من الشائع بين الناس أن ممارسات التأمل تساعد في الحصول على حياة أكثر سعادة وصحة. لكن ما رأي العلم حول هذه الممارسات؟ يساعد التّأمل على بقاء عقولنا وقلوبنا هادئة ومطمئنة. في الواقع: معظم الذين يلجؤون إلى التّأمل يكونون مدفوعين بالفكرة المنتشرة عنه، وهي أن التّأمل سوف يساعدهم في الشعور بحياة أكثر هدوءًا وتوازنًا، وأقل عرضة لآثار الضغوط اليومية. لا يوصف التّأمل بالممارسة الجديدة؛ فقد عُرف منذ مئات السنين -إن لم يكن الآلاف- وكان جزءًا من ثقافات متنوعة. كذلك اقترن التأمل بالدين، ليس فقط في الديانة البوذية التي عادةً ما يرتبط بها، ولكن أيضًا في الممارسات المسيحية. واليوم: العديد من الناس ذوي المعتقدات الدينية المختلفة يدمجون التّأمل مع الممارسة الروحية.
ومع ذلك، في هذه الأيام وخاصةً في الدول الغربية، ابتعد التأمل عن جذوره الروحية والتعبدية، وأصبح أكثر من ممارسة مباشرة للصحة النفسية والعقلية وصحة الجسد العامة.
هناك العديد من أنواع التأمل: التّأمل العاطفي، والتأمل التركيزي، والتأمل التجاوزي. ينقسم التأمل التركيزي إلى سلسلة من الممارسات، تشمل التركيز على تفاصيل صغيرة في اللحظة الحالية. والهدف من هذا هو المساعدة في إبقاء تركيز الشخص على الوقت الحالي فقط وإبعاد أية مشاعر أو حالات مزاجية غير مرغوبة مثل القلق.
غالبًا ما يدعي الذين يمارسون التأمل أن هذه الممارسات سمحت لهم بتعزيز جوانب مختلفة من رفاهيتهم أو بالحفاظ عليها. ولكن ما هو رأي الأبحاث حول تأثير التأمل على العقل والجسم؟ وهل هناك أضرار مرتبطة بها؟
1- التعامل مع الضغط
إحدى الادعاءات الرئيسة التي يستشهد بها الناس عند الحديث عن فوائد التأمل: هي أن التّأمل يسمح لهم بالتخلص من القلق الناتج عن الضغوطات اليومية للعمل والعائلة.
في دراسة أُجريت العام الماضي، أثبت باحثون من (Center for Wellness and Achievement) في سان فرانسيسكو أن الأشخاص الذين يمارسون التأمل التجاوزي يشعرون بأنهم أقل توترًا مقارنةً مع زملائهم الذين لا يمارسونه. أثناء التأمل التجاوزي -transcendental meditation، يركز الشخص على تكرار ما يُعرف بالمانترا -وهي كلمة ما أو جملة أو صوت- بهدف مساعدة العقل على الدخول في حالة الهدوء والاستقرار.
ولكن كيف يساعد التأمل أجسادنا وأذهاننا في تخفيف التوتر؟
في دراسة سابقة نُشرت عام 2017، أظهرت أن التأمل -بجانب تدخلات أخرى للعقل والجسم- مرتبط بمستويات منخفضة من جزيء العامل النووي (kappa B) الذي يؤثر على التعبير الجيني.
وأوضح الباحثون أن هذا الجزيء يُفرز في العادة استجابةً للتوتر، الأمر الذي بدوره ينشط سلسلة من الجزيئات تدعى بالسيتوكينات (cytokines) التي يوجد منها ما هو مضاد للالتهابات وما هو محرض على الالتهابات. وارتفاع نشاط السيتوكين يؤدي إلى العديد من المشاكل البدنية والنفسية، مثل: زيادة الالتهابات والسرطان والاكتئاب.
التأمل التركيزي وتقليل الألم والضيق
أدلة أخرى نُشرت عام 2017، تشير إلى أن التّأمل بالإضافة إلى اليوجا يزيدان من مقاومة الضغط عن طريق زيادة مستويات عامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ -BDNF وهو بروتين يحمي الخلايا العصبية، ويساعد على تنظيم عمليات التمثيل الغذائي.
وفي دراسة نُشرت حديثًا أظهرت أن التأمل التركيزي له فاعلية تقارب فاعلية العلاج المعرفي السلوكي (CBT) في تخفيف الألم المزمن المرتبط ببعض الحالات مثل: متلازمة الألم العضلي التليفي، والتهاب المفاصل الروماتويدي، والتهاب المفصل التنكسي.
2- تحسين الضبط النفسي
لا يُحسِّن التأمل من مقاومة الشخص للضغط فقط، لكنه يحسن أيضًا من الصحة العقلية والنفسية بشكل عام. على سبيل المثال، بحثت دراسة عن تأثير التّأمل التركيزي في النساء اللاتي عانين من الاكتئاب والقلق وتقلب المزاج بعد انقطاع الطمث، ووجد الباحثون أن هذه الممارسات ساعدت المشارِكات في تقليل تأثير هذه الأعراض الوجدانية والنفسية.
تقول المؤلفة الرئيسة للدراسة، دكتور ريشا سود: «ليس الهدف من التأمل تفريغ العقل، ولكن في مراقبة نشاط العقل. أما الخطوة الثانية فتشمل إنشاء وقفة (pause). على سبيل المثال، خذ نفسًا عميقًا وراقب أفكارك وعواطفك الداخلية، الهدوء الناجم عن ذلك يساعد في تقليل التوتر».
سلاح ضد الإدمان
في أحدث كتبه (لماذا البوذية صحيحة؟) كتب روبرت رايت أن البشر قد تطوروا للقيام بأمور معينة من أجل تمرير جيناتهم إلى الأجيال التالية؛ أمور مثل الأكل وممارسة الجنس وكسب تقدير الآخرين والتغلب على المنافسين. لهذا، طورت أدمغتنا نظامًا للمكافأة، الأمر الذي يجعلنا نبحث عن تجارب ممتعة في الأكل والشرب وممارسة الجنس.
تهدف هذه الآلية إلى مساعدتنا في البقاء على قيد الحياة كما تهدف أيضًا إلى النمو والازدهار ولكن يمكن أن يؤدي هذا أيضًا إلى الإدمان.
أظهرت الأبحاث أن تقنيات التأمل يمكن أن تساعد الشخص في مقاومة تلك الدوافع المؤدية للإدمان وكسب المزيد من الضبط النفسي. إذ وجدت دراسة نُشرت في عام 2015، أن المدخنين كانوا قادرين على الإقلاع عن التدخين بعد ممارسة التأمل التركيزي.
وأظهرت دراسة أخرى نُشرت عام 2017، أن متناولي الكحول استهلكوا 9.3 وحدات أقل من الكحول -ما يعادل 3 مكاييل من البيرة- في الأسبوع التالي لممارسات تأمل تركيزي.
كذلك تقترح الأبحاث أن التأمل التركيزي يمكن أن يساعد الناس في إنقاص الوزن. عن طريق ما يُعرف بالأكل بوعي -Mindful eating، الذي يُعلّم الناس كيفية إدراك الدوافع المرتبطة بالأكل في اللحظة الحالية، وإدراك إحساس كل قضمة.
أظهرت دراسة أُجريت العام الماضي، أن الذين شاركوا في ثلاث أو أربع جلسات تأمل تركيزي استطاعوا خسارة ما يقرب من 6.6 رطل (3 كيلوجرام) في المتوسط خلال 6 شهور. بينما خسر أقرانهم الذين شاركوا في جلسات أقل ما يقرب من 2 رطل (0.9 كيلوجرام) في المتوسط فقط.
3- دماغ صحي أكثر
تقول دكتورة سنام حفيظ الأخصائية النفسية من نيويورك أن ممارسة التّأمل بانتظام يمكنها المساعدة في إعادة إنتاج المسارات العصبية في الدماغ، إذ أوضحت الدراسات أن ممارسة التأمل لمدة 20 دقيقة يوميًا لبضعة أسابيع هي مدة كافية لإظهار الفوائد.
في الواقع، وجدت العديد من الأبحاث أن التأمل يمكن أيضًا أن يساعد في الحفاظ على صحة الدماغ واللدونة العصبية -neuroplasticity (وهي قدرة خلايا الدماغ على تكوين روابط جديدة).
في إحدى الدراسات، تتبع الباحثون 60 شخصًا ممن لديهم خبرة في التأمل لمدة 7 سنوات. وجد الباحثون أن هؤلاء الأشخاص لم يظهروا فقط تحسنًا في مقاومة الضغط، ولكن أيضًا لديهم مستوى أعلى من التركيز والانتباه. وقال الباحثون أن هذه الفوائد تستمر لفترة طويلة، ولا يواجه الذين يمارسون التأمل باستمرار المشاكل المتعلقة بالانتباه والتي تظهر مع العمر.
ووجدت دراسة نُشرت عام 2017 أن التأمل التركيزي بالإضافة إلى بعض أنواع اليوجا، يساعدان في الحصول على وظائف تنفيذية أفضل ويحسنان من النشاط والحيوية. ووجدت دراسة أخرى أن ممارسات التّأمل يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالخرف -dementia.
هل هناك أية آثار للتأمل غير مرغوب فيها ؟
بالرغم من إشارة العديد من الناس والكثير من الدراسات إلى فوائد التأمل، لكن هناك بعض الأفراد الذين حصلوا على بعض الآثار غير المرغوبة فيها؛ بدلًا من مساعدتهم.
يقول أحد الأشخاص: «جربت العديد من تطبيقات ومقاطع التأمل، وحاولت التدريب على يد مدرب حقيقي. وفي كل مرة كانت هناك نفس المشكلة: عندما يُطلب مني التركيز على أنفاسي، أشعر بقلق كبير؛ لأن التركيز على حالتي الجسدية (الفزيولوجية) يُعد مصدر قلقي، إذ سرعان ما أبدأ في التساؤل هل حالتي طبيعية أم لا. على سبيل المثال: هل تنفسي طبيعي؟ أم هل لدي مشكلة في التنفس؟ هل يؤلمني صدري؟ أو هل لدي نوبة قلبية؟».
بينما يقول شخص آخر: «يجعلني التأمل مفرط الحساسية تجاه كل شيء من أصوات وحركات، الأمر الذي يصيبني بالقلق».
تشير بعض الأبحاث إلى أن هذه ليست حالات فردية نادرة. في أحد الأبحاث، فحص الفريق 342 شخصًا مارسوا التأمل الذهني بمفردهم أو في الخلوات التأملية. وأظهر المسح أن 25.4% من المشاركين أخبروا عن آثار غير مرغوب فيها تتفاوت في الشدة. وشملت هذه الآثار أعراض القلق ونوبات الهلع والألم الجسدي واضطراب تبدد الشخصية وأعراض الاكتئاب والدوخة.
ولاحظ الباحثون أن معظم هذه الآثار (حوالي 41.3%) حدثت أثناء الممارسات الفردية وليست الجماعية. وهناك 17.2% من هذه التأثيرات حدثت أثناء محاولات تركيز الانتباه. بينما هناك 20.6% حدثت عندما استمر الشخص في التأمل أكثر من 20 دقيقة.
ووفقًا للباحثين: فإن 39% من هذه التأثيرات لم تدم طويلًا، ولم تكن عالية الخطورة، ولم تتطلب تدخلًا طبيًّا.
يقول الباحثون أن النتائج غير المرغوب فيها ليست ناتجة عن ممارسات التأمل، ولكن عن عدم فهم الفروق البسيطة للتأمل عند بعض المدربين، وكذلك أساليب التعليم الضعيفة المتبعة التي يمكن أن تشكل خطرًا أكبر على المرضى. لذلك، يُفضل اختيار مدربين جيدين.
وبالنسبة للأشخاص الذين مارسوا التأمل ولم يحصلوا على نتائج جيدة، تقول الدكتور سنام حفيظ أن التأمل مثله مثل أي شيء نقوم به لتحسين حياتنا: لا تظهر نتائجه على الفور.
المصدر:.ibelieveinsci
ومع ذلك، في هذه الأيام وخاصةً في الدول الغربية، ابتعد التأمل عن جذوره الروحية والتعبدية، وأصبح أكثر من ممارسة مباشرة للصحة النفسية والعقلية وصحة الجسد العامة.
هناك العديد من أنواع التأمل: التّأمل العاطفي، والتأمل التركيزي، والتأمل التجاوزي. ينقسم التأمل التركيزي إلى سلسلة من الممارسات، تشمل التركيز على تفاصيل صغيرة في اللحظة الحالية. والهدف من هذا هو المساعدة في إبقاء تركيز الشخص على الوقت الحالي فقط وإبعاد أية مشاعر أو حالات مزاجية غير مرغوبة مثل القلق.
غالبًا ما يدعي الذين يمارسون التأمل أن هذه الممارسات سمحت لهم بتعزيز جوانب مختلفة من رفاهيتهم أو بالحفاظ عليها. ولكن ما هو رأي الأبحاث حول تأثير التأمل على العقل والجسم؟ وهل هناك أضرار مرتبطة بها؟
1- التعامل مع الضغط
إحدى الادعاءات الرئيسة التي يستشهد بها الناس عند الحديث عن فوائد التأمل: هي أن التّأمل يسمح لهم بالتخلص من القلق الناتج عن الضغوطات اليومية للعمل والعائلة.
في دراسة أُجريت العام الماضي، أثبت باحثون من (Center for Wellness and Achievement) في سان فرانسيسكو أن الأشخاص الذين يمارسون التأمل التجاوزي يشعرون بأنهم أقل توترًا مقارنةً مع زملائهم الذين لا يمارسونه. أثناء التأمل التجاوزي -transcendental meditation، يركز الشخص على تكرار ما يُعرف بالمانترا -وهي كلمة ما أو جملة أو صوت- بهدف مساعدة العقل على الدخول في حالة الهدوء والاستقرار.
ولكن كيف يساعد التأمل أجسادنا وأذهاننا في تخفيف التوتر؟
في دراسة سابقة نُشرت عام 2017، أظهرت أن التأمل -بجانب تدخلات أخرى للعقل والجسم- مرتبط بمستويات منخفضة من جزيء العامل النووي (kappa B) الذي يؤثر على التعبير الجيني.
وأوضح الباحثون أن هذا الجزيء يُفرز في العادة استجابةً للتوتر، الأمر الذي بدوره ينشط سلسلة من الجزيئات تدعى بالسيتوكينات (cytokines) التي يوجد منها ما هو مضاد للالتهابات وما هو محرض على الالتهابات. وارتفاع نشاط السيتوكين يؤدي إلى العديد من المشاكل البدنية والنفسية، مثل: زيادة الالتهابات والسرطان والاكتئاب.
التأمل التركيزي وتقليل الألم والضيق
أدلة أخرى نُشرت عام 2017، تشير إلى أن التّأمل بالإضافة إلى اليوجا يزيدان من مقاومة الضغط عن طريق زيادة مستويات عامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ -BDNF وهو بروتين يحمي الخلايا العصبية، ويساعد على تنظيم عمليات التمثيل الغذائي.
وفي دراسة نُشرت حديثًا أظهرت أن التأمل التركيزي له فاعلية تقارب فاعلية العلاج المعرفي السلوكي (CBT) في تخفيف الألم المزمن المرتبط ببعض الحالات مثل: متلازمة الألم العضلي التليفي، والتهاب المفاصل الروماتويدي، والتهاب المفصل التنكسي.
2- تحسين الضبط النفسي
لا يُحسِّن التأمل من مقاومة الشخص للضغط فقط، لكنه يحسن أيضًا من الصحة العقلية والنفسية بشكل عام. على سبيل المثال، بحثت دراسة عن تأثير التّأمل التركيزي في النساء اللاتي عانين من الاكتئاب والقلق وتقلب المزاج بعد انقطاع الطمث، ووجد الباحثون أن هذه الممارسات ساعدت المشارِكات في تقليل تأثير هذه الأعراض الوجدانية والنفسية.
تقول المؤلفة الرئيسة للدراسة، دكتور ريشا سود: «ليس الهدف من التأمل تفريغ العقل، ولكن في مراقبة نشاط العقل. أما الخطوة الثانية فتشمل إنشاء وقفة (pause). على سبيل المثال، خذ نفسًا عميقًا وراقب أفكارك وعواطفك الداخلية، الهدوء الناجم عن ذلك يساعد في تقليل التوتر».
سلاح ضد الإدمان
في أحدث كتبه (لماذا البوذية صحيحة؟) كتب روبرت رايت أن البشر قد تطوروا للقيام بأمور معينة من أجل تمرير جيناتهم إلى الأجيال التالية؛ أمور مثل الأكل وممارسة الجنس وكسب تقدير الآخرين والتغلب على المنافسين. لهذا، طورت أدمغتنا نظامًا للمكافأة، الأمر الذي يجعلنا نبحث عن تجارب ممتعة في الأكل والشرب وممارسة الجنس.
تهدف هذه الآلية إلى مساعدتنا في البقاء على قيد الحياة كما تهدف أيضًا إلى النمو والازدهار ولكن يمكن أن يؤدي هذا أيضًا إلى الإدمان.
أظهرت الأبحاث أن تقنيات التأمل يمكن أن تساعد الشخص في مقاومة تلك الدوافع المؤدية للإدمان وكسب المزيد من الضبط النفسي. إذ وجدت دراسة نُشرت في عام 2015، أن المدخنين كانوا قادرين على الإقلاع عن التدخين بعد ممارسة التأمل التركيزي.
وأظهرت دراسة أخرى نُشرت عام 2017، أن متناولي الكحول استهلكوا 9.3 وحدات أقل من الكحول -ما يعادل 3 مكاييل من البيرة- في الأسبوع التالي لممارسات تأمل تركيزي.
كذلك تقترح الأبحاث أن التأمل التركيزي يمكن أن يساعد الناس في إنقاص الوزن. عن طريق ما يُعرف بالأكل بوعي -Mindful eating، الذي يُعلّم الناس كيفية إدراك الدوافع المرتبطة بالأكل في اللحظة الحالية، وإدراك إحساس كل قضمة.
أظهرت دراسة أُجريت العام الماضي، أن الذين شاركوا في ثلاث أو أربع جلسات تأمل تركيزي استطاعوا خسارة ما يقرب من 6.6 رطل (3 كيلوجرام) في المتوسط خلال 6 شهور. بينما خسر أقرانهم الذين شاركوا في جلسات أقل ما يقرب من 2 رطل (0.9 كيلوجرام) في المتوسط فقط.
3- دماغ صحي أكثر
تقول دكتورة سنام حفيظ الأخصائية النفسية من نيويورك أن ممارسة التّأمل بانتظام يمكنها المساعدة في إعادة إنتاج المسارات العصبية في الدماغ، إذ أوضحت الدراسات أن ممارسة التأمل لمدة 20 دقيقة يوميًا لبضعة أسابيع هي مدة كافية لإظهار الفوائد.
في الواقع، وجدت العديد من الأبحاث أن التأمل يمكن أيضًا أن يساعد في الحفاظ على صحة الدماغ واللدونة العصبية -neuroplasticity (وهي قدرة خلايا الدماغ على تكوين روابط جديدة).
في إحدى الدراسات، تتبع الباحثون 60 شخصًا ممن لديهم خبرة في التأمل لمدة 7 سنوات. وجد الباحثون أن هؤلاء الأشخاص لم يظهروا فقط تحسنًا في مقاومة الضغط، ولكن أيضًا لديهم مستوى أعلى من التركيز والانتباه. وقال الباحثون أن هذه الفوائد تستمر لفترة طويلة، ولا يواجه الذين يمارسون التأمل باستمرار المشاكل المتعلقة بالانتباه والتي تظهر مع العمر.
ووجدت دراسة نُشرت عام 2017 أن التأمل التركيزي بالإضافة إلى بعض أنواع اليوجا، يساعدان في الحصول على وظائف تنفيذية أفضل ويحسنان من النشاط والحيوية. ووجدت دراسة أخرى أن ممارسات التّأمل يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالخرف -dementia.
هل هناك أية آثار للتأمل غير مرغوب فيها ؟
بالرغم من إشارة العديد من الناس والكثير من الدراسات إلى فوائد التأمل، لكن هناك بعض الأفراد الذين حصلوا على بعض الآثار غير المرغوبة فيها؛ بدلًا من مساعدتهم.
يقول أحد الأشخاص: «جربت العديد من تطبيقات ومقاطع التأمل، وحاولت التدريب على يد مدرب حقيقي. وفي كل مرة كانت هناك نفس المشكلة: عندما يُطلب مني التركيز على أنفاسي، أشعر بقلق كبير؛ لأن التركيز على حالتي الجسدية (الفزيولوجية) يُعد مصدر قلقي، إذ سرعان ما أبدأ في التساؤل هل حالتي طبيعية أم لا. على سبيل المثال: هل تنفسي طبيعي؟ أم هل لدي مشكلة في التنفس؟ هل يؤلمني صدري؟ أو هل لدي نوبة قلبية؟».
بينما يقول شخص آخر: «يجعلني التأمل مفرط الحساسية تجاه كل شيء من أصوات وحركات، الأمر الذي يصيبني بالقلق».
تشير بعض الأبحاث إلى أن هذه ليست حالات فردية نادرة. في أحد الأبحاث، فحص الفريق 342 شخصًا مارسوا التأمل الذهني بمفردهم أو في الخلوات التأملية. وأظهر المسح أن 25.4% من المشاركين أخبروا عن آثار غير مرغوب فيها تتفاوت في الشدة. وشملت هذه الآثار أعراض القلق ونوبات الهلع والألم الجسدي واضطراب تبدد الشخصية وأعراض الاكتئاب والدوخة.
ولاحظ الباحثون أن معظم هذه الآثار (حوالي 41.3%) حدثت أثناء الممارسات الفردية وليست الجماعية. وهناك 17.2% من هذه التأثيرات حدثت أثناء محاولات تركيز الانتباه. بينما هناك 20.6% حدثت عندما استمر الشخص في التأمل أكثر من 20 دقيقة.
ووفقًا للباحثين: فإن 39% من هذه التأثيرات لم تدم طويلًا، ولم تكن عالية الخطورة، ولم تتطلب تدخلًا طبيًّا.
يقول الباحثون أن النتائج غير المرغوب فيها ليست ناتجة عن ممارسات التأمل، ولكن عن عدم فهم الفروق البسيطة للتأمل عند بعض المدربين، وكذلك أساليب التعليم الضعيفة المتبعة التي يمكن أن تشكل خطرًا أكبر على المرضى. لذلك، يُفضل اختيار مدربين جيدين.
وبالنسبة للأشخاص الذين مارسوا التأمل ولم يحصلوا على نتائج جيدة، تقول الدكتور سنام حفيظ أن التأمل مثله مثل أي شيء نقوم به لتحسين حياتنا: لا تظهر نتائجه على الفور.
المصدر:.ibelieveinsci