الداخل والبادية ، وهكذا غدت حماة أهم سوق القبائل البادية كما أن الأمر استدعى وجود سلطات قوية في حماة لتحد من نشاط القبائل ولترصد تحركاتها ، وهكذا توفر مع الأيام لهذه المدينة جهاز اداري خاص ، وتهيأت جميع الظروف لقيام دولة مستقلة فيها . وفي أيام صلاح الدين الأيوبي ، أواخر القرن الثاني عشر ، حدث ذلك فقام في حماة دولة أيوبية مستقلة ، وبه د وفاة صلاح الدين و انفراط عقد امبراطوريته ، تورط ملوك حماة في منازعات أفراد البيت الأيوبي أحياناً ، ووقفوا موقف الحياد أحيانا أخرى وشغلوا دور الوسيط المهادن بين المتنازعين ، وقد منح هذا الدور ملوك حماة احتراماً خاصاً ويبدو أن هؤلاء الملوك نجحوا أيضا في إقامة علاقات تهادن مع الحشيشية من جهة وأمراء قبائل البدو من جهة أخرى ، لهذا نعمت دولتهم بالاستقرار ، ولجأ إليها كبير من العلماء فشهدت نشاطاً ثقافياً كبيراً. وبعد سقوط الممالك الأيوبية في القاهرة وسواها ، وقيام المملوكية استمرت مملكة حماة حية ، ولعل مره ذلك إلى أن قبائل البادية فضلت التعامل مع ملك مستقل في حماة على التعامل مباشرة السلطنة ، وأن السلطنة بدورها رغبت للسبب نفسه في استمرار في حماة تستطيع بطاقاتها الذاتية التعامل مع البداة ، وهذا منهج معروف منذ القديم في الشام ، ويمكن أن نضيف إلى هذا غزوات المغول الإيلخانيين على الشام ، ونشاط المماليك ضد أرمينية فقد كانت حماة قاعدة هامة لرصد حركات المغول والتصدي لهم ، كما أنها كانت محطة هامة للقوات التي كانت تتوجه لغزو أرمينية . عدد السلطنة مع مملكة وجود
ويبدو طبقته في عصره من ثقافة عربية اسلاميه ، وتدريبات عسكرية وسياسية وعندما غدا شاباً التحق يجيش حماه ، وشارك في عدد من المهام والحملات داخل الشام وخارجه ، كما زار بلاط السلطنة المملوكية في القاهرة مراراً ، مما جعله يحظى بمكانة عالية فيه ، وفي مطلع القرن الرابع عشر م مر الحكم في حماة بعدة أزمات انتهت عام ١٣١٠ م بصدور مرسوم سلطاني بتعيين أبي الفداء ملكاً على حماة ليس في حياة أبي الفداء السياسية والعسكرية قبل الملك وبعده حوادث متميزة سببت له شهرته الكبيرة ، وكتبت له ما حظي به من خلود ، فلقد نال ذلك عن طريق الثقافة ، وبسبب اسهاماته في مجالاتها وكانت ثقافة أبي الفداء ثقافة موسوعية شاملة راقية ، شملت فنونا عدة مثل الطب ، وعلم الهيئة ، والفقه ، والأدب والجغرافية والتاريخ ، وقد كتب أبو الفداء وصنف في معظم الفنون نثراً وشعراً و ارتفاع المستوى الثقافي لأبي الفداء دليل على رقي الحضارة العربية في عصره الذي يعتبر جهلا عصر ولعل أهم ما أنتجه أبو الفداء ، كان في ميدان الجغرافية والتاريخ واسم كتابه في الجغرافية تقويم البلدان ، وقد لاقى هذا الكتاب عناية كبيرة منذ عصر المؤلف ومازال يلقى نفس الأهمية ، فقد نقل عنه انحطاط
لقد تربع على عرش حماة عدد من الملوك الأبوبيين ، جلهم وصف بالعلم والثقافة وأعمال التصنيف ، وحين يذكر هؤلاء يذكر في مقدمتهم أبو الفداء اسماعيل بن علي ، وقد ولد أبو الفداء عام ١٢٧٣ م وكان ثاني ثلاثة ذكور ولدوا لأبيه الملك الأفضل ، لكن بعد ماشب صار أولهم مكانة وشهرة أن أبا الفداء تلقى منذ نعومة أظفاره ما كان يتلقاه أبناء
عدد من معلوماته كبير من الكتاب المسلمين من عرب وفرس وأتراك ، كما اعتبر ثالث كتاب عربي اشتهر في الغرب بعد القرآن الكرتم وألف ليلة وليلة، وظهرت له عدة ترجمات إلى الفرنسية منذ القرن الثامن عشر ، وعندما يطالع الباحث هذا الكتاب يرى بوضوح بروز الاتجاه الجغرافي فيه ، وطغيان المعلومات الجغرافية ، وعرضها بشكل متوازن مركز ليس فيه بعثرة ، كما الحال عند ياقوت مثلاً ، وبذلك يعتبر أبو الفداء واحداً الرواد الذين أسهموا في وضع علم الجغرافيا الحديثة ، هذا ويهتم أبو الفداء بتحديد المواضع ، كما نلاحظ عنده تمييزاً بين الجغرافية العامة والجغرافية الاقليمية ، و معلوم أن أبا الفداء لم يكن رحالة ، وإنما جمع مما تجمع لديه من كتب الجغرافية والرحلات ومن بعض الروايات الشفويه ، وبذلك كان هو بحاثة في الجغرافية نرى لديه حسا نقديا يميز بين الخطأ والصواب بمحاكمة سليمة بناءة . ويعرض أبو الفداء معلوماته عرضاً سها متوازنا فيه المصطلحات الجغرافية العربية ، وعندما صدر كتابه ملأ فراغاً كبيراً ، لأنه حوى خلاصة المعلومات الجغرافية التي تجمعت لدى المسلمين ، إنما من الملاحظ أن أبا الفداء لم يضمن كتابه أية خرائط ومصورات كما فعل غيره من الجغرافيين الكبار ، لكن هذا لم يؤثر على مكانة الكتاب ، سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار عمل صاحبه في الملك والسياسة ، ومن هذه الزاوية إذا ما قارنا بينه وبين البكري وهو رجل دولة مثله، نجد أن أبا الفداء كان أكثر تماسكاً وأقل تناقضاً وخطأ ، ولهذا استحق الخلود وارتبط اسمه باسم مدينة حماة التي باتت تعرف باسم مدينة أبي الفداء وفي مجال التاريخ ، كتب أبو الفداء كتاباً في تاريخ مدينة حماة لم يصلنا ، وكتاباً آخر دعاه باسم المختصر في أخبار البشر ، وقد طبع هذا الكتاب أكثر من مرة إنما بشكل غير علمي ، وفي مقدمة هذا
الكتاب أوضح المؤلف دوافعه إلى تأليفه وغاياته منه ، كما أثبت أسماء مصادره ، وكان على رأس هذه المصادر كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير ، وفي الحقيقة لخص أبو الفداء ماجاء في كتاب الكامل ، ثم زاد على ذلك أخبار ما بعد ابن الأثير
وتدل عملية اختصار كتاب الكامل على ذوق رفيع وعمق في المعرفة و اهتمام زائد بأخبار بلاد الشام ، وخاصة مملكة حماة ، أننا نلاحظ من ثنايا الكتاب بأن أبا الفداء غلبت عليه التصنيف بلا فلسفة خاصة ، أو نظرة متميزة للتاريخ ، رغم أنه كان رجل سياسة وحكم عربية للتاريخ ونظرة مقومة ، لكن هذا كله لا ينفي حقيقة هامة أن كتابه مصدر أساسي للتاريخ الاسلامي خاصة فيما يتعلق ببلاد الشام ، والعصرين الأيوبي والمملوكي . و صحيح روح عاش في عصر فلسفة .
ويبدو طبقته في عصره من ثقافة عربية اسلاميه ، وتدريبات عسكرية وسياسية وعندما غدا شاباً التحق يجيش حماه ، وشارك في عدد من المهام والحملات داخل الشام وخارجه ، كما زار بلاط السلطنة المملوكية في القاهرة مراراً ، مما جعله يحظى بمكانة عالية فيه ، وفي مطلع القرن الرابع عشر م مر الحكم في حماة بعدة أزمات انتهت عام ١٣١٠ م بصدور مرسوم سلطاني بتعيين أبي الفداء ملكاً على حماة ليس في حياة أبي الفداء السياسية والعسكرية قبل الملك وبعده حوادث متميزة سببت له شهرته الكبيرة ، وكتبت له ما حظي به من خلود ، فلقد نال ذلك عن طريق الثقافة ، وبسبب اسهاماته في مجالاتها وكانت ثقافة أبي الفداء ثقافة موسوعية شاملة راقية ، شملت فنونا عدة مثل الطب ، وعلم الهيئة ، والفقه ، والأدب والجغرافية والتاريخ ، وقد كتب أبو الفداء وصنف في معظم الفنون نثراً وشعراً و ارتفاع المستوى الثقافي لأبي الفداء دليل على رقي الحضارة العربية في عصره الذي يعتبر جهلا عصر ولعل أهم ما أنتجه أبو الفداء ، كان في ميدان الجغرافية والتاريخ واسم كتابه في الجغرافية تقويم البلدان ، وقد لاقى هذا الكتاب عناية كبيرة منذ عصر المؤلف ومازال يلقى نفس الأهمية ، فقد نقل عنه انحطاط
لقد تربع على عرش حماة عدد من الملوك الأبوبيين ، جلهم وصف بالعلم والثقافة وأعمال التصنيف ، وحين يذكر هؤلاء يذكر في مقدمتهم أبو الفداء اسماعيل بن علي ، وقد ولد أبو الفداء عام ١٢٧٣ م وكان ثاني ثلاثة ذكور ولدوا لأبيه الملك الأفضل ، لكن بعد ماشب صار أولهم مكانة وشهرة أن أبا الفداء تلقى منذ نعومة أظفاره ما كان يتلقاه أبناء
عدد من معلوماته كبير من الكتاب المسلمين من عرب وفرس وأتراك ، كما اعتبر ثالث كتاب عربي اشتهر في الغرب بعد القرآن الكرتم وألف ليلة وليلة، وظهرت له عدة ترجمات إلى الفرنسية منذ القرن الثامن عشر ، وعندما يطالع الباحث هذا الكتاب يرى بوضوح بروز الاتجاه الجغرافي فيه ، وطغيان المعلومات الجغرافية ، وعرضها بشكل متوازن مركز ليس فيه بعثرة ، كما الحال عند ياقوت مثلاً ، وبذلك يعتبر أبو الفداء واحداً الرواد الذين أسهموا في وضع علم الجغرافيا الحديثة ، هذا ويهتم أبو الفداء بتحديد المواضع ، كما نلاحظ عنده تمييزاً بين الجغرافية العامة والجغرافية الاقليمية ، و معلوم أن أبا الفداء لم يكن رحالة ، وإنما جمع مما تجمع لديه من كتب الجغرافية والرحلات ومن بعض الروايات الشفويه ، وبذلك كان هو بحاثة في الجغرافية نرى لديه حسا نقديا يميز بين الخطأ والصواب بمحاكمة سليمة بناءة . ويعرض أبو الفداء معلوماته عرضاً سها متوازنا فيه المصطلحات الجغرافية العربية ، وعندما صدر كتابه ملأ فراغاً كبيراً ، لأنه حوى خلاصة المعلومات الجغرافية التي تجمعت لدى المسلمين ، إنما من الملاحظ أن أبا الفداء لم يضمن كتابه أية خرائط ومصورات كما فعل غيره من الجغرافيين الكبار ، لكن هذا لم يؤثر على مكانة الكتاب ، سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار عمل صاحبه في الملك والسياسة ، ومن هذه الزاوية إذا ما قارنا بينه وبين البكري وهو رجل دولة مثله، نجد أن أبا الفداء كان أكثر تماسكاً وأقل تناقضاً وخطأ ، ولهذا استحق الخلود وارتبط اسمه باسم مدينة حماة التي باتت تعرف باسم مدينة أبي الفداء وفي مجال التاريخ ، كتب أبو الفداء كتاباً في تاريخ مدينة حماة لم يصلنا ، وكتاباً آخر دعاه باسم المختصر في أخبار البشر ، وقد طبع هذا الكتاب أكثر من مرة إنما بشكل غير علمي ، وفي مقدمة هذا
الكتاب أوضح المؤلف دوافعه إلى تأليفه وغاياته منه ، كما أثبت أسماء مصادره ، وكان على رأس هذه المصادر كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير ، وفي الحقيقة لخص أبو الفداء ماجاء في كتاب الكامل ، ثم زاد على ذلك أخبار ما بعد ابن الأثير
وتدل عملية اختصار كتاب الكامل على ذوق رفيع وعمق في المعرفة و اهتمام زائد بأخبار بلاد الشام ، وخاصة مملكة حماة ، أننا نلاحظ من ثنايا الكتاب بأن أبا الفداء غلبت عليه التصنيف بلا فلسفة خاصة ، أو نظرة متميزة للتاريخ ، رغم أنه كان رجل سياسة وحكم عربية للتاريخ ونظرة مقومة ، لكن هذا كله لا ينفي حقيقة هامة أن كتابه مصدر أساسي للتاريخ الاسلامي خاصة فيما يتعلق ببلاد الشام ، والعصرين الأيوبي والمملوكي . و صحيح روح عاش في عصر فلسفة .
تعليق