قد يكون الحافز لعضّ المخلوقات اللطيفة أحد طرق التواصل.
في دراسة حديثة، قام الباحثون بإجراء تصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي على النساء اللاتي يشممن الرضّع حديثي الولادة بعفويّة.
تُنشِّط هذه الروائح المناطق المرتبطة بحس المكافأة في الدماغ، نفس المناطق التي تحفّز المتعة من الدوبامين عندما نضع في أيدينا شيئًا من الطعام الذي نحبّه.
سُجِّلَ تأثير عصبي مماثل في دراسة سابقة عندما تنظر النساء إلى صور الأطفال.
هذا البحث يوحي بأن أدمغتنا -إلى حدٍ ما- تستجيب بطريقة موازية عند إدراك شيء لطيف وعند البحث عن الطعام، وربما تجربتنا النفسية في الرغبة في العضّ تنشأ من هذا التداخل الفسيولوجي.
ومع ذلك قد يكون لدينا أسباب أخرى للربط بين الأطفال والعضّ.
قد يكون (العضّ الاجتماعي-social biting) الودود جزءًا من تراثنا التطوري، إذ غالبًا ما تنجذب الرئيسيات لنسل النوع ذاته.
بعض قِردة العالم القديم، على سبيل المثال، كانوا يصطفّون للحصول على فرصة التعامل مع رضيع قردٍ جديد، ومداعبة أنفه (nuzzling) -وهو تحريك الأنف والفم أمام الطفل- كواحد من أكثر أشكال المعاملة شيوعًا.
لا شيء من هذا هو عضّ حقيقي، فعندما يكون حقيقيًا، تتأذى الحيوانات.
ومع ذلك، فالعضّ الزائف، إن جاز التعبير، هو السائد، خاصةً في عضّات المضايقة التي تقوم بها الثدييات لبعضها البعض أثناء اللعب الخشن.
أسباب هذا السلوك ليست واضحة تمامًا. فعندما يعضّ جروٌ يدك بلطف، هل يقوم بتنميّة مهاراته الحركية؟ أم يتدرب على القتال في الحياة الحقيقية؟ أم ينخرط في لعبة ودّية؟
كل هذه التفسيرات هي احتمالات، ولكن المثير للاهتمام هنا هو أن اللعب بالعضّ يحدث عادةً بين الحلفاء الموثوق بهم.
وقد شاهدت عالمة الحيوانات الرئيسية سوزان بيري في قسم الأنثروبولوجيا في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، وزملاؤها، أن قرود الكبوشي يعضّون بعضهم بحذرٍ، فيما يبدو أنها طقوس خاصة بها، فيُدخل أحدهم أصابع الآخر في فمه، لكنهم لا يتسببون على ما يبدو بأي ألمٍ.
يعتقد الباحثون أن القرود قد يختبرون روابطهم الاجتماعية، ويرسلون رسالة مفادها: «أنا جديرٌ بالثقة، يمكنك أن تضع إصبعك في فمي».
لذا فإن العضّ ليس فقط للتغذية أو المهاجمة.
يبدو أن السلوكيات التي تشبه العضّ – كمداعبة الفم أو الأنف والقرص- هي جزء طبيعي من الذخيرة الاجتماعية الودّية للعديد من الثدييات.
أيضًا، بطبيعة الحال، فإن جميع الثدييات تبدأ حياتها كعاضّين متحمسين اجتماعيًّا، لاستخراج الحليب من الحلمات الثديية للأم عن طريق قضمها لأسفل مع فكين بلا أسنان.
بهذه الخلفية التطورية، لا تبدو مداعبة طفلٍ جميلٍ ورائعٍ أمرًا غريبًا.
قد يكون العضّ الكاذب مثالًا آخر لكوننا ودودين، وعلامة على النوايا الحسنة.
المصدر:.ibelieveinsci