تويت
Aboud Salman
١٣ يوليو ٢٠٢١ ·
عمق التصوير التشكيلي عند الفنان العالمي المغربي ادريس بنادي
ان الدخول في عالم الفنان التشكيلي المغربي ادريس بنادي Driss Banadi يحتاج الى معايير نقدية اخرى . في سروريته لمنهجه التجريبي . حيث تمدك خواص فنه. في نقلة نوعية . تعج في عناصره التشكيلية . التي تنهل من عوالمه الابداعية . فمن منتهى الرمزية . وواقعيتها . لسورياليتها الغارقة . بالايحاء لذاته المبدعة . ظل الفنان في مثالية الفن . ينهل من معين جمال واقعه المعاش . مابين سمات الجمال والاجلال . وشكل اليـس والخراب الشامل . الذي خلفته الحروب في كل الدورب . بدا من تاريخية الحرب العالمية الاولى وحتى اخر حرائق الربيع الاسود في الشرق ودول افريقيا . وماتبعها من اوهام ولدت من اصلا هذا الخراب والرماد . الذي حاصر قيم الانسان . ومبادئه . فظهرت شكل ملامح السخرية في اعماله الفنية . التي تعبر في مجمل عناصر تكوينها عن حجم الفوضى الشاملة لهذا الخراب الملعون . الذي وسمه الفنان المغربي العالمي ( الكوني ) في مكامن محاولته اكتشاف في داخل العقل اللاواعي . لتظهر في اعماق شخوصه المرسومة . وذلك من خلال ملامحها . فرويدية خاصة به . بطلها الانسان الموسوم فنيا . ووحشية الانسان ضد اخيه الانسان . في كونية غير عادلة . تنهل من بواعث العنف . كل هيولها انفجارات الثورة على الواقع المتردي . الذي سكن بواطن ذهنية الفنان ادريس . وجعلت من ملامحها . ومعالمها . وحدودها . تشكليا ولونيا . فضاءاته في صياغاته الغير منطقية التي يرسم بها عناصره التشكيلية . وفق اشكال غير طبعية . غير منطقة . وكان تعاليم ( اندريه بريتون ) قد نامت في وسادته . المتفجرة في اتجاهات شتى . لاتعرف للاستقرار . وطن الاستقرار في عقل المشاهد ( المتلقي ) الذي يجد نفسه . نائها هو الاخر . وضائعا . في عوالم لوحات الفنان ادريس التي جلها تحاول تحريك قيمها الابداعية . والتقنية . في ابعادها الفلسفية . ليكون الواقع المعاش . وخصوصية الفنان الذاتية . التي شكلت له مصدر الهامه في مسيرته الفنية الطويلة . وهو الفنان المتجذر في مخيلته . في بداهة شعبية . وحضارته الانسانية . المنتمية الى جذره الانسان . في لبوس اصالته . وفراسته . وثقافته . في مقدرته الفنية العالية . التي يتفوق فيها على لدن الكثيرون . من فناني هذا الاتجاه السريالي . المتيايفيزقي . تارك للتاريخ ان يحكي عنه . وعن ابداعه في تجربته . وهو الخجول في بيارق الضوء . المنتمي باخلاص فقط الى عائلته الكريمة في شخوص عوالمه . في الوان لوحاته المثيرة ( القليلة ) القليلة الكثيرة . في ديمومتها وملامحها . وفق دلالاتها الموحية . حيث ارتكز على البعد الانساني في مجموعاته الفنية . وهو الذي يرسم في تفكير ياخذ قوام البعد الانساني عوالمه . ويستمد من ذاكرته . حبلا تواصليا . زاخرا في عبق الزمكان . وفق اجواءه الحالمة بالكثير من التخيل الاندهاش والتساؤل . والاجواء الغير مالوفة . حيث هو الفنان المغربي العالمي المليء بالخصوصية والاستثناء . وهو الفنان الذي يبعث في شخوص انسانه المرسوم . استطالات الحجوم والاجسام . وفق اطوال غير اعتيادية . واستثنائية . تكون هي المنهجية الخاصة فيه . وتكون جماليات تجربته الفنية التي اسقط فيها . مبدا الخروج عن القاعدة . ليكون استثناء . وغير متداول في ذاتية تفكيره . والوانه . في فضاءات تجربته الحرئية . المحفوفة بالمخاطر والمنزلقات . في تآخي فني فلسفي له ديمومته في معاييره الخاصة في اجواء لوحته . ذات البعد الرمزي في قيمة الموقف . وهي المحملة في نزق صاحبها . سويالي الروح في بناءها منذ اللحظة الاولى . وحتى في فكرة لوحته الاخرى . المتوالدة معه . او فيه . لتكون في النهاية هي عجينة اللون والاشكال والهيئات . والبشر والحيوانات التي اعترها التشويه والتفسخ . والخراب . والدمار النفسي . من الداخل . فصنع منها . مسوخ مصنوعة بفرشاته . الماهرة . وهي تنساب في مخاليق جرداء . وكائنات هلامية . لاوجود لها . الا في كنف المنغصات الداخلية ( المتخيلة ) لتسكن واقع المسطح التصويري . وينساب ببط شديد . على مستقبليية الوانه الاساسية . كابين الرمادي والازرق . والاصفر . والابيض والاسود . ليكون في عوالمه . اضافة اخرى . لاتجاهات الحركية الذاتية . في طريقة ابداعه الواعي . لشخصياته التي تحرك سكان لوحته الاخيرة . بخيالات سرياليته المجنونة . كما فعل من قبله سلفادور دالي الاسباني . ورينيه مارغريت البلجيكي . ودي كيريكو وجيورجيو د وشريكو الايطالي . و ماكس ارنست الالماني . وانريه الفرنسي . واخرون .
ليبقى الفنان ادريس بنادي هو نسيج نفسه وبيئته . والوانه التي يغرفها من فراغ هذا العالم العميق . في تناقضاته . وزحمه نتائج ابادة البشر . وجمعية العقل المتحجر في كومة الحياة اليومية . التي تسحق الناس ( البسطاء ) في ارتجالات الحياة . بكوابيسها ومنغصاتها . وصورها الملئية بالرهبة والدهشة . والادراك المفاجىء للاهمية . مع شدة الحاجة للحجم المهول . للضياع والضرورات الحتمية لاعادة النظر في كل شيء . معاش يداهمنا . ويقتلنا من جديد . ليدهشنا . ويزعجنا . بعوالم خفية وباطنية . تظهرها ريشة الفنان العالمي المغربي ادريس بنادي . الذي ارتبط في نفسه في مئات التفاصيل والاشياء . التي تحتل انسان حياتنا المقهور . وهو الفنان المناضل لصالح قضية انسانية الانسان . في كل مكان . ومن فرط ابعاد الواقع . رسم الرهبة . في قمة احاسيسه . ليقول لنا عن ثمة احساس مالوف . ومرفوض في الشيء ذاته . وفي كنف الغموض . هناك خفايا مرايا البوح . الذي هو يرسمها . بفوارقها . وروابطها . واشياءها . وعلائقها . التي هي اكثر سريالية . من سريالية استحضاراتها من وراء العقل والخيال والمنطق والاحلام . واللاشعور . واللاوعي . انه يرى الجمال الخفي . في حين نحن نرى الاحتمال . واللون . والاشكال والحجوم . فقط . وهو من يكوم الالم . اضواء كهربائية ممغنطة في حركة لدائنه . لتفسراته الرمزية . مابين قيمة الانسان والارض . وشكل المحتوى العاطفي للمحن اليومية . لهذا يظل هو يدعو الى تحرر انسانية الانسان في اعماله . وحياته .
.................................................. ....................
قراءة نقدية : عبود سلمان العلي العبيد / كندا