كم مرة نسيت أمرًا تحدثت حوله مع شريكك؟ هل تتضمن أي منها مشكلة خشيت أنها ستعرض علاقتك للخطر؟ توصلت أنت وشريكك إلى اتفاق كلاكما راضٍ عن نتيجته، لكن لسوء الحظ نسيت النقاش تمامًا بعد بضعة أيام، وبسبب ذلك يتألم شريكك الآن، بل يشعر أنه قد تعرض للخيانة، فكيف يمكنك أن تنسى أمرًا مهمًّا كهذا؟ سيكون ردك هو أن ذاكرتك ليست على ما يرام دومًا، لكن يبدو أن هذا ليس عذرا كافيًا.
قد تتعلق المحادثة بقضية ذات أهمية عميقة وكامنة، مثل محاولة قضاء المزيد من الوقت معًا، وافق كلاكما على تخصيص ساعة لتناول عشاء هادئ كل أسبوع على الأقل، ومع ذلك يمضي الأسبوع وأنت مشغول ولا تحقق ما وعدت به، وعندما يذكر شريكك الأمر، تتجاهله كأن لم يدُر أي نقاش عنه. حتى إن لم يكن الأمر مهمًّا عاطفيًّا، فمجرد نسيانك يجعل اهتمامك بالعلاقة محل شك.
يعد علم النفس الذاكرة إحدى سمات القدرات المعرفية الشاملة للفرد، لا بوصفها أحد السمات المؤثرة في العلاقات. لكن وفق دراسة جديدة أجراها ليفي بيكر وزملاؤه من جامعة كارولينا الشمالية، تُعَد الذاكرة مساهمًا مهمًّا لتسهيل الحياة الزوجية، سواء كانت مسألة التذكر تتعلق بمحادثة عن المال أو عن التفضيلات الجنسية للشريك. تشير الدراسة إلى أن تذكر الشريك لهذه المعلومات مستقبلًا سيحدد كون هذه المعلومات ستشكل بالفعل سلوكًا لحل المشكلات.
يرى الباحثون أن الذاكرة المرتبطة بحل مشاكل العلاقات هي ما يُسمى الذاكرة العاملة working memory، ويمكن اعتبارها مرادفةً للوعي، وتتضمن المعلومات التي تدور في عقلك حاليًا، التي قد تكون معلومات جديدة (كمحاولة تذكر كلمة المرور الجديدة) أو طويلة الأمد (كتذكر كلمة المرور هذه لاحقًا).
في العلاقات، تكون ذاكرتك العاملة جزءًا من جهازك الإدراكي النشط، حين تخوض حوارًا مع شريكك بشأن موضوع ما، في محاولة للتركيز على ما يقال وتتبع سير المحادثة. يرى الباحثون أنه عندما تخوض ذاكرتك العاملة هذا النقاش، فأنت تصغي لشريكك حقًا، إضافةً إلى أنك تصيغ ردودًا.
يشبه ذلك تدوين الملاحظات في الصف الدراسي، إذ تحاول جاهدًا صياغة المعلومات الجديدة بمفرداتك الخاصة حتى يسهل عليك تذكرها لاحقًا، ويستطيع محترفو الذاكرة العاملة التعامل مع تدفق المعلومات والاحتفاظ بها إلى حين الحاجة إلى استخدامها لاحقًا.
ولاختبار فرضية (أن من يتمتعون بذاكرة عاملة أفضل يواجهون مشاكل أقل في العلاقات)، عمل الباحثون على تقييم هذه المهارة الإدراكية لدى 100 من الأزواج الجدد (ضمن دراسة أشمل عن الزواج)، وكان 93٪ منهم مغايري الجنس، وبلغ متوسط أعمارهم 32 سنة، وكان 36% منهم من غير البيض.
طُلب من الشركاء -منفصلين- تذكر حروف عُرضت عليهم تباعًا، تزامنًا مع حل سلسلة من المسائل الحسابية بين المشاهدات. يعتمد هذا الاختبار على أن الشخص المتمتع بذاكرة عاملة أفضل سيتذكر الحروف تذكرًا أفضل، إذ سيقل تأثير المسائل الحسابية في تشتيت عملية التذكر.
وفي مهمة أخرى تضمنت عناصر غير لغوية، طُلب من المشاركين تذكر مواقع مربعات محددة ضمن لوح 4×4. وبتقييم الأداء في هاتين المهمتين، قدَّر الباحثون مؤشر الذاكرة العاملة عند كل مشارك.
بعد إنهاء التجربة المنفصلة، شارك الأزواج معًا في جلسة لحل المشكلات العاطفية، إذ طرح كل شريك مشكلةً يظن أنه يمكن حلها حال غيّر شريكه سلوكًا محددًا، ثم شاركوا بنقاشين مسجلين في فيديو مدة كل منه 8 دقائق، إذ طُلب منهم اقتراح حل للمشكلة. وبعد الجلسة المشتركة، عاد كل شريك إلى غرفته المنفصلة، ولخص في مقطع صوتي ما قاله شريكه في أثناء النقاش، وتضمن ذلك تقييم المشارك لصعوبة المشكلة محل النقاش.
على مدار 4-8 أشهر تالية لهذه الجلسات، ملأ المشاركون استبيانات الكترونية، طلب فيها الباحثون منهم تذكر المشكلة محل النقاش، ثم تقييم الصعوبة الحالية لتلك المشكلة، في تحليل البيانات، استُخدِمَت الذاكرة العاملة للشريك (أ) في توقع تغير حدة العلاقة مع مرور الزمن عند الشريك (ب).
أظهرت المعطيات -كما توقع الباحثون- انخفاضًا شديدًا في خطورة المشكلة على مدار فترة المتابعة عند الشركاء المتمتعين بذاكرة عاملة أفضل، في حين ظلت المشكلة كما هي عند من يمتلك شركاؤهم معدلات ذاكرة عاملة منخفضة.
إضافةً إلى أن الشركاء ذوي الذاكرة العاملة الأفضل، كانوا أفضل في تذكر المشكلة التي ناقشوها في أثناء جلسة المختبر. ومن طريق تحليل اتجاه حدة المشكلة -ارتفاعًا أو انخفاضًا- بمرور الوقت، توصل الباحثون إلى أن سعة الذاكرة العاملة ترتبط بتذكر المحادثات المهمة، وأن هذه القدرة الإدراكية الأساسية مؤثرة في العلاقات.
تجدر الإشارة إلى أن معايير استرجاع المحادثة لم تتضمن طريقة التواصل المستخدمة، فلم يحدد استخدامهم أساليب بناءة لحل المشكلات (مثل التشجيع) أو أساليب هدامة (مثل السخرية)، لكن تذكر أن الأسلوب المستخدم في مناقشة المشكلة قد يزيد الشعور بالمرارة، مثل إضافة الملح إلى الجرح. ومع ذلك، ونظرًا إلى أن حدة المشكلة تناقصت مع امتلاك الشريك ذاكرة عاملة جيدة، قد يعني ذلك أن الإيجابي يطغى على السلبي فيما يتعلق بأسلوب المناقشة.
الدرس المستفاد أنه يمكن تحسين العلاقات بالمزيد من الاهتمام بما يقوله شريكك في أثناء النقاش، وإذا كنت تعلم أن ذاكرتك العاملة ليست مثالية، يمكنك التدرب على تعزيز هذه القدرة من طريق تلخيص مضمون المحادثة التي طرحتم فيها المشكلة، سواء في ذهنك أو لشريكك، وحافظ على هذه المحادثة نشطةً في ذاكرتك العاملة من وقت إلى آخر بتذكير نفسك باستمرار بما اتفقت عليه مع شريكك. وبالعودة إلى مثال العشاء الهادئ، ضع ملاحظة على مفكرتك إن لزم الأمر لتتأكد من تحقيق وعودك.
الخلاصة أن التمتع بذاكرة جيدة مفيد في نواحٍ عدة في حياتك، وإدراك تأثيرها في علاقاتك العاطفية يساعدك على استغلال هذه الميزة، وتحقيق أحد أهم إنجازات حياتك.
المصدر:ibelieveinsci
قد تتعلق المحادثة بقضية ذات أهمية عميقة وكامنة، مثل محاولة قضاء المزيد من الوقت معًا، وافق كلاكما على تخصيص ساعة لتناول عشاء هادئ كل أسبوع على الأقل، ومع ذلك يمضي الأسبوع وأنت مشغول ولا تحقق ما وعدت به، وعندما يذكر شريكك الأمر، تتجاهله كأن لم يدُر أي نقاش عنه. حتى إن لم يكن الأمر مهمًّا عاطفيًّا، فمجرد نسيانك يجعل اهتمامك بالعلاقة محل شك.
يعد علم النفس الذاكرة إحدى سمات القدرات المعرفية الشاملة للفرد، لا بوصفها أحد السمات المؤثرة في العلاقات. لكن وفق دراسة جديدة أجراها ليفي بيكر وزملاؤه من جامعة كارولينا الشمالية، تُعَد الذاكرة مساهمًا مهمًّا لتسهيل الحياة الزوجية، سواء كانت مسألة التذكر تتعلق بمحادثة عن المال أو عن التفضيلات الجنسية للشريك. تشير الدراسة إلى أن تذكر الشريك لهذه المعلومات مستقبلًا سيحدد كون هذه المعلومات ستشكل بالفعل سلوكًا لحل المشكلات.
يرى الباحثون أن الذاكرة المرتبطة بحل مشاكل العلاقات هي ما يُسمى الذاكرة العاملة working memory، ويمكن اعتبارها مرادفةً للوعي، وتتضمن المعلومات التي تدور في عقلك حاليًا، التي قد تكون معلومات جديدة (كمحاولة تذكر كلمة المرور الجديدة) أو طويلة الأمد (كتذكر كلمة المرور هذه لاحقًا).
في العلاقات، تكون ذاكرتك العاملة جزءًا من جهازك الإدراكي النشط، حين تخوض حوارًا مع شريكك بشأن موضوع ما، في محاولة للتركيز على ما يقال وتتبع سير المحادثة. يرى الباحثون أنه عندما تخوض ذاكرتك العاملة هذا النقاش، فأنت تصغي لشريكك حقًا، إضافةً إلى أنك تصيغ ردودًا.
يشبه ذلك تدوين الملاحظات في الصف الدراسي، إذ تحاول جاهدًا صياغة المعلومات الجديدة بمفرداتك الخاصة حتى يسهل عليك تذكرها لاحقًا، ويستطيع محترفو الذاكرة العاملة التعامل مع تدفق المعلومات والاحتفاظ بها إلى حين الحاجة إلى استخدامها لاحقًا.
ولاختبار فرضية (أن من يتمتعون بذاكرة عاملة أفضل يواجهون مشاكل أقل في العلاقات)، عمل الباحثون على تقييم هذه المهارة الإدراكية لدى 100 من الأزواج الجدد (ضمن دراسة أشمل عن الزواج)، وكان 93٪ منهم مغايري الجنس، وبلغ متوسط أعمارهم 32 سنة، وكان 36% منهم من غير البيض.
طُلب من الشركاء -منفصلين- تذكر حروف عُرضت عليهم تباعًا، تزامنًا مع حل سلسلة من المسائل الحسابية بين المشاهدات. يعتمد هذا الاختبار على أن الشخص المتمتع بذاكرة عاملة أفضل سيتذكر الحروف تذكرًا أفضل، إذ سيقل تأثير المسائل الحسابية في تشتيت عملية التذكر.
وفي مهمة أخرى تضمنت عناصر غير لغوية، طُلب من المشاركين تذكر مواقع مربعات محددة ضمن لوح 4×4. وبتقييم الأداء في هاتين المهمتين، قدَّر الباحثون مؤشر الذاكرة العاملة عند كل مشارك.
بعد إنهاء التجربة المنفصلة، شارك الأزواج معًا في جلسة لحل المشكلات العاطفية، إذ طرح كل شريك مشكلةً يظن أنه يمكن حلها حال غيّر شريكه سلوكًا محددًا، ثم شاركوا بنقاشين مسجلين في فيديو مدة كل منه 8 دقائق، إذ طُلب منهم اقتراح حل للمشكلة. وبعد الجلسة المشتركة، عاد كل شريك إلى غرفته المنفصلة، ولخص في مقطع صوتي ما قاله شريكه في أثناء النقاش، وتضمن ذلك تقييم المشارك لصعوبة المشكلة محل النقاش.
على مدار 4-8 أشهر تالية لهذه الجلسات، ملأ المشاركون استبيانات الكترونية، طلب فيها الباحثون منهم تذكر المشكلة محل النقاش، ثم تقييم الصعوبة الحالية لتلك المشكلة، في تحليل البيانات، استُخدِمَت الذاكرة العاملة للشريك (أ) في توقع تغير حدة العلاقة مع مرور الزمن عند الشريك (ب).
أظهرت المعطيات -كما توقع الباحثون- انخفاضًا شديدًا في خطورة المشكلة على مدار فترة المتابعة عند الشركاء المتمتعين بذاكرة عاملة أفضل، في حين ظلت المشكلة كما هي عند من يمتلك شركاؤهم معدلات ذاكرة عاملة منخفضة.
إضافةً إلى أن الشركاء ذوي الذاكرة العاملة الأفضل، كانوا أفضل في تذكر المشكلة التي ناقشوها في أثناء جلسة المختبر. ومن طريق تحليل اتجاه حدة المشكلة -ارتفاعًا أو انخفاضًا- بمرور الوقت، توصل الباحثون إلى أن سعة الذاكرة العاملة ترتبط بتذكر المحادثات المهمة، وأن هذه القدرة الإدراكية الأساسية مؤثرة في العلاقات.
تجدر الإشارة إلى أن معايير استرجاع المحادثة لم تتضمن طريقة التواصل المستخدمة، فلم يحدد استخدامهم أساليب بناءة لحل المشكلات (مثل التشجيع) أو أساليب هدامة (مثل السخرية)، لكن تذكر أن الأسلوب المستخدم في مناقشة المشكلة قد يزيد الشعور بالمرارة، مثل إضافة الملح إلى الجرح. ومع ذلك، ونظرًا إلى أن حدة المشكلة تناقصت مع امتلاك الشريك ذاكرة عاملة جيدة، قد يعني ذلك أن الإيجابي يطغى على السلبي فيما يتعلق بأسلوب المناقشة.
الدرس المستفاد أنه يمكن تحسين العلاقات بالمزيد من الاهتمام بما يقوله شريكك في أثناء النقاش، وإذا كنت تعلم أن ذاكرتك العاملة ليست مثالية، يمكنك التدرب على تعزيز هذه القدرة من طريق تلخيص مضمون المحادثة التي طرحتم فيها المشكلة، سواء في ذهنك أو لشريكك، وحافظ على هذه المحادثة نشطةً في ذاكرتك العاملة من وقت إلى آخر بتذكير نفسك باستمرار بما اتفقت عليه مع شريكك. وبالعودة إلى مثال العشاء الهادئ، ضع ملاحظة على مفكرتك إن لزم الأمر لتتأكد من تحقيق وعودك.
الخلاصة أن التمتع بذاكرة جيدة مفيد في نواحٍ عدة في حياتك، وإدراك تأثيرها في علاقاتك العاطفية يساعدك على استغلال هذه الميزة، وتحقيق أحد أهم إنجازات حياتك.
المصدر:ibelieveinsci