الظاهر بیبرس
[ ت : ۱۲۷۷ م ]
من الظواهر الأساسية في التاريخ الإسلامي وجود عدد لا من الأبطال ، لكن الذين خلدهم المؤرخون بمدوناتهم ، مع الشعوب في ملاحمهم قليل للغاية ، ذلك أن الإجماع على تقدير بطولة بطل من الأبطال من قبل الناس جميعاً على اختلاف طبقاتهم ومناهلهم ومذاهبهم أمر نادر . ونحن حين نعرض لسير أبطال الإسلام الندره الذين حازوا الاعجاب المطلق ، نجد الظاهر بيبرس يتصدرهم جميعاً ، ذلك أنه ظهر في وقت اشتدت فيه المحنة على المسلمين بحيث أطبقت عليهم قوى الأعداء من كل جهة في الداخل والخارج، المغول والصليبيون وسواهم ، فتصدى للجميع : أوقف مد الغزو المغولي الجائع وحوله إلى جزر ، وأوقع بالصليبيين أروع الضربات واستطاع أن يصفي وجودهم في المشرق ، وبعد هذا قام بانجازات حربية أخرى دعمها بانجازات حضارية وثقافية ومعماريه ، فحاز على اعجاب المثقفين وملك لب جماهير المسلمين ، فتربع على عرش البطولة المطلق بلا منازع
والظاهر بيبرس هو واحد من الأبطال الذين لم ينحدروا من بيوت ملك وسلطنة ، ولم يصل إلى ما وصل إليه عن طريق الوراثة ، ولهذا امتاز تاريخه المبكر بالغموض والإبهام، وتضاربت الروايات حول أصله ونشأته ، ولا شك أن المؤرخين الذين كتبوا تاريخه قد أحسوا ـ لكن نتيجة لما بيبرس - تقدم لا يوجد في روايات المؤرخين اجماع حول نشأة ، إنما يمكن أن نستخلص منها أنه كان تركي الأصل ولد في بلاد القفجاق - في جنوب روسيا وهناك قضى طفولته حتى أغار على بلاده المغول فأخذوه أسيراً ، وباعوه رقيقاً في سيواس ومن هناك حمله واحد من تجار الرقيق إلى حماه في سورية فابتاعه الأمير ايدكين البندقدار، وكان هذا الأمير من مماليك السلطان الصالح نجم الدين أيوب صاحب ر ) ١٢٤٠ - ١٢٤٩ م ( وكان آنذ معتقلا في حماه . مصر
بعد فوات الأوان - بوجود حلقات مفقودة في حياته ، فراحوا ينسجون القصص الخيالي حول نشأته ، فنسبوا إليه مزيداً من الأعمال الخارقة ليقولوا بأن علامات البطولة ظهرت عليه منذ ولادته ، ولا شك أن هذا قد أسهم في تحويل الظاهر بيبرس إلى بطل شعبي ملحمي أخبــــاره تكاد تكون اسطورية أو ضرباً من ضروب الخيال
وظل بيبرس مع سيده في حماه حتى أفرج عنه ، فمضى معه إلى مصر ، ونال الشهرة من لقب سيده فعرف باسم بيبرس البندقداري ، وكان الملك الصالح نجم الدين قد توسع في الاعتماد على المماليك وأخذه من صاحبه ، وبهذا دخل بيبرس مرحلة ، لهذا استحوذ على بيبرس جديدة من حياته ، حيث تدرب على الاعمال العسكرية ، وتم اعتاقه من العبودية ، وبسرعة كبيرة علا نجمه وحاز اعجاب سیده فارتفعت مرتبته
وفي سنة ١٢٤٩ توفي السلطان الصالح ، وحدث ذلك أثناء تعرض مصر للحملة الصليبية التي قادها لويس التاسع ملك فرنسا ، فقد استطاع الصليبيون مداهمة دمياط ، وزحفوا على المنصورة ، وكان تورانشاه وأحل محلها حلم وبفضل هذا النصر قويت شوكة بيبرس ، وازدادت أهميته ، وعندما جاء إلى مصر تورانشاه ، حيث نصب خلفاً لأبيه سرعان ما اصطدم بالشاب الطموح بيبرس ، واستطاع بيبرس نتيجة لذلك أن يقتل تورانشاه وعمله هذا أزال من الوجود حكم الاسرة الأيوبية سلاطين المماليك فبعد مقتل تورانشاه قرر المماليك تولية شجر الدر ، أرملة الملك الصالح نجم الدين ، وكانت من ناحية الأصل والنشأه قريبة من المماليك، وبعد توليتها تزوجت من عز الدين ايبك قائد الجيش ومجدداً اصطدم بيبرس مع ايبك ، فاضطر الى مغادرة مصر الى الشام حيث مكث فيها حتى ما بعد مقتل كل من شجر الدر وايبك في مؤامرات سياسية ، وصيرورة السلطنة إلى سيف الدين قطز و معلوم في سنة ١٢٥٨ م اقتحم المغول ، بقيادة هولاكو بغداد، ودمروها وأزالوا الخلافة العباسية من الوجود ، وتابعوا زحفهم نحـــــو الشام فاحتلوا حلب ، وهددوا دمشق ، ، وكان آنند في دمشق ومعه قوة خاصة به ، وقد أراد بعض المماليك تسليم دمشق للمغول ، فتصدى لهم بيبرس ، ولطم قائد هؤلاء على وجهه قائلاً : ( أنتم أنه بی برس
ابن الملك الصالح ووريثه بعيداً عن مصر ، فتأزم الموقف كثيراً ، وكاد الصليبيون أن يحتلوا البلاد ، لكن جماعة من المماليك ، يتقدمهم بيبرس، انقضوا على الغزاة ، فأوقعوا فيهم الهزيمة وبددوا عملهم ، وأسروا لويس التاسع نفسه .
سبب هلاك المسلمين أنه وحين شعر بيبرس من العبث البقاء في دمشق ، انسحب نحو غزة حيث تراسل مع قطز سلطان مماليك ،مصر ، وتخالفا ، وكان قطز
[ ت : ۱۲۷۷ م ]
من الظواهر الأساسية في التاريخ الإسلامي وجود عدد لا من الأبطال ، لكن الذين خلدهم المؤرخون بمدوناتهم ، مع الشعوب في ملاحمهم قليل للغاية ، ذلك أن الإجماع على تقدير بطولة بطل من الأبطال من قبل الناس جميعاً على اختلاف طبقاتهم ومناهلهم ومذاهبهم أمر نادر . ونحن حين نعرض لسير أبطال الإسلام الندره الذين حازوا الاعجاب المطلق ، نجد الظاهر بيبرس يتصدرهم جميعاً ، ذلك أنه ظهر في وقت اشتدت فيه المحنة على المسلمين بحيث أطبقت عليهم قوى الأعداء من كل جهة في الداخل والخارج، المغول والصليبيون وسواهم ، فتصدى للجميع : أوقف مد الغزو المغولي الجائع وحوله إلى جزر ، وأوقع بالصليبيين أروع الضربات واستطاع أن يصفي وجودهم في المشرق ، وبعد هذا قام بانجازات حربية أخرى دعمها بانجازات حضارية وثقافية ومعماريه ، فحاز على اعجاب المثقفين وملك لب جماهير المسلمين ، فتربع على عرش البطولة المطلق بلا منازع
والظاهر بيبرس هو واحد من الأبطال الذين لم ينحدروا من بيوت ملك وسلطنة ، ولم يصل إلى ما وصل إليه عن طريق الوراثة ، ولهذا امتاز تاريخه المبكر بالغموض والإبهام، وتضاربت الروايات حول أصله ونشأته ، ولا شك أن المؤرخين الذين كتبوا تاريخه قد أحسوا ـ لكن نتيجة لما بيبرس - تقدم لا يوجد في روايات المؤرخين اجماع حول نشأة ، إنما يمكن أن نستخلص منها أنه كان تركي الأصل ولد في بلاد القفجاق - في جنوب روسيا وهناك قضى طفولته حتى أغار على بلاده المغول فأخذوه أسيراً ، وباعوه رقيقاً في سيواس ومن هناك حمله واحد من تجار الرقيق إلى حماه في سورية فابتاعه الأمير ايدكين البندقدار، وكان هذا الأمير من مماليك السلطان الصالح نجم الدين أيوب صاحب ر ) ١٢٤٠ - ١٢٤٩ م ( وكان آنذ معتقلا في حماه . مصر
بعد فوات الأوان - بوجود حلقات مفقودة في حياته ، فراحوا ينسجون القصص الخيالي حول نشأته ، فنسبوا إليه مزيداً من الأعمال الخارقة ليقولوا بأن علامات البطولة ظهرت عليه منذ ولادته ، ولا شك أن هذا قد أسهم في تحويل الظاهر بيبرس إلى بطل شعبي ملحمي أخبــــاره تكاد تكون اسطورية أو ضرباً من ضروب الخيال
وظل بيبرس مع سيده في حماه حتى أفرج عنه ، فمضى معه إلى مصر ، ونال الشهرة من لقب سيده فعرف باسم بيبرس البندقداري ، وكان الملك الصالح نجم الدين قد توسع في الاعتماد على المماليك وأخذه من صاحبه ، وبهذا دخل بيبرس مرحلة ، لهذا استحوذ على بيبرس جديدة من حياته ، حيث تدرب على الاعمال العسكرية ، وتم اعتاقه من العبودية ، وبسرعة كبيرة علا نجمه وحاز اعجاب سیده فارتفعت مرتبته
وفي سنة ١٢٤٩ توفي السلطان الصالح ، وحدث ذلك أثناء تعرض مصر للحملة الصليبية التي قادها لويس التاسع ملك فرنسا ، فقد استطاع الصليبيون مداهمة دمياط ، وزحفوا على المنصورة ، وكان تورانشاه وأحل محلها حلم وبفضل هذا النصر قويت شوكة بيبرس ، وازدادت أهميته ، وعندما جاء إلى مصر تورانشاه ، حيث نصب خلفاً لأبيه سرعان ما اصطدم بالشاب الطموح بيبرس ، واستطاع بيبرس نتيجة لذلك أن يقتل تورانشاه وعمله هذا أزال من الوجود حكم الاسرة الأيوبية سلاطين المماليك فبعد مقتل تورانشاه قرر المماليك تولية شجر الدر ، أرملة الملك الصالح نجم الدين ، وكانت من ناحية الأصل والنشأه قريبة من المماليك، وبعد توليتها تزوجت من عز الدين ايبك قائد الجيش ومجدداً اصطدم بيبرس مع ايبك ، فاضطر الى مغادرة مصر الى الشام حيث مكث فيها حتى ما بعد مقتل كل من شجر الدر وايبك في مؤامرات سياسية ، وصيرورة السلطنة إلى سيف الدين قطز و معلوم في سنة ١٢٥٨ م اقتحم المغول ، بقيادة هولاكو بغداد، ودمروها وأزالوا الخلافة العباسية من الوجود ، وتابعوا زحفهم نحـــــو الشام فاحتلوا حلب ، وهددوا دمشق ، ، وكان آنند في دمشق ومعه قوة خاصة به ، وقد أراد بعض المماليك تسليم دمشق للمغول ، فتصدى لهم بيبرس ، ولطم قائد هؤلاء على وجهه قائلاً : ( أنتم أنه بی برس
ابن الملك الصالح ووريثه بعيداً عن مصر ، فتأزم الموقف كثيراً ، وكاد الصليبيون أن يحتلوا البلاد ، لكن جماعة من المماليك ، يتقدمهم بيبرس، انقضوا على الغزاة ، فأوقعوا فيهم الهزيمة وبددوا عملهم ، وأسروا لويس التاسع نفسه .
سبب هلاك المسلمين أنه وحين شعر بيبرس من العبث البقاء في دمشق ، انسحب نحو غزة حيث تراسل مع قطز سلطان مماليك ،مصر ، وتخالفا ، وكان قطز
تعليق