Aboud Salman
11 سبتمبر 2021 ·
قراءة نقدية في تجربة الفنان والخطاط والناقد الباحث التشكيلي ،والمعلم المربي الجمالي العربي السعودي المعروف أحمد طيب منشي
وحيدا يحارب طواحين الهواء ،ذلك الفنان والباحث الناقد ،والمنقب في خواص استكشاف الآفاق الرحبة في واقع حياة الحركة الفنية التشكيلية العربية في المملكة العربية السعودية، وفي مكة المكرمة ( مدينته العريقة التي ولد فيها وترعرع في حواري مكة ) وفي حضوره الباذخ باقتدار في مدينة جدة غير، العاصمة الثقافية في السعودية، حيث تراه فاعلا متفاعلا مع واقع سلطة شغف عمق الجمال في مكامن الضوء للفنون التشكيلية الجميلة هناك، ومابين ازمنة الماضي والحاضر، يحيا التشكيلي الخجول في تجربة فنية حياتية ريادية يتمرد فيها النقد التشكيلي الحار، على طيران ملامحها البارزة، وبدرجة شديدة الاواصر والنتائج، تزدهر مكانة الرائد في مجاله الفني التشكيلي رغم اللااعتراف، والتهميش والاقصاء، وهو من أوائل الفنانين التشكيليين السعوديين الأوائل الذين درسوا في معهد التربية الفنية في الرياض، ولكنه المبتعد بحساسية الحس الخلاق، والطيف الجمالي، ليعمل في تربية الناشئة لطلاب مدينته الفاضلة، وهو المربي الفاضل،والمعلم الفني ،والتربوي التشكيلي البارز، في فهارس تواريخ انشطة بلده ،السعودية حيث عرف عنه بلوغ الحس الوجداني، وتطور تقدمية رؤياه في تأسيس اللبنات الاولى لحياة الفنون التشكيلية في مكة المكرمة،والمنطقة الغربية هناك، وقد امتدت سنوات عمره المنهوب الى اربعة عقود وخمسة وتمتد بالبديهة والحساسية لكل ماهو جميل ونبيل ولطيف وملفت للنظر،
انه احد كبار الفنانين التشكيليين العرب في وطنه السعودي الذي يعيش في جذر الانتماء، متطوع لصالح تقويم كل مع علق في حياة ابداعه ،من خلال نشاطه المتميز بما يفيد وينفع، وكانموذج مثالي عايش ومتعايش، تراه ذلك الفنان الباحث في بصر وبصيرة، مفتوحة ومفتوح بالتعمق والتعقل والتنقل والمشاغبة المشاكسة على حق، لترى تصوراته شاملة في رؤى حالمة، ذلك الطيب احمد طيب المنشي، احد اهم ملامح حكاية الفنان التشكيلي العربي السعودي المعاصر، الذي شهد الماضي في كامل قسوة الايام السابقة، وحرية عشب الازمنة الممكنة التي جعلت منه ،قيمة تواجد اهمية الفنان الاجتماعي، والجمالي والثقافي، لهذا نادرا مايمكن نسيان طغيان تأثر العوامل الاخلاقية الاجتماعية والثقافية فيه، حيث تنعكس تلقائيا على واقع شريط يومياته في ذكرياته، حيث جعل للوحة متنفسه، وللكتابة النقدية ديدان يومه في ابداعه، وسطوة رائحة قلمه الاحمر، فرصة الانسان والفنان المغرم بالتاريخ والجمال والتوثيقات ومقاييس قمم أمته بفكرها واجتماعية سكانها، لهذا اختار كل ماهو إيماني وروحاني ووجداني ،وجعله إطار مسعاه في لوحة اخذت من تراث وطنه وانسانيته( صرختها المكتومة لأسباب كثيرة) او عبر حياة ذلك الناقد الذي يسعى للاخر ،من أجل تقويم جوهر اواصر معرفة الانسان في حياته ومجتمعه، ذلك يكتبه بالمعرفة والعلم والصدقية الصريحة الى حد حدود التي تزعج البعض من فقراء الموهبة،ونجوم تجارة الاتجار بالسمعة الفنيو،وهو الكاشف لبعض ثناياها،على قدر من التحمل بدون تحامل، وعلى قدر المستطاع والمسؤولية ينور قلمه الصحفي الناقد ،ليكون عنوان تلك الأرضية الصادقة التي يريدها أن تعم حياة الناس والوطن، ضمن شروط من يستطيع المشي على رجليه، مناضلا لصالح تكريس علم الجمال والفن في مجتمع شرقي تحاصره اللالات ومنتهى الحالات، وتقذف به عولمة لا ترحم، شفافية الانسان الجميل، وقيمة عواطف تلم الانسانية في تراثها، لهذا تراه يحارب بقلمه وموقفه وفكرته، ومقالته، ومسعاه الى عدة جبهات ، أمامه القامة والظل والنور، والبريد الالكتروني اليومي ،وذلك السديم في خواتم عصره،
الذي ماعاد يجدي فيه التبعثر في دروب تهدم، ودروس ماكرة تبيع الوهن والوهم، محارب عتيق أراه يخطف الدهشة الحبيسة في كتابة، بعدما اصابه من التعب والوجع، انه اصبح مقل في اعماله الفنية، مكتفي في حالة التقاعد المهني، مما ترك رسم البيوت والقباب وشكل الحرف العربي، وهيولى اي اغتراب داخلي،وصرخة اتجاه قضاياه التي ارد التعبير عنها في مختلف خامات تقنيات فن التصوير التشكيلي، فمن رسوماته في قلم الرصاص والاقلام الحبرية والالوان الزيتية والمائية، وحتى فنون المعاصرة عنده، عندما اشتغل على الفن الرقمي،وابتكاراته في فن التصميم والغرافيك عبر جهاز الحاسوب وبرامجه،
لتظل ساعات جهوده الاولى في لوحاته الفنية، ماهي إلا جهود جبارة وعظيمة ،فيها الخط واللون والتكوين والافكار، تتراقص متموسقة داخليا، لتقدم إشراقات تفتيت الحلم التشكيلي الابداعي، إلى اشتغالاته التي لا تنس، وشكل فاصلة هامة في دساتير قوة اللوحة الفنية المعبرة في واقع جماليات رواق الفنون التشكيلية بالمملكة العربية السعودية، ولهذا تبدو مرحلة التأسيس هامة في عز عنفوان شبابه الطائش وقتها،والموزع على مشاوير في الطبيعة، ورسم مباشر لزملاءه المعلمين والطلاب الساكنين معه في سكن طلابي كان احد نجومه الابطال، في نجومية لم تقتصر على الرسم وخواص تقنيات مايدرسوه من رسم ونسيج وزخرفة وغيرها، وانما تعداه ليكون الفنان ( اللاعب الرياضي ) الاشهر بين زملاء وقته وحياته، ومن هذه الروح الخلاقة ،اشتغل المنشي احمد طيب على شقوق الرغبة الابداعية، ومابين عوالم الخط واللون والحركة والاطلاع ، نما ذلك الفتى المكاوي، سارحا بين كثبان قناديل وقته، طامح ان يتوسم من اللوحة وتدريسها في مدارس المنطقة الغربية في المملكة العربية السعودية، ان يكون لها من نتاجات الجميع بيارق حدائق الفيروز، والكادي والزنابق والشيح والكيصوم في خيال تتراقص فيه الافئدة ملتاعة لانماط جمالية عربية لا تنتهي،
هكذا سكنت لوحاته ،مخيال رمزي مليء بالخصوبة والعطاء الجمالي القائم على تكويناته التشكيلية المتماسكة، مظهرة طبيعة واقع جماليات حارات البيت المكي، وشبابيكه وازقته الضيقة في طرقاتها وحواريها، وابوابها والمشاهد الحسية في رؤى تجريدية شرقية ساحرة، يختارها بخبرة ابن مكة المكرمة الذي عشق فيها نادي الوحدة لاعبا، وحكاية العاب الاطفال فيها، ودور الساقي للماء، ورواية لقطاتها الحسية الدينية المتشعبة في بصرية لونية مدركة، جاءت لتعبر عن ديمومة الحياة وقدسيتها، نازع في رسمه الى استمرارية شكل الزمكان في لوحته، حيث القصد المليء بالخصوصية المكية التي ارادها الفنان المنشي لتكون محاكاة واقعية وفق تحوير لملوناته الرمزية اتجاه واقع بلده، حيث تكتظ بالتاليف الشكلي ،والتصويرية الممزوجة بإرادة ذاتية لونية يصوغها وكأنه موسيقي تحالف في بانورامية عناصره لتكوينه، ذلك القيم واللون،والظلال في اجلال، وقد ترك العديد من لوحاته ،قيمة المصور الملون ،المتمكن في أدوات صياغة عوالمه التشكيلية، لهذا تظل لوحاته الاولى ايقونات متفردة في فرحة قل تكرارها ،لفرادة اسلوبيته فيه التي تقوم على اللمسة الناشئة وفق تاثيرية ملمسية هامة، وعشق لوني نغمي بصري مختلف،
ناهيك عن رسم الرجل ووجه المرأة العربية ،بازياءها وتقسيم معاني اختزال الأنا فيها، لقد كانت لوحاته عامرة بالمعالم التاريخية لتراث وطنه السعودية ككل ،ومكة بخاصة، مع رسم شخصيات معروفة وفق الرسم الواقعي ،ولكن الوانه وعناصر التكوين في لوحته ،تظل ضاجة في تواصلية ذاتية الفنان احمد المنشي مع بيئته المكية،وعوالم تاليفه من الطبيعة، ومتخيلات استخدامه لتعبيرات انسانية، يلجأ فيها الفنان الى اختزال قيم الوعي والمعرفة الفلسفية الجمالية اتجاه ملامح التحامه بقضايا وطنه،والعالم بما يحيط به، انه يرسم قيم جمالية عن الأرض والغيوم والامكنة والحصان والشجرة والاوابد التاريخية ومابينما من مدلولات جمالية ورمزية هامة، متداخلة زاخرة بالوضوح والموضوع والجراة اللونية، ضمن نمط حاشد بالأفكار والملامح والقدرات، والابعاد، نحو التجريد الذهني المنحاز الى قدرته كفنان مصور أتقن فنون الطاقات الوجدانية والمعرفية، وبرجع فيها متفوق على نفسه، مما ابعده عن تشاكيل عوالم انتاجها الى مجاله التربوي التعليمي المتخصص في تدريس التربية الفنية والمهنية في بلده، مقدرا مواهب طلبته، ومنغمس في فنون التذوق الفني، والنقد التشكيلي، والعمل الاداري والقيادي في مجال ممارسة النشاط الفني مابين مكته الاثيرة وجدته التي يعزف من خلالها على اوتار التذوق الفني ويكتبه، مطالع اخر اخبار الساعة الفنية التشكيلية العربية في المملكة العربية السعودية، وفق مساقات تعبيره الجاد،بحدود الحاد ،ووفق انسان أعماق ذاته المبدعة في شيء من الامتاع والموانسة ،
مختصر حياته الى قصة مبدع عربي مميز بقدراته وطاقاته ،وقادر على قراءة افكار الاخرين في صدى الريشة التي هي في مهب الريح، عولمة جديدة، كمن يصارع اساطير قصص الاخرين، وكأنه جلجامش ينزف عشبة الخلود ،فلا يجدها الا وقد خطفتها افعى ماكرة، وعشتار تنتظر، في الفن والحياة،
متوحش بعض الشيء، يلامس اوجاع خيباتنا الاخيرة، فيغدو عاشق من الزمن الجميل، يصرخ ويستصرخ في حياة عولمة الاثر، ولاحياة لمن تنادي،هائج في غرفته الاخيرة، ومحراب محترفه المكي المكتظ باشياءه، وذاكرة الأشياء، متوغلا مابين القديم والحديث المعاصر، وبجفون وجنون متكسر يكتب نداءاته الساخنة، باحث في سلة الضوء عن مكامن جمال الضوء، في تربة ارضه والوطن الفسيح، هكذا بعض اصابع الجمر،والرمل وعيون الريح ،للفارس الجمالي احمد طيب المنشي الفقير لله ،
عبود سلمان / كندا