أشياء لا تعرفها عن نفسك: خداع نفسك و الذات الحقيقية والتصرف الأخلاقي
أنت تخدع نفسك دون أن تدرك ذلك.
وفقًا لإحدى النظريات، ينبع ميلنا لخداع أنفسنا (self deception) من رغبتنا بإبهار الآخرين. ولكي نبدو مقنعين، يجب أن نكون مقتنعين بقدراتنا وصدقنا.
وتُدعم هذه النظرية بملاحظتنا لكون المتلاعبين الناجحين يكونون غالبًا مغرورين. مندوبو المبيعات الجيدون، على سبيل المثال، يبثون حماسة معدية؛ والعكس صحيح، فأولئك الذين يشكّون في أنفسهم بشكل عام لا يجيدون المجاملة.
تدعم الأبحاث هذه الاستنتاجات؛ ففي إحدى الدراسات، عُرضت أموال على المشاركين في حال تمكنوا خلال مقابلة، من الادعاء بشكل مقنع بأنهم حصلوا على علامات عالية في اختبار الذكاء. كلما زاد الجهد الذي بذله المرشحون في أدائهم، زاد اعتقادهم بأنهم يمتلكون معدل ذكاء مرتفع، على الرغم من أن درجاتهم الفعلية كانت متوسطة.
وأُثبت أنه يمكن تغيير خداع أنفسنا هذا. في كثير من الأحيان نغيّر نظرتنا لأنفسنا حسب المواقف الجديدة. وقد أظهر ستيفن سلومان (Steven A. Sloman) من جامعة براون وزملاؤه هذه القدرة على التكيف، فقد طلبوا من المشاركين بدراسة أعدّوها، نقل مؤشر إلى نقطة على شاشة الكمبيوتر في أسرع وقت ممكن، وإذا قيل للمشاركين إن مهارة فوق المتوسط في هذه المهمة تعكس ذكاءً عاليًا، فإنهم يركزون على المهمة على الفور وينجزونها بشكل أفضل.
بينما في الواقع هم لم يعتقدوا حقًا أنهم بذلوا المزيد من الجهد وهو ما يرى الباحثون أنه دليل على خداع النفس الناجح. من ناحية أخرى، إذا اقتنع الأشخاص الذين اختُبروا بأن الأغبياء فقط يبلون حسنًا في مثل هذه المهام التافهة، فإن أداءهم يتضاءل بشكل كبير.
ولكن هل خداع الذات ممكن؟ هل يمكن أن نعرف شيئًا عن أنفسنا على مستوى ما دون أن ندرك ذلك؟ طبعًا! يتضمن الدليل التجريبي الداعم لهذه الفكرة البحوث التالية: ينصت المشاركون لتسجيلات صوتية لأصوات بشرية، يشمل أصواتهم، ويُطلب منهم الإشارة إلى ما إذا كانوا يسمعون أنفسهم.
يتقلب معدل التعرّف تبعًا لوضوح الأشرطة الصوتية وارتفاع صوت الضوضاء في الخلفية. إذا قيست موجات المخ في نفس الوقت، فإن إشارات معينة تشير بيقين إلى ما إذا كان المشاركون قد سمعوا صوتهم.
يشعر معظم الأشخاص بنوع من الحرج عند سماع صوتهم. في دراسة كلاسيكية، استفاد روبن غور (Ruben Gur) من جامعة بنسلفانيا وهارولد ساكيم (Harold Sackeim) من جامعة كولومبيا، من هذا التحفظ، بمقارنة إجابات المشاركين بالاختبار مع نشاط أدمغتهم. أشار النشاط في كثير من الأحيان إلى:
«هذا أنا!»، دون أن يتعرّف الأشخاص بشكل علني على أن هذا صوتهم. علاوةً على ذلك، إذا عرض المحققون صورة المشاركين الذاتية للخطر -على سبيل المثال، بإخبارهم أنهم سجلوا نتائج بائسة في اختبار آخر (ليس ذي صلة)- سيصبحون أقل استعدادًا للتعرف على صوتهم. وفي كلتا الحالتين، تخبرنا موجات الدماغ القصة الحقيقية.
في دراسة أحدث، قيّم الباحثون الأداء في اختبار تدريبي يهدف إلى مساعدة الطلاب في تقييم معرفتهم الخاصة، حتى يتمكنوا من سد الثغرات في دراستهم. طُلب من المشاركين إكمال أكبر عدد ممكن من المهام خلال فترة زمنية محددة.
بالنظر إلى أن الغرض من الاختبار هو تزويد الطلاب بالمعلومات التي يحتاجون إليها، فمحاولة الغش ليست منطقية؛ على العكس من ذلك، فقد يؤدي الغش وحصولهم على نتائج أفضل مما يستحقون إلى أن تسوء دراستهم، وبالتالي، فإن أولئك الذين يحاولون تحسين علاماتهم باستخدام الوقت المكمل بعد الفترة المخصصة للامتحان سيضرون أنفسهم.
ولكن العديد من المتطوعين لجؤوا للغش. دون وعي، أرادوا ببساطة أن يبدوا جيدين. وهكذا، فسّر الغشاشون بقاءهم بعد الوقت المخصص للامتحان من خلال الادعاء بأنهم كانوا شاردين ورغبوا في تعويض الثواني الضائعة. أو قالوا إن نتائجهم المغشوشة كانت أقرب إلى “إمكاناتهم الحقيقية”.
وفقًا للباحثين، تربط تفسيرات كهذه ربطًا خاطئًا بين السبب والنتيجة، فإن الناس يعتقدون بشكل خاطئ أنه “بما أن الأشخاص الأذكياء يقدمون عادةً أداءً أفضل في الاختبارات، فإذا تلاعبتُ بنتيجة امتحاني من خلال قضاء وقت أطول بقليل من الوقت المسموح به، فأنا أحد الأشخاص الأذكياء أيضًا” وعلى العكس، فقد كان أداء الأشخاص أقل إذا قيل لهم إن الأداء الجيد يشير إلى وجود خطر أعلى للإصابة بالفصام. يسمي الباحثون هذه الظاهرة خداع الذات التشخيصي (diagnostic self deception) أي خداع الذات المتعلق بالميل نحو تشخيص نفسي معين.
إنّ الذات الحقيقية (true self) مفيدة لك.
يعتقد معظم الناس أن لديهم جوهرًا أساسيًا صلبًا، ذاتًا حقيقية. تتجسد هويتهم الحقيقية في قيمهم الأخلاقية بشكل أساسي وهي مستقرة نسبيًا؛ قد تتغير التفضيلات الأخرى، لكن تظل الذات الحقيقية كما هي.
درست ريبيكا شليغل (Rebecca Schlegel) وجوشوا هيكس (Joshua Hicks) وزملاؤهم في جامعة تكساس إيه آند إم (Texas A&M University)، كيف تؤثر نظرة الناس لذاتهم الحقيقية على رضاهم عن أنفسهم. طلب الباحثون من الخاضعين للاختبار الاحتفاظ بمفكرة عن حياتهم اليومية. شعر المشاركون بالغربة عن أنفسهم عندما فعلوا أمرًا مشكوكًا أخلاقيًا؛ إذ شعروا بعدم التأكد من هويتهم، خاصةً عندما كانوا غير أمينين أو أنانيين.
أكدت التجارب أيضًا وجود ارتباط بين الذات والأخلاق. عند تذكير المشاركين بالاختبار بارتكابهم مخالفات سابقة، فإن ثقتهم بهويتهم تتزعزع.
وجد كل من جورج نيومان (George Newman) وجوشوا كنوب (Joshua Knobe)، وكلاهما من جامعة ييل (Yale University)، أن الناس يعتقدون عادةً أن البشر لديهم ذات حقيقية طاهرة. قدموا للمشاركين دراسات عن أشخاص غير شريفين وعنصريين، وما شابه ذلك.
عندها عزا المشاركون بشكل عام السلوك في الدراسات إلى عوامل بيئية مثل الطفولة الصعبة، فأكدوا أن الجوهر الحقيقي لهؤلاء الأشخاص مختلف وإيجابي. يُظهر هذا العمل ميلنا إلى الاعتقاد، في أعماق قلوبنا، أن الناس يطمحون لما هو أخلاقي وجيد.
تضمنت دراسة أخرى أجراها نيومان وكنوب شخصًا يدعى “مارك”، مسيحي متدين ولكنه ينجذب رغم ذلك إلى الرجال. سعى الباحثون إلى فهم رأي المشاركين في معضلة مارك. بالنسبة للمشاركين المحافظين، لم تكن “الذات الحقيقية” لمارك مثلية الجنس؛ وأوصوا بأن يقاوم مثل هذه الإغراءات.
اعتقد أولئك الذين يمتلكون نظرةً أكثر ليبرالية أن عليه الخروج من قوقعته. ومع ذلك، إذا قُدّم مارك على أنه متحضر علماني ويعتقد بأن المثلية الجنسية شيء عادي ولكنه امتلك مشاعر سلبية عند التفكير بالأزواج مثليي الجنس، فإن المحافظين افترضوا بسرعة أن هذا التردد دليلٌ على الذات الحقيقية لمارك؛ بينما رأى الليبراليون ذلك دليلًا على عدم وجود البصيرة أو التطور. بمعنى آخر، ما ندعي أنه جوهر ذات شخص آخر، هو في الواقع متأصل في القيم التي نعتز بها نحن أنفسنا، وهو ما يبين أن “الذات الحقيقية” تُعتبر مرجعًا أخلاقيًا.
ربما يفسِّر الاعتقادُ بأن الذات الحقيقية أخلاقية؛ السببَ وراء ربط الناس للتحسينات الشخصية “بالذات الحقيقية” الخاصة بهم أكثر مما يربطون أوجه القصور الشخصية بهذه الذات الحقيقية. ويبدو أننا نفعل ذلك بنشاط لتعزيز تقييم أنفسنا.
لقد أظهرت آن إي ويلسون (Anne E. Wilson) من جامعة ويلفريد لوريير في أونتاريو (Laurier University in Ontario) ومايكل روس (Michael Ross) من جامعة واترلو في أونتاريو (University of Waterloo in Ontario)، في عدد من الدراسات أننا نميل إلى إعطاء المزيد من الصفات السلبية لما كنا عليه في الماضي، ما يجعلنا نبدو أفضل الآن.
وفقًا لويلسون وروس، كلما عاد الناس إلى ماضٍ أبعد، زادَ توصيفهم السلبي لأنفسهم. على الرغم من أن التحسن والتغير أمران طبيعيان مع النضوج، فإن اعتقادنا بأن المرء بمرور الوقت يتحول إلى “نفسه حقًا” يمنحنا شعورًا جيدًا.
افتراضنا أن لدينا هوية جوهرية صلبة يقلل من تعقيد هذا العالم دائم التغيير. يلعب الناس من حولنا الكثير من الأدوار المختلفة، يتصرفون بشكل غير متسق، وفي الوقت نفسه يواصلون التطور. من المطمئن أن نعتقد أن أصدقاءنا توم وسارة سيكونان غدًا كما هما اليوم وأنهما شخصان طيبان في الصميم، بصرف النظر عما إذا كان هذا التصور صحيحًا أم لا.
هل يمكننا تخيّل الحياة دون الإيمان بذات حقيقية؟
لقد درس الباحثون هذا السؤال من خلال مقارنة الثقافات المختلفة. الاعتقاد بالذات الحقيقية واسع الانتشار في العالم. ما عدا البوذية، التي تعظ بعدم وجود ذات مستقرة. يتعلم الرهبان البوذيون المستقبليون أن يُبصروا من خلال التصورات الوهمية عن الذات، فهي دائمًا ما تكون في حالة تغيُّر.
أرادت نينا سترومينجر (Nina Strohminger) من جامعة بنسلفانيا وزملاؤها معرفة كيف يؤثر هذا المنظور على الخوف من الموت. لقد قدموا سلسلةً من الاستبيانات والسيناريوهات لما يقارب الـ200 تبتيّ عادي (التبت مدينة صينية) و60 راهبًا بوذيًا، وقارنوا النتائج مع نتائج المسيحيين والأشخاص غير المتدينين في الولايات المتحدة، وكذلك نتائج الهندوس الذين يشبهون المسيحيين في اعتقادهم أن جوهر الروح، أو (أتمان-atman)، يعطي البشر هويتهم.
الصورة الشائعة عن البوذيين هي أنهم يشعرون بالسلام العميق، وأنهم أناس إيثاريين (selfless) بشكل تام. ومع ذلك، فكلما قل إيمان الرهبان التبتيين بجوهر داخلي مستقر، زاد احتمال خوفهم من الموت. بالإضافة إلى ذلك، فقد كانوا أكثر أنانيةً بشكل ملحوظ عند طرح سيناريو افتراضي قد يؤدي فيه التخلي عن دواء معين إلى إطالة عمر شخص آخر. اتخذ ثلاثة من كل أربعة رهبان تقريبًا قرارًا ضد هذا الخيار الوهمي، وهي نسبة أكبر جدًا من نسبة الأميركيين أو الهندوس.
هل يعبر هذا عن خدمة الذات (Self Serving)، أو خوف البوذيين؟
في ورقة بحث أخرى، أطلقت سترومينجر وزملاؤها على فكرة الذات الحقيقية اسم “الوهم المتفائل”. ولو أن هذه الفكرة قد تكون مفيدة، زعزعتها صعبة على أية حال. يعتقد البوذيون أن الأنا (Ego) مجرد وهم، ومع ذلك، تظهر الأبحاث أن هذا الاعتقاد يعزز الخوف من الموت أكثر من الاعتقاد بوجود ذات حقيقية.
يميل الأشخاص غير الآمنين إلى التصرف بأخلاقية أكثر.
يُنظَر إلى عدم الأمان (Insecurity) عمومًا على أنه عيب، ولكنه في الواقع ليس سيئًا كليًا. يميل الأشخاص الذين يشعرون بعدم الأمان حول امتلاكهم لبعض السمات الإيجابية إلى محاولة إثبات أنهم يمتلكونها. أولئك الذين ليسوا متأكدين من كرمهم، على سبيل المثال، هم أكثر من يتبرع بالمال للأسباب الوجيهة.
يمكن استنباط هذا السلوك بشكل تجريبي من خلال إعطاء ملاحظات سلبية للمشاركين، على سبيل المثال: «وفقًا لاختباراتنا، فأنت أقل مساعدة للآخرين وأقل تعاونًا من المتوسط». يكره الناس سماع مثل هذه الأحكام وينتهي بهم المطاف إلى زيادة تبرعاتهم.
يشرح درازين بريليك (Drazen Prelec)، عالم النفس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، هذه النتائج من خلال نظريته الخاصة للإرسال الذاتي للإشارات (self signaling) ويُفهم بأن ما يقوله فعل معين عني، يكون غالبًا أكثر أهميةً من الهدف الحقيقي لهذا الفعل. مثلًا: تمسّك بعض الأشخاص بنظام غذائي لأنهم لا يريدون أن يظهروا ضعفاء الإرادة.
والعكس صحيح، فقد ثبت تجريبيًا أن أولئك الذين يتأكدون من أنهم كرماء أو أذكياء أو اجتماعيون يبذلون جهدًا أقل لإثبات ذلك. فإن الثقة الكبيرة بالنفس تُشعِر الناس بالرضا فتتسع الهوة بين الذات التي يتخيلونها وبين ماهية الذات في الواقع. لذلك، فإن أولئك الذين يعتقدون أنهم يعرفون أنفسهم جيدًا يكونون عرضةً بشكل خاص لمعرفة أنفسهم على نحو أقل مما يعتقدون.
إذا كنت تعتقد أنك مرن، فستحقق نتائج أفضل بكثير.
تؤثر نظريات الناس حول هويتهم على سلوكهم. وبالتالي يمكن أن تتحول صورة الشخص الذاتية بسهولة إلى نبوءة ذاتية (Self fulfilling prophecy) أمضت كارول دويك (Carol Dweck) من جامعة ستانفورد الكثير من الوقت في البحث عن هذه التأثيرات.
ووصلت إلى هذه النتائج؛ إذا نظرنا إلى صفة ما على أنها متغيرة، فإننا نميل إلى العمل عليها أكثر. من ناحية أخرى، إذا نظرنا إلى سمة مثل معدل الذكاء أو قوة الإرادة على أنها متأصلة وغير قابلة للتغيير، فإننا لن نبذل جهدًا كبيرًا لتحسينها.
اكتشفت دويك خلال دراسات أجرتها على الطلاب والرجال والنساء وأولياء الأمور والمدرسين، مبدأ أساسيًا؛ الأشخاص ذوو الإحساس الصارم بالذات يتعاملون مع الفشل بشكل سيئ، إنهم يرونه دليلًا على محدوديتهم فيخشونه، وقد يسبب هذا الخوف بحد ذاته الفشل.
في المقابل، فإن أولئك الذين يفهمون أنه من الممكن تطوير موهبة معينة، يستقبلون النكسات على أنها دعوة للقيام بما هو أفضل في المرة القادمة. لذا توصي دويك بموقف يهدف إلى النمو الذاتي. عندما يعتريك الشك، يجب أن تفترض أنه ما يزال هناك المزيد لتتعلمه وأنك تستطيع أن تتطور وتُطوِّر.
ولكن حتى الأشخاص الذين يمتلكون شعورًا صارمًا بالذات ليسوا محدودين في كل جوانب شخصيتهم. وفقًا لعالم النفس أندرياس شتايمر (Andreas Steimer) من جامعة هايدلبرغ (University of Heidelberg) في ألمانيا، حتى عندما يصف الناس نقاط قوتهم بأنها راسخة تمامًا، فإنهم يميلون إلى الاعتقاد بأنهم سيتغلبون على نقاط الضعف لديهم عاجلًا أم آجلًا.
إذا حاولنا أن نتخيل كيف ستبدو شخصيتنا خلال عدة سنوات، فإننا نميل إلى وجهات نظر مثل: “إن الاتزان والتركيز بوضوح لا يزالان جزءًا لا يتجزأ مني، وسأميل على الأرجح لأن أملك شكوكًا أقل بذاتي”.
عمومًا، نميل إلى النظر إلى شخصيتنا على أنها أكثر ثباتًا مما هي عليه، لأن هذا التقييم يوفر الأمان والوِجهة على الأرجح. نريد التعرف على سماتنا وتفضيلاتنا الخاصة حتى نتمكن من التصرف وفقًا لذلك. في التحليل النهائي، فإن الصورة التي نخلقها لأنفسنا هي نوع من الملاذ الآمن في عالم دائم التغيير.
ما المغزى من القصة؟ وفقًا للباحثين، فإن تحقيق المعرفة الذاتية أصعب مما كان يُعتقد. أثار علم النفس المعاصر التساؤل حول إمكانية معرفة أنفسنا بموضوعية وبشكل نهائي، وأوضح أن الذات ليست “شيئًا” بل هي عملية تكيف مستمر مع الظروف المتغيرة. وحقيقة أننا نرى أنفسنا في كثير من الأحيان أكثر كفاءةً وأخلاقية واستقرارًا مما نحن عليه بالفعل وُجِدت لتخدم قدرتنا على التكيف.
المصدر:.ibelieveinsci
أنت تخدع نفسك دون أن تدرك ذلك.
وفقًا لإحدى النظريات، ينبع ميلنا لخداع أنفسنا (self deception) من رغبتنا بإبهار الآخرين. ولكي نبدو مقنعين، يجب أن نكون مقتنعين بقدراتنا وصدقنا.
وتُدعم هذه النظرية بملاحظتنا لكون المتلاعبين الناجحين يكونون غالبًا مغرورين. مندوبو المبيعات الجيدون، على سبيل المثال، يبثون حماسة معدية؛ والعكس صحيح، فأولئك الذين يشكّون في أنفسهم بشكل عام لا يجيدون المجاملة.
تدعم الأبحاث هذه الاستنتاجات؛ ففي إحدى الدراسات، عُرضت أموال على المشاركين في حال تمكنوا خلال مقابلة، من الادعاء بشكل مقنع بأنهم حصلوا على علامات عالية في اختبار الذكاء. كلما زاد الجهد الذي بذله المرشحون في أدائهم، زاد اعتقادهم بأنهم يمتلكون معدل ذكاء مرتفع، على الرغم من أن درجاتهم الفعلية كانت متوسطة.
وأُثبت أنه يمكن تغيير خداع أنفسنا هذا. في كثير من الأحيان نغيّر نظرتنا لأنفسنا حسب المواقف الجديدة. وقد أظهر ستيفن سلومان (Steven A. Sloman) من جامعة براون وزملاؤه هذه القدرة على التكيف، فقد طلبوا من المشاركين بدراسة أعدّوها، نقل مؤشر إلى نقطة على شاشة الكمبيوتر في أسرع وقت ممكن، وإذا قيل للمشاركين إن مهارة فوق المتوسط في هذه المهمة تعكس ذكاءً عاليًا، فإنهم يركزون على المهمة على الفور وينجزونها بشكل أفضل.
بينما في الواقع هم لم يعتقدوا حقًا أنهم بذلوا المزيد من الجهد وهو ما يرى الباحثون أنه دليل على خداع النفس الناجح. من ناحية أخرى، إذا اقتنع الأشخاص الذين اختُبروا بأن الأغبياء فقط يبلون حسنًا في مثل هذه المهام التافهة، فإن أداءهم يتضاءل بشكل كبير.
ولكن هل خداع الذات ممكن؟ هل يمكن أن نعرف شيئًا عن أنفسنا على مستوى ما دون أن ندرك ذلك؟ طبعًا! يتضمن الدليل التجريبي الداعم لهذه الفكرة البحوث التالية: ينصت المشاركون لتسجيلات صوتية لأصوات بشرية، يشمل أصواتهم، ويُطلب منهم الإشارة إلى ما إذا كانوا يسمعون أنفسهم.
يتقلب معدل التعرّف تبعًا لوضوح الأشرطة الصوتية وارتفاع صوت الضوضاء في الخلفية. إذا قيست موجات المخ في نفس الوقت، فإن إشارات معينة تشير بيقين إلى ما إذا كان المشاركون قد سمعوا صوتهم.
يشعر معظم الأشخاص بنوع من الحرج عند سماع صوتهم. في دراسة كلاسيكية، استفاد روبن غور (Ruben Gur) من جامعة بنسلفانيا وهارولد ساكيم (Harold Sackeim) من جامعة كولومبيا، من هذا التحفظ، بمقارنة إجابات المشاركين بالاختبار مع نشاط أدمغتهم. أشار النشاط في كثير من الأحيان إلى:
«هذا أنا!»، دون أن يتعرّف الأشخاص بشكل علني على أن هذا صوتهم. علاوةً على ذلك، إذا عرض المحققون صورة المشاركين الذاتية للخطر -على سبيل المثال، بإخبارهم أنهم سجلوا نتائج بائسة في اختبار آخر (ليس ذي صلة)- سيصبحون أقل استعدادًا للتعرف على صوتهم. وفي كلتا الحالتين، تخبرنا موجات الدماغ القصة الحقيقية.
في دراسة أحدث، قيّم الباحثون الأداء في اختبار تدريبي يهدف إلى مساعدة الطلاب في تقييم معرفتهم الخاصة، حتى يتمكنوا من سد الثغرات في دراستهم. طُلب من المشاركين إكمال أكبر عدد ممكن من المهام خلال فترة زمنية محددة.
بالنظر إلى أن الغرض من الاختبار هو تزويد الطلاب بالمعلومات التي يحتاجون إليها، فمحاولة الغش ليست منطقية؛ على العكس من ذلك، فقد يؤدي الغش وحصولهم على نتائج أفضل مما يستحقون إلى أن تسوء دراستهم، وبالتالي، فإن أولئك الذين يحاولون تحسين علاماتهم باستخدام الوقت المكمل بعد الفترة المخصصة للامتحان سيضرون أنفسهم.
ولكن العديد من المتطوعين لجؤوا للغش. دون وعي، أرادوا ببساطة أن يبدوا جيدين. وهكذا، فسّر الغشاشون بقاءهم بعد الوقت المخصص للامتحان من خلال الادعاء بأنهم كانوا شاردين ورغبوا في تعويض الثواني الضائعة. أو قالوا إن نتائجهم المغشوشة كانت أقرب إلى “إمكاناتهم الحقيقية”.
وفقًا للباحثين، تربط تفسيرات كهذه ربطًا خاطئًا بين السبب والنتيجة، فإن الناس يعتقدون بشكل خاطئ أنه “بما أن الأشخاص الأذكياء يقدمون عادةً أداءً أفضل في الاختبارات، فإذا تلاعبتُ بنتيجة امتحاني من خلال قضاء وقت أطول بقليل من الوقت المسموح به، فأنا أحد الأشخاص الأذكياء أيضًا” وعلى العكس، فقد كان أداء الأشخاص أقل إذا قيل لهم إن الأداء الجيد يشير إلى وجود خطر أعلى للإصابة بالفصام. يسمي الباحثون هذه الظاهرة خداع الذات التشخيصي (diagnostic self deception) أي خداع الذات المتعلق بالميل نحو تشخيص نفسي معين.
إنّ الذات الحقيقية (true self) مفيدة لك.
يعتقد معظم الناس أن لديهم جوهرًا أساسيًا صلبًا، ذاتًا حقيقية. تتجسد هويتهم الحقيقية في قيمهم الأخلاقية بشكل أساسي وهي مستقرة نسبيًا؛ قد تتغير التفضيلات الأخرى، لكن تظل الذات الحقيقية كما هي.
درست ريبيكا شليغل (Rebecca Schlegel) وجوشوا هيكس (Joshua Hicks) وزملاؤهم في جامعة تكساس إيه آند إم (Texas A&M University)، كيف تؤثر نظرة الناس لذاتهم الحقيقية على رضاهم عن أنفسهم. طلب الباحثون من الخاضعين للاختبار الاحتفاظ بمفكرة عن حياتهم اليومية. شعر المشاركون بالغربة عن أنفسهم عندما فعلوا أمرًا مشكوكًا أخلاقيًا؛ إذ شعروا بعدم التأكد من هويتهم، خاصةً عندما كانوا غير أمينين أو أنانيين.
أكدت التجارب أيضًا وجود ارتباط بين الذات والأخلاق. عند تذكير المشاركين بالاختبار بارتكابهم مخالفات سابقة، فإن ثقتهم بهويتهم تتزعزع.
وجد كل من جورج نيومان (George Newman) وجوشوا كنوب (Joshua Knobe)، وكلاهما من جامعة ييل (Yale University)، أن الناس يعتقدون عادةً أن البشر لديهم ذات حقيقية طاهرة. قدموا للمشاركين دراسات عن أشخاص غير شريفين وعنصريين، وما شابه ذلك.
عندها عزا المشاركون بشكل عام السلوك في الدراسات إلى عوامل بيئية مثل الطفولة الصعبة، فأكدوا أن الجوهر الحقيقي لهؤلاء الأشخاص مختلف وإيجابي. يُظهر هذا العمل ميلنا إلى الاعتقاد، في أعماق قلوبنا، أن الناس يطمحون لما هو أخلاقي وجيد.
تضمنت دراسة أخرى أجراها نيومان وكنوب شخصًا يدعى “مارك”، مسيحي متدين ولكنه ينجذب رغم ذلك إلى الرجال. سعى الباحثون إلى فهم رأي المشاركين في معضلة مارك. بالنسبة للمشاركين المحافظين، لم تكن “الذات الحقيقية” لمارك مثلية الجنس؛ وأوصوا بأن يقاوم مثل هذه الإغراءات.
اعتقد أولئك الذين يمتلكون نظرةً أكثر ليبرالية أن عليه الخروج من قوقعته. ومع ذلك، إذا قُدّم مارك على أنه متحضر علماني ويعتقد بأن المثلية الجنسية شيء عادي ولكنه امتلك مشاعر سلبية عند التفكير بالأزواج مثليي الجنس، فإن المحافظين افترضوا بسرعة أن هذا التردد دليلٌ على الذات الحقيقية لمارك؛ بينما رأى الليبراليون ذلك دليلًا على عدم وجود البصيرة أو التطور. بمعنى آخر، ما ندعي أنه جوهر ذات شخص آخر، هو في الواقع متأصل في القيم التي نعتز بها نحن أنفسنا، وهو ما يبين أن “الذات الحقيقية” تُعتبر مرجعًا أخلاقيًا.
ربما يفسِّر الاعتقادُ بأن الذات الحقيقية أخلاقية؛ السببَ وراء ربط الناس للتحسينات الشخصية “بالذات الحقيقية” الخاصة بهم أكثر مما يربطون أوجه القصور الشخصية بهذه الذات الحقيقية. ويبدو أننا نفعل ذلك بنشاط لتعزيز تقييم أنفسنا.
لقد أظهرت آن إي ويلسون (Anne E. Wilson) من جامعة ويلفريد لوريير في أونتاريو (Laurier University in Ontario) ومايكل روس (Michael Ross) من جامعة واترلو في أونتاريو (University of Waterloo in Ontario)، في عدد من الدراسات أننا نميل إلى إعطاء المزيد من الصفات السلبية لما كنا عليه في الماضي، ما يجعلنا نبدو أفضل الآن.
وفقًا لويلسون وروس، كلما عاد الناس إلى ماضٍ أبعد، زادَ توصيفهم السلبي لأنفسهم. على الرغم من أن التحسن والتغير أمران طبيعيان مع النضوج، فإن اعتقادنا بأن المرء بمرور الوقت يتحول إلى “نفسه حقًا” يمنحنا شعورًا جيدًا.
افتراضنا أن لدينا هوية جوهرية صلبة يقلل من تعقيد هذا العالم دائم التغيير. يلعب الناس من حولنا الكثير من الأدوار المختلفة، يتصرفون بشكل غير متسق، وفي الوقت نفسه يواصلون التطور. من المطمئن أن نعتقد أن أصدقاءنا توم وسارة سيكونان غدًا كما هما اليوم وأنهما شخصان طيبان في الصميم، بصرف النظر عما إذا كان هذا التصور صحيحًا أم لا.
هل يمكننا تخيّل الحياة دون الإيمان بذات حقيقية؟
لقد درس الباحثون هذا السؤال من خلال مقارنة الثقافات المختلفة. الاعتقاد بالذات الحقيقية واسع الانتشار في العالم. ما عدا البوذية، التي تعظ بعدم وجود ذات مستقرة. يتعلم الرهبان البوذيون المستقبليون أن يُبصروا من خلال التصورات الوهمية عن الذات، فهي دائمًا ما تكون في حالة تغيُّر.
أرادت نينا سترومينجر (Nina Strohminger) من جامعة بنسلفانيا وزملاؤها معرفة كيف يؤثر هذا المنظور على الخوف من الموت. لقد قدموا سلسلةً من الاستبيانات والسيناريوهات لما يقارب الـ200 تبتيّ عادي (التبت مدينة صينية) و60 راهبًا بوذيًا، وقارنوا النتائج مع نتائج المسيحيين والأشخاص غير المتدينين في الولايات المتحدة، وكذلك نتائج الهندوس الذين يشبهون المسيحيين في اعتقادهم أن جوهر الروح، أو (أتمان-atman)، يعطي البشر هويتهم.
الصورة الشائعة عن البوذيين هي أنهم يشعرون بالسلام العميق، وأنهم أناس إيثاريين (selfless) بشكل تام. ومع ذلك، فكلما قل إيمان الرهبان التبتيين بجوهر داخلي مستقر، زاد احتمال خوفهم من الموت. بالإضافة إلى ذلك، فقد كانوا أكثر أنانيةً بشكل ملحوظ عند طرح سيناريو افتراضي قد يؤدي فيه التخلي عن دواء معين إلى إطالة عمر شخص آخر. اتخذ ثلاثة من كل أربعة رهبان تقريبًا قرارًا ضد هذا الخيار الوهمي، وهي نسبة أكبر جدًا من نسبة الأميركيين أو الهندوس.
هل يعبر هذا عن خدمة الذات (Self Serving)، أو خوف البوذيين؟
في ورقة بحث أخرى، أطلقت سترومينجر وزملاؤها على فكرة الذات الحقيقية اسم “الوهم المتفائل”. ولو أن هذه الفكرة قد تكون مفيدة، زعزعتها صعبة على أية حال. يعتقد البوذيون أن الأنا (Ego) مجرد وهم، ومع ذلك، تظهر الأبحاث أن هذا الاعتقاد يعزز الخوف من الموت أكثر من الاعتقاد بوجود ذات حقيقية.
يميل الأشخاص غير الآمنين إلى التصرف بأخلاقية أكثر.
يُنظَر إلى عدم الأمان (Insecurity) عمومًا على أنه عيب، ولكنه في الواقع ليس سيئًا كليًا. يميل الأشخاص الذين يشعرون بعدم الأمان حول امتلاكهم لبعض السمات الإيجابية إلى محاولة إثبات أنهم يمتلكونها. أولئك الذين ليسوا متأكدين من كرمهم، على سبيل المثال، هم أكثر من يتبرع بالمال للأسباب الوجيهة.
يمكن استنباط هذا السلوك بشكل تجريبي من خلال إعطاء ملاحظات سلبية للمشاركين، على سبيل المثال: «وفقًا لاختباراتنا، فأنت أقل مساعدة للآخرين وأقل تعاونًا من المتوسط». يكره الناس سماع مثل هذه الأحكام وينتهي بهم المطاف إلى زيادة تبرعاتهم.
يشرح درازين بريليك (Drazen Prelec)، عالم النفس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، هذه النتائج من خلال نظريته الخاصة للإرسال الذاتي للإشارات (self signaling) ويُفهم بأن ما يقوله فعل معين عني، يكون غالبًا أكثر أهميةً من الهدف الحقيقي لهذا الفعل. مثلًا: تمسّك بعض الأشخاص بنظام غذائي لأنهم لا يريدون أن يظهروا ضعفاء الإرادة.
والعكس صحيح، فقد ثبت تجريبيًا أن أولئك الذين يتأكدون من أنهم كرماء أو أذكياء أو اجتماعيون يبذلون جهدًا أقل لإثبات ذلك. فإن الثقة الكبيرة بالنفس تُشعِر الناس بالرضا فتتسع الهوة بين الذات التي يتخيلونها وبين ماهية الذات في الواقع. لذلك، فإن أولئك الذين يعتقدون أنهم يعرفون أنفسهم جيدًا يكونون عرضةً بشكل خاص لمعرفة أنفسهم على نحو أقل مما يعتقدون.
إذا كنت تعتقد أنك مرن، فستحقق نتائج أفضل بكثير.
تؤثر نظريات الناس حول هويتهم على سلوكهم. وبالتالي يمكن أن تتحول صورة الشخص الذاتية بسهولة إلى نبوءة ذاتية (Self fulfilling prophecy) أمضت كارول دويك (Carol Dweck) من جامعة ستانفورد الكثير من الوقت في البحث عن هذه التأثيرات.
ووصلت إلى هذه النتائج؛ إذا نظرنا إلى صفة ما على أنها متغيرة، فإننا نميل إلى العمل عليها أكثر. من ناحية أخرى، إذا نظرنا إلى سمة مثل معدل الذكاء أو قوة الإرادة على أنها متأصلة وغير قابلة للتغيير، فإننا لن نبذل جهدًا كبيرًا لتحسينها.
اكتشفت دويك خلال دراسات أجرتها على الطلاب والرجال والنساء وأولياء الأمور والمدرسين، مبدأ أساسيًا؛ الأشخاص ذوو الإحساس الصارم بالذات يتعاملون مع الفشل بشكل سيئ، إنهم يرونه دليلًا على محدوديتهم فيخشونه، وقد يسبب هذا الخوف بحد ذاته الفشل.
في المقابل، فإن أولئك الذين يفهمون أنه من الممكن تطوير موهبة معينة، يستقبلون النكسات على أنها دعوة للقيام بما هو أفضل في المرة القادمة. لذا توصي دويك بموقف يهدف إلى النمو الذاتي. عندما يعتريك الشك، يجب أن تفترض أنه ما يزال هناك المزيد لتتعلمه وأنك تستطيع أن تتطور وتُطوِّر.
ولكن حتى الأشخاص الذين يمتلكون شعورًا صارمًا بالذات ليسوا محدودين في كل جوانب شخصيتهم. وفقًا لعالم النفس أندرياس شتايمر (Andreas Steimer) من جامعة هايدلبرغ (University of Heidelberg) في ألمانيا، حتى عندما يصف الناس نقاط قوتهم بأنها راسخة تمامًا، فإنهم يميلون إلى الاعتقاد بأنهم سيتغلبون على نقاط الضعف لديهم عاجلًا أم آجلًا.
إذا حاولنا أن نتخيل كيف ستبدو شخصيتنا خلال عدة سنوات، فإننا نميل إلى وجهات نظر مثل: “إن الاتزان والتركيز بوضوح لا يزالان جزءًا لا يتجزأ مني، وسأميل على الأرجح لأن أملك شكوكًا أقل بذاتي”.
عمومًا، نميل إلى النظر إلى شخصيتنا على أنها أكثر ثباتًا مما هي عليه، لأن هذا التقييم يوفر الأمان والوِجهة على الأرجح. نريد التعرف على سماتنا وتفضيلاتنا الخاصة حتى نتمكن من التصرف وفقًا لذلك. في التحليل النهائي، فإن الصورة التي نخلقها لأنفسنا هي نوع من الملاذ الآمن في عالم دائم التغيير.
ما المغزى من القصة؟ وفقًا للباحثين، فإن تحقيق المعرفة الذاتية أصعب مما كان يُعتقد. أثار علم النفس المعاصر التساؤل حول إمكانية معرفة أنفسنا بموضوعية وبشكل نهائي، وأوضح أن الذات ليست “شيئًا” بل هي عملية تكيف مستمر مع الظروف المتغيرة. وحقيقة أننا نرى أنفسنا في كثير من الأحيان أكثر كفاءةً وأخلاقية واستقرارًا مما نحن عليه بالفعل وُجِدت لتخدم قدرتنا على التكيف.
المصدر:.ibelieveinsci