فيسبوك تستبدل الحكومات بتوفير الدعم للمؤسسات الإعلامية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فيسبوك تستبدل الحكومات بتوفير الدعم للمؤسسات الإعلامية

    فيسبوك تستبدل الحكومات بتوفير الدعم للمؤسسات الإعلامية


    أولوية الناشرين العرب في المرحلة الراهنة تأمين سبل البقاء.
    الجمعة 2021/01/29
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    الصحافة العربية في حاجة إلى منقذ

    ينتظر الناشرون العرب أن تمتد مبادرة فيسبوك لدعم الصحافة لتشمل مؤسساتهم الإعلامية بعد أن انتقلت من الولايات المتحدة إلى بريطانيا. وهو ما يعني مصدر تمويل بعيد عن الحكومات ومجال أوسع من الاستقلالية والحرية، خصوصا أن المناخ الإعلامي العربي يبدو مهيّأ لمثل هذه الخطوة بسبب تعطش الجمهور إلى مادة إعلامية تحترم عقله.

    نيويورك – قدمت شركة فيسبوك مبادرات إيجابية لدعم الصحافة والمؤسسات الإعلامية الكبرى والمحلية، لقيت ترحيبا واسعا من قبل العاملين في القطاع المتأزم، إلا أن جهات أخرى تنظر بعين الريبة والقلق إلى هذه المبادرات وتعتبرها لعبة استراتيجية من قبل الشركة تهدف إلى السيطرة على المنافذ الإخبارية من خلال دعم الناشرين المحليين بعيدا عن تدخل الحكومات.

    وتسير استراتيجية فيسبوك في مجال دعم الصحافة في خط تصاعدي منذ سنوات يعكس صحة تنبؤّ الصحافي بمجلة “تايمز” مات يورو بقوله “ما يحدث الآن للصحافة هو أشبه بما جرى لعالم الموسيقى والغناء في العام 2003، حين أطلق ستيف جوبز، مؤسس شركة أبل، برنامج آي تونز، والذي أصبح منبرا عملاقا قائما بذاته اليوم للموسيقى، فيسبوك الآن تحاول أن تصبح آي تونز الصحافة والأخبار، وهي في طريقها إلى ذلك بالفعل”.

    ولا يستبعد متابعون لقطاع الإعلام أن تمتد مبادرات فيسبوك إلى العالم العربي، الذي يشهد تعقيدات كبيرة في مجال الصحافة، حيث تتحكم السياسة إلى حد كبير في المشهد الإعلامي وتخضع المؤسسات الإعلامية لهيمنة أصحاب المصالح من الحكومات والأحزاب ورؤوس الأموال، وهذه الجهات مستعدة للتخلي عن وسائل الإعلام باختلال موازين القوى لديها.

    وفي حال دخول فيسبوك كمصدر تمويل أكثر ديمقراطية وغير خاضع لسلطة الحكومات، فإن ذلك سيخلق دافعا للصحف العربية لاتخاذ نهج مستقل وحرّ بدلا من خضوعها للسلطات السياسية، وسيتيح للقراء المشاركة في تشكيل الصحافة بشكل أكثر من ذي قبل، عبر التفاعل المباشر على منصة فيسبوك.

    ويبدو المناخ الإعلامي العربي مهيّأ لمثل هذه الخطوة، ليس فقط بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، بل بسبب استياء الجمهور من المحتوى الذي تقدمه وتعطشه إلى مادة إعلامية تحترم عقله، فحتى وسائل الإعلام العربية الكبرى المعروفة بتأثيرها على الرأي العام، تواجه انتقادات واسعة واتهامات بإثارة الفتنة الطائفية وإشعال فتيل الحروب الأهلية أو النزاعات لخدمة أجندات سياسية.

    ولا يخفى على الجمهور أنه لا توجد حيادية في الإعلام وبشكل خاص العربي، فكل مؤسسة إعلامية لديها خطها التحريري الخاص بها وسياستها الإعلامية سواء كانت ظاهرة أو مخفية لخدمة الجهات المالكة لها، والكثير منها لم ترتق إلى المستوى المرموق في المهنية ولا تعكس نبض الشارع والمشاكل في المجتمعات العربية.

    وينظر الصحافيون العرب بتفاؤل إلى إمكانية تعميم فيسبوك لمبادرتها الأخيرة التي انتقلت من الولايات المتحدة إلى بريطانيا هذا الأسبوع، فقدت دخلت الشركة الأميركية في شراكة مع المجموعات الإخبارية الكبرى في بريطانيا مثل القناة “الإخبارية الرابعة”، ومجموعة “ديلي ميل” و”دي سي تومسون” و”فايننشال تايمز” و”سكاي نيوز” ومجموعة “تليغراف ميديا”.
    دخول فيسبوك كمصدر تمويل أكثر ديمقراطية وغير خاضع للحكومات، سيخلق دافعا للصحف لاتخاذ نهج مستقل وحر

    وإضافة إلى الصحف التي سبق أن تم إعلان الاتفاق معها مثل “ذا إيكونوميست” و”ذا غارديان” و”الإندبندنت” وقناة “أس.تي.في” الاسكتلندية، فقد تم الاتفاق أيضا مع مواقع إخبارية محلية ومواقع متخصصة في أنماط الحياة والأزياء والمنوعات.

    وفي أبريل الماضي تعهّدت شركة فيسبوك بتقديم 100 مليون دولار للتمويل والإعلان لدعم المؤسسات الإخبارية، بمن في ذلك الناشرون المحليون في الولايات المتحدة، التي تعاني من الضغط بسبب جائحة فايروس كورونا، حيث تحمّل ناشرو الأخبار خاصة وسائل الإعلام المطبوعة العبء الأكبر، مع سحب المعلنين ميزانياتهم التسويقية لكبح التكاليف بسبب جائحة كورونا.

    وقالت فيسبوك إن المنحة تشمل 25 مليون دولار في شكل تمويل عاجل لوسائل الإعلام المحلية، و75 مليون دولار على شكل نفقات تسويق للمؤسسات الإخبارية على مستوى العالم.

    وأطلقت الشركة مشروع “فيسبوك للصحافة” الذي يشمل دولا أخرى، فقد قدمت العام الماضي بالتعاون مع المركز الدولي للصحافيين منحا بقيمة مليوني دولار أميركي إلى مؤسسات إخبارية لمساعدتها على تغطية أخبار كوفيد – 19 وإعداد تقارير عن الجائحة وبالتالي تأمين استدامتها.

    ويقدم المشروع برنامجا تدريبيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمساعدة الصحافيين العرب على إنتاج قصص ذات جودة عالية وتسليط الضوء على الوقائع غير المعلنة عن حياة الناس في المجتمعات العربية وسط انتشار الوباء العالمي. مع التركيز على العواقب المباشرة وغير المباشرة لكوفيد – 19 على مجتمع يعاني أصلا من مشاكل كبيرة بهدف ضمان عدم نسيان هذه المجتمعات غير المحصّنة لمواجهة الآثار الكارثية للوباء العالمي.

    وأكدت فيسبوك أنها تتعاون مع مؤسسات الأخبار، عبر عدة أشكال ومن ذلك المقالات الفورية، الخدمة التي تتيح لمستخدمي فيسبوك دخولا سريعا للقصص التي تنشرها المؤسسات الإعلامية في صفحاتها، وهي خدمة بدأت قبل مدة، لكن فيسبوك عمّمها على كل المؤسسات الإعلامية الراغبة في ذلك. وتقوم بتشجيع الصحافة المحلية والمستقلة وتطوير النموذج الاقتصادي، والعمل على تمكين المؤسسات الإعلامية من الربح المادي، وحلّ المشاكل التقنية، وتنظيم لقاءات مع الصحافيين وتدريبات خاصة لمؤسسات الإعلام المحلية بالشراكة مع مؤسسات للتدريب الصحافي العالمية.

    ويرى خبراء الإعلام أن هذه المنح ليست دون مقابل، وهي ضمن خطة فيسبوك طويلة الأمد للاستحواذ على المكانة الأكبر في العالم الرقمي وإزاحة المنافسين الرقميين أمثال غوغل وأبل. وبحسب ريتشارد سميث، مدير مركز الإعلام الرقمي في مدينة فانكوفر في كندا، فإن “فيسبوك يحاول البحث عن وسيلة ليصبح هو بشكل ما الصفحة الأم للإنترنت، أو بيتك الإلكتروني الذي تعيش فيه ثم تنطلق منه حيث شئت”.

    وأضاف “لكن المشكلة بالنسبة إلى الناشرين هي أنهم سيصبحون تحت رحمة إدارة فيسبوك مع الوقت، وكأنهم يستأجرون مكتبا في مبنى يملكه مارك زوكربيرغ، كما أن كافة المعلومات ستكون في قبضة فيسبوك”.

    غير أن الناشرين العرب تكمن أولوياتهم في المرحلة الراهنة في تأمين سبل البقاء على الساحة الإعلامية في ظل الأزمة غير المسبوقة التي يواجهونها بسبب الوباء وتداعياته الاقتصادية، وتقليص الحكومات لميزانية دعم الصحافة والإعلام.

    لذلك قد تكون مبادرات فيسبوك مع ما تحمله من أهداف لمصالحها الخاصة، طوق نجاة للمؤسسات الإعلامية في مختلف أنحاء العالم.
يعمل...
X