Aboud Salman
١٣ يوليو ٢٠٢١ ·
يوسف الشريف
الفنان التشكيلي العربي القطري الراحل وهو الرائد بتحدي الاتجاه المعاكس للفن .
قراءة نقدية : عبود سلمان العلي العبيد / سوريا
يا فقراء العالم في الخليج العربي . تعالوا نسرق وجه الحب والتعب . كي نزرع الورد. والجمال . لفقراء الوطن العربي الموجوعين . حينما نحمل ذكرى رحيل الفنان التشكيلي العربي القطري ( يوسف الشريف ) الذي رسم ليل عذابات العمال . وصورة الشعب الفقير . حيث ساحات الظفر المشهودة . زمن مزروع بالمرارة والنخيل . وطعم الثورة بالفن . حينما يرسم الفنان المصور . واقعية ألم العمال الأسيويين . والخدم . وكل من يلتزمون بالصمت . ضد واقعية لحظات الانتظار المجنونة . كي تتسرب روح الأشياء . في كف الأمل المقتول . حيث أحلام الجوعى . فرمانات إسرار الإبداع . لوجوه من رسمهم الفنان التشكيلي ( يوسف الشريف ) ( رحمه الله ) حيث جمع وجه الريح . ووجع طعم الدمعة . في قبة الأحزان السوداء . كي ينادي في مهمة دور وظيفة الفن . لصالح كل الناس . في شكل رسم أجساد الفقراء . بما تعصف . من هموم . ودموع . وجراحات . وفن للبكاء . والحروف العنيدة . في الحسرة الباهتة . في جمرة الوجد . وهو الذي قدم نفسه رسام لعمال السوق الشعبي . في أهم أعماله ( استراحة الحمال ) و ( التحدي ) فكان الواقعي الذي تناول موضوعات البيئة الشعبية . في حياة الدوحة القديمة . والحديثة . راسم من أفق العلاقات الإنسانية . شكل حياة الخليج العربي . بكل ما يحفل من متناقضات . و استهلالات . وسجاجيد واقع مزخرف . قد لا يفصح عن محتوى الواقع . إلا ابن البلد . ورسام روح البلد . بعين ملتزمة بمحيطها . بعيدا عن مزركشات الواقع المزيف . والكاذب . حيث هناك المثيرون من ملمعين الحياة . الاستهلاكية . انتهازيون علم التكسب . والمنافقين في حتى علوم الجمال . لأنهم من المرتزقة وفقراء الموهبة . والمتكسبين من عرب الخليج . حينما تغص دول الخليج العربي بهؤلاء . وتزدهي بتجارة الفن الرخيص . ويموت الفن النقي . لان خصائص فن الإبداع هناك . يجب أن يكون على مقاس أهل البشوت وأصحاب السمو الأمراء . ومن هنا أولى عتبات سقوط الفن التشكيلي بالخليج العربي . حيث الفن مفصل على مقاس . سياسة البلاد الخليجية . ومن يرسمون بالتمجيد أصحاب الكروش والبطون والعقول الفارغة . ولهذا جاءت محاربة هذه الأفاق . ساحة معركة حقيقة . حمراء الآفاق والألوان والاتجاهات . وكأنه الاتجاه المعاكس . ومن ينحو في هذا الاتجاه . عليه الرحيل . حتى لو كان من أبناء هذه الدول الخليجية . التي يتحكم بها مال البتر ودولار . ومال النفط . الذي يسخر ضد إنسانية الإنسان . ومواقفه الوطنية . والقومية . والإنسانية . وفنانا الشريف يوسف الشريف . احد إبطال هذا الاتجاه الإبداعي والإنساني . وهو بدوره الإبداعي شكل بدوره الدور التأسيسي الجمالي . في عمق بناءات الحركة الفنية التشكيلية القطرية . ومعه كوكبة من المبدعين الفنانين التشكيليين القطريين ( جاسم محمد زيني و يوسف أحمد و محمد علي الكواري و سلطان السليطي و سلطان الغانم و حسن عبدالرحمن الملا و وفيقة سلطان و عيسى ماجد الغانم و يوسف الشريف و أحمد السبيعي و محمد علي عبدالله و عبدالله دسمال الكواري و سلمان المالك و محمد جاسم الجيدة و ماجد المسلماني و علي الشريف و سيف الكواري و فرج دهام) حيث يظهر جليا دور الفنان التشكيلي يوسف الشريف فيه كعضو مؤسس مما أضاف الكثير من شخصيته وحضوره وفنه . ولا أحد ينكر أن يوسف الشريف وضع لبنة في الفن التشكيلي وكان له حضوره.. حيث يبقى مع الزمن . واحد من المؤسسين الذين وقعوا بيان تأسيس الجمعية القطرية للفنون التشكيلية. وقد كتب عنه في كتاب : بحث في الواقعية ( يوسف الشريف ) ( 1958 – 1987) للمؤلف الناقد العربي العراقي ( شاكر لعيبي ) وتم تسمية إحدى قاعات المركز الشبابي بقطر باسمه . ومن سيرته مع محيطه لا ينسى الذين عرفوه انه كان قريبا من الجميع وأنيسا وخفيف الظل. حينما سلط بالضوء والفن والإبداعي والرسم . على حياة البسطاء والفقراء والعمال المسحوقين بتعب اليوم الواحد . وهالات عرق الأجساد المتعبة . حيث يخدم الإنسان . في شروط عمل لا إنسانية . قاهرة . فقط من اجل تمجيد سياسة الأمر الواقع . وحكم عجلة الزمن والأيام . لأناس بسطاء وفقراء . وعبيد الزمن الضائع . في ظل حقبة العولمة . والقرن الواحد والعشرين . فتخيلوا . كيف انحاز هذا الفنان المناضل بفنه وحياته وفكره . إلى روح من يعلمون ليلا ونهار . في السوق والبحر والبيوت والصحراء . والواحات . والهجر . وأعشاش مدن الصفيح اللاهب . ومن يتكسبون لقمة حياة أطفالهم . من صيد السمك واللؤلؤ . والرعي بالغنم والإبل والماعز . و المؤانى والمستعمرات الصناعية النفطية . التي لازالت تحت رحمة الاحتلال الأجنبي . بصور مختلفة . وأعلام مختلفة . ووجوه مختلفة . وادعاءات مختلفة . وأفكار مختلفة . وحجج مختلفة . كلها تصب لصالح العداوة ضد إنسانية الإنسان . ونحو تجويع الفقراء . وإثراء الأسياد والأمراء . والعملاء . من يبيعون الأرض والسماء . بدون كبرياء . لان العهر في زمن الطوفان . صحراء للتعري . في كل الدروب العربية . ولان عتمة ليل التعساء . في أغاني الحلم العريان . هي دنيا الخطايا . في لغة الرعد الملعون . كي لا تحمل النخلة ظل الفرح المنشود . ولكن أمام لون الدمع وخبز الفقراء . وطعم القرفة والبخور. وهموم الأشقياء . في جذور العمر . في صحاري القهر . يأتي روح الحلم الذابل . ميلادا جديدا . في سر عذابات ليل النهارات المشمشة . لهذا ينادي الفنان بألوان الإنسان . و أنسام وشوشات البحر . في أغصان أثواب الجمال . ومنه بعض البورتريهات التي صورها الفنان الشريف . في تكوينات لوحاته . ذات السمة الواقعية . المحملة بدلالات رمزية . قوامها البيئة القطرية الإنسانية . والشعبية . حيث قضايا المجتمع الإنساني . وللفن وجهه النضالي . الذي يمس مشروعية حلم الفنان / الإنسان . في مضمون فلسفة تزيده قوة . وثبات . بروح الفكر المتبصر . والطليعي . رافض النظرة البورجوازية . في دور الفن . عندما يستخدمها الفنان كي يرضي نرجسيته المريضة . لهذا جاءت حالات الفنان التشكيلي المصور العربي القطري ( يوسف الشريف ) مثيرة للدهشة والإبداع . بأنموذج ايجابي لحياة المجتمع . والناس . عندما التزم الفنان الشريف بهموم المجتمع وقضاياه . وصار الفن التشكيلي . في روح إعماله . عمق الروح الواقعية الطليعية . كي يدلل على دلالته الحضارية . وقدرة الفن التشكيلي على التغيير الاجتماعي . وذلك عندما اتجه الى قراءة الوجع الإنساني بروح الفلسفة الواقعية المسربلة بهمسات السريالية . الواقعية . فقد كان أنسانا متوازنا وهادئا، على الصعيد الشخصي، وهذا ما يضيف إلى مزاياه . انه صاحب جلد ومثابرة، وملتزما بالفن الواقعي، ومندفعا نحو فنه حتى في أثناء محنته. كما أن الشريف خرج بعد نجاحه الواقعي إلى منطقة سريالية.. كما في لوحة الاتجاه المعاكس، التي تشتمل على مطلع منزل وسكير وشاة تصعد السلم، وغير ذلك من التوجهات التي عكست فضلا عن قدرته الفنية رغبته في مواصلة فتح نوافذ جديدة على التشكيل، لكن الموت كان له شأن آخر. وهذا ما سعى له الفنان بنقده الإبداعي التشكيلي . ورسم المسكوت عنه في حياة الشعوب العربية الخليجية . التي تدعي التحريم . و تؤطر إنسانية الإنسان . باد لجة مفصلة على مقاس حكامها وملوكها وأمرائها . الذي يجيزون لهم أدعياء المشيخة الإسلامية . الرابشين على الفكر الإسلامي . ليمنح أصحاب السمو كل فتاوي الإباحية والشذوذ . ويحرم على فقراء الشعب الفقير . وكأنهم حفنة عبيد . وخدم وعمال . متناسين أن الواقع يفضح الكثير . وهناك الكثيرون من عباقرة الرأي والرأي الآخر . من أبناء الخليج . قد قتل وهجر وعذب وطرد . وشرد في فيافي المدن العربية والعالمية . ومنهم من لازال تضج به السجون الصحراوية .أو داخل جزر بالبحر . كي تبتلعهم الأسماك الكاسرة . بلا رحمة و لا حول و لا قوة . حيث لا احد يصرخ عليهم . ولا احد يطالب بحقوق إنسانيتهم . طالما الإنسان هناك ارخص الأشياء . وهيهات من يعلو صوته وإبداعه . خارج سلطة الاخوانيات وشلل منح وتراخيص السيد الرئيس وصاحب السمو . أو لم يقدم قرابين الطاعة والولاء . وخرج عن الملة والأمة . السيف ووجه السياف الأسود بانتظاره وهيهات في حرب خاسرة . لمن يملكون كل شيء . بما فيهم التراب والهواء والأعلام والمال سلطة القبائل والعشائر . ودواليك من معطيات زمن العهر السياسي . لهذا كان الفنان الشريف ( من أوائل المناضلين التشكيليين الرسامين الخليجيين ) الذين رسموا بإبداعهم وقائع المدن المالحة . في مدن الملح . وحارب بفنه وحياته . عبر مسيرته عمره الزمني القصير . إلى تجسيده في فنه وموضوعاته . في روح المستوى والتقنية والموضوع . وجمال طرحه . في تجلياته . في حالاته الإبداعية . حيث مجالات تنويع بناءاته التعبيرية . الواقعية . عندما يميل بروح أسلوبيته إلى محاولة توصيف وتوظيف الواقع المحيط . لأنها الذائقة الفنية . والجمالية . للبيئة القطرية . وهو من رسم بحس إبداعي . لا يضاهى . ففي أي لوحة للفنان الراحل كانت تعني له . أن هناك . تكلفة كبيرة من السعي لملاقاة الناس . ومعايشتهم . عن كثب . وتفحص . و منذ أن رسم الغوص . وما اشتمل عليه من معايشة مع ( الشياب ) ( كبار السن ) كما هي الحال مع صنوف الحياة التقليدية الأخرى. التي كان أبطال مسرحها العمال والحمالين . وحتى آخر رسم أعماله قبل رحيله .كما في لوحة (التحدي) والتي أنجزها في مرحلة صعبة من مرضه . وصارت إيقونة مسيرته . ولوحته الخالدة . في عمر التجربة والفن والمسيرة الإبداعية له . والتي أنجزها في ضوء علاقة مباشرة مع أحد الغواصين . ورسمه بمستوى فني بديع. لا يوصف . يمثل روح عمر التحدي مع الزمان والمكان والإنسان . ولوحة «التحدي» كانت للفنان الراحل ( يوسف الشريف ) لوحة مختلفة بكل المقاييس . لارتباطها بمأساته . وخصوصا أن التحدي كان ضد مرض فاتك . ولكي نستضيء في جوانب البورتريه الشخصي للفنان الراحل . يتحدث ( نجل الراحل ) الذي قال عن ألم ما حملته الأيام الأخيرة . من حياة الشريف في امتحاناتها . حيث هو الابن الأكبر محمد يوسف الشريف الذي قال: ( تعلم والدي الرسم في مرحلة صعبة، وكان عصامي علم نفسه بنفسه . وكان موهوبا منذ الصغر . وبالمدرسية كان يحرص على إصدار مجلة الحائط المدرسية . بمدرسة الصناعة . وكان مولع بإخراجها بالرسم الواقعي . كي تكون محبب لعين المتلقي والمتابعين . وكان تفكيره بالناس لا يتوقف . منذ كان صغيرا . وبين اقرأنه . كانوا يلاحظون هذا . وكان الفنان التشكيلي القطري ( فرج الدهام ) يتذكر هذا عنه . ويحدثنا عنه . كما حدثنا الراحل . وكان جدي كان يلح عليه أن يكمل الدراسة لكنه رفض . وكان يهرب من المدرسة . وحين فاجأ جدي برسوماته . أعجب بها . ومما يعرفه محمد من سيرة والده الراحل . انه تجمعت لديه . بكثير من المرويات . والصور. والإحداث والمناسبات . وكان يوسف الشريف كان محبا للتصوير الفوتوغرافي . ورفيقا للبحر . الذي سيعود منه ذات يوم . ويكتشف تراكما ملحيا في إذنه أدى إلى عطبها . لتبدأ مرحلة تفشي المرض إلى العنق . وأخيرا إلى الدماغ. وفي مرحلة تطور فيها المرض . قال لنا الطبيب البريطاني الذي اشرف على علاجه : إن هناك إمكانية لأن يعيش ولكنه سيعيش معاقا نتيجة استئصال جزء من الدماغ. . ) وكان ( يوسف الشريف ) مؤمنا بقدرة الفن على الحياة . وهو بالتأكيد صاحب مشروع تنامى . ولم يهمل . فلوحة التحدي هي إيقونة ( يوسف الشريف ) والقراءة للوحة الشريف موحية، ولوحاته تجاوزت التسجيلية الجافة . التي تعني رسم الجمل . أو الناقة . أو الصياد . إلى روح اللحظة والموقف . وعمق كل الإشارات و الدلالات . فكان يسترسل في أفكاره بصوت عال . قبل أن يحقق مشروعه . ويقوم بدراسة البيئة المحيطة . وبشكل تفصيلي مدروس . وهو بها يشكل ريادية بدوره. حيث شكل هذا الفنان التشكيلي العربي القطري . الذي غادرنا على غفلة من الزمن . بيوم السبت الثالث من يناير لعام 1987م . ليكتب بحضوره الإبداعي والإنساني . أسطورة فنان تشكيلي عربي خليجي . رفض دور الفن لصالح النخب البرجوازية . المتعفنة برطوبة الأفكار والأشخاص . حيث كان يعلن (( انزعاجه من إقامة معارضه . في صالات فندقية . حيث لم تكن في قطر صالات عرض )) وكان مولع بالسفر وكان دائما يبحث ولا يستقر . وكان مواظبا على مشروعه الفني . وأينما حل يستثمر. وجوده في أغناء روح الصورة أو اللوحة . التي يشرع . أو سيشرع في بنائها.. ويرفض العبثية في الفن . تحت ادعاء تجارب حداثية . دون الرسم أولا . بواقعية أولى . لتجسد مهارة الفنان وموهبته . وتمكنه . وأصالته . وكان يرفض بشكل قطعي صور التجريدات العبثية . لأنها لا تعبر عن الناس . ولأتحقق أحلامهم وتطلعاتهم .حينما يردد قائلا (( فكان يداعبنا: ماذا تخربطون؟...)) حيث عاش الفنان يوسف الشريف رغم مقولته الجارحة ( أن الفنان يحتفي به بعد موته ) فمتابعو تجربته صدقوا مقولته الثانية التي همس بها لزوجته قبل رحيله المؤسف عن 29 عاما حين قال لها(( أن هذه،وأشار إلى لوحة «التحدي»، هي التي ستحييني. )) وفي كل يوم يتجدد على رحيل يوسف الشريف أيام . أو أكثر . ففي الثالث من يناير 1987، هبط الفنان عن آخر سرير . رقد فيه إبان رحلته الطويلة مع السرطان . وقد وصف ( محمد هديب ) حياة الفنان بأنها كانت كافية لتعلن ولادته مؤسسا أساسيا في المشهد التشكيلي القطري، وصاحب مشروع واضح ومتمكن ومنتم لطريقة في التعبير الفني لم تركن إلى التسجيل الكربوني للمكونات المحلية التي عشقها، وإنما كان يلتقط اللحظة والموقف، والرؤية لتصبح لديه سيرة للمكان حتى لو كان فارغا من الجموع والفرد. فالعمارة التي أنس إليها يوسف الشريف هي جدران أسواق وفرجان ومجالس تعكس روحا شفيفة، محاورة بسلام، ومكتشفة في درجات الضوء، واللون، دافعية التأمل، قبل أن تحال على التوثيق. يوسف الشريف لم يقدم سجلات مسحية، وإنما توادد مع المكان، وهذا في الطابع العام الذي طبع تجربته، بيد أن سنينه القليلة التي عاشها حملت أيضا بذرات تجريبية في بعض المنحوتات .)) وكانت له تجربة محدودة في النحت ومنها تجربة «دهن العود» وهو عمل بارتفاع 60 سم، وفيها صور فيها ( نقطة زيت ) شكلها متعدد الإيحاءات، ويرصد تشكيلات حركية في نقطة. وله بها معاني شتى . و«من أعماق البحار»، لكن هذا القلق الإبداعي لم يستكمل إزهاره وترك ميراثا يشير إليه ويترك للمشاهد أن يكمل سيرة تزداد أثرا مع مرورها الكريم.. المرور الذي شكل الموت فيها جملة اعتراضية لا تستنفد الجمال وإنما تكمله . فصارت إعماله مرحلة أبداعية . تقدمية . في منحى بناءات تجربته التشكيلية . التي لمعت في سماء الحركة الفنية التشكيلية العربية الخليجية القطرية . لتكون بفعل البروق والشهب النادرة . والتي خطفت العيون العاشقة . بلمح البصر . والفكر . فصارت في حيز التاريخ الإنساني والإبداعي القطري . التجربة الفنية التشكيلية الرائدة المتفردة . في روح إبداع الخليج العربي . وإحدى أهم التجارب التشكيلية القطرية . لأنه أحد فرسان الجيل الأول في الحركة الفنية التشكيلية القطرية المعاصرة . الذي لم يمهله القدر كثيرا . حين توفي وهو في التاسعة والعشرين . وكان في مراحل نمو الإبداعي الجمالي . التشكيلي . في عمق بناءات المرحلة الأولى . لبناء تجربته الفنية التشكيلية الإبداعية . وبالرغم من رحيله المبكر وإعماله الفنية القليلة . الخمسون لوحة فقط . إلا انه ترك بصمة لا تنس . في روح التجربة الفنية التشكيلية القطرية . ومن الصعب أن تمحى أو تنسى . لان موهبته الصادقة . والتي اتسمت بالروح الصادقة . وبالهموم اليومية . وبإحساس صادق ونبيل لذاتية الفنان الانفعالية . حيث تظهر محددات قيمه اللونية . في مداها التصويري الواقعي والتأثيري التعبيري . والانطباعي . الإيقاعي . في حرارة الرسم واللون بها . وهو الذي خبر سطح العمل الفني . لقماشه اللوحة . وبطريقة ذكية . أنشى عوالمه التصويرية . بحلوله الفنية . حيث أظهر نمطية عشقه للزمان والمكان . فصارت في روح الأوضاع العامة لشخصياته المرسومة . جماليات حرارة الشمس . في روح أطياف ألوانه . التي يحتشد بها الإحساس . بروح المشاهد الضمنية بفكرة التنوع والوحدة . وعبر روح التلاصق بين روح فكرة تصاويره . الإنسانية والمعمارية . راسم بمواد إبداعه التصويرية . والتشكيلية . روحية التآلف البصري . لعناصره التشخيصية . حيث النظرة التأملية الفاحصة لروح أداءه الفني والتقني الإبداعي . عندما يتخذ من حياة معاناة الناس والبسطاء والكادحين والمقاهي الشعبية. وعمال المياومة . بمواسم العمر والصيد والفلاحة والتعب . حيث حقيقة زخم الواقع . وهموم العامة . ومشكلاتهم . باعتبارهم شواهد على عصره . وفي لغة بصرية تصويرية . مبدعة . يحاول كشف حقيقة روح الأشياء . المخبؤءة بمدلولات فنان انغمس بتعبيريته الواقعية . كي يمثل في ذاته انعكاس لحالة إنسانية . متجذرة في أعماقه القلقة . وخاصة وانه كان يصارع المرض . كي يطرد بقايا الوقت الضائع . من زمن أقدارنا المحكومة . بالأمل . ولهذا ارتحل في نوع من التآلف البصري. والتمازج الفكري . حيث إنسانية المنجز الإبداعي . وروح الفنان المتوحد بصوفية . قدرية . مع روح اللمسات . و التدرجات . والتوافق التصويري واللوني . حيث التوافق اللوني مليئة بالجرأة والتحدي والتمرس الإبداعي . مع سيكولوجيا إبداعه . في ضربات فرشاته التي تظهر جماليات دقة أداءه بحدة تمثيله الدرامي . لأسلوبية فن الرسم الدقيق . في مشخص روح الفنان المقاومة . حيث تكمن قوى الشعور الداخلي . كحالة من حالات الاندماج الكلي . مع روح استلهام ذاكرة الإنسان والمكان . كي يرسم روح المساحة والبيئة المكانية . بادراك نتاجاته الفنية التصويرية . المرسومة . بمشتقات محتوى تفكيره الإبداعي . حيث رسم حميمية الإبعاد الإنسانية . في لوحاته . وربطها بقواسم مشتركة لكل ما هو في نوازعه الذاتية . معبرا عن حالات روح التجليات . لتحولات المكان والكائن . في فلسفات معرفته المختزلة . لأعماق وعيه الداخلي . عندما يشكل الوعي الإنساني . روحانية حالة الالتحام بالمكان والزمان . وارض وطنه . في قضايا أرضه . في جمالياته المختزلة . لقضايا الانعتاق والحرية . في محددات سماته . لخياله التصويري . لجماليات الرؤية الإنسانية . في روح التأملات البصرية . التي سكنها بكامل حريته . وإنسانيته . ومسيرته . وفنه . وأفكاره . وبحس بدائي ومخزون ذاكرة كبرى عن المكان وإبطاله . سكب روحية ترجماته الانفعالية . حين اعتمر برموز الواقع وشخوصه. وإحداثه ومكوناته في عوالمه . التي جاءت معه كنتاج طبيعي ومنطقي . لتجربته . في روح التكوين الفني . لعوالمه . حيث جسد المزيد من الترميز . في منتجه الفني الإبداعي . فسجل عالم مليء بالإسرار الجمالية . وكتب في لوحاته الكثير من أقاصيص الحكايات الشعبية . في الفريج والدواوين و المضافات . وعمائر الجص . والقش . والخشب . حيث تميزت لوحاته بدقة التصوير وبروز العلاقة بين الفنان والمكان المختزن في أعماق ذاكرته حتى بعدما انتقل في أخريات حياته من طور المباشرة والتفاصيل الواقعية إلى طور الرمزية لم يتخلى عن عشقه للمكان بخاصة الأماكن التراثية القديمة التي يفوح منها عبق الماضي. .و برمل شواطئ البحر . ولهذا تخضبت اتجاهاته التعبيرية الواقعية الرمزية إلى روح الصرامة التقليدية . لمقاييس منهجيته التصويرية الشكلانية . حيث إبداع في روح الواقعية السحرية . وهو المشحون بتحدي الذات . والوقت . والحب . راسم في خلاصة تجاربه الفنية . لا تقليدية . بروح المحاكاة . كأنموذج مسبق الإحساس والصنع . ولكن بحيوية روح دراماتيكية مكونات بناءاته لعوالم فرادته في لحمة مجاله الحيوي . للصياغة . رسم حرارة الإحساس التصويري . يتوزع منطقي . مداه التعبير والقيم اللونية . وقصديه ذاتية ارتباطه بالهموم الإنسانية . حيث الإنسان مكون أساسي في عموم لوحاته الإبداعية . وروح المكان والزمان . ولهذا تتوزع نظم لقطاته التصويرية الواقعية المرسومة . وكأنها الواقعية والنسب . التي ترتسم رموزها في روح تكرارية عناصره المحببة . لهذا يتضح مدى الالتحام ألحميمي . مابين روح العلائق الطبيعية . لمكونات إنسانه . وألوانه . وطبيعة دلالاته الجمالية المتأصلة بروح ميثولوجيا الأسطورة الإنسانية . حيث تقاسيم الروح العاشقة . تستحيل الواقع إلى تجانس إيقاعي . حركي . له كامل السمات الإبداعية المتحررة من قيود الأحاسيس المصادرة . تحت يافطة الفن السياحي . وخارطة ضياع الفنون التشكيلية . المأزومة بالتراث والهوية . في واقعية الفن التشكيلي العربي . لجغرافية التذوق الجمالي . ومن يسيء إلى هذه السمات . بدعوى الفهم الخطأ . لفنون ارتباط التصوير الفني التشكيلي . وفي محاولة لتلمس القضايا الكبيرة . جاءت درامية روح الرمز والإشارة . في عوالم جماليات تجربة الفنان التشكيلي الراحل ( يوسف الشريف ) وهو الذي كان عشق جمال البيئة في الفن . وكان امتشاق خصائص فن الإنسان . في تسامي جمال الإنسان . باسطورة المكان . حيث خاطب بفعله الإبداعي . كل الناس . من جمال روح الهم الإنساني . حين جمع الحداثة والموضوع التراثي البيئي . في روح إبداعه . وهو من مؤسسين الحركة التشكيلية في قطر . وكي يكون الإبداع الشعبي في الفن أنساني لا غير . وهذا ما كان ينبض به نبض ألوانه و تصاويريه لنبض الشرق الواقعي والحكائي . حيث الفطرة مكونات سرية . لان الفن رسالة يؤديها الفنان لمجتمعه. وما ينقله إليه من أفكار . واستغلال البيئة المحلية في توصيل الفكرة إليه . ويسخر جميع إمكانيته . ما تحمله ريشته ومخيلته وأحاسيسه في خدمه شعبه ووطنه. وبجهود فردية . تشبه أمواج البحر وشمس النهار . رسم عميق روح الأمواج المتلاطمة . كي يكون النهار . بحر وصحراء . ورجال سادوا البحر . وركبوه أجيالا متعددة . ليكون في أساطير الشعوب . وجه عمر الحب . في روح كل الفاتحين . حيث الأمس واليوم . والحاضر والماضي . محور إبداعه الخالد . في أبجديات قراءة منجزه الإبداعي الجمالي . رحم الله فقيد الفن التشكيلي العربي الخليجي القطري . واسكنه في فسيح جناته . وسجل أعماله في سجل الخالدين .
..................................................
تعليق