قصيدتان خورخي لويس بورخيس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصيدتان خورخي لويس بورخيس



    قصيدتان
    خورخي لويس بورخيس 23 ديسمبر 2022
    ترجمات
    (GettyImages-515561294)
    شارك هذا المقال
    حجم الخط


    ترجمة: غريب إسكندر

    إلى بياتريس ويبستر دي بولريتش


    I

    يَعْثُرُ الفجرُ العقيمُ عليّ عند ناصِيةِ شارعٍ مهجور؛
    لقد عشتُ الليل.
    الليالي موجاتٌ فخورةٌ: موجاتٌ زرقاءُ داكنةٌ ثقيلةٌ مليئةٌ بكلِّ
    أشكالِ التفسخِ العميقِ، محملةٌ بأشياءَ بغيضةٍ ومرغوبة.
    الليالي لديها عادة الهدايا الغامضة والرفض،
    عادة الأشياء التي تمنحُ أنصافَها، نصفَ رفض،
    عادة أفراحها مع نِصْفِ الكُرَةِ المظلم.
    الليالي تتصرفُ بهذه الطريقة، تأكَّد من ذلك.

    لقد تركَ لي جَيَشَانُ تلك الليلة مُتَفَرِّقاتٍ مألوفةً ونهاياتٍ غريبةً:
    بعضَ الأصدقاء الكريهين للدردشة معهم، وموسيقى الأحلام، وتدخينَ الرّماد المُرّ.
    الأشياءَ التي لا تنفع قلبي الجائع.
    ما جلبته لكِ الموجةُ الكبيرةُ.
    الكلماتِ، أيةَ كلمات، وضحكتَكِ؛ وأنتِ بكلِّ فُتُورِكِ الكبير وجمالك الذي لا هوادةَ له.
    تحدثنا لكنكِ نسيتِ الكلمات.

    يَعْثُرُ الفجرُ المحطمُ عليّ في شارعٍ مهجورٍ في مدينتي.
    ابتعدتْ صورتُكِ الجانبية، الأصواتُ التي راحتْ تصنعُ اسمَكِ،
    جزلُ ضحكتِكِ: هذه الدُّمى الرائعةُ التي تركتِها لي.

    أقلِّبُهم في الفجرِ، أفقدُهم، أجدُهم؛
    أعرِّفُهم بكلابِ الفجرِ ونجومِهِ الضّالة.
    حياتكِ الغنيّة المُعتمة…
    يجب أنْ أواجهَكِ، بطريقة أو بأخرى:
    أبعدتُ تلك الدُّمى الجميلة التي أبقيتِها لي،
    أشتاقُ إلى وجهِكِ الخفيّ،
    إلى ابتسامتِكِ الحقيقيّةَ – أيها المُتَهَكِّمة والمُتوحِّدة
    التي لا يعرفُها سوى مرآتها الرائعة!


    II

    كيف يمكنني أنْ أحتفظَ بكِ؟
    أقدّمُ لكِ الشوارعَ الهزيلة، وغروبَ الشمسِ اليائِس، وقمرَ الضواحي الرثّة.
    أقدمُ لكِ مَرارَاتِ رجلٍ قد نظرَ طويلًا وطويلًا
    إلى القمرِ المَهجُور.
    أقدّمُ لكِ أسلافي، أمواتي، الأشباحَ التي قد كرّمَها الأحياءُ بالرخام:
    أبَ أبي الذي قُتل على حدود بوينس آيرس، اخترقت رصاصتان رئتيه،
    أقدّمُه لكِ ملتحيًا وميتًا، وملفوفًا بأيدي جنوده، بجلدِ بقرة؛
    جدَّ أمي – كان عمره أربعة وعشرين عامًا فقط –
    متقدمًا حشدًا من ثلاثمئة رجلٍ في بيرو،
    الآن ليسوا سوى أشْباح تمتطي خيولًا مُنقَرِضة.

    أقدّم لكِ ما قد تتضمَّنه كتبي من بصيرة،
    ما تحمله حياتي من شجاعة أو دعابة.
    أقدّمُ لكِ ولاءَ رجلٍ لم يكن مخلصًا أبدًا.
    أقدّمُ لكِ نواةَ نفسي تلك التي أنقذتُها، بطريقة أو بأخرى
    -مركز القلب الذي لا يتعامل بالكلمات،
    ولا يتاجر بالأحلام ولم يمسه الزمن، أو الفرح، أو الشدائد.
    أقدّمُ لكِ تفَاسِيرَ نفسِكِ، نظرياتٍ عن نفسِكِ،
    أنْباء أصيلة ومُدهِشة عن نفسِكِ.
    يمكنني أنْ أعطيكِ وَحدَتي، وظلمتي، وجوعَ قلبي؛
    أحاولُ رشوتَكِ بالشَّك، أو الخطر، أو الهزيمة.



    ملاحظة المترجم: كتب بورخيس هاتين القصيدتين باللغة الإنكليزية مباشرة.
    • المترجم: غريب إسكندر
يعمل...
X