يسافر الكثير من المسيحيين المتدينين إلى روما لرؤية البابا من قُرب، ما تُعَد فرصةً فريدةً للحصول على بركات إلهية، وخوض تجربة مميزة للتقرب من الله. تحدثت بحوث كثيرة عن وجود علاقة بين تديّن الفرد وتمتعه بدرجة أعلى من الرفاهية والصحة النفسية، إضافةً إلى قلة أعراض الاكتئاب والقلق لدى المتدينين، وامتلاكهم قدرةً أفضل على التعامل مع ضغوط الحياة. تشير بعض الدراسات أيضًا إلى تأثير الممارسات الدينية وإسهامها في تعزيز الصحة النفسية وتحسينها.
على أي حال، قد يمثل الدين سيفًا ذا حدين، إذ عُثر على رابط بين المعتقدات الدينية السلبية -كالتي تقول إن الله يعاقبنا أو يتخلى عنا- وأضرار ملحوظة على أصحابها، متضمنةً ارتفاع معدلات الاكتئاب وتدهور نوعية الحياة.
يقول (كينيث بارجامنت)، أستاذ علم النفس وخبير الشؤون الدينية والصحية في جامعة (بولينج جرين ستيت) في ولاية أوهايو: «يبدو أن الأفراد يتمتعون بمزايا ملحوظة عند اتباعهم نهجًا مُحبًّا وطيبًا في تصور الإله، بالتوازي مع شعورهم بدعمه لهم، لكننا ندرك وجود جانب أكثر ظلامًا للروحانية. إن تصوّرك لله بوصفه عقابًا أو تهديدًا أو كيانًا لا يُعوَّل عليه، هو أمر لا يعود بالفائدة على صحتك».
فوائد الدين على الصحة النفسية
توصلت دراسة سنة 2005، استهدفت شريحة كبار السن في منطقة خليج سان فرانسيسكو، إلى أن التدين يشكل حاجزًا ضد الاكتئاب بين مَن يعانون مستويات صحية متدنية، في مقابل شيوع الاكتئاب لدى أقرانهم غير المتدينين رغم تشاركهم نفس مستويات الصحة المتدنية. وأكدت دراسة سنة 2013 تحسُّن استجابة المرضى المُعالَجين من المشكلات النفسية مثل الاكتئاب أو القلق إذا كانوا مؤمنين.
ذكر الدكتور (هارولد كونيج)، رئيس قسم الروحانيات والصحة في المركز الطبي لجامعة ديوك، في مراجعة لـ93 دراسة عن الدين والصحة، وجود علاقة عكسية بين ظهور أعراض الاكتئاب وبين التدين.
قال كونيج: «يبدو أن الملتزمين دينيًا، والمنخرطين أكثر في الممارسات الدينية، قادرون على تحقيق استجابة أفضل للضغوط النفسية. من أسباب ذلك أن الدين يمنح الناس إحساسًا بوجود معنى وهدف لحياتهم، ما يساعدهم على التعامل مع الأشياء السلبية التي تعترض طريقهم، إضافةً إلى الدعم الذي يقدمه المجتمع الديني للفرد إذا دخل في مثل هذه الصراعات».
الدين والدماغ
قال الدكتور (أندرو نيوبيرج)، اختصاصي العلوم العصبية في جامعة توماس جيفرسون: «قد تقدم الدراسات التي أجريت على أدمغة المتدينين تفسيرًا للصلة بين الدين والآثار الإيجابية في الصحة النفسية. تشير الدراسات إلى إسهام التأمل والصلاة التأملية (مثل الصلاة التي تتكرر فيها عبارة محددة) في تنشيط مناطق الدماغ المسؤولة عن تنظيم الاستجابات العاطفية، متضمنةً الفص الجبهي».
وجدت دراسة أجراها نيوبيرج وزملاؤه سنة 2010، شملت تصويرًا طبيًّا لأدمغة راهبات التبت، نشاطًا أكبر في مناطق القشرة الدماغية الواقعة أمام الفص الجبهي لدى الراهبات المنخرطات في نشاطات تأملية منذ زمن، مقارنةً بمن لم يمارسن مثل هذه النشاطات على المدى الطويل.
قال نيوبيرج: «إن تعزيز هذه المناطق الدماغية قد يساعد الأفراد على أن يكونوا أكثر هدوءًا وأقل رجعيةً مع قدرة أكبر على التعامل مع الضغوط». وإن لم تستطع الدراسات تأكيد تسبب الصلاة في تغيير طريقة التفكير، فقد تكون هذه الاختلافات موجودةً قبل أن يبدأ المتأملون ممارسة صلاتهم.
تضمن بحث نيوبيرج احتمالية اندماج المعتقدات والتعاليم التي ينادي بها دين ما -مثل التسامح والحب والرحمة- في طريقة عمل الدماغ، وأكد زيادة فعالية الاتصالات العصبية في أدمغتنا مع زيادة استخدامنا لها، وعليه فإن الدين الذي يدعو إلى التعاطف، سوف يعزز الدوائر العصبية المسؤولة عن التفكير في التعاطف ويحسن من وظيفتها، لذلك نستعيد هذه المشاعر والعواطف الإيجابية، التي تقلل بدورها من التوتر والقلق، وتخفض مستويات هرمونات الشِّدة.
تدعو بعض الأديان أيضًا إلى الابتعاد عن السلوكيات المرتبطة بمخاطر صحية، مثل التدخين أو شرب الكحول أو الإفراط في تناول الطعام. إن الابتعاد عن هذه السلوكيات غير الصحية قد يحسن أيضًا من وظائف الدماغ.
سلبيات التديُّن
لا يؤثر الدين تأثيرًا إيجابيًا على الصحة النفسية في جميع الحالات، إذ يعتمد تأثيره على معتقدات الشخص، ودرجة قبول الدين عمومًا ضمن المجتمع الأشمل، حسب آراء الخبراء.
يتحدث نيوبيرج عن اتباع الدماغ نهجًا سلبيًا في طريقة عمله إن كان دين الفرد يدعو إلى كراهية غير المؤمنين بدلًا من التشجيع على الحب والرحمة، ما يؤدي نظريًّا إلى تحفيز مناطق الدماغ المسؤولة عن التفكير في الكراهية، ومن ثم يزداد التوتر وترتفع نسب هرمونات الشِّدة في أجسادنا.
طرح الباحث مثالًا آخر تحدث فيه عن التأثير الذي يحمله اعتقاد بعض الأفراد أن حالةً صحيةً -مثل الإدمان- قد تُمثل عقابًا إلهيًا، ما يدفعهم إلى الابتعاد عن طلب العلاج الطبي لحالتهم.
توصل بارجامنت أيضًا إلى زيادة احتمالية تعرض المتدينين إلى اضطرابات عاطفية ومواجهتهم خطر الموت المبكر، حال اعتقادهم أن الله قد تخلى عنهم، أو تشكيكهم في محبة الله لهم، وقال: «تتعلق هذه الأنواع من الصراعات بجوانب الحياة التي تقدسها، فعندما يتسلل الشك إلى مقدساتك، ستكون العاقبة وخيمة للغاية».
ذكر بارجامنت تجارب بعض الأفراد الذين استطاعوا الخروج من صراع ديني مع شعور بالارتياح وتقبّل الذات، خاصة أولئك الذين تلقوا دعمًا مجتمعيًا طوال فترة صراعهم.
يؤكد نيوبيرج أن سبب تنوع نظرة الأفراد إلى الدين بين سلبية أحيانًا وإيجابية في أحيان أخرى يبقى غامضًا، مُشيرًا إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث في هذا الصدد.
يسافر الكثير من المسيحيين المتدينين إلى روما لرؤية البابا من قُرب، ما تُعَد فرصةً فريدةً للحصول على بركات إلهية، وخوض تجربة مميزة للتقرب من الله. تحدثت بحوث كثيرة عن وجود علاقة بين تديّن الفرد وتمتعه بدرجة أعلى من الرفاهية والصحة النفسية، إضافةً إلى قلة أعراض الاكتئاب والقلق لدى المتدينين، وامتلاكهم قدرةً أفضل على التعامل مع ضغوط الحياة. تشير بعض الدراسات أيضًا إلى تأثير الممارسات الدينية وإسهامها في تعزيز الصحة النفسية وتحسينها.
على أي حال، قد يمثل الدين سيفًا ذا حدين، إذ عُثر على رابط بين المعتقدات الدينية السلبية -كالتي تقول إن الله يعاقبنا أو يتخلى عنا- وأضرار ملحوظة على أصحابها، متضمنةً ارتفاع معدلات الاكتئاب وتدهور نوعية الحياة.
يقول (كينيث بارجامنت)، أستاذ علم النفس وخبير الشؤون الدينية والصحية في جامعة (بولينج جرين ستيت) في ولاية أوهايو: «يبدو أن الأفراد يتمتعون بمزايا ملحوظة عند اتباعهم نهجًا مُحبًّا وطيبًا في تصور الإله، بالتوازي مع شعورهم بدعمه لهم، لكننا ندرك وجود جانب أكثر ظلامًا للروحانية. إن تصوّرك لله بوصفه عقابًا أو تهديدًا أو كيانًا لا يُعوَّل عليه، هو أمر لا يعود بالفائدة على صحتك».
فوائد الدين على الصحة النفسية
توصلت دراسة سنة 2005، استهدفت شريحة كبار السن في منطقة خليج سان فرانسيسكو، إلى أن التدين يشكل حاجزًا ضد الاكتئاب بين مَن يعانون مستويات صحية متدنية، في مقابل شيوع الاكتئاب لدى أقرانهم غير المتدينين رغم تشاركهم نفس مستويات الصحة المتدنية. وأكدت دراسة سنة 2013 تحسُّن استجابة المرضى المُعالَجين من المشكلات النفسية مثل الاكتئاب أو القلق إذا كانوا مؤمنين.
ذكر الدكتور (هارولد كونيج)، رئيس قسم الروحانيات والصحة في المركز الطبي لجامعة ديوك، في مراجعة لـ93 دراسة عن الدين والصحة، وجود علاقة عكسية بين ظهور أعراض الاكتئاب وبين التدين.
قال كونيج: «يبدو أن الملتزمين دينيًا، والمنخرطين أكثر في الممارسات الدينية، قادرون على تحقيق استجابة أفضل للضغوط النفسية. من أسباب ذلك أن الدين يمنح الناس إحساسًا بوجود معنى وهدف لحياتهم، ما يساعدهم على التعامل مع الأشياء السلبية التي تعترض طريقهم، إضافةً إلى الدعم الذي يقدمه المجتمع الديني للفرد إذا دخل في مثل هذه الصراعات».
الدين والدماغ
قال الدكتور (أندرو نيوبيرج)، اختصاصي العلوم العصبية في جامعة توماس جيفرسون: «قد تقدم الدراسات التي أجريت على أدمغة المتدينين تفسيرًا للصلة بين الدين والآثار الإيجابية في الصحة النفسية. تشير الدراسات إلى إسهام التأمل والصلاة التأملية (مثل الصلاة التي تتكرر فيها عبارة محددة) في تنشيط مناطق الدماغ المسؤولة عن تنظيم الاستجابات العاطفية، متضمنةً الفص الجبهي».
وجدت دراسة أجراها نيوبيرج وزملاؤه سنة 2010، شملت تصويرًا طبيًّا لأدمغة راهبات التبت، نشاطًا أكبر في مناطق القشرة الدماغية الواقعة أمام الفص الجبهي لدى الراهبات المنخرطات في نشاطات تأملية منذ زمن، مقارنةً بمن لم يمارسن مثل هذه النشاطات على المدى الطويل.
قال نيوبيرج: «إن تعزيز هذه المناطق الدماغية قد يساعد الأفراد على أن يكونوا أكثر هدوءًا وأقل رجعيةً مع قدرة أكبر على التعامل مع الضغوط». وإن لم تستطع الدراسات تأكيد تسبب الصلاة في تغيير طريقة التفكير، فقد تكون هذه الاختلافات موجودةً قبل أن يبدأ المتأملون ممارسة صلاتهم.
تضمن بحث نيوبيرج احتمالية اندماج المعتقدات والتعاليم التي ينادي بها دين ما -مثل التسامح والحب والرحمة- في طريقة عمل الدماغ، وأكد زيادة فعالية الاتصالات العصبية في أدمغتنا مع زيادة استخدامنا لها، وعليه فإن الدين الذي يدعو إلى التعاطف، سوف يعزز الدوائر العصبية المسؤولة عن التفكير في التعاطف ويحسن من وظيفتها، لذلك نستعيد هذه المشاعر والعواطف الإيجابية، التي تقلل بدورها من التوتر والقلق، وتخفض مستويات هرمونات الشِّدة.
تدعو بعض الأديان أيضًا إلى الابتعاد عن السلوكيات المرتبطة بمخاطر صحية، مثل التدخين أو شرب الكحول أو الإفراط في تناول الطعام. إن الابتعاد عن هذه السلوكيات غير الصحية قد يحسن أيضًا من وظائف الدماغ.
سلبيات التديُّن
لا يؤثر الدين تأثيرًا إيجابيًا على الصحة النفسية في جميع الحالات، إذ يعتمد تأثيره على معتقدات الشخص، ودرجة قبول الدين عمومًا ضمن المجتمع الأشمل، حسب آراء الخبراء.
يتحدث نيوبيرج عن اتباع الدماغ نهجًا سلبيًا في طريقة عمله إن كان دين الفرد يدعو إلى كراهية غير المؤمنين بدلًا من التشجيع على الحب والرحمة، ما يؤدي نظريًّا إلى تحفيز مناطق الدماغ المسؤولة عن التفكير في الكراهية، ومن ثم يزداد التوتر وترتفع نسب هرمونات الشِّدة في أجسادنا.
طرح الباحث مثالًا آخر تحدث فيه عن التأثير الذي يحمله اعتقاد بعض الأفراد أن حالةً صحيةً -مثل الإدمان- قد تُمثل عقابًا إلهيًا، ما يدفعهم إلى الابتعاد عن طلب العلاج الطبي لحالتهم.
توصل بارجامنت أيضًا إلى زيادة احتمالية تعرض المتدينين إلى اضطرابات عاطفية ومواجهتهم خطر الموت المبكر، حال اعتقادهم أن الله قد تخلى عنهم، أو تشكيكهم في محبة الله لهم، وقال: «تتعلق هذه الأنواع من الصراعات بجوانب الحياة التي تقدسها، فعندما يتسلل الشك إلى مقدساتك، ستكون العاقبة وخيمة للغاية».
ذكر بارجامنت تجارب بعض الأفراد الذين استطاعوا الخروج من صراع ديني مع شعور بالارتياح وتقبّل الذات، خاصة أولئك الذين تلقوا دعمًا مجتمعيًا طوال فترة صراعهم.
يؤكد نيوبيرج أن سبب تنوع نظرة الأفراد إلى الدين بين سلبية أحيانًا وإيجابية في أحيان أخرى يبقى غامضًا، مُشيرًا إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث في هذا الصدد.
المصدر:.ibelieveinsci