أبو ذر الغفاري
[ ت ٣٢ ه ]
من أهم القبائل التي سكنت مكة كانت قبيلة غفار ، وهي إحدى قبائل كنانة التي انحدرت منها قريش ، وشهرت قبائل كنانة ، وخاصة ، غفار منها بالنشاط الديني الذي عظم قبيل ظهور الإسلام وعرف باسم البحث عن الحنيفية ، وكان لغفار مكانتها المؤثرة بالنسبة لقريش ، ذلك أن القوافل كانت تمر بديارها انتهى برام . وعندما قام الإسلام، وانتشرت دعوة النبي مع إلى خارج مكة وصلت إلى غفار فاهتم بعض أفراد القبيلة بها ، وتفاعلوا معها ، حتى الأمر إلى الإسلام ، وتم ذلك إثر إسلام أحد أفراد القبيلة ، واسمه أبو ذر لقد اختلف الرواة في تحديد الاسم الأساسي لأبي ذر ، كما أن رواياتهم عن دخوله في الإسلام تباينت في عدد من التفاصل ، واتفقت أن ذلك كان قبيل حدوث الهجرة ، وأن النبي ما بعث بأبي ذر إلى قومه لدعوتهم إلى الإسلام ، فنجح في مهمته . وفي العهد النبوي تميز أبو ذر بصدق إيمانه ، وبزهده وشجاعته ، واخلاصه المتناهي ولم يحدث أن تم تكليفه آنذاك بعمل إداري أو عسكري ، وعلى هذا لا تنبع شهرة أبي ذر من دوره الذي شغله أيام الثالث فني النبي ، لكن بسبب ما قام به أيام الخليفة الراشدي ا عصر عثمان حدثت تطورات كبيرة ألمت بالمجتمع العربي الاسلامي الناشيء حيث أخذ القوم يجنون ثمرات الفتوح ، فملكوا الأموال والضياع وصار بينهم طبقة على غاية من الثراء ، كما أن البحث عن المغنم والثروة كان هدفاً يلاحقه السادة والحكام ، ومعروف أن ثروات الدنيا محدودة وكلما ازداد ثراء قلة ازداد حرمان جمهور أكبر ، وزيادة ثراء القلة فيها إخلال بالموازين مما يسبب العديد من المشاكل لقد شهد أبو ذر هذه التحولات فخاف منها وخشي أثرها المدمر على الأمة ، فأعلن صوته مدوياً في رفضها ، فلاقي الاستجابة مع ردات فعل شديدة ومعادية لقد تفجرت المشاكل في كل الولايات ، وبلغت أخبارها إلى عثمان و تردد صداها في كل مكان ، وكانت البداية عبارة عن أعمال شكوى ونصيحة وتحريض كادت أن تؤدي إلى الثورة ، وخشي الولاة من ذلك فقاموا بنفي عناصر الاثارة من ولاياتهم ، وفي الشام شارك أبو ذر في أعمال الانذار والنصيحة والشكوى وبلغ نشاطه حداً أقلق فيه مكانة والي الشام معاوية بن أبي سفيان ، فقد تناول أبو ذر في هجومه معاوية والخليفة نفسه مع عدد من الصحابة الأثرياء معاوية بالكتابة إلى الخليفة قائلا : لهذا قام بسم الله الرحمن الرحيم
لعبد الله عثمان أمير المؤمنين من معاوية بن صخر ، أما بعد : فإني أخبرك يا أمير المؤمنين بأن أبا ذر قد أفسد عليك الشام ، وذلك أنه يظهر لأبي بكر وعمر بكل جميل فإذا ذكرك أظهر عيبك وقال فيك القبيح ، وإني أكره
أما بعد فكتب إليه عثمان : فقد جاءني كتابك ، وفهمت ما ذكرت فيه من أمر أبي ذر جندب بن جنادة ، فإذا ورد عليك كتابي هذا ، فابعث به إلي وأحمله على أغلظ المراكب وأوعرها ، وابعث معه دليلاً يسير بـــه الليل مع النهار ، حتى يغلبه النوم فينسيه ذكري وذكرك ، والسلام». ونفذ معاوية أوامر الخليفة فأرسل أبا ذر في رحلة قاسية جداً حق إذا قدم المدينة كان لحم فخذيه قد سقط ، وأدخل على عثمان وكان أبو ذر رجل داكن البشرة ، طويلاً ضعيفاً نحيفا ، شيخاً أبيض الرأس واللحية ، فلما رآه عثمان قال له : لا أنعم الله بك عينا باجنيدب فقال أبو ذر : أنا جندب بن جنادة وأسماني النبي عبد فقال عثمان : أنت الذي تزعم بأننا نقول : ان يد الله مغلولة ، وأن الله فقير ونحن الأغنياء ؟ فقال أبو ذر : لو كنتم لا تقولون ذلك لأنفقتم مال الله في عباده المؤمنين، أني لم أقل ذلك ولكني أشهد لقد سمعت رسول الله لا وهو يقول : إذا بلغ بنو أمية العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولاً ، وعباد الله خولاً ودين الله دخلا ، ثم الله، الله العباد منهم
أن يكون مثله في الشام أو بمصر أو بالعراق ، لانهم قوم سراع إلى الفتن ، وأحب الأمور اليهم الشبهات وليسوا بأهل طاعة ولا جماعة ، والسلام
يريح فقال عثمان لمن بحضرته من المسلمين : أسمعتم هذا الحديث من رسول الله ؟ فقالوا : ما سمعناه ، فقال عثمان : ويلك أتكذب على رسول الله ؟ فقال أبو ذر لمن حضر : أتظنون أني كذبت ولم هذا الحديث ، فقال عثمان : ادعو إلي علي بن أبي طالب ، فدعي له ، فلما جلس قال عثمان لأبي ذر : أقصص عليه حديثك أصدق في النبي : عثمان في بني أبي العاص ، فأعاد أبو ذر الحديث ، فقال عثمان : يا أبا الحسن هل سمعت هذا من رسول الله ؟ فقال علي : لم أسمع هذا ولكن صدق أبو ذر ، فقال عثمان وبما صدقته ؟ فقال علي : بحديث ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أحداً أصدق لهجة من ، فقال جميع من حضر من أصحاب رسول الله : صدق علي ، فالتفت اليهم أبو ذر قائلاً : احدثكم أني سمعت هذا من رسول الله وتتهمونني ، ما كنت أظن أن أعيش حتى اسمع هذا منكم ، فقال عثمان : كذبت انت رجل محب للفتنة ، فقال أبو ذر : اتبع سنة صاحبيك أبي بكر وعمر حتى لا يكون لأحد عليك كلام ، فقال ما أنت وذاك لا أم لك ؟ فقال أبو ذر : والله ما أعرف لي إليك ذنباً إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فاشتد غضب عثمان ثم قال : أشيروا علي في أمر هذا الشيخ الكذاب فقد فرق جماعة المسلمين ؟ فقال علي أما أنا فأشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون : ه إن يك كاذباً فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصيبكم بعض الذي
يعدكم إن الله لا يدي من هو مسرف كذاب ) ( غافر سمع عثمان كلام على اشتد غضبه وقال : التراب بفيك ياعلي ، فأجابه علي : بل بفيك ياعثمان ، أتصنع هذا بأبي ذر وهــو حبيب رسول الله ، فأمسك عثمان وأرفض المجلس (ya : فلها
وحضر بعد هذا أبو ذر مجلس عثمان ، فعرض ارساله إلى قرية اسمها الربذة واقعة على الطريق الواصل بين مكة والمدينة ليقيم بها ، ووعده بمنحه عدداً من ابل الصدقة ليستغلها ، فرفض أبو ذر ، وقال له : يكفي أبا ذر مايقوم بأوده و وتمتع أنت وأمثالك بدنياكم ودعونا وربنا وديننا ، وكان عثمان يشرف آنذاك على توزيع ارث الصحابي عبـــد
[ ت ٣٢ ه ]
من أهم القبائل التي سكنت مكة كانت قبيلة غفار ، وهي إحدى قبائل كنانة التي انحدرت منها قريش ، وشهرت قبائل كنانة ، وخاصة ، غفار منها بالنشاط الديني الذي عظم قبيل ظهور الإسلام وعرف باسم البحث عن الحنيفية ، وكان لغفار مكانتها المؤثرة بالنسبة لقريش ، ذلك أن القوافل كانت تمر بديارها انتهى برام . وعندما قام الإسلام، وانتشرت دعوة النبي مع إلى خارج مكة وصلت إلى غفار فاهتم بعض أفراد القبيلة بها ، وتفاعلوا معها ، حتى الأمر إلى الإسلام ، وتم ذلك إثر إسلام أحد أفراد القبيلة ، واسمه أبو ذر لقد اختلف الرواة في تحديد الاسم الأساسي لأبي ذر ، كما أن رواياتهم عن دخوله في الإسلام تباينت في عدد من التفاصل ، واتفقت أن ذلك كان قبيل حدوث الهجرة ، وأن النبي ما بعث بأبي ذر إلى قومه لدعوتهم إلى الإسلام ، فنجح في مهمته . وفي العهد النبوي تميز أبو ذر بصدق إيمانه ، وبزهده وشجاعته ، واخلاصه المتناهي ولم يحدث أن تم تكليفه آنذاك بعمل إداري أو عسكري ، وعلى هذا لا تنبع شهرة أبي ذر من دوره الذي شغله أيام الثالث فني النبي ، لكن بسبب ما قام به أيام الخليفة الراشدي ا عصر عثمان حدثت تطورات كبيرة ألمت بالمجتمع العربي الاسلامي الناشيء حيث أخذ القوم يجنون ثمرات الفتوح ، فملكوا الأموال والضياع وصار بينهم طبقة على غاية من الثراء ، كما أن البحث عن المغنم والثروة كان هدفاً يلاحقه السادة والحكام ، ومعروف أن ثروات الدنيا محدودة وكلما ازداد ثراء قلة ازداد حرمان جمهور أكبر ، وزيادة ثراء القلة فيها إخلال بالموازين مما يسبب العديد من المشاكل لقد شهد أبو ذر هذه التحولات فخاف منها وخشي أثرها المدمر على الأمة ، فأعلن صوته مدوياً في رفضها ، فلاقي الاستجابة مع ردات فعل شديدة ومعادية لقد تفجرت المشاكل في كل الولايات ، وبلغت أخبارها إلى عثمان و تردد صداها في كل مكان ، وكانت البداية عبارة عن أعمال شكوى ونصيحة وتحريض كادت أن تؤدي إلى الثورة ، وخشي الولاة من ذلك فقاموا بنفي عناصر الاثارة من ولاياتهم ، وفي الشام شارك أبو ذر في أعمال الانذار والنصيحة والشكوى وبلغ نشاطه حداً أقلق فيه مكانة والي الشام معاوية بن أبي سفيان ، فقد تناول أبو ذر في هجومه معاوية والخليفة نفسه مع عدد من الصحابة الأثرياء معاوية بالكتابة إلى الخليفة قائلا : لهذا قام بسم الله الرحمن الرحيم
لعبد الله عثمان أمير المؤمنين من معاوية بن صخر ، أما بعد : فإني أخبرك يا أمير المؤمنين بأن أبا ذر قد أفسد عليك الشام ، وذلك أنه يظهر لأبي بكر وعمر بكل جميل فإذا ذكرك أظهر عيبك وقال فيك القبيح ، وإني أكره
أما بعد فكتب إليه عثمان : فقد جاءني كتابك ، وفهمت ما ذكرت فيه من أمر أبي ذر جندب بن جنادة ، فإذا ورد عليك كتابي هذا ، فابعث به إلي وأحمله على أغلظ المراكب وأوعرها ، وابعث معه دليلاً يسير بـــه الليل مع النهار ، حتى يغلبه النوم فينسيه ذكري وذكرك ، والسلام». ونفذ معاوية أوامر الخليفة فأرسل أبا ذر في رحلة قاسية جداً حق إذا قدم المدينة كان لحم فخذيه قد سقط ، وأدخل على عثمان وكان أبو ذر رجل داكن البشرة ، طويلاً ضعيفاً نحيفا ، شيخاً أبيض الرأس واللحية ، فلما رآه عثمان قال له : لا أنعم الله بك عينا باجنيدب فقال أبو ذر : أنا جندب بن جنادة وأسماني النبي عبد فقال عثمان : أنت الذي تزعم بأننا نقول : ان يد الله مغلولة ، وأن الله فقير ونحن الأغنياء ؟ فقال أبو ذر : لو كنتم لا تقولون ذلك لأنفقتم مال الله في عباده المؤمنين، أني لم أقل ذلك ولكني أشهد لقد سمعت رسول الله لا وهو يقول : إذا بلغ بنو أمية العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولاً ، وعباد الله خولاً ودين الله دخلا ، ثم الله، الله العباد منهم
أن يكون مثله في الشام أو بمصر أو بالعراق ، لانهم قوم سراع إلى الفتن ، وأحب الأمور اليهم الشبهات وليسوا بأهل طاعة ولا جماعة ، والسلام
يريح فقال عثمان لمن بحضرته من المسلمين : أسمعتم هذا الحديث من رسول الله ؟ فقالوا : ما سمعناه ، فقال عثمان : ويلك أتكذب على رسول الله ؟ فقال أبو ذر لمن حضر : أتظنون أني كذبت ولم هذا الحديث ، فقال عثمان : ادعو إلي علي بن أبي طالب ، فدعي له ، فلما جلس قال عثمان لأبي ذر : أقصص عليه حديثك أصدق في النبي : عثمان في بني أبي العاص ، فأعاد أبو ذر الحديث ، فقال عثمان : يا أبا الحسن هل سمعت هذا من رسول الله ؟ فقال علي : لم أسمع هذا ولكن صدق أبو ذر ، فقال عثمان وبما صدقته ؟ فقال علي : بحديث ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أحداً أصدق لهجة من ، فقال جميع من حضر من أصحاب رسول الله : صدق علي ، فالتفت اليهم أبو ذر قائلاً : احدثكم أني سمعت هذا من رسول الله وتتهمونني ، ما كنت أظن أن أعيش حتى اسمع هذا منكم ، فقال عثمان : كذبت انت رجل محب للفتنة ، فقال أبو ذر : اتبع سنة صاحبيك أبي بكر وعمر حتى لا يكون لأحد عليك كلام ، فقال ما أنت وذاك لا أم لك ؟ فقال أبو ذر : والله ما أعرف لي إليك ذنباً إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فاشتد غضب عثمان ثم قال : أشيروا علي في أمر هذا الشيخ الكذاب فقد فرق جماعة المسلمين ؟ فقال علي أما أنا فأشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون : ه إن يك كاذباً فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصيبكم بعض الذي
يعدكم إن الله لا يدي من هو مسرف كذاب ) ( غافر سمع عثمان كلام على اشتد غضبه وقال : التراب بفيك ياعلي ، فأجابه علي : بل بفيك ياعثمان ، أتصنع هذا بأبي ذر وهــو حبيب رسول الله ، فأمسك عثمان وأرفض المجلس (ya : فلها
وحضر بعد هذا أبو ذر مجلس عثمان ، فعرض ارساله إلى قرية اسمها الربذة واقعة على الطريق الواصل بين مكة والمدينة ليقيم بها ، ووعده بمنحه عدداً من ابل الصدقة ليستغلها ، فرفض أبو ذر ، وقال له : يكفي أبا ذر مايقوم بأوده و وتمتع أنت وأمثالك بدنياكم ودعونا وربنا وديننا ، وكان عثمان يشرف آنذاك على توزيع ارث الصحابي عبـــد
تعليق