من عنوانه يخبر فيلم "محتال" (Sharper) المشاهدين أن تلك هي كلمة السر لكشف هذا العمل الفني، الذي يشبه في بنائه عرائس الماتريوشكا الروسية متعددة الأحجام، كلما فتحت إحداها وجدت بداخلها أخرى أصغر.
وهذا الفيلم عرض في السينما لوقت قصير قبل وصوله إلى منصة "أبل تي في بلس" (Apple TV) من إخراج بنجامين كارون وبطولة جوليان مور وسبيستيان ستان وجاستس سميث وبريانا ميدلتون وجون ليثجو، وينتمي لأفلام الإثارة النفسية والتشويق.
الحاضر يسبق الماضي
يعتمد الفيلم في أحداثه بشكل أساسي على جريمة ستحدث في النهاية، وعلى طول الأحداث يتم الإعداد لها، ولكن أتى بناء الفيلم بشكل عكسي، فبدأ بالجريمة، ثم انطلق في فك أسرارها بالتدريج، وذلك عبر بناء يتكون من 4 أجزاء، كل جزء منها مسمى باسم شخص هو بطله الأساسي.
وفي الجزء الأول، نتعرف على الشاب توم صاحب المكتبة في قلب نيويورك، هادئ ويقضي أيامه ولياليه في قراءة الكتب ويعاني من بقايا اكتئاب بسبب وفاة والدته، تعرف على ساندرا التي اشترت منه كتابا كلاسيكيا، ثم بدأت بينهما علاقة عاطفية تبدو مثالية، ولكنها تنتهي بسرقة مبلغ كبير من أموال توم واختفاء ساندرا بشكل مفاجئ!
ويفتتح الجزء الثاني من الفيلم بقصة ساندرا نفسها، ولكن بالعودة للماضي لننظر للشخصية من زاوية جديدة، وبنهاية جزء ساندرا ندلف إلى عالم ماكس محترف النصب ومعلمها الذي يعشق شريكته التي تكبره سنا فتبدو في عمر والدته مادلين (لعبت دورها جوليان مور) والتي يختتم الفيلم بالجزء الخاص بها.
ومع كل شخصية جديدة نعود أكثر للخلف، لنكتشف أننا بالفعل لا نعرف سوى القليل عن الجميع، وتفاصيل الجريمة التي ظنناها واضحة للغاية في البداية تحمل خلفها الكثير من التعقيدات العاطفية والعائلية.
والتشويق في فيلم "محتال" (Sharper) لا يأتي من جريمة السرقة بالأساس، بل بمعرفة الدوافع التي قادت لها، وذلك برحلة الماضي هذه، قصص المجرمين في الكثير من الأحيان تفوق في الإثارة أشد الجرائم تعقيدا، ويأتي هذا الفيلم عبر سيناريو غير خطي، لا يسير من الحاضر للمستقبل، ولا حتى من الحاضر للماضي، بل يتجول حرا في الزمن.
وقد يتحير المشاهد في البداية حتى يفهم سر اللعبة والغرض الذي يسعى إليه صناع الفيلم، ولكن في الوقت ذاته يجعله أحد اللاعبين بالتدريج، ويطلب منه الاندماج والتماهي للوصول إلى استنتاجاته الخاصة.
سيناريو معقد ومونتاج ممتاز
ورغم تقسيم الفيلم إلى 4 أجزاء منفصلة فإنه سيناريو ثلاثي الفصول، يمكن اعتبار قصة توم وساندرا العاطفية التي انتهت بهربها بأمواله الفصل الأول، بينما كل من قصتي ساندرا وماكس هما الفصل الثاني الذي تبدأ فيه اللعبة في الانكشاف للمشاهد، والفصل الأخير والأهم هو الخاص بالنصابة المخضرمة مادلين الذي تحل فيه كل الألغاز في النهاية.
وقد أثر بناء فيلم "احتيال" المعقد على باقي نواحيه بالتأكيد، بداية من المونتاج الذي ربط كل الأجزاء ببعضها البعض، وصنع طابعا خاصا لكل جزء بمفرده، وحافظ على التوازن في الإيقاع بينها، موضحا الصلات غير الواضحة بين أفعال الشخصيات ثم دوافعهم بعد ذلك.
وبخصوص المكياج وتصميم الأزياء، ورغم كون الفيلم لا يقع في نطاق الدراما التاريخية أو الفانتازيا -وهي الأنواع السينمائية التي يبرز فيها عمل مصممي الأزياء والمكياج- فإن لهما هنا دورا أساسيا، فكل شخصية لها طابع بصري مختلف من جزء لآخر، نجد ذلك واضحا في شخصية ساندرا التي ظهرت في الجزء الأول فتاة جامعية بشعر مصفف بعناية وأزياء بسيطة وأنيقة في آن واحد.
ولكن في الجزء الخاص بها -الذي من الناحية الزمنية يسبق الجزء الأول- نتعرف على جانب آخر من شخصيتها، فالفتاة ساندي لها صحيفة سوابق، وكانت تعيش في الشوارع، وكانت مدمنة للمخدرات، بشعر مجدول على الطريقة الأفريقية وملابس رياضية رثة وملامح يظهر عليها التعب والغضب المكبوت.
وشخصية ماكس كذلك تغيرت بشكل واضح من ناحية المظهر والثياب بين الجزء الخاص به والجزء الأسبق الخاص بساندي، ففي جزء ساندي هو نصاب محترف، أنيق الثياب، شديد الثقة بمظهره، بينما يتغير ذلك في الأجزاء اللاحقة التي تقدم ماضيه، هذه التغيرات التي تبدو بسيطة في المظهر جزء أساسي من بناء الشخصيات وتجعل من السهل تمييز رحلة تطورها المعقدة التي تبدأ من المستقبل إلى الماضي.
وربما عيب الفيلم الأكبر أن هذا البناء المتميز -الذي وعد المشاهدين بالكثير- أتت خاتمته بشكل واه، فذروة الفيلم تمخضت عن فأر، أو على الأقل لم تفاجئ المشاهدين بالشكل الكافي في الفصل الختامي الذي يمكن اعتباره الخامس، وعادت فيه الكاميرا لشخصية ساندي أو ساندرا مرة أخرى لوداع الجمهور وكشف كل الاحتيال المتبادل بين الشخصيات الأربع.
وفي الختام، قدم فيلم "احتيال" لمشاهديه أهم ما في السينما وهو التسلية والمتعة، فهو عمل يسهل قضاء ساعتين في مشاهدته دون الشعور بالملل، يقود المشاهد من فخ لآخر مختبرا ذكاءه، وقد حصل على تقييم 69% على موقع "روتن توماتوز" (Rotten Tomatoes) من مراجعة 109 نقاد.
وهذا الفيلم عرض في السينما لوقت قصير قبل وصوله إلى منصة "أبل تي في بلس" (Apple TV) من إخراج بنجامين كارون وبطولة جوليان مور وسبيستيان ستان وجاستس سميث وبريانا ميدلتون وجون ليثجو، وينتمي لأفلام الإثارة النفسية والتشويق.
الحاضر يسبق الماضي
يعتمد الفيلم في أحداثه بشكل أساسي على جريمة ستحدث في النهاية، وعلى طول الأحداث يتم الإعداد لها، ولكن أتى بناء الفيلم بشكل عكسي، فبدأ بالجريمة، ثم انطلق في فك أسرارها بالتدريج، وذلك عبر بناء يتكون من 4 أجزاء، كل جزء منها مسمى باسم شخص هو بطله الأساسي.
وفي الجزء الأول، نتعرف على الشاب توم صاحب المكتبة في قلب نيويورك، هادئ ويقضي أيامه ولياليه في قراءة الكتب ويعاني من بقايا اكتئاب بسبب وفاة والدته، تعرف على ساندرا التي اشترت منه كتابا كلاسيكيا، ثم بدأت بينهما علاقة عاطفية تبدو مثالية، ولكنها تنتهي بسرقة مبلغ كبير من أموال توم واختفاء ساندرا بشكل مفاجئ!
ويفتتح الجزء الثاني من الفيلم بقصة ساندرا نفسها، ولكن بالعودة للماضي لننظر للشخصية من زاوية جديدة، وبنهاية جزء ساندرا ندلف إلى عالم ماكس محترف النصب ومعلمها الذي يعشق شريكته التي تكبره سنا فتبدو في عمر والدته مادلين (لعبت دورها جوليان مور) والتي يختتم الفيلم بالجزء الخاص بها.
ومع كل شخصية جديدة نعود أكثر للخلف، لنكتشف أننا بالفعل لا نعرف سوى القليل عن الجميع، وتفاصيل الجريمة التي ظنناها واضحة للغاية في البداية تحمل خلفها الكثير من التعقيدات العاطفية والعائلية.
والتشويق في فيلم "محتال" (Sharper) لا يأتي من جريمة السرقة بالأساس، بل بمعرفة الدوافع التي قادت لها، وذلك برحلة الماضي هذه، قصص المجرمين في الكثير من الأحيان تفوق في الإثارة أشد الجرائم تعقيدا، ويأتي هذا الفيلم عبر سيناريو غير خطي، لا يسير من الحاضر للمستقبل، ولا حتى من الحاضر للماضي، بل يتجول حرا في الزمن.
وقد يتحير المشاهد في البداية حتى يفهم سر اللعبة والغرض الذي يسعى إليه صناع الفيلم، ولكن في الوقت ذاته يجعله أحد اللاعبين بالتدريج، ويطلب منه الاندماج والتماهي للوصول إلى استنتاجاته الخاصة.
سيناريو معقد ومونتاج ممتاز
ورغم تقسيم الفيلم إلى 4 أجزاء منفصلة فإنه سيناريو ثلاثي الفصول، يمكن اعتبار قصة توم وساندرا العاطفية التي انتهت بهربها بأمواله الفصل الأول، بينما كل من قصتي ساندرا وماكس هما الفصل الثاني الذي تبدأ فيه اللعبة في الانكشاف للمشاهد، والفصل الأخير والأهم هو الخاص بالنصابة المخضرمة مادلين الذي تحل فيه كل الألغاز في النهاية.
وقد أثر بناء فيلم "احتيال" المعقد على باقي نواحيه بالتأكيد، بداية من المونتاج الذي ربط كل الأجزاء ببعضها البعض، وصنع طابعا خاصا لكل جزء بمفرده، وحافظ على التوازن في الإيقاع بينها، موضحا الصلات غير الواضحة بين أفعال الشخصيات ثم دوافعهم بعد ذلك.
وبخصوص المكياج وتصميم الأزياء، ورغم كون الفيلم لا يقع في نطاق الدراما التاريخية أو الفانتازيا -وهي الأنواع السينمائية التي يبرز فيها عمل مصممي الأزياء والمكياج- فإن لهما هنا دورا أساسيا، فكل شخصية لها طابع بصري مختلف من جزء لآخر، نجد ذلك واضحا في شخصية ساندرا التي ظهرت في الجزء الأول فتاة جامعية بشعر مصفف بعناية وأزياء بسيطة وأنيقة في آن واحد.
ولكن في الجزء الخاص بها -الذي من الناحية الزمنية يسبق الجزء الأول- نتعرف على جانب آخر من شخصيتها، فالفتاة ساندي لها صحيفة سوابق، وكانت تعيش في الشوارع، وكانت مدمنة للمخدرات، بشعر مجدول على الطريقة الأفريقية وملابس رياضية رثة وملامح يظهر عليها التعب والغضب المكبوت.
وشخصية ماكس كذلك تغيرت بشكل واضح من ناحية المظهر والثياب بين الجزء الخاص به والجزء الأسبق الخاص بساندي، ففي جزء ساندي هو نصاب محترف، أنيق الثياب، شديد الثقة بمظهره، بينما يتغير ذلك في الأجزاء اللاحقة التي تقدم ماضيه، هذه التغيرات التي تبدو بسيطة في المظهر جزء أساسي من بناء الشخصيات وتجعل من السهل تمييز رحلة تطورها المعقدة التي تبدأ من المستقبل إلى الماضي.
وربما عيب الفيلم الأكبر أن هذا البناء المتميز -الذي وعد المشاهدين بالكثير- أتت خاتمته بشكل واه، فذروة الفيلم تمخضت عن فأر، أو على الأقل لم تفاجئ المشاهدين بالشكل الكافي في الفصل الختامي الذي يمكن اعتباره الخامس، وعادت فيه الكاميرا لشخصية ساندي أو ساندرا مرة أخرى لوداع الجمهور وكشف كل الاحتيال المتبادل بين الشخصيات الأربع.
وفي الختام، قدم فيلم "احتيال" لمشاهديه أهم ما في السينما وهو التسلية والمتعة، فهو عمل يسهل قضاء ساعتين في مشاهدته دون الشعور بالملل، يقود المشاهد من فخ لآخر مختبرا ذكاءه، وقد حصل على تقييم 69% على موقع "روتن توماتوز" (Rotten Tomatoes) من مراجعة 109 نقاد.