وكان قوام جيش صلاح الدين الفرسان وكان سلاح هؤلاء الفرسان الأساسي الأقواس والنبال مع السيوف والدبابيس ، وتفوقت أقواس جيش صلاح الدين إذ كانت أكثر مرونة وأخف وزنا وأسهل استعمالاً ، وصنع القوس في الغالب ـ على الطريقة التركمانية - من قطع من العظام صف بعضها إلى جانب بعض ثم لفت بخيوط من جلود الحيوانات ، المبلله بالماء ، وكانت أوتار الأقواس أيضاً من جلود الحيوانات ، وعندما كانت هذه الأقواس تجف بالشمس كانت قدرتها « النابضيه ، كبيرة للغاية ، وكان الفارس الرامي ، يستطيع الرماية في جميع الجهات وأن يرمي في الدقيقة الواحده عشرة أسهم أو أكثر ، وكان السهم يصل إلى مسافة أربعمائة متر أ أحيانا وعندما كانت قوات صلاح الدين تتقدم إلى معركة ما ، كانت تغطي سماء المعركة بالسهام، وغالباً ما استهدفت السهام خيول فرسان العدو ، وأمام هذا اضطر الصليبيون إلى تغطية أنفسهم وخيولهم بدروع واقية ، ولكن غالباً ما كان ضرر هذه الدروع أكثر من نفعها ، ذلك أن القوات العربية كانت تفضل القتال في مواسم الصيف لأسباب كثيرة ، منها ما كان زراعياً ارتبط بنظام الإقطاع العسكري ، ومنها ما كان لغايات فنية قتالية ، فقد كانت الأمطار والأجواء الرطبة العدو الأول والأكبر للقسي ، لأنها كانت تفقدها فاعليتها
وحين كانت المعارك تتم في مواسم الحر ، كانت قوات الصليبيين تعاني من العطش ويصاب فرسانها بالإنهاك نتيجة لانحباس التعرق ، ذلك أن المعادن تحول دون تعرق الأجسام ، وسنرى تأثير ذلك في نجاح المسلمين بكسب معركة حطين وفي مواجهة القواعد القتالية عند المسلمين ، لم يكتف الصليبيون المدرعة .
من بتغطية فرسانهم وخيولهم ، بل عدلوا من طرائق قتالهم وتسليح جيوشهم فقد أخذوا باستخدام قوات من المشاة الذين كانوا يرتدون معاطف . الجلد السميك فوقها قميص من الشباك المعدنية ، وكان سلاح هؤلاء الأقواس الثقيلة ، والفؤوس والحراب ، وكانوا يتقدمون أمام فرق الفرسان التي كان سلاحها الرئيسي الرماح القوية ، فإذا ما حدثث معركة حاول المسلمون فيها التقدم، كان هؤلاء المشاة ، يتمركزون على الأرض ، ويأخذون بالرمي المؤثر ، وهنا كان إذا ما حاول فرسان العرب الإغارة عليهم ، كان الفرسان الصليبيين الثقال يتصدون لهم بالإنقضاض عليهم ورماحهم مسلطة إلى الأمام، قادرة على الخرق ، بقوة اندفاع الخيول : لربط الفارس نفسه إلى ظهر فرسه ، وركز رمحه تحت ابطه ، ولهذه الأسباب بني العرب خططهم - على فصل القوات - أي على إحداث ثغرة بين الفرسان والمشاة ، وهى عملية معقدة تطبيقاً وتنفيذم ، لهذا كانوا يستخدمون الكر والفر لجذب الفرسان ، وهذا إذا نجحت العملية ، كانوا يرسلون سهامهم في السماء حتى تهبط على رؤوس الفرسان ، أو كانوا يرسلونها سطحية لتصيب بطون الخيل المعادية، حيث كان عقر الخيول ، تعطيل لسلاح الفرسان ، فالفارس المدرع المسلح بالرمح الطويل ، كان يعجز عن العمل بعد عقر مطيته ، وعقب هذا كان الرماة بخفتهم ومرونتهم يعلقون قسيهم ، ويتناولون سيوفهم أو دبابيسهم و يقومون بالإنقضاض على الفرسان والمشاة كل على حدة ، ويجهزون عليهم
وعندما كان صلاح الدين يعزم على خوض معركة ما مع الصليبيين ، كان يمهد لذلك قبل عدة أشهر فيرسل كتائب الجيش لتقوم بإتلاف مزروعات العدو وبإفساد الآبار وموارد المياه الاقتصادية ، وبعدما يتحقق هذا كان يقود قواته نحو الإلتحام وبضرب المنشآت -17-
خطة ربيع عام ۱۱۸۷ م دعا صلاح الدين إلى الجهاد ، فأخذت القوات النظامية من دولته ودولة الموصل وسواها تصل تباعاً إلى دمشق ، فوصل معها أعداد من المتطوعة ، وكان ما تجمع لدى صلاح الدين أكثر من عشرين ألف مقاتل ، إنما دون الثلاثين ، وقامت القيادة العسكرية بوضع . للهجوم على فلسطين بغية تحريرها ، واستهدفت هذه الخطة استدراج
. 6 قرات الصليبيين إلى منطقة طبرية لإيقاع ضربة قاصمة بها وشعر الصليبيون بالخطر المقبل نحوهم، فأزالوا خلافاتهم ، وحشدوا قواهم كلها ، ولعلها قاربت الخمسين ألفاً ، وهو عدد لم يجتمع للصليبيين مرة واحدة مثله في الشام من قبل ولا من بعد ، وعسكرت قوات الصليبيين في صفورية - قرب الناصرة - وباتت تترقب الأحوال وتنتظر تطور الأمور وكما هو واضح فإن تعداد هذه القوات فاق تعداد ما ما تجمع لدى صلاح الدين ، وكان فيها خيرة رجال الفرنجة في المشرق وغادر صلاح الدين دمشق ، وأخذت قواته الطريق نحو الاردن ، وفي يوم الجمعة - ٢٦ حزيران ١١٨٧ م - عبرت هذه القوات نهر الاردن جنوب بحيرة طبريه ، واتخذت مواقعها قرب أطراف النهر وبات عليها تنفيذ الخطة الموضوعة وكان أصحاب التجربة من قادة الصليبيين على معرفة بمرامي صلاح الدين وأهدافه ، وكان على رأسهم آنذاك ريموند الثالث صاحب طرابلس وطبريه ، ويروي مصدر لاتيني عاصر الأحداث ، أن خاطب قادة الفرنجه المعسكرين في صفوريه في أول مجلس حربي عقدوه ، بقوله : ( أنصحكم وأقترح عليكم أن تشحنوا مدنكم وقلاعكم بالرجال والمؤن ، والسلاح ، وكل ما يلزم من وسائل الدفاع واطلبوا المساعدات من جميع الأطراف ذلك أنني موقن بأن صلاح الدين سيظل حيث هو ، ۱۱ - مائة أوائل 6 . ريموند الثالث
وحين كانت المعارك تتم في مواسم الحر ، كانت قوات الصليبيين تعاني من العطش ويصاب فرسانها بالإنهاك نتيجة لانحباس التعرق ، ذلك أن المعادن تحول دون تعرق الأجسام ، وسنرى تأثير ذلك في نجاح المسلمين بكسب معركة حطين وفي مواجهة القواعد القتالية عند المسلمين ، لم يكتف الصليبيون المدرعة .
من بتغطية فرسانهم وخيولهم ، بل عدلوا من طرائق قتالهم وتسليح جيوشهم فقد أخذوا باستخدام قوات من المشاة الذين كانوا يرتدون معاطف . الجلد السميك فوقها قميص من الشباك المعدنية ، وكان سلاح هؤلاء الأقواس الثقيلة ، والفؤوس والحراب ، وكانوا يتقدمون أمام فرق الفرسان التي كان سلاحها الرئيسي الرماح القوية ، فإذا ما حدثث معركة حاول المسلمون فيها التقدم، كان هؤلاء المشاة ، يتمركزون على الأرض ، ويأخذون بالرمي المؤثر ، وهنا كان إذا ما حاول فرسان العرب الإغارة عليهم ، كان الفرسان الصليبيين الثقال يتصدون لهم بالإنقضاض عليهم ورماحهم مسلطة إلى الأمام، قادرة على الخرق ، بقوة اندفاع الخيول : لربط الفارس نفسه إلى ظهر فرسه ، وركز رمحه تحت ابطه ، ولهذه الأسباب بني العرب خططهم - على فصل القوات - أي على إحداث ثغرة بين الفرسان والمشاة ، وهى عملية معقدة تطبيقاً وتنفيذم ، لهذا كانوا يستخدمون الكر والفر لجذب الفرسان ، وهذا إذا نجحت العملية ، كانوا يرسلون سهامهم في السماء حتى تهبط على رؤوس الفرسان ، أو كانوا يرسلونها سطحية لتصيب بطون الخيل المعادية، حيث كان عقر الخيول ، تعطيل لسلاح الفرسان ، فالفارس المدرع المسلح بالرمح الطويل ، كان يعجز عن العمل بعد عقر مطيته ، وعقب هذا كان الرماة بخفتهم ومرونتهم يعلقون قسيهم ، ويتناولون سيوفهم أو دبابيسهم و يقومون بالإنقضاض على الفرسان والمشاة كل على حدة ، ويجهزون عليهم
وعندما كان صلاح الدين يعزم على خوض معركة ما مع الصليبيين ، كان يمهد لذلك قبل عدة أشهر فيرسل كتائب الجيش لتقوم بإتلاف مزروعات العدو وبإفساد الآبار وموارد المياه الاقتصادية ، وبعدما يتحقق هذا كان يقود قواته نحو الإلتحام وبضرب المنشآت -17-
خطة ربيع عام ۱۱۸۷ م دعا صلاح الدين إلى الجهاد ، فأخذت القوات النظامية من دولته ودولة الموصل وسواها تصل تباعاً إلى دمشق ، فوصل معها أعداد من المتطوعة ، وكان ما تجمع لدى صلاح الدين أكثر من عشرين ألف مقاتل ، إنما دون الثلاثين ، وقامت القيادة العسكرية بوضع . للهجوم على فلسطين بغية تحريرها ، واستهدفت هذه الخطة استدراج
. 6 قرات الصليبيين إلى منطقة طبرية لإيقاع ضربة قاصمة بها وشعر الصليبيون بالخطر المقبل نحوهم، فأزالوا خلافاتهم ، وحشدوا قواهم كلها ، ولعلها قاربت الخمسين ألفاً ، وهو عدد لم يجتمع للصليبيين مرة واحدة مثله في الشام من قبل ولا من بعد ، وعسكرت قوات الصليبيين في صفورية - قرب الناصرة - وباتت تترقب الأحوال وتنتظر تطور الأمور وكما هو واضح فإن تعداد هذه القوات فاق تعداد ما ما تجمع لدى صلاح الدين ، وكان فيها خيرة رجال الفرنجة في المشرق وغادر صلاح الدين دمشق ، وأخذت قواته الطريق نحو الاردن ، وفي يوم الجمعة - ٢٦ حزيران ١١٨٧ م - عبرت هذه القوات نهر الاردن جنوب بحيرة طبريه ، واتخذت مواقعها قرب أطراف النهر وبات عليها تنفيذ الخطة الموضوعة وكان أصحاب التجربة من قادة الصليبيين على معرفة بمرامي صلاح الدين وأهدافه ، وكان على رأسهم آنذاك ريموند الثالث صاحب طرابلس وطبريه ، ويروي مصدر لاتيني عاصر الأحداث ، أن خاطب قادة الفرنجه المعسكرين في صفوريه في أول مجلس حربي عقدوه ، بقوله : ( أنصحكم وأقترح عليكم أن تشحنوا مدنكم وقلاعكم بالرجال والمؤن ، والسلاح ، وكل ما يلزم من وسائل الدفاع واطلبوا المساعدات من جميع الأطراف ذلك أنني موقن بأن صلاح الدين سيظل حيث هو ، ۱۱ - مائة أوائل 6 . ريموند الثالث
تعليق