الحسن البصري
من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا الأحزاب : ۲۳
حين ظهر الإسلام ، وقامت دولته الأولى في المدينة ، دمج بين المفاهيم ديجا كاملا ، فالنبي الله هو رسول الله ، وهو رجل الدولة ، وهو القاضي ، وهو القائد ، وهو ، وهو
... وعلى هذه القاعدة تربى المسلمون فصار كل منهم يعمل على الأرض و قلبه مشدود إلى السماء ، عامر بالإيمان والتقوى ، راغب بالعافية والعيش الحلال ، وبعدما توفي الرسول لم يتبدل حال المسلمين ، ذلك أن أبا بكر حين استلم حكم المسلمين ، اعتبر السلطة نيابة عن النبي ، والنائب مؤتمن ينفذ أوامر وتعاليم المنيب ، وبعد وفاة أبي بكر سار عمر على ذات الطريق النبوي ، وحافظ على مفهوم أن السلطة أداة خدمة لا أداة تسلط وغصب، وهكذا انقضى الشطر الأكبر من عصر والتوازن والانسجام قائم بين المسلمين والخلافة الخلفاء الراشدين ،
إنما انهار هذا التوازن مع اغتصاب معاوية بن أبي سفيان للسلطة ، و انتزاعه الخلافة بقوة السلاح والمال والبراعة السياسية ، وهكذا تحولت السلطة إلى أداة تسلط وتنكيل وجبروت واستغلال ، السلطة وبعده عنها . جديد عجيب هو نفور الشعب من ولقد فرضت تطورات الأحوال على السلطة الأموية سياسة مالية ضرائبية بعيدة عن روح الشريعة الإسلامية حتى كادت ـ أن تقول بأن الله تعالى أرسل محمداً و جابيا لا هادياً، وكان من الممكن لهذه السياسة أن تدمر مستقبل انتشار الإسلام وتعطل أعمال الإقبال على اعتناقه من قبل سكان البلاد المفتوحة ، لكن طبيعة العقيدة الإسلامية وتماسكها ، جعل بالإمكان الإستغناء عن السلطة والإنتشار بالقوى الذاتية لها ، وتمثلت هذه القوى فيما تمثلته بجماهير المسلمين التي قادها عدد من الأعلام الكبار فكانوا بناة تاريخ الإسلام وحضارته الفعليين .
قد يقود هذا العرض إلى القول بأن تاريخ الإسلام قام على ازدواجية العمل ، والعاملين ، وللوهلة الأولى يمكن أن يكون هذا صحيحاً ولكن إلى حدود ، فالازدواجية إما أن على التنسيق أو الفوضى وهذا حال لم يقم ، لهذا نقول إن ماحدث ليس ازدواجية لكن مواجهة ، أحياناً كلية وأحياناً جزئية ، إنما بشكل معقد للغاية فقد قضى الاسلام على معتنقيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل على نشر الإسلام ، وفي الإسلام الشر شر صغر أم كبر والخير خير صغر أم كبر ، وفعل الشر عداء للإسلام ، وعمل الخير خدمة للإسلام ، وحين يتصدى المؤمن لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يكون قد أدى ماعليه فالدين النصيحة وعندما قامت المواجهة بين المسلمين والسلطة ، صار على رجالات المسلمين العمل على جبهبين ، داخلية وخارجية وقد برز في هذا المجال عدد من الأعلام ضرب كل منهم مثلا أعلى في الشجاعة والزهد تقوم
والتقوى ، وحين يعرض الباحث الحياة وأعمال هؤلاء الأعلام يجد أن الحسن البصري و صفوة الصفوة ، وعلم الأعلام المسلمين في الزهد . والشجاعة والعلم
وأخذ عنهم . ما استطاع به يؤثر والحسن البصري هو الحسن بن يسار ، مولى زيد بن ثابت ، صاحب النبي الله وكاتب الوحي ، وأمه خيره مولاة أم سلمة أم المؤمنين ، نشأ في بيتها ولقي جماعة كبيرة من الصحابة ، فتأثر ، فكان بذلك أول التابعين ثم سيدهم . وذلك أن الله تعالى جمع فيه من الفضائل ، ومنحه من المواهب أن قلوب الناس ، وقد قرن مواهبه بغزارة في العلوم الإسلامية من فقه وحديث وتفسير ومغازي وشمائل وفصاحة وبيان وحلاوة في المنطق ، وجمع مع هذا كله زهداً إسلامياً لا أعجميا وشجاعة وإخلاصاً لا تشوبه شائبة ، مع عفة متناهية ورقة كبيرة ، وعاطفة جياشة صادقة ، وأهله هذا إلى قيادة جماهير المسلمين والتصدي لرجال السلطة وسواهم ، رافضاً التعاون السلطة ناقداً أعمالها وسياستها . لقد استطاع الحسن البصري بمواهبه أن يقدم للمسلمين خدمات كبيرة للغايه ، وضرب بسلوكه مثلا أعلى اقتدي به ، وعليه إذا كان بعض العلماء أسس مدارس فقهية ، فإن الحسن البصري هو مؤسس حركة الزهد الإسلامية ، وواضع أسها . وحين يقلب الباحث صفحات تاريخ الإسلام في القرن الأول وبداية القرن الثاني ، يكاد يجد في كل صفحة ذكر أو إشارة أو أثر للحسن البصري ، وهذا يجعلنا نقرر بأن الحسن البصري كان أوائل بناة الإسلام حضارة وفكراً . والتدليل على مدى أثره في مجتمعه ومكانته به
من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا الأحزاب : ۲۳
حين ظهر الإسلام ، وقامت دولته الأولى في المدينة ، دمج بين المفاهيم ديجا كاملا ، فالنبي الله هو رسول الله ، وهو رجل الدولة ، وهو القاضي ، وهو القائد ، وهو ، وهو
... وعلى هذه القاعدة تربى المسلمون فصار كل منهم يعمل على الأرض و قلبه مشدود إلى السماء ، عامر بالإيمان والتقوى ، راغب بالعافية والعيش الحلال ، وبعدما توفي الرسول لم يتبدل حال المسلمين ، ذلك أن أبا بكر حين استلم حكم المسلمين ، اعتبر السلطة نيابة عن النبي ، والنائب مؤتمن ينفذ أوامر وتعاليم المنيب ، وبعد وفاة أبي بكر سار عمر على ذات الطريق النبوي ، وحافظ على مفهوم أن السلطة أداة خدمة لا أداة تسلط وغصب، وهكذا انقضى الشطر الأكبر من عصر والتوازن والانسجام قائم بين المسلمين والخلافة الخلفاء الراشدين ،
إنما انهار هذا التوازن مع اغتصاب معاوية بن أبي سفيان للسلطة ، و انتزاعه الخلافة بقوة السلاح والمال والبراعة السياسية ، وهكذا تحولت السلطة إلى أداة تسلط وتنكيل وجبروت واستغلال ، السلطة وبعده عنها . جديد عجيب هو نفور الشعب من ولقد فرضت تطورات الأحوال على السلطة الأموية سياسة مالية ضرائبية بعيدة عن روح الشريعة الإسلامية حتى كادت ـ أن تقول بأن الله تعالى أرسل محمداً و جابيا لا هادياً، وكان من الممكن لهذه السياسة أن تدمر مستقبل انتشار الإسلام وتعطل أعمال الإقبال على اعتناقه من قبل سكان البلاد المفتوحة ، لكن طبيعة العقيدة الإسلامية وتماسكها ، جعل بالإمكان الإستغناء عن السلطة والإنتشار بالقوى الذاتية لها ، وتمثلت هذه القوى فيما تمثلته بجماهير المسلمين التي قادها عدد من الأعلام الكبار فكانوا بناة تاريخ الإسلام وحضارته الفعليين .
قد يقود هذا العرض إلى القول بأن تاريخ الإسلام قام على ازدواجية العمل ، والعاملين ، وللوهلة الأولى يمكن أن يكون هذا صحيحاً ولكن إلى حدود ، فالازدواجية إما أن على التنسيق أو الفوضى وهذا حال لم يقم ، لهذا نقول إن ماحدث ليس ازدواجية لكن مواجهة ، أحياناً كلية وأحياناً جزئية ، إنما بشكل معقد للغاية فقد قضى الاسلام على معتنقيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل على نشر الإسلام ، وفي الإسلام الشر شر صغر أم كبر والخير خير صغر أم كبر ، وفعل الشر عداء للإسلام ، وعمل الخير خدمة للإسلام ، وحين يتصدى المؤمن لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يكون قد أدى ماعليه فالدين النصيحة وعندما قامت المواجهة بين المسلمين والسلطة ، صار على رجالات المسلمين العمل على جبهبين ، داخلية وخارجية وقد برز في هذا المجال عدد من الأعلام ضرب كل منهم مثلا أعلى في الشجاعة والزهد تقوم
والتقوى ، وحين يعرض الباحث الحياة وأعمال هؤلاء الأعلام يجد أن الحسن البصري و صفوة الصفوة ، وعلم الأعلام المسلمين في الزهد . والشجاعة والعلم
وأخذ عنهم . ما استطاع به يؤثر والحسن البصري هو الحسن بن يسار ، مولى زيد بن ثابت ، صاحب النبي الله وكاتب الوحي ، وأمه خيره مولاة أم سلمة أم المؤمنين ، نشأ في بيتها ولقي جماعة كبيرة من الصحابة ، فتأثر ، فكان بذلك أول التابعين ثم سيدهم . وذلك أن الله تعالى جمع فيه من الفضائل ، ومنحه من المواهب أن قلوب الناس ، وقد قرن مواهبه بغزارة في العلوم الإسلامية من فقه وحديث وتفسير ومغازي وشمائل وفصاحة وبيان وحلاوة في المنطق ، وجمع مع هذا كله زهداً إسلامياً لا أعجميا وشجاعة وإخلاصاً لا تشوبه شائبة ، مع عفة متناهية ورقة كبيرة ، وعاطفة جياشة صادقة ، وأهله هذا إلى قيادة جماهير المسلمين والتصدي لرجال السلطة وسواهم ، رافضاً التعاون السلطة ناقداً أعمالها وسياستها . لقد استطاع الحسن البصري بمواهبه أن يقدم للمسلمين خدمات كبيرة للغايه ، وضرب بسلوكه مثلا أعلى اقتدي به ، وعليه إذا كان بعض العلماء أسس مدارس فقهية ، فإن الحسن البصري هو مؤسس حركة الزهد الإسلامية ، وواضع أسها . وحين يقلب الباحث صفحات تاريخ الإسلام في القرن الأول وبداية القرن الثاني ، يكاد يجد في كل صفحة ذكر أو إشارة أو أثر للحسن البصري ، وهذا يجعلنا نقرر بأن الحسن البصري كان أوائل بناة الإسلام حضارة وفكراً . والتدليل على مدى أثره في مجتمعه ومكانته به
تعليق