كيف تتخطى العلاقات الأسرية المكسورة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف تتخطى العلاقات الأسرية المكسورة

    قد يكون الانفصال الأسري مؤلمًا، لكنك تستطيع التعامل معه أو تجنب حدوثه. قد تشتاق إلى أحد أفراد عائلتك عند ابتعاده بإرادته، وتشعر بالحيرة والاضطراب والغضب والخجل أيضًا، وحتى بالإحباط وخيبة الأمل، خاصةً عند غياب احتمالية عودته. قد يسبب الحزن في هذه الحالة ألمًا أكبر من ألم وفاة شخص مقرب، ويكون الأمر أعقد.




    لماذا يقطع الناس الروابط مع أفراد عائلتهم؟ وهل توجد طرق للتعامل مع هذه المشكلة؟

    لا توجد الكثير من الدراسات حول حالات الانفصال الأسري ، فهو موضوع صعب الدراسة، إذ لا يقبل أكثر الأشخاص التحدث عن خلافهم مع عائلاتهم.

    اهتم الباحثون حديثًا بحالات الانفصال بين الآباء والأبناء الراشدين، ووجدوا أربع نقاط أساسية:

    1. حالات الانفصال بين الآباء والأبناء البالغين أكثر شيوعًا مما نظن:




    يتحدث الجميع عن العائلة كثيرًا، سواء في الأخبار أو الأفلام أو في نقاشاتنا اليومية وتذمرنا حول خلافاتنا في العطل. قد نعتقد أن جميع العائلات تقريبًا سليمة، حتى مع وجود خلافات بسيطة فيها.

    في إحصائية كبيرة أُجريت على مجموعة شباب من الطلاب وخريجي الجامعات في شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية، أظهرت النتائج أن نحو 17% من المشاركين عانوا انفصال أحد أفراد العائلة المباشرين عنهم، غالبًا الأب. وبإجراء الإحصائية على الآباء وجد الباحثون أن 12% منهم منفصلون عن أبنائهم.

    تحدث القطيعة من جهة الأبناء غالبًا، إذ يبدأ 5-6% فقط من الأهل القطيعة. قد نفسر ذلك بأن الأبناء يشكلون الرابط الأقوى لأهلهم، لكنهم يكبرون ويلتقون بشركائهم وينجبون أطفالًا، فيعيدون توجيه مسؤولياتهم وروابطهم إلى عائلاتهم الجديدة.






    2. يقطع الآباء العلاقة مع أبنائهم بسبب عدم موافقتهم على علاقاتهم الأخرى:

    في الحالات القليلة التي يقاطع فيها الآباء أبناءهم، يكون السبب غالبًا اعتراضهم على وجود أشخاص آخرين في حياة أبنائهم، مثل زوج أو حبيب أو أهل الزوج أو زوج الأم أو زوجة الأب. من النادر جدًا أن يقطع الأهل علاقتهم مع أبنائهم لشعورهم أنهم أنانيون أو ناكرون للجميل.

    أُخذت هذه النتائج من دراسة ضمت 900 مشارك تقريبًا، وتضمنت الآباء والأبناء البالغين الذين عانوا القطيعة، لكن من المهم أيضًا مراعاة أن هذه الدراسات لا تستطيع تحديد كل الأسباب الكامنة وراء القطيعة المحتملة.

    3. يقاطع الأبناء البالغون آباءهم غالبًا بسبب سوء المعاملة والسلوكيات الجارحة، أو بسبب شعورهم بعدم القبول وقلة الاهتمام:




    ذكر الأبناء البالغون عدة أسباب مختلفة أدت إلى قطع العلاقة مع أهلهم، مثل:
    • الإساءة، وتتضمن الاعتداء العاطفي والجسدي والجنسي في الطفولة.
    • التصرفات المؤذية المستمرة، مثل الغضب والحقد ونقص الاحترام، إضافةً إلى عدم مراعاة مشاعرهم.
    • غياب دعم الأهل بشأن قرارات حياة الأبناء المصيرية وعلاقاتهم وعجزهم، وغيرها من الأمور المهمة.

    قال أحد المشاركين بالدراسة: «الألم المتراكم الناتج عن الماضي لم يَزُل قط، ولم يصلّح أو يُناقش أو يُعتذر عنه أو حتى يُعترف به، تمنيت أن أتمكن من تجاوزه لكنه لم يفارقني أبدًا».

    4. لا تدوم القطيعة إلى الأبد غالبًا:

    مع أن أغلب الأبناء البالغين لا يرغبون في التواصل مجددًا مع أهلهم، يميل الأهل إلى عكس ذلك. في دراسة بحثية حول الانفصال الأسري ، أظهرت النتائج أن حالات القطيعة التي تستمر إلى الأبد قليلة جدًا، خاصةً تلك التي تتضمن أمًا وابنتها، إذ لم تستمر سوى 29% من حالات مقاطعة البنات لأمهاتهن، ومرت أكثر العلاقات بفترات من المقاطعة والمصالحة.




    كيفية استعادة الروابط الأسرية المفككة:

    بعد معرفتنا هذه التفاصيل، كيف يمكننا حل المشكلات الأسرية؟

    يتمنى العديد من الأشخاص -خاصةً الأهل- التواصل مجددًا مع أسرهم، لذلك إليكم بعض النصائح من أجل إنقاذ العلاقات الأسرية أو استعادتها أو تلافي انقطاعها:

    1- عندما تعاني القطيعة مع أحد أفراد عائلتك، تقبّل ما لا يمكنك التحكم به واستعد لتقديم فرص ثانية:




    لا توجد طريقة سحرية لاستعادة التواصل مع أفراد العائلة، إذ إن العلاقات (بالأخص المقربة) معقدة للغاية، لدرجة استحالة استعادة التواصل أحيانًا، ويتطلب ذلك مبادرة من الطرفين، لذلك لا يمكن التحكم دومًا بالعواقب.

    ليس من السهل تقبّل عدم قدرتك على التحكم في الوضع. عليك إيجاد حل ما للتخلص من الشعور بالألم، قد تشعر بالارتياح والتصالح مع الذات عند الاعتراف بأي مسؤولية تقع عليك تجاه انقطاع العلاقة، والتعاطف بصدق مع الشخص الذي فقدته، ومع ذاتك أيضًا.

    إن تمكنت من تقبل ذلك، ستكون جاهزًا لقبول أي فرص أخرى تُقدم إليك. قد تأتي هذه الفرص لاحقًا في مرحلة معينة، إذ نعلم أن العلاقات تمر بفترات متوالية من الاتصال والقطيعة.

    2- إذا مُنحت فرصة للتقارب، استعد للاعتراف والتقبل والتغير:




    ماذا تفعل إذا تواصل فرد من عائلتك معك وحصلت على فرصة جديدة؟ أو ماذا لو لم يسبق لك أن ابتعدت عن والديك أو أبنائك، لكن يبدو أن العلاقة تسير في ذلك الاتجاه، لوجود الكثير من الألم فيها؟

    يتطلب كل من تحسين العلاقات المكسورة وتجاوزها جهودًا مشابهة، وعندما نعرف أسباب رحيل الأبناء البالغين (مثل عدم الاعتراف بما تعرضوا له سابقًا من ألم أو صدمة وعدم التقبل والتصرفات الجارحة مثل إصدار الأحكام والسيطرة) نستطيع تلافيها والتصرف بطريقة صحيحة.

    3- الاعتراف بالآلام والصدمات السابقة والاعتذار عنها:

    قد لا تسبب الأذى مباشرةً، لكن إنكارك الإساءة التي تعرض لها الآخر يسبب الألم بنفس القدر أحيانًا، وقد لا تدرك أنك سببت الأذى لأحبائك، لكنهم يرون الأمر بهذه الطريقة. هذا ليس الوقت المناسب لمناقشة التفاصيل الدقيقة، إذ إن إنكار ما يشعر به الشخص الآخر بصدق يعقد القطيعة أكثر، أما الاعتراف البسيط بما قاساه دون أخذ وضعية دفاعية فيؤدي إلى تنفيس مشاعره السلبية.




    4- تقبّل الأشخاص كما هم:

    لا يوجد شخص مثالي، وتوجد العديد من الآراء المختلفة حول طرق العيش الصحيحة والخاطئة. وسط كل هذا الشك وهذه العيوب البشرية، اسأل نفسك: «ما الذي أريده أكثر، أن يلتزم هذا الشخص بمبادئي، أو أن يكون في حياتي؟».

    ابذل قصارى جهدك لإثبات أنك مستعد للاستماع والتعلم، وإن كنت غير قادر على تغيير نظرتك للعالم بين ليلة وضحاها.

    5- غيّر تصرفاتك التي يجدها أحباؤك مسيئة:




    لا نؤذي أفراد عائلتنا عن قصد. قد تعتقد أن كونك أبًا صارمًا هو أمر جيد، وأنك استطعت حماية أبنائك من العديد من المخاطر، وكنت واثقًا أنهم عندما يكبرون سيقدرون جهودك، لكن ما تقصد به المساعدة قد يسبب الألم للشخص المتلقي، لذلك كن منفتحًا وغير دفاعي إذا أخبرك أحد أحبائك أن تصرفك يؤذيه.

    بالطبع، من حقك أيضًا ألا تُهاجَم وأن تحافظ على كرامتك. يمكنك بناء هذا الاحترام المتبادل على المدى الطويل، لكن الأهم الآن إظهار استعدادك للتغير، لأن فرص المصالحة لا تدوم إلى الأبد.

    6- الدعم مُتاح لمن انفصلوا عن عائلتهم:

    يزداد إدراك الاختصاصيين الاجتماعيين ومقدمي الرعاية الصحية للتأثير العميق لقضية الانفصال الأسري ، ويتواصل الدعم لمساعدة الناس على التأقلم. مثلًا تُجري منظمة (ستاند ألون) في المملكة المتحدة أبحاثًا عن هذه القضية وتنشر الوعي حولها وتقدم الدعم للمتضررين، وقد تؤمن لك بيئة مجتمعية لمساعدتك على تخطي شعورك بالعزلة والألم بعد الانفصال الأسري.



    المصدر:.ibelieveinsci.
يعمل...
X