عندما يصبح الخيال حقيقة :فيلم كونتيجن(2011)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عندما يصبح الخيال حقيقة :فيلم كونتيجن(2011)

    ​ هل خالجك من قبل شعور مبهم بأن سلسلة أحداث أو مواقف معينة ستحدث في المستقبل؟ هذا النوع من الحدس أو التنبؤ غير الواضح يعرف باسم التكهن.

    وأحد الأمثلة الواقعية التي لا يمكن إنكارها على تكهنات أصبحت حقيقة واقعة هي قصة الفيلم الرائد «كونتيجِن»Contagion (عدوى) الصادر في 2011، إذ يتكهن بحدوث جائحة أشبه بجائحة كوفيد-19 التي شهدها العالم في أواخر عام 2019. أخرج الفيلم ستيفن سودربيرج، وكتبه سكوت بيرنز، وهو من بطولة مات ديمون، وكيت وينسلت، وجود لو، وآخرين.

    يبدأ الفيلم مع بيث إيمهوف، وهي امرأة في منتصف العمر عادت لتوها إلى المنزل بولاية مينيسوتا، الولايات المتحدة الأمريكية، بعد رحلة عمل إلى هونج كونج؛ حيث تشعر بالغثيان والدوار. تعتقد إيمهوف أن هذا الأمر طبيعي نتيجة اضطراب الرحلات الجوية الطويلة. ومع ذلك، في اليوم التالي تتعرض لنوبات شديدة فينقلها زوجها ميتش إلى المستشفى ولكن سرعان ما يتوقف قلبها وتموت. يرى الأطباء أن الوفاة كانت نتيجة إصابتها بالتهاب السحايا أو التهاب الدماغ مجهول المصدر. ويعود ميتش إلى المنزل فيكتشف وفاة ابن زوجته أيضًا بعدما عانى من نفس أعراض والدته.

    بعد ظهور حالات مماثلة عديدة في لندن واليابان والصين، تتعاون منظمة الصحة العالمية WHO ومركز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC ويعملان بالتوازي لمواجهة الوضع المتفاقم. يخضع جسد بيث للتشريح وتُجمع عينات من أنسجة دماغها، ويُكشف في النهاية عن سبب المرض الخبيث شديد الانتشار وهو فيروس جديد اسمه «إم إي في 1» MEV1.

    كان التحدي معرفة أن الفيروس يشتمل هيكله على تسلسلات الخفافيش والخنازير، ولكن لسوء الحظ يمكن أن يرتبط بمستقبلات في الخلايا البشرية الموجودة في الجهاز التنفسي والجهاز العصبي المركزي بسهولة فائقة؛ ما يتسبب في التهاب الدماغ وأمراض تنفسية حادة.

    على صعيد آخر، يتتبع علماء الأوبئة بالفيلم خطى بيث، فيتمكنون من تحديد حالات ومجموعات جديدة. وللحد من انتشار الفيروس، يصبح هدفهم العثور على «نقطة الصفر» حيث بدأ التفشي لأول مرة، وعلى «المريض الأول» وهو أول شخص مصاب. مع تصاعد أعداد المصابين وارتفاع حصيلة المتوفين، تستمر تجارب توليف اللقاحات على القرود دون تحقيق نتائج واعدة. إلى أن تقرر في النهاية طبيبة بطلة تجربة النسخة الحية المضعفة من اللقاح بنفسها، ولحسن الحظ تنجح التجربة، فيُوافق على اللقاح وتبدأ شركات الأدوية في عملية التصنيع.

    فيما يتعلق بالدقة العلمية، قدم كاتب السيناريو والمخرج عملًا رائعًا بتقديم القصة وسردها، خاصة المشاهد الأخيرة التي توضح انتقال الفيروس من الخفافيش إلى الخنازير وكيف التقطته بيث لتصبح هي نفسها -المريض الأول- في أثناء تواجدها في هونج كونج.

    وعلى الرغم من أن جائحة «إم إي في 1» خيالية تمامًا، إلا أن أوجه تشابهها مع جائحة كوفيد-19 بطرق عديدة مذهلة. أولًا، الفيروسان حيوانيا المنشأ، والخفافيش العائل الأصلي لهما. وثانيًا، كلاهما يتسببان في مرض شديد العدوى يمكن أن ينتشر باللمس- مثل الإمساك بمقابض الأبواب، والضغط على أزرار المصعد، وما إلى ذلك-، ثم لمس الوجه. وثالثًا، كلاهما يتضمنان البروتوكولات نفسها لمواجهة الأزمة، بما في ذلك العزل والحجر الصحي. ورابعًا، كلاهما يسلطان الضوء على دور الطاقم الطبي ومدى أهميته وشجاعته في التعامل مع المحنة. وخامسًا، كلاهما يظهران مدى محدودية توافر أسرة بالمستشفيات مقارنة بأعداد المرضى سريعة التزايد، كما يبرزان الحاجة إلى دعم المرافق الطبية. وأخيرًا وليس آخرًا، كلاهما يظهران التأثيرات الفسيولوجية والمشاعر السلبية التي يعانى منها الأشخاص في أثناء فترة الإغلاق.

    للأفلام عامة تأثير هائل في حياتنا، سواء لاحظناه أم لا. إنها علاقة متبادلة؛ فالسيناريوهات قد تأخذ قصة حقيقية وتعرضها في فيلم، في حين نحن المشاهدين قد نحاكي رد فعل في فيلم ما دون وعي استجابة عند مواجهة موقف مشابه في الحياة الواقعية. على الرغم من أن «كونتيجِن» قد أُنتج قبل ثماني سنوات من انتشار جائحة كوفيد-19، إلا أن تكهناته لم تخب.
يعمل...
X