عندما تخرج في الغابة وتسمع صوت خربشة، يحتاج دماغك إلى معالجة هذا الصوت بسرعةٍ لمعرفة ما إذا كان الصوت يأتي من دبٍ أو سنجابٍ مثلًا.
في بحثٍ جديدٍ نُشِرَ في PLoS Biology، وجد مهندس بيولوجي في جامعة واشنطن في سانت لويس تفسيرًا جديدًا لملاحظةٍ قديمةٍ، توضّح نظريةً قديمةً بهذا الخصوص.
دنيس بربور هو أستاذ دكتور في الهندسة الطبية الحيوية في كليّة الهندسة والعلوم التطبيقيّة ويدرس علم الفيزيولوجيا العصبيّة، وجد في نموذجٍ حيوانيٍ أنّ الخلايا العصبيّة القشريّة السمعيّة تقوم بتشفير الأصوات بشكلٍ مختلفٍ عمّا كان يُعتقَد سابقًا.
الخلايا العصبية الحسية كتلك الموجودة في القشرة السمعيّة، تستجيب بشكلٍ عشوائيٍ نسبيًا في بداية أيّ محرّضٍ جديدٍ، لكنّها بسرعةٍ تُصبح أكثر انتقائيّةً بكثير.
كان يُعتقَد أنّ الخلايا العصبية القليلة التي استجابت طوال مدّة التحفيز تقوم بتشفير هويّة المنبّه، بينما الخلايا العصبيّة العديدة المستجيبة في بداية المنبّه كانت تقوم بتشفير وجودها فقط.
هذه النظرية تخلق تنبؤًا لم يتم اختباره مطلقًا، وهو أنّ الاستجابات الأوليّة العشوائيّة قد تُرَمِّز هوية المحفّزات بدقةٍ أقل من كيفيّة تسجيل الاستجابات الانتقائيّة خلال مدّة الصوت.
وقال بربور: «في بداية انتقال الصوت، يتمّ ترميز الأشياء عبر مجموعة من الخلايا العصبيّة، لكن هوية الصوت تصبح مرمَّزةً بدقةٍ أكبر».
«ونتيجةً لذلك، يمكنك التعرّف على الأصوات بسرعةٍ أكبر والتصرّف بناءً على تلك المعلومات».
«إذا حصلت على نفس الكميّة من المعلومات لكلّ نشاطٍ مُحتمَل للأنشطة العصبيّة، وجدنا أنّه كلما تصاعد النشاط العصبي تجاه المشكلة، زادت سرعة اتخاذ القرار المناسب. فالخلايا العصبيّة تستجيب أكثر وتُرمِّز بدقة أكبر في بداية التحريض».
وشملت دراسة بربور تسجيل الخلايا العصبية الفردية.
لإجراء طريقةٍ مشابهةٍ من القياسات لنشاط الدماغ عند البشر، يجب على الباحثين استخدام تقنياتٍ غير باضعةٍ (غير جراحية) في كثير من الخلايا العصبية معًا.
تسجّل التقنيات المحتملة المتعلّقة بالأحداث (ERP) إشارات الدماغ عبر الأقطاب الكهربائيّة على فروة الرأس وتعكس النشاط العصبي المتزامن مع بداية التحفيز.
التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI، يعكس معدّل النشاط على مدى عدة ثوانٍ.
إذا كان الدماغ يستخدم مخطّطات ترميز مختلفة جذريًا بالنسبة للبدايات إزاء وجود التحفيز المستمر، فمن المُتوقّع أن يختلف هذان الأسلوبان في نتائجهما.
ومع ذلك كلاهما يكشفان عن التشفير العصبي لهوية المحفِّز.
وقال بربور: «كان هناك الكثير من النقاش لفترةٍ طويلةٍ جدًا، خصوصًا في العقدين الأخيرين، حول ما إذا كان تمثيل المعلومات في الدماغ موزّعًا أو موضّعًا».
«إذا كانت الوظيفة موضّعة، مع وجود أعدادٍ صغيرةٍ من العصبونات تتّحد معًا للقيام بأشياءٍ مشابهةٍ، فهذا يتوافق مع الترميز الضئيل، والانتقائية العالية، وانخفاض مُعدّلات تردد النشاط العصبي.
ولكن إذا كان لديك نشاط متوزّع، أو الكثير من الخلايا العصبيّة المشاركة في كلّ مكان، هذا يتفق مع الترميز الكثيف، والانتقائية المنخفضة، وازدياد معدّل ترددات النشاط العصبي، ووفقًا لكيفيّة إجراء التجربة، يرى علماء الأعصاب نتائج كلا الاختبارين».
وقال بربور: «إنّ البحث هو العمل الأساسي لبناء نظريّةٍ لكيفيّة تشفير المعلومات من أجل معالجة الصوت، ومع ذلك فهو يتضمّن مبدأ ترميز حسّي جديد يمكن تطبيقه على أنظمة حسية أخرى، مثل كيفية معالجة الروائح وتشفيرها».
في وقتٍ سابقٍ من هذا العام عمل بربور مع باراني رامان، أستاذ مساعد في الهندسة الطبية، للتحقيق في كيفية معالجة وجود وغياب رائحة أو صوت.
تختلف أوقات الاستجابة بين أنظمة الشم والسمع، لكن العصبونات تستجيب بالطريقة نفسها.
كما أعطت نتائج هذا البحث أدلّةً قويّةً على أنّه قد توجد مجموعةٌ مخزّنةٌ من محفّزات معالجة الإشارة التي يمكن أن تتقاسمها أنظمةٌ حسيّةٌ مختلفةٌ وحتّى أصنافٌ مختلفة.
المصدر:.ibelieveinsci