الإمام الشافي
[ ١٥٠ ه / ٧٦٧ م - ٢٠٤ ٥ / ٨١٩ م ]
الأئمة من قريش *
الشافعي هو محمد بن ادريس نسب الى أحد أجداده من آل المطلب بن عبد مناف ، وبعبد مناف يلتقي نسبه بنسب وأسرة المطلب كانت أسرة شقيقة لاسرة التي من وقد ولد في غزة عام ( ١٥٠ هـ ) وهي السنة التي توفي فيها أبو حنيفة ، وقد ولد الأب ، فحملته أمه ، وهي عربية يمانية من الأزد . الى یتیم مكة ، وهناك وجهته لنيل العلم ، وتحصيل المكانة بهذه الواسطة ، لأنه كان فقيراً ، والنسب كان لا يمكنه لوحده أن ينهض بانسان ما لم يدعمه
أو سلطان أو علم عال ، .
مكة ، ، وفيها نال قسطاً من المعارف الاسلامية نشأ الشافعي في واللغوية والأدبية ، وبعد العاشرة اتجه نحو علم الحديث ، وفي مطلع شبابه قصد بادية هذيل ، وكانت أفصح العرب ، فتعلم كلامها وأخــــذ بطباعها وشعرها ، كما أجاد الرماية ، وبعد عودته الى مكة اتجه الى العلم بكليته ، وعند بلوغه العشرين قرر الرحلة الى المدينة حيث التحق بإمام أهل الحجاز مالك بن أنس ، ولازمه يأخذ العلم مدة تسع
كان هذا عام ١٨٤ هـ عن ، وفي بغداد مثل الشافعي أمام الرشيد فاستطاع ان يثبت زيف ما اتهم به ، وتمت المحاكمة بحضور محمد بن الحسن الشيباني ، صاحب أبي حنيفة ، وقاضي بغداد انذاك ، الذي ربما عرف الشافعي أثناء أخذه مالك ، لذلك قرر الرشيد دفع الشافعي الى قاضيه
سنوات ، أي حتى وفاة الامام مالك ، حيث ترك المدينة الى مكة . ومن مكة حمله أحد ولاة اليين وكلفه بعمل في مدينة نجران ، فقام بعمله بكل نزاهة واستقامة ولم يكتف برفض الرشوة ، بل عمل على منع غيره من رجال السلطة عن تناولها ، وقام بعض الذين أغلق الشافعي في وجههم باب الرشوة والفساد ، بالكيــــد له ، فاته وه بالميول العلوية المعادية للدولة ، وكتبوا بذلك الى الخليفة الرشيد ، فأمر بحمله اليه مكبلا بالحديد
وعلى قاعدة وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير اكم محنة أورثت خيراً عظيماً ، فقد ردت المحنة الشافعي الى نور العلم وأنقذته من ظلمة الولاية ، فأوى الى محمد بن الحسن الشيباني لما لا يقل عن عامين ، وأخذ عنه فقه أهل العراق ، وهكذا اجتمع للشافعي علم علم أهل الرأي وعلم اهل الحديث ، ورب ، لأنه فقه الاسلام
وغادر الشافعي بغداد الى مكة ، حيث أخذ يراجع العلوم التي نالها، ويوازن بين الآراء التي اطلع عليها في الحجاز والعراق ، واقتضت اعمال الموازنة هذه من الشافعي ابداع مقاييس ضابطة لوزن الآراء والحكم بينها ، كما اقتضت منه ايجاد الأعمال الوزن هذه ، وتمكن الشافعي من هذا ، فخرج على الناس ببيان لقواعد الاستنباط وعرفت هذه القواعد فيما بعد باسم ( أصول علم الفقه ، وعليه فالشافعي هــــو مؤسس علم أصول الفقه، وباني قواعده الأولى بشكل فيه بيان وتفصيل
. . ذلك ان الفقه كان حتى الآن أشبه ، له فقط : موضوعه وأهدافه ، وقد جعله الشافعي علم كامل له : موضوعه ، وقوانينه وأهدافه وقام الشافعي بتطبيق موازينه على ما حصله من علوم أهل العراق وأهل الحجاز ، وحين فعل ذلك اعلن للناس آراء فقهية خاصة بــــه انتقاها من علوم المدرستين وطورها بنفسه ، فكان ذلك بداية ظهور مدرسة فقهية جديدة هي الشافعية
.. ومر تاريخ هذه المدرسة بمرحلتين ، فهي قد ولدت في مكة حيث ولد الاسلام أولا ، وفي مكة درس الشافعي مذهبه لعدة سنوات ، لكنه أدرك ان مذهبه لا يمكن ان ينتشر من مكة ، وأنه لابد له من هجرة فقرر المضي الى بغداد التي كانت مستقطبة لكبار علماء الاسلام ، ومحتكرة لقيادة الفكر الاسلامي
شد الشافعي الرحال الى بغداد عام : ١٩٥ هـ ، ، وهناك استرعي الشافعي نظر كل العلماء ، وتحلق حوله التلاميذ ، واعجب الناس بدروسه واجاباته ، فهو بفصاحته وبيانه وقدرته على المناظرة والاقناع والتأثير جاء الناس بعلم فيه الاسلام كله ، ثم جاء الناس بعلم الأصول ، وفي بغداد أملى الشافعي كتبه من بينها كتاب « الأم ، وكتاب الرسالة ، ويمكن القول بأن الشافعي أمضي في بغداد المرحلة الاولى من تاريخ مدرسته ، وتدعى هذه المرحلة بالعراقية ومذهبه فيها يدعى بالقديم . عدداً من d
وامتدت اقامة الشافعي في بغداد عامين ، وعاد بعدها الى مكة زائراً ثم رجع الى بغداد حيث أمضى عاماً واحداً هناك ، ثم يمم شطر مصر ، وفي مصر أمضى الشافعي بقية حياته ، والمرحلة المصرية هي المرحلة الثانية في تاريخ مذهبه ، ، ومذهبه فيها يدعي بالجديد ، وهنا ه - مائة أوائل
لابد من سؤال هو : ما الذي دفع الشافعي الى ترك بغداد والذهاب الى مصر .
تقتضي الاجابة على هذا السؤال استعراض لبعض الجوانب من مراحل تاريخ الاسلام منذ قيام الفتوحات الاسلامية الكبرى وتأسيس الدولة العربية العظمى ، ذلك أن الاسلام الذي انتصر في ميادين القتال ضد الفرس وبيزنطه وسواهما لم يهزم جيوش هذه الدول فقط لكنه هزم أيضاً عقائدها ودياناتها ونظمها وتراثها - لان الاسلام يجب ما قبله - ولم ترم القوى المهزومة السلاح ، بل تابعت صراعها ضد الاسلام ، بمختلف الطرق والوسائل والأسلحة ، واستهدفت ازالة الاسلام من الوجود واجتثاث أصوله ، او كما قال الأوائل و استهدفت تعطيل الشريعة » .
النفاق مع مع مع وفي مجالات العقائد يمكن ان نقول ان اهم القوى التي وقفت في وجه الاسلام : الديانات الكتابية وشبه الكتابية ، والعقائد ذات الارتباط بالعقل او النابعة مما يعرف بتراث الفلسفة ، ومعروف ان الاسلام خاض معاركه الاولى في المدينة - الباطنية - ومع اليهودية، ثم استمر وكانت معاركه المسيحية أقل حدة انئذ ، لكن بعد الفتوحات اشتد أوار المعارك النصرانية ، لانها كانت المتضرر الاكبر من الفتوحات حيث فقدت فلسطين مهد الديانة مع بقية اجزاء بلاد الشام ، ومصــــــر والشمال الافريقي وجزائر البحر المتوسط ثم الاندلس ، وبنفس درجة المسيحية او اشد تضرر كل من الزرادشتية التي سارت الى الهاوية وكذلك المنانية وغيرها .
وفي نفس الوقت دخل الاسلام في معارك جديدة كانت ضد الغنوصية وتراث الفلسفة ، وكانت بدايات هذه المعارك ما تعلق بقضايا القول بالقدر وما لف لفها ، وعلى العموم نلاحظ ان الديانات البائدة حين صارعت
[ATTACH=JSON]n72467[/ATTACH] [ATTACH=JSON]n72468[/ATTACH] [ATTACH=JSON]n72469[/ATTACH] [ATTACH=JSON]n72470[/ATTACH] [ATTACH=JSON]n72471[/ATTACH]
[ ١٥٠ ه / ٧٦٧ م - ٢٠٤ ٥ / ٨١٩ م ]
الأئمة من قريش *
الشافعي هو محمد بن ادريس نسب الى أحد أجداده من آل المطلب بن عبد مناف ، وبعبد مناف يلتقي نسبه بنسب وأسرة المطلب كانت أسرة شقيقة لاسرة التي من وقد ولد في غزة عام ( ١٥٠ هـ ) وهي السنة التي توفي فيها أبو حنيفة ، وقد ولد الأب ، فحملته أمه ، وهي عربية يمانية من الأزد . الى یتیم مكة ، وهناك وجهته لنيل العلم ، وتحصيل المكانة بهذه الواسطة ، لأنه كان فقيراً ، والنسب كان لا يمكنه لوحده أن ينهض بانسان ما لم يدعمه
أو سلطان أو علم عال ، .
مكة ، ، وفيها نال قسطاً من المعارف الاسلامية نشأ الشافعي في واللغوية والأدبية ، وبعد العاشرة اتجه نحو علم الحديث ، وفي مطلع شبابه قصد بادية هذيل ، وكانت أفصح العرب ، فتعلم كلامها وأخــــذ بطباعها وشعرها ، كما أجاد الرماية ، وبعد عودته الى مكة اتجه الى العلم بكليته ، وعند بلوغه العشرين قرر الرحلة الى المدينة حيث التحق بإمام أهل الحجاز مالك بن أنس ، ولازمه يأخذ العلم مدة تسع
كان هذا عام ١٨٤ هـ عن ، وفي بغداد مثل الشافعي أمام الرشيد فاستطاع ان يثبت زيف ما اتهم به ، وتمت المحاكمة بحضور محمد بن الحسن الشيباني ، صاحب أبي حنيفة ، وقاضي بغداد انذاك ، الذي ربما عرف الشافعي أثناء أخذه مالك ، لذلك قرر الرشيد دفع الشافعي الى قاضيه
سنوات ، أي حتى وفاة الامام مالك ، حيث ترك المدينة الى مكة . ومن مكة حمله أحد ولاة اليين وكلفه بعمل في مدينة نجران ، فقام بعمله بكل نزاهة واستقامة ولم يكتف برفض الرشوة ، بل عمل على منع غيره من رجال السلطة عن تناولها ، وقام بعض الذين أغلق الشافعي في وجههم باب الرشوة والفساد ، بالكيــــد له ، فاته وه بالميول العلوية المعادية للدولة ، وكتبوا بذلك الى الخليفة الرشيد ، فأمر بحمله اليه مكبلا بالحديد
وعلى قاعدة وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير اكم محنة أورثت خيراً عظيماً ، فقد ردت المحنة الشافعي الى نور العلم وأنقذته من ظلمة الولاية ، فأوى الى محمد بن الحسن الشيباني لما لا يقل عن عامين ، وأخذ عنه فقه أهل العراق ، وهكذا اجتمع للشافعي علم علم أهل الرأي وعلم اهل الحديث ، ورب ، لأنه فقه الاسلام
وغادر الشافعي بغداد الى مكة ، حيث أخذ يراجع العلوم التي نالها، ويوازن بين الآراء التي اطلع عليها في الحجاز والعراق ، واقتضت اعمال الموازنة هذه من الشافعي ابداع مقاييس ضابطة لوزن الآراء والحكم بينها ، كما اقتضت منه ايجاد الأعمال الوزن هذه ، وتمكن الشافعي من هذا ، فخرج على الناس ببيان لقواعد الاستنباط وعرفت هذه القواعد فيما بعد باسم ( أصول علم الفقه ، وعليه فالشافعي هــــو مؤسس علم أصول الفقه، وباني قواعده الأولى بشكل فيه بيان وتفصيل
. . ذلك ان الفقه كان حتى الآن أشبه ، له فقط : موضوعه وأهدافه ، وقد جعله الشافعي علم كامل له : موضوعه ، وقوانينه وأهدافه وقام الشافعي بتطبيق موازينه على ما حصله من علوم أهل العراق وأهل الحجاز ، وحين فعل ذلك اعلن للناس آراء فقهية خاصة بــــه انتقاها من علوم المدرستين وطورها بنفسه ، فكان ذلك بداية ظهور مدرسة فقهية جديدة هي الشافعية
.. ومر تاريخ هذه المدرسة بمرحلتين ، فهي قد ولدت في مكة حيث ولد الاسلام أولا ، وفي مكة درس الشافعي مذهبه لعدة سنوات ، لكنه أدرك ان مذهبه لا يمكن ان ينتشر من مكة ، وأنه لابد له من هجرة فقرر المضي الى بغداد التي كانت مستقطبة لكبار علماء الاسلام ، ومحتكرة لقيادة الفكر الاسلامي
شد الشافعي الرحال الى بغداد عام : ١٩٥ هـ ، ، وهناك استرعي الشافعي نظر كل العلماء ، وتحلق حوله التلاميذ ، واعجب الناس بدروسه واجاباته ، فهو بفصاحته وبيانه وقدرته على المناظرة والاقناع والتأثير جاء الناس بعلم فيه الاسلام كله ، ثم جاء الناس بعلم الأصول ، وفي بغداد أملى الشافعي كتبه من بينها كتاب « الأم ، وكتاب الرسالة ، ويمكن القول بأن الشافعي أمضي في بغداد المرحلة الاولى من تاريخ مدرسته ، وتدعى هذه المرحلة بالعراقية ومذهبه فيها يدعى بالقديم . عدداً من d
وامتدت اقامة الشافعي في بغداد عامين ، وعاد بعدها الى مكة زائراً ثم رجع الى بغداد حيث أمضى عاماً واحداً هناك ، ثم يمم شطر مصر ، وفي مصر أمضى الشافعي بقية حياته ، والمرحلة المصرية هي المرحلة الثانية في تاريخ مذهبه ، ، ومذهبه فيها يدعي بالجديد ، وهنا ه - مائة أوائل
لابد من سؤال هو : ما الذي دفع الشافعي الى ترك بغداد والذهاب الى مصر .
تقتضي الاجابة على هذا السؤال استعراض لبعض الجوانب من مراحل تاريخ الاسلام منذ قيام الفتوحات الاسلامية الكبرى وتأسيس الدولة العربية العظمى ، ذلك أن الاسلام الذي انتصر في ميادين القتال ضد الفرس وبيزنطه وسواهما لم يهزم جيوش هذه الدول فقط لكنه هزم أيضاً عقائدها ودياناتها ونظمها وتراثها - لان الاسلام يجب ما قبله - ولم ترم القوى المهزومة السلاح ، بل تابعت صراعها ضد الاسلام ، بمختلف الطرق والوسائل والأسلحة ، واستهدفت ازالة الاسلام من الوجود واجتثاث أصوله ، او كما قال الأوائل و استهدفت تعطيل الشريعة » .
النفاق مع مع مع وفي مجالات العقائد يمكن ان نقول ان اهم القوى التي وقفت في وجه الاسلام : الديانات الكتابية وشبه الكتابية ، والعقائد ذات الارتباط بالعقل او النابعة مما يعرف بتراث الفلسفة ، ومعروف ان الاسلام خاض معاركه الاولى في المدينة - الباطنية - ومع اليهودية، ثم استمر وكانت معاركه المسيحية أقل حدة انئذ ، لكن بعد الفتوحات اشتد أوار المعارك النصرانية ، لانها كانت المتضرر الاكبر من الفتوحات حيث فقدت فلسطين مهد الديانة مع بقية اجزاء بلاد الشام ، ومصــــــر والشمال الافريقي وجزائر البحر المتوسط ثم الاندلس ، وبنفس درجة المسيحية او اشد تضرر كل من الزرادشتية التي سارت الى الهاوية وكذلك المنانية وغيرها .
وفي نفس الوقت دخل الاسلام في معارك جديدة كانت ضد الغنوصية وتراث الفلسفة ، وكانت بدايات هذه المعارك ما تعلق بقضايا القول بالقدر وما لف لفها ، وعلى العموم نلاحظ ان الديانات البائدة حين صارعت
[ATTACH=JSON]n72467[/ATTACH] [ATTACH=JSON]n72468[/ATTACH] [ATTACH=JSON]n72469[/ATTACH] [ATTACH=JSON]n72470[/ATTACH] [ATTACH=JSON]n72471[/ATTACH]
تعليق