أبو جعفر المنصور
[ ت : ١٥٨ ٥ / ٧٧٥ م ]
هو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، ولي الخلافة بعد أخيه السفاح ، وكان أصلاً أسن وأجدر منذ البداية منه بولاية الخلافة لكن أبو سلمة الخلال آثر السفاح عليه
نشأ المنصور في الشام ، وهناك تلقى ثقافة إسلامية جيدة ، ورحل من الشام ، فزار العراق واليمن ومصر ، فالتقى بالعلماء ، كما التقى بالدعاة العباسيين وفي العراق تأثر بشكل خاص وعميق بعمرو بن عبيد من زعماء أهل العدل، ومن المؤسسين الفعليين لحركة الاعتزال، كما أنه التحق ببعض الادارات الأموية ووجهت له بعض التهم السياسية المعادية للحكم الأموي .
وبعدما ألقي القبض على أخيه إبراهيم فر مع أفراد أسرته إلى الكوفة ، وعقب إعلان الخلافة العباسية صار الساعد الأيمن لأخيه السفاح، حتى إذا توفي السفاح حل محله .
ويعتبر المنصور المؤسس الفعلي للخلافة العباسية ، وواحداً من أعظم الرجالات في التاريخ الإسلامي ، حيث تبرز عظمته في جميع مجالات الحياة التي غطاها بنشاطه العجيب ، وصلابته الرائعة وعبقريته المبدعة كانت مهمته عندما استلم السلطة شاقة وعسيرة للغاية ، فقد واجه في - مائة أوائل
البداية ثورة عمه عبد الله بن علي بالشام ، فتمكن من القضاء عليها بوساطة أبي مسلم الخراساني، فشعر عندها بشيء من الاطمئنان ، فأخذ يخطط لبناء مقر جديد لدولته في العراق ، فقد اتخذ في البداية من الأنبار ( عاصمة أبي العباس ( مركزاً مؤقتاً ، ثم رأى أن يكون لدولته عاصمة جديدة ودائمة ، مدركاً أن الكوفة لن تمحضه الولاء لأنها علوية ، والبصرة لن تكون عباسية بل ستبقي عثمانية ، لذلك قرر البحث عن يتمتع بالصفات الأساسية مكان التالية :
١ - الشروط الصحية .
٢ - الصفات الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية والزراعية والتجارية
والصناعية
٣ - اتساع الرقعة وانبساطها .
٤ - القرب من الماء . ه - سكان كثر وموارد كافية .
٦ - يمكن الوصول اليه بالبر والماء . - صالحاً لإقامة نواة الأمة العباسية الإسلامية ، وذلك بأن يكون جديداً
غير مسكون من قبل .
وأخذ المنصور يرتاد المواقع في العراق، ويتنقل من مكان لآخر ، حتى وفق بالوصول إلى مبتغاه، فاختار موقع بغداد ، ووضع خطة لعمارتها ، وأمر بأن يحشر اليه من أنحاء الدولة المهندسين وكل من له علاقة بأعمال البناء فحشر إليه ما يزيد على مئة الف اختصاصي، كما حشد المواد والعمال ، وأمر بتنفيذ أعمال البناء على مقربة من الضفة الغربيه الدجلة ، فبني له مدينته المدورة التي دعاها باسم دار السلام ، وشهرت باسم بغداد ، وهو اسم المنطقة الوقت الذي بنيت فيه المدينة المدورة بشكل رسمي ، نشأ معها قديماً ،
. العلماء وشجعهم . عدة مدن أخرى هجينة ، تولدت من معسكرات العمال والجند ورجال الادارة والاختصاصيين ورجال الصناعات، وأخذت المدن الهجينة تزحف نحو دار السلام ، لهذا جاء تطور بغداد في البداية عجيباً ، حيث أنها توسعت من الخارج نحو الداخل . وأثناء العمل في بناء بغداد واجه المنصور أول ثورة قادها الشيعة ضد العباسيين ، وهي ثورة النفس الزكية وأخيه ابراهيم ، وبصعوبة استطاع المنصور القضاء على هذه الثورة لهذا وما أن فرغ منها حتى شرع في إعادة بناء الايدولوجية العباسية على أسس جديدة ، حيث تقرر فصلها عن الدعوات الشيعية ، كما قرر المنصور اتباع سياسة دينية معتدلة ، أقرب ماتكون إلى فكر أهل السنة ، لهذا قرب على الكتابة والتدوين ، فباقتراح منه كتب ابن اسحق السيرة النبوية ، وباقتراح آخر كتب الإمام مالك الموطأ. وشجع المنصور أعمال الترجمة إلى العربية ، كما وضع مفاهيم جديدة للسلطة ، فالخليفة بالنسبة له ، لم يعد خليفة رسول الله ، بل خليفة الله ، والعباسيون لم يرثوا حزب الكيسانية بل ورثوا أباهم العباس ، الوريث الشرعي الوحيد للرسول ، لأنه كان عمه، وتوفي بعده ، ثم عبد الله بن عباس كان أعلم الناس من المسلمين بالاسلام، وأشدهم صلة بالرسول ، مثله في ذلك مثل ابن عمه علي بن أبي طالب .
ومن أهم المشاكل التي واجهت المنصور ، مشكلة خراسان ، التي وليها أبو مسلم الخراساني، الذي غدا بعد نجاح الثورة العباسية أقوى شخصية في الشرق الاسلامي، والواقع أن العلاقات بين المنصور والخراساني لم يسدها قط الصفاء ، فقد كانت للخراساني يد إبعاد المنصور في البداية عن الخلافة والبيعة لأبي العباس مكانه ، وتأجج هذا العداء بين الرجلين في عدة مناسبات
[ ت : ١٥٨ ٥ / ٧٧٥ م ]
هو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، ولي الخلافة بعد أخيه السفاح ، وكان أصلاً أسن وأجدر منذ البداية منه بولاية الخلافة لكن أبو سلمة الخلال آثر السفاح عليه
نشأ المنصور في الشام ، وهناك تلقى ثقافة إسلامية جيدة ، ورحل من الشام ، فزار العراق واليمن ومصر ، فالتقى بالعلماء ، كما التقى بالدعاة العباسيين وفي العراق تأثر بشكل خاص وعميق بعمرو بن عبيد من زعماء أهل العدل، ومن المؤسسين الفعليين لحركة الاعتزال، كما أنه التحق ببعض الادارات الأموية ووجهت له بعض التهم السياسية المعادية للحكم الأموي .
وبعدما ألقي القبض على أخيه إبراهيم فر مع أفراد أسرته إلى الكوفة ، وعقب إعلان الخلافة العباسية صار الساعد الأيمن لأخيه السفاح، حتى إذا توفي السفاح حل محله .
ويعتبر المنصور المؤسس الفعلي للخلافة العباسية ، وواحداً من أعظم الرجالات في التاريخ الإسلامي ، حيث تبرز عظمته في جميع مجالات الحياة التي غطاها بنشاطه العجيب ، وصلابته الرائعة وعبقريته المبدعة كانت مهمته عندما استلم السلطة شاقة وعسيرة للغاية ، فقد واجه في - مائة أوائل
البداية ثورة عمه عبد الله بن علي بالشام ، فتمكن من القضاء عليها بوساطة أبي مسلم الخراساني، فشعر عندها بشيء من الاطمئنان ، فأخذ يخطط لبناء مقر جديد لدولته في العراق ، فقد اتخذ في البداية من الأنبار ( عاصمة أبي العباس ( مركزاً مؤقتاً ، ثم رأى أن يكون لدولته عاصمة جديدة ودائمة ، مدركاً أن الكوفة لن تمحضه الولاء لأنها علوية ، والبصرة لن تكون عباسية بل ستبقي عثمانية ، لذلك قرر البحث عن يتمتع بالصفات الأساسية مكان التالية :
١ - الشروط الصحية .
٢ - الصفات الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية والزراعية والتجارية
والصناعية
٣ - اتساع الرقعة وانبساطها .
٤ - القرب من الماء . ه - سكان كثر وموارد كافية .
٦ - يمكن الوصول اليه بالبر والماء . - صالحاً لإقامة نواة الأمة العباسية الإسلامية ، وذلك بأن يكون جديداً
غير مسكون من قبل .
وأخذ المنصور يرتاد المواقع في العراق، ويتنقل من مكان لآخر ، حتى وفق بالوصول إلى مبتغاه، فاختار موقع بغداد ، ووضع خطة لعمارتها ، وأمر بأن يحشر اليه من أنحاء الدولة المهندسين وكل من له علاقة بأعمال البناء فحشر إليه ما يزيد على مئة الف اختصاصي، كما حشد المواد والعمال ، وأمر بتنفيذ أعمال البناء على مقربة من الضفة الغربيه الدجلة ، فبني له مدينته المدورة التي دعاها باسم دار السلام ، وشهرت باسم بغداد ، وهو اسم المنطقة الوقت الذي بنيت فيه المدينة المدورة بشكل رسمي ، نشأ معها قديماً ،
. العلماء وشجعهم . عدة مدن أخرى هجينة ، تولدت من معسكرات العمال والجند ورجال الادارة والاختصاصيين ورجال الصناعات، وأخذت المدن الهجينة تزحف نحو دار السلام ، لهذا جاء تطور بغداد في البداية عجيباً ، حيث أنها توسعت من الخارج نحو الداخل . وأثناء العمل في بناء بغداد واجه المنصور أول ثورة قادها الشيعة ضد العباسيين ، وهي ثورة النفس الزكية وأخيه ابراهيم ، وبصعوبة استطاع المنصور القضاء على هذه الثورة لهذا وما أن فرغ منها حتى شرع في إعادة بناء الايدولوجية العباسية على أسس جديدة ، حيث تقرر فصلها عن الدعوات الشيعية ، كما قرر المنصور اتباع سياسة دينية معتدلة ، أقرب ماتكون إلى فكر أهل السنة ، لهذا قرب على الكتابة والتدوين ، فباقتراح منه كتب ابن اسحق السيرة النبوية ، وباقتراح آخر كتب الإمام مالك الموطأ. وشجع المنصور أعمال الترجمة إلى العربية ، كما وضع مفاهيم جديدة للسلطة ، فالخليفة بالنسبة له ، لم يعد خليفة رسول الله ، بل خليفة الله ، والعباسيون لم يرثوا حزب الكيسانية بل ورثوا أباهم العباس ، الوريث الشرعي الوحيد للرسول ، لأنه كان عمه، وتوفي بعده ، ثم عبد الله بن عباس كان أعلم الناس من المسلمين بالاسلام، وأشدهم صلة بالرسول ، مثله في ذلك مثل ابن عمه علي بن أبي طالب .
ومن أهم المشاكل التي واجهت المنصور ، مشكلة خراسان ، التي وليها أبو مسلم الخراساني، الذي غدا بعد نجاح الثورة العباسية أقوى شخصية في الشرق الاسلامي، والواقع أن العلاقات بين المنصور والخراساني لم يسدها قط الصفاء ، فقد كانت للخراساني يد إبعاد المنصور في البداية عن الخلافة والبيعة لأبي العباس مكانه ، وتأجج هذا العداء بين الرجلين في عدة مناسبات
تعليق