خلفه لنا من مصنفات فهو قد كتب سيرته لنفسه وألف بالتصوف ، لكن أهم ما كتبه كان كتابه في التاريخ الذي عرف باسم « كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر وقد رتب ابن خلدون هذا الكتاب ترتيباً متداخلا بأن جعله فصولا تحدث في كل واحد منها عن دولة من دول الاسلام عن المشرق الاسلامي ليست ذات قيمة كبيرة فمصدره الأساسي كتاب الكامل لابن الاثير ، بحيث نقل منه نقلا حرفيا ، إنما معلوماته عن دول الغرب الاسلامي ، خاصة عن قبائل البربر والدول التي أقاموها ذات قيمة كبيرة ، ومهمة للغاية حيث أنه جمعها من مصادر جلها بحكم المفقود ، كما اعتمد فيها على مشاهداته ، ودعمها بخبرته الشخصية . مهما يكن الأمر لم ينل ابن خلدون شهرته العظيمة الكتابته مؤلفاً كبيراً في تاريخ الإسلام وما قبله شرقاً وغرباً ، وإنما نال ذلك بسبب ما أودعه في مقدمة هذا الكتاب التاريخي لقد أراد ابن خلدون بالأساس من مقدمته أن تكون شرحاً تمهيديا يفهم على أساسها كتابه ، ويفهم على ضوئها حوادث التاريخ وتعلل ، وجاءت هذه المقدمة نسيج وحدها من العمل المبدع ، حيث أسس ابن خلدون فيها فعلياً علماً جديداً يساعد على تعليل الأحداث التاريخية والظواهر الاجتماعية ، والمسائل السياسية وفهمها فهماً نقدياً ، وذكر ابن خلدون بأن ما أتى به : علم له موضوع خاص هو « العمران البشري » وأدعى بأن هذا العلم و مستحدث الصنعة غريب النزعة ، غزير الفائدة . وأكد أنه لم يسبق في هذا المضمار من قبل أحد ، بل هو انتهى إليه بالبحث الذاتي الخاص .
إن هذه دعوى عريضة ، لا يمكن قبولها كما هي على علاتها ، فعلى الرغم من أن العلماء قد أدركو جوانب الإبداع في عمل ابن خلدون ، إلا أنهم وجدوا أن عمله جاء محصلة أعمال سبقه بها عدد كبير الكتاب المسلمين من مشارقه ومغاربه ، كما بين البحث الدقيق أن ابن خلدون قام بكتابة مقدمته أكثر من عشر مرات، بحيث عدل وغير تبعاً لتجارب جديدة مرة بها ، أو استناداً لمصادر وقف عليها
وهذا لا ينقص من قيمة ابن خلدون ، بل يقرر هذه القيمة في أطر التسلسل الحضاري ، وامكانية العطاء البشري ، الذي يتكامل بأعمال سواه ، والذي يكمله غيره ، ذلك أن الإنجاز البشري مهما كان عظيماً لا يمكن أن يصل إلى درجة الكمال ، لأنه لا كمال لمخلوق ، وكمال الحياة نهايتها ، وإذا انعدم الكمال لدى الإنسان انعدمت لديه العصمة، فالعلماء
يصدقون فيما يروون لكن يناظرون فيما يرون على هذا الأساس يمكن التعامل مع ما أورده ابن خلدون من آراء ، خاصة ما تعلق منها بالعرب وبفكرة العصبية ، فهو قد تحامل في مقدمته على العرب ونسبهم إلى الوحشية ، وذهب إلى أن فتوحاتهم قامت على النهب والتدمير ، وأن قدرتهم القتالية محصورة في الأراضي المنبسطه فقط ، معدومة في الأراضي الجبلية الوعرة، وأن نفوسهم مفطورة على عدم الاستقرار ، والخروج على النظام إلى غير ذلك
وسواء أقصد ابن خلدون بعبارة العرب « الأمة العربية ككل ، أو الأعراب منها خاصة ، فإن آراءه غير مقبولة ، لأنها لا تستند إلى وقائع التاريخ ، وهي تنبي عن جهل مرده إما إلى حقد أعمى أو انفعال واهم قام على تجارب خاصة التوحيد فالعرب هم الذين فتحوا بلدان العالم في القارات الثلاث للعالم القديم ، بتضاريسها المتباينة ، وهم الذين قد نقلوا الاسلام إلى بقاع الأرض ، وعلى صعيد الغرب الاسلامي ، العرب هم الذين نقلوا بلدانه من الحالة الرعوية إلى الحالة المدنية ، ومن الوثنية والفوضى العقائدية إلى ، ومن البربرية إلى الحضارة ، وإذا كان ابن خلدون قد قصد الأعراب متأثراً بالهجرة الهلالية ، فقبائل هلال وسليم لم تحدث دماراً في المغرب ، بل ثبتت طابع العروبة في هذه البلاد ، وكل ما نسب إلى هلال وسليم لا يعدل مذبحة من مذابح التمييز عند الموحدين مثلا ...
لقد قسم ابن خلدون محتويات مقدمته إلى ستة فصول هي :
في العمران البشري على الجملة وأصنافه وقسطه من الأرض . ٢ - في العمران البدوي وذكر القبائل والأمم الوحشية . في الدول والخلافة والملك وذكر المراتب السلطانية . ٤ - في العمران الحضري والبلدان والأمصار . 1
ه - في الصنائع والمعاش والكسب ووجوهه . ٦ - في العلوم واكتسابها وتعلمها .
إلى أن سبب ذلك واستهل ابن خلدون مقدمته بالحديث عن التاريخ وقيمته ، وبين ما يرتكبه المؤرخين من أخطاء حين إيراد الأخبار وذكر الوقائع ، وأشار يعود إما إلى جهل أو نهو ، أو أنه يتم بغرض التحيز والتحوير ، أو لانعدام الدقة والتمحيص في تقدير الممكن والمستحيل أو لقصور فهم قوانين العمران البشري ، وقد استشهد ابن خلدون بعدة أمثلة ، منها ما هو مسلم له بصحته ومنها ما هو عكس ذلك .
إن هذه دعوى عريضة ، لا يمكن قبولها كما هي على علاتها ، فعلى الرغم من أن العلماء قد أدركو جوانب الإبداع في عمل ابن خلدون ، إلا أنهم وجدوا أن عمله جاء محصلة أعمال سبقه بها عدد كبير الكتاب المسلمين من مشارقه ومغاربه ، كما بين البحث الدقيق أن ابن خلدون قام بكتابة مقدمته أكثر من عشر مرات، بحيث عدل وغير تبعاً لتجارب جديدة مرة بها ، أو استناداً لمصادر وقف عليها
وهذا لا ينقص من قيمة ابن خلدون ، بل يقرر هذه القيمة في أطر التسلسل الحضاري ، وامكانية العطاء البشري ، الذي يتكامل بأعمال سواه ، والذي يكمله غيره ، ذلك أن الإنجاز البشري مهما كان عظيماً لا يمكن أن يصل إلى درجة الكمال ، لأنه لا كمال لمخلوق ، وكمال الحياة نهايتها ، وإذا انعدم الكمال لدى الإنسان انعدمت لديه العصمة، فالعلماء
يصدقون فيما يروون لكن يناظرون فيما يرون على هذا الأساس يمكن التعامل مع ما أورده ابن خلدون من آراء ، خاصة ما تعلق منها بالعرب وبفكرة العصبية ، فهو قد تحامل في مقدمته على العرب ونسبهم إلى الوحشية ، وذهب إلى أن فتوحاتهم قامت على النهب والتدمير ، وأن قدرتهم القتالية محصورة في الأراضي المنبسطه فقط ، معدومة في الأراضي الجبلية الوعرة، وأن نفوسهم مفطورة على عدم الاستقرار ، والخروج على النظام إلى غير ذلك
وسواء أقصد ابن خلدون بعبارة العرب « الأمة العربية ككل ، أو الأعراب منها خاصة ، فإن آراءه غير مقبولة ، لأنها لا تستند إلى وقائع التاريخ ، وهي تنبي عن جهل مرده إما إلى حقد أعمى أو انفعال واهم قام على تجارب خاصة التوحيد فالعرب هم الذين فتحوا بلدان العالم في القارات الثلاث للعالم القديم ، بتضاريسها المتباينة ، وهم الذين قد نقلوا الاسلام إلى بقاع الأرض ، وعلى صعيد الغرب الاسلامي ، العرب هم الذين نقلوا بلدانه من الحالة الرعوية إلى الحالة المدنية ، ومن الوثنية والفوضى العقائدية إلى ، ومن البربرية إلى الحضارة ، وإذا كان ابن خلدون قد قصد الأعراب متأثراً بالهجرة الهلالية ، فقبائل هلال وسليم لم تحدث دماراً في المغرب ، بل ثبتت طابع العروبة في هذه البلاد ، وكل ما نسب إلى هلال وسليم لا يعدل مذبحة من مذابح التمييز عند الموحدين مثلا ...
لقد قسم ابن خلدون محتويات مقدمته إلى ستة فصول هي :
في العمران البشري على الجملة وأصنافه وقسطه من الأرض . ٢ - في العمران البدوي وذكر القبائل والأمم الوحشية . في الدول والخلافة والملك وذكر المراتب السلطانية . ٤ - في العمران الحضري والبلدان والأمصار . 1
ه - في الصنائع والمعاش والكسب ووجوهه . ٦ - في العلوم واكتسابها وتعلمها .
إلى أن سبب ذلك واستهل ابن خلدون مقدمته بالحديث عن التاريخ وقيمته ، وبين ما يرتكبه المؤرخين من أخطاء حين إيراد الأخبار وذكر الوقائع ، وأشار يعود إما إلى جهل أو نهو ، أو أنه يتم بغرض التحيز والتحوير ، أو لانعدام الدقة والتمحيص في تقدير الممكن والمستحيل أو لقصور فهم قوانين العمران البشري ، وقد استشهد ابن خلدون بعدة أمثلة ، منها ما هو مسلم له بصحته ومنها ما هو عكس ذلك .
تعليق