لنستعرض عزيزي القارئ هذه الحالة: دخل أولادك إلى غرفتك مجهشين بالبكاء لكونهم فعلوا شيئًا لا يجدر بهم فعله، ويخشون الآن وقوعهم في مشكلة، هم بكل تأكيد الآن مثقلين بالذنب، وبادروا بالاعتراف بخطئهم لك، ماذا كنت ستفعل؟
اضطرت الأم روزي لامفير من كارولينا الشمالية للإجابة عن هذا السؤال مؤخرًا عندما كسرت بناتها الثلاث الجدار أثناء لعبهن بعنف، وكانت إجابتها التي انطوت على التزام الهدوء وعدم معاقبة بناتها فتيل إشعال جدالات حادة على الإنترنت، لكن الخبراء يعتقدون أنها في طريقها لحصد نتائج جيدة!
التربية الإيجابية:
وجدت لامفير أن بناتها الثلاث كن يشعرن بالذنب بما يكفي، وقررت –بدلًا من الصراخ على البنات وتأديبهن ومعاقبتهن– أن تحدثهن حول نتائج أفعالهن (الكسر في الجدار الذي يحتاج الآن إصلاحه)، وتعليمهن درسًا كانت تحاول إيصاله لهن منذ مدة، وهو أنه لا يوجد أحد مثالي، وجميعنا يرتكب الأخطاء.
هذه الطريقة التي تعاملت بها لامفير مع بناتها هي أقرب مثال عن التربية الإيجابية positive disciplin التي يصفها طبيب الأطفال في مشفى ميشيغان Scott Grant في قوله: «هي أسلوب في التربية اشتهر على يد الطبيب جين نيلسون، يرتكز على فكرة تعزيز الأهل ومقدمي الرعاية لسلوكيات الأطفال الإيجابية وتحييد سلوكياتهم غير المرغوبة دون اللجوء إلى إيذاء الطفل جسديًا أو شفهيًا».
يرى الطبيب سكوت في هذا الأسلوب طريقةً جيدةً في التربية مستندًا على فكرة قوامها أن الأطفال يبحثون دائمًا عن مقدمي الرعاية ليتواصلوا معهم، وأن «الأطفال الذين يشعرون بهذا النوع من الترابط أقل قابليةً لإساءة التصرف، وأكثر قابليةً لتعلم المهارات الاجتماعية والحياتية الهامة».
كيف تختلف التربية الإيجابية عن التربية التقليدية؟
لا تقتصر التربية الإيجابية في مضمونها على إلغاء الصراخ والعقوبات من قاموس الأهل التربوي، فهي تتضمن أيضًا إلغاء نظام المكافآت الخارجية الذي نجده في أسلوب التربية التقليدي، وذلك حسب قول معلمة تربية الأطفال لأكثر من عشرين سنة والمجازة في علاج الشؤون العائلية وشؤون الزواج آن دي ويت.
توضح لنا آن الاختلافات بين التربية التقليدية والتربية الإيجابية عن طريق وصفها لهذه الحالة: طفل ينهض باستمرار عن مائدة الطعام أثناء الوجبات.
تقول آن: «تستخدم التربية التقليدية أسلوب العقوبات والمكافآت لتقويم سلوك الطفل لفترة وجيزة، والمثال في حالتنا هذه: إذا التزمت مكانك أثناء تناول الطعام سنسمح لك باللعب على الهاتف المحمول لنصف ساعة. أو: إذا غادرت مقعدك أثناء العشاء لن تأكل الحلوى».
بينما لن تلجأ التربية الإيجابية إلى أي من هذين الأسلوبين، وإنما ستدعو أولًا إلى محاولة البحث عن سبب صعوبة التزام الطفل مكانه، ومن ثم إيجاد الحلول التي تتفق مع احتياجات كلا الطرفين. وفي حالتنا هذه تقترح آن أن «يخرج الأهل في نزهة قبل العشاء لتسلية طفلهم، أو أن يقف الطفل على الطاولة أو أن يجلس على كرة يوغا بدلًا من الكرسي».
توضح آن أن الاختلاف الرئيسي بين التربية الإيجابية والتربية التقليدية يكمن في «عدم سعي الأهل للتحكم بسلوك طفلهم، وإنما في سعيهم لاحترام حاجات الطفل وحاجاتهم بنفس الوقت». وتضيف: «إن هذه الحلول فعالة على المدى الطويل وتعلم دروسًا لا تقتصر في مضمونها على تعليم الطاعة».
لم لا تملك التربية التقليدية نفس الفعالية؟
قد يبدو هذا الأسلوب متسامحًا ولينًا جدًا بنظر الأهالي الذين تربوا بطريقة مختلفة أو الذين يعتقدون بضرورة التحكم بأطفالهم لتنشئتهم ليصبحوا بالغين محترمين، لكن غرانت يرى أن الطريقة السلبية في التربية «والتي تتضمن عادةً رفع الصوت وصفع الأولاد –الأمر الذي قد ينتج عن غضب الأهل–، لن تساعد الأطفال على معرفة السبب الذي يدعوهم للتصرف بطريقة مختلفة في المرات اللاحقة».
تدعم أكاديمية طب الأطفال الأمريكية (The American Academy of Pediatrics (AAP هذا الرأي في بحث وجدت فيه أن الأنماط السلبية أو التقليدية في العقاب تفشل في مجال التعليم طويل الأمد ويمكن أن تساهم في تطوير سلوكيات غير مرغوبة.
ينصح غرانت الأهالي بقوله: «الأمر الأهم الذي يجدر بالأهالي تجنبه هو محاولة تربية أبنائهم أثناء غضبهم، فهم سيكونون أكثر قابليةً لإيذاء أطفالهم جسديًا أو عاطفيًا، ولن يكونوا قادرين على التواصل معهم أو التحلي بروح المعلم الذي يوجه الأطفال نحو اتخاذ القرارات الصحيحة».
تطبيق التربية الإيجابية في المنزل:
ربما وجدتَ في التربية الإيجابية أسلوبًا صحيحًا وترغب في تجريبها، لكنك لا تعرف من أين ستبدأ أو كيفية تطبيقها في لحظات الشدة والإحباط، ففي كل الأحوال تربية الأطفال أمر صعب، والأطفال بارعون في دفع أهلهم إلى حافة الجنون، ألا يخرج جميع الأهالي عن طبعهم بين الفينة والأخرى؟
يقول غرانت: «يجب على الأهالي أولًا أن يتحكموا في إحباطهم، خصيصًا في حالات فعل الأطفال لأشياء نُهيوا عن فعلها أو كسر شيء قيّم بالنسبة لمقدم الرعاية».
في هذه الأحوال يجدر بهم أن يخطوا خطوةً للوراء وأن يجدوا طريقةً للتحكم بمشاعرهم قبل محاولة تعليم الطفل كيف يجب أن تكون نتائج أفعاله. والعامل الآخر المهم حسب قوله هو محاولة “الإمساك” بالأطفال أثناء قيامهم بفعل جيد والثناء على جهدهم وتشجيع خياراتهم ومواقفهم الصائبة.
يمكن للأهل أن يلعبوا دورًا في خلق بيئة تخفض إمكانية اتخاذ الطفل لخيارات خاطئة، ويطرح غرانت مثالًا هنا: «إبعاد التلفاز والحواسيب والأجهزة الذكية عن ساحة اللعب بهدف عدم توجيه انفعالات الأطفال نحو مشاهدة الفيديوهات وتركيزهم نحو أشكال أخرى من التسلية لتعليمهم مهارات مختلفة». باختصار توجيههم نحو النجاح بدلًا من الفشل.
حصد فوائد التّربية الإيجابية:
تقول دي ويت: «تعمل التربية الإيجابية بواسطة وضع توقعات وأهداف محددة مرتكزة على قيم معينة، ومن ثم تغذية وتعزيز هذه القيم بمحبة وعطف خلال تجاربنا اليومية».
وستكون النتيجة حسب قولها إن الأولاد: «سيحفزون أنفسهم ويربونها بأنفسهم دون الحاجة لتحفيز خارجي».
تعارض AAP بشدة استخدام الصفع والصراخ أسلوبًا في التربية، «وتُعد التربية الإيجابية، التي اشتهرت على يد الطبيب جين نيلسون، إحدى الطرق التي تستند على ما نعرفه حول الطرق السليمة لتربية الأطفال وتعليمهم».
يضيف غرانت أيضًا: «إذا لم تجد هذه الطريقة سليمةً في نظرك لا بأس في ذلك، يوجد العديد من المصادر التي ستساعد الأهل في بناء قاعدة معرفية تمكنهم من تنشئة أطفال أصحاء وسعداء وتعليمهم المهارات الحياتية والاجتماعية الهامة ليكونوا ناجحين عندما يحين وقت استقلالهم بأنفسهم».
المصدر:ibelieveinsci
اضطرت الأم روزي لامفير من كارولينا الشمالية للإجابة عن هذا السؤال مؤخرًا عندما كسرت بناتها الثلاث الجدار أثناء لعبهن بعنف، وكانت إجابتها التي انطوت على التزام الهدوء وعدم معاقبة بناتها فتيل إشعال جدالات حادة على الإنترنت، لكن الخبراء يعتقدون أنها في طريقها لحصد نتائج جيدة!
التربية الإيجابية:
وجدت لامفير أن بناتها الثلاث كن يشعرن بالذنب بما يكفي، وقررت –بدلًا من الصراخ على البنات وتأديبهن ومعاقبتهن– أن تحدثهن حول نتائج أفعالهن (الكسر في الجدار الذي يحتاج الآن إصلاحه)، وتعليمهن درسًا كانت تحاول إيصاله لهن منذ مدة، وهو أنه لا يوجد أحد مثالي، وجميعنا يرتكب الأخطاء.
هذه الطريقة التي تعاملت بها لامفير مع بناتها هي أقرب مثال عن التربية الإيجابية positive disciplin التي يصفها طبيب الأطفال في مشفى ميشيغان Scott Grant في قوله: «هي أسلوب في التربية اشتهر على يد الطبيب جين نيلسون، يرتكز على فكرة تعزيز الأهل ومقدمي الرعاية لسلوكيات الأطفال الإيجابية وتحييد سلوكياتهم غير المرغوبة دون اللجوء إلى إيذاء الطفل جسديًا أو شفهيًا».
يرى الطبيب سكوت في هذا الأسلوب طريقةً جيدةً في التربية مستندًا على فكرة قوامها أن الأطفال يبحثون دائمًا عن مقدمي الرعاية ليتواصلوا معهم، وأن «الأطفال الذين يشعرون بهذا النوع من الترابط أقل قابليةً لإساءة التصرف، وأكثر قابليةً لتعلم المهارات الاجتماعية والحياتية الهامة».
كيف تختلف التربية الإيجابية عن التربية التقليدية؟
لا تقتصر التربية الإيجابية في مضمونها على إلغاء الصراخ والعقوبات من قاموس الأهل التربوي، فهي تتضمن أيضًا إلغاء نظام المكافآت الخارجية الذي نجده في أسلوب التربية التقليدي، وذلك حسب قول معلمة تربية الأطفال لأكثر من عشرين سنة والمجازة في علاج الشؤون العائلية وشؤون الزواج آن دي ويت.
توضح لنا آن الاختلافات بين التربية التقليدية والتربية الإيجابية عن طريق وصفها لهذه الحالة: طفل ينهض باستمرار عن مائدة الطعام أثناء الوجبات.
تقول آن: «تستخدم التربية التقليدية أسلوب العقوبات والمكافآت لتقويم سلوك الطفل لفترة وجيزة، والمثال في حالتنا هذه: إذا التزمت مكانك أثناء تناول الطعام سنسمح لك باللعب على الهاتف المحمول لنصف ساعة. أو: إذا غادرت مقعدك أثناء العشاء لن تأكل الحلوى».
بينما لن تلجأ التربية الإيجابية إلى أي من هذين الأسلوبين، وإنما ستدعو أولًا إلى محاولة البحث عن سبب صعوبة التزام الطفل مكانه، ومن ثم إيجاد الحلول التي تتفق مع احتياجات كلا الطرفين. وفي حالتنا هذه تقترح آن أن «يخرج الأهل في نزهة قبل العشاء لتسلية طفلهم، أو أن يقف الطفل على الطاولة أو أن يجلس على كرة يوغا بدلًا من الكرسي».
توضح آن أن الاختلاف الرئيسي بين التربية الإيجابية والتربية التقليدية يكمن في «عدم سعي الأهل للتحكم بسلوك طفلهم، وإنما في سعيهم لاحترام حاجات الطفل وحاجاتهم بنفس الوقت». وتضيف: «إن هذه الحلول فعالة على المدى الطويل وتعلم دروسًا لا تقتصر في مضمونها على تعليم الطاعة».
لم لا تملك التربية التقليدية نفس الفعالية؟
قد يبدو هذا الأسلوب متسامحًا ولينًا جدًا بنظر الأهالي الذين تربوا بطريقة مختلفة أو الذين يعتقدون بضرورة التحكم بأطفالهم لتنشئتهم ليصبحوا بالغين محترمين، لكن غرانت يرى أن الطريقة السلبية في التربية «والتي تتضمن عادةً رفع الصوت وصفع الأولاد –الأمر الذي قد ينتج عن غضب الأهل–، لن تساعد الأطفال على معرفة السبب الذي يدعوهم للتصرف بطريقة مختلفة في المرات اللاحقة».
تدعم أكاديمية طب الأطفال الأمريكية (The American Academy of Pediatrics (AAP هذا الرأي في بحث وجدت فيه أن الأنماط السلبية أو التقليدية في العقاب تفشل في مجال التعليم طويل الأمد ويمكن أن تساهم في تطوير سلوكيات غير مرغوبة.
ينصح غرانت الأهالي بقوله: «الأمر الأهم الذي يجدر بالأهالي تجنبه هو محاولة تربية أبنائهم أثناء غضبهم، فهم سيكونون أكثر قابليةً لإيذاء أطفالهم جسديًا أو عاطفيًا، ولن يكونوا قادرين على التواصل معهم أو التحلي بروح المعلم الذي يوجه الأطفال نحو اتخاذ القرارات الصحيحة».
تطبيق التربية الإيجابية في المنزل:
ربما وجدتَ في التربية الإيجابية أسلوبًا صحيحًا وترغب في تجريبها، لكنك لا تعرف من أين ستبدأ أو كيفية تطبيقها في لحظات الشدة والإحباط، ففي كل الأحوال تربية الأطفال أمر صعب، والأطفال بارعون في دفع أهلهم إلى حافة الجنون، ألا يخرج جميع الأهالي عن طبعهم بين الفينة والأخرى؟
يقول غرانت: «يجب على الأهالي أولًا أن يتحكموا في إحباطهم، خصيصًا في حالات فعل الأطفال لأشياء نُهيوا عن فعلها أو كسر شيء قيّم بالنسبة لمقدم الرعاية».
في هذه الأحوال يجدر بهم أن يخطوا خطوةً للوراء وأن يجدوا طريقةً للتحكم بمشاعرهم قبل محاولة تعليم الطفل كيف يجب أن تكون نتائج أفعاله. والعامل الآخر المهم حسب قوله هو محاولة “الإمساك” بالأطفال أثناء قيامهم بفعل جيد والثناء على جهدهم وتشجيع خياراتهم ومواقفهم الصائبة.
يمكن للأهل أن يلعبوا دورًا في خلق بيئة تخفض إمكانية اتخاذ الطفل لخيارات خاطئة، ويطرح غرانت مثالًا هنا: «إبعاد التلفاز والحواسيب والأجهزة الذكية عن ساحة اللعب بهدف عدم توجيه انفعالات الأطفال نحو مشاهدة الفيديوهات وتركيزهم نحو أشكال أخرى من التسلية لتعليمهم مهارات مختلفة». باختصار توجيههم نحو النجاح بدلًا من الفشل.
حصد فوائد التّربية الإيجابية:
تقول دي ويت: «تعمل التربية الإيجابية بواسطة وضع توقعات وأهداف محددة مرتكزة على قيم معينة، ومن ثم تغذية وتعزيز هذه القيم بمحبة وعطف خلال تجاربنا اليومية».
وستكون النتيجة حسب قولها إن الأولاد: «سيحفزون أنفسهم ويربونها بأنفسهم دون الحاجة لتحفيز خارجي».
تعارض AAP بشدة استخدام الصفع والصراخ أسلوبًا في التربية، «وتُعد التربية الإيجابية، التي اشتهرت على يد الطبيب جين نيلسون، إحدى الطرق التي تستند على ما نعرفه حول الطرق السليمة لتربية الأطفال وتعليمهم».
يضيف غرانت أيضًا: «إذا لم تجد هذه الطريقة سليمةً في نظرك لا بأس في ذلك، يوجد العديد من المصادر التي ستساعد الأهل في بناء قاعدة معرفية تمكنهم من تنشئة أطفال أصحاء وسعداء وتعليمهم المهارات الحياتية والاجتماعية الهامة ليكونوا ناجحين عندما يحين وقت استقلالهم بأنفسهم».
المصدر:ibelieveinsci