Aboud Salman
١٣ يوليو ٢٠٢١ ·
قراءة نقدية في تجربة الفنان التشكيلي اليمني طلال نجار
..بقلم : الفنان والناقد التشكيلي السوري عبود سلمان
يعد الفنان التشكيلي العربي اليمني طلال النجار . احد عباقرة فن التصوير اليمني المعاصر . وصاحب تجربة الرسم الكلاسيكي الصارمة . المشوبة ببعد نفسي كبير . التي ارتكزت على الوضوح والاتزان والتنظيم . ورسم ضياء اليمن السعيد . في حياة شبه الجزيرة العربية . فقد وضع حدا باسلوبيته الواقعية لتفاصيل الركاكة لفن التصوير العربي المعاصر . وفي مجال الفنون التشكيلية اليمنية المعاصرة . وسخف باطروحاته الجمالية . اصحاب الاهواء التصويرية العبثية الركيكة . وجعلهم في مآزق حرج . ووضع نفسي صعب . اسقطتهم درجات دراساته التصويرية بقلم الرصاص المتفرد به . وكانه بصمة ابدية واسطورية . لعالمه الاثير . والمحبب لنفسه . وهو المتمكن منه ومن باقي استخدامات التقنيات التصويرية الخاماتية في الرسم والتلوين . ومن خلال مشاهد انسانية حية . وهب موهبته لتجسيد نماذج بشرية يمنية وعالمية وانسانية . في حيز اهتماماته وابعاده الجمالية والتشكيلية التصويرية . حيث صور الرجال والنساء والاطفال والبيوت والمناظر الخلوية من اجواء صنعاء القديمة . والحديثة . فظهرت جماليات مهارته الابداعية الخلاقة . وسكب روحه فيها بمزيد من الحركة والتعبيرية والرشاقة ذوالصرامة احيانا . فتجسيد ت ملامح التعب والتاريخ والاصالة في عمق اخاديد وجوه ابطاله المرسومين في روايته التشكيلية . حيث هو سارد تشكيلي وروائي من اليمن العزيز . وفي عواطفه يذوب في سطح قماشة اللوحة . او ملمس سطح اللوحة . ولانه غير محدد بخطوط خارجية عبثية . تراه يذوب في اعماله وينصهر في بوتقة اسلوبيته في مشاهداته الخاصة لحياته في اليمن . وهو الفنان الوافي لتاريخ بلاده . واسطورة شعبه . واصالته العميقة في بعدها الاجتماعي . لهذا ياخذ ميزة الريادة . في صبره . وتحمله رغم فتوة عمره وشبابه في مسيرة ايامه المعاشة . في الكثير من اللوحات الجديرة بالاهتمام والتقدير والدراسة البحثية في النقد التشكيلي الحديث .
ففي اعماله ترى الاسلوب الواقعي قد خلده خيال الفنان في نمنماته الرصاصية وتوناته بتدرجاته الهارمونية والمونوكرامية . وفيها تبرز روح الرومانسية الانسانية . في عبق تصويره لروح الماضي في الحاضر . ومن طبيعية واقعية الحاضر . يغوص في الماضي البعيد . في هيئاته الادمية . مع تفرده الاكيد في الكثير من رسم الاعمال الواقعية التي تحمل الواقعية الطبيعية . بروح كلاسكية جديدة قديمة . قديمة جديدة معاصرة . تعطي لنكهة فن التصوير العربي المعاصر . خصوصية التأثيرية الانطباعية في ملامح ومميزات بتأثيرات الالوان الشرقية الحارة . حيث الالوان اليمنية البيئة تلعب في الشكل والمضمون . لتشكيل بؤرة الضوء في مشاهداته اليومية . في حياة الناس ومعاناتهم وتعاسة ظروفهم . وطرق التعبير عن تراث البشرية . فمن مشاهداته الحياتية التي تؤكد اسلوبيته الفنية . في وجوه اهل اليمن وصنعاء والمكلا ومدن اخرى . الى اجواء اليمن التاريخية وعبق ازياءه والوانه . وجمال عامة الناس . وهو المحاز الى فرشاته الدقيقة في خصوصية قلم الرصاص الذي يراقص احاسيسه ليصنع من لمساته الفنية . المزيد في التيه والغموض رغم واقعية الاشخاص ووقفتهم الاستعدادية . في سرد يومياتهم في مناظرهم الحزين . وهم يحكون قصص اليمن بتاريخه الثقيل . وفق مزايا السحر والتطرف والاساطير والقصص التي اصبحت في ريشته . التي تمتاز بالنظافة والحيوية والظلال العميقة . برسم قوي يوحي اهتمام الفنان بالخيال والعواطف الخاصة به . فجنحت لوحاته الى الغرابة والغموض رغم الوضوح البادي . في صراحة وجوه . تسكن حقيقة اليمن السعيد . بكل تضاريسه وهيئاته واسلحته التي توحي بالحضارة والقدم وتعكس النبل والجمال . والموضوعات المكونة بالابداع الواعي . بصبر وجلد متين . لايضاهيه الا الفنانين العباقرة الرواد على مختلف تاريخ الفنون الانسانية الجميلة . وهنا مكمن روح الفنان المبدع طلال نجار . الذي اوقف كامل تجربته على الانسان وحياة الانسان في مدنه الاثيرة على قلبه . فجاءت اعماله ذات منطق تصويري متفرد . وان يسط الاشكال في رسمه ولكنه عقدها في وجه خصوصيته . وسكب من روحه الخاصة . الرهبة والدهشة والشاعرية المعقدة في عين المتلقي . فاخذه في مسيرة جولة في عالم التصوير الآدمي الى حيث الواقع والمجهول . في مصائر البشر الذي يواكب رسمها وكانها عالم الاحلام المليء بالاشكال والهئيات والمنغصات التي اعتراض التيه والدروب الجبلية الضيقة . وصنع من جماليات الهئية الانسانية قوانين للاحلام الجاهزة والمركبة في قوانين الحلم اللامعقول رغم معقولية مايبدعه على ملامح وجوه ابطاله في اسمى لوحاته المعتادة . من الحياة اليومية . والتي اقتصر بها في العديد على الابيض والاسود والرمادي بها . رغم ملوناته الهامة . في الزمان والمكان والارض والانسان .
فالفنان الرسام البارع طلال نجار يستطيع ان الانسان ان يجد معنى له في لوحته ولكنه ليس له كامل المعنى . لانه يملك من اين يبدأ والى اين يذهب في اللقطة الاخرى . انه يصور المعذبين في الارض . والمحرومين من البهرجة الحركية . ليكتب قصة حياة يمنية . ابطاله الملحميون هم رواية تشكيلية . في زمن الاستغراق في الرمزية اليمنية . وبتقنية الرأس الحاد المدبب بالرصاص يشكل عالمه المتيافيزيقي على عناصر ادمية بايحائية متجذرة الاصول والمنطق والجمال والحجة . ووفق منهجه الفني التجريبي دائما يبدع سيرورية دائمة لبحث ذاته المبدعة وقد رسم الكثير من ذاته في الوجوه والواقع المعاش في اليمن الكبير . بذاتية وخصوصية . ولوحاته نقلة نوعية الى جوار عبد الجبار نعمان وهشام علي وحكيم عامل ونزار مظهر وامنة النصيري وريما قاسم وعلاء الدين البردوني ونبيل قائد وفؤاد الفتيح واخرون .
نشوى الحروف تشرب الدفء من عالم العيون المتورمة ومن جمرة الوجد يزهر الحب في لمساته الابداعية في طلال نجار . لتغني في المهج العاشقة ابواب الحياة بكل تفاصيل الاشكال الادمية . الممزوجة بالتعب والانس وكل البطون التي تلوك الاماني بزيت احتراقها كي تنر الريح الصفير من اعالي الجبال ذكرى ولادتها في شكل الحب القدري في لوحات الطلال نجار . الذي ولد وترعرع في اليمن الكبير ودرس الفن في اهم الاكاديميات السوفيتية ( الروسية ) وتعاليم الواقعية الاشتراكية في اكاديمية الفنون بموسكو بدراية احد استذته ومنهم الروسي الكبير (( تروشف" 1928-2010 )) ليبدع مجاله ويبدع دربه وطريقه نحو النور . محلق كنسر حر لايعرف الا قمم الجبال في اليمن السعيد . يصور بعيون النسر سر عذاباته كفنان وانسان ومابينهما في المكان . لينقش خصوصية توقيعه الفني في شبابيك عمائره اليمنية المعشقة . شمس وضوء ولون وحياة . ومعارض اخرى . كلها تعود بالنفع على خصوصية الفن العربي اليمني المعاصر . تحية التقدير والاحترام والابداع للفنان واهله واحبابه واصدقاءه وكل الشعب اليمني الكبير .