الدراما الاجتماعية تكسب ثقة الجمهور السوري
مواضيع ومشاهد تقترب من حياة السوريين فتضمن إعجابهم.
مشاهد قريبة من الحياة اليومية
يحفل المشهد الدرامي السوري هذا العام بالعديد من المسلسلات في أكثر من شكل فني، لكن من الواضح أن المسلسلات ذات الطابع الاجتماعي قد حققت حضورا كبيرا ولافتا، حيث شهدت نسب مشاهدة مرتفعة واختصها المشاهدون والنقاد بالمتابعة والتحليل.
حسم الجمهور السوري موقفه منذ انطلقت منافسات الدراما السورية في الموسم الرمضاني الحالي، واتجه في غالبه إلى الأعمال الاجتماعية كخيار أول، كما تبين مؤشرات المتابعة والتعليقات والآراء الصحافية المبكرة التي صدرت حتى موعد انتهاء الثلث الأول من مشوار العرض. ومثل أي دراما في العالم، تقدم الدراما السورية في أكثر من شكل فني، فهنالك الأعمال التاريخية والكوميدية والاجتماعية والبوليسية والفانتازيا وغيرها. ومن خلال مجموع هذه الأشكال تتنافس الدراما السورية إبداعيا مع الدراما العربية لكسب أكبر رصيد من اهتمام المتابعين.
وهنالك تنافس داخل حراك الدراما السورية ذاته بين تنوعات ما تقدمه، ففي مرحلة سابقة كانت الغلبة للأعمال التاريخية، خاصة في ثنائية وليد سيف وحاتم علي، والثنائي هاني السعدي ونجدة أنزور في أعمال الفانتازيا التاريخية، فيما كانت الكوميديا “حرفة” الثنائي ممدوح حمادة والليث حجو.
الجمهور اندفع وراء الدراما الاجتماعية حيث وجد فيها ضالته في محاكمة مشكلات مزمنة يعاني منها في حياته اليومية
وفي مساحات بين كل ذلك تسيّدت الدراما الاجتماعية الموقف سنوات طوال مع أعمال لكتاب مثل حسن سامي يوسف ونجيب نصير وعبدالنبي حجازي وعبدالعزيز هلال ومحمد العاص وفادي قوشقجي وريم حنا وفؤاد حميرة وسامر رضوان وعلي وجيه ويامن الحجلي ويم مشهدي وخالد خليفة وأمل حنا وإيمان السعيد ودلع الرحبي وأسامة كوكش. ومخرجين مثل هيثم حقي وعلاءالدين كوكش والمثنى صبح وسمير حسين وشوقي الماجري ورشا شربتجي وسيف الدين سبيعي ومحمد عبدالعزيز وأحمد إبراهيم أحمد.
ولا يمكن أن تبتعد دراما البيئة الشامية التي طبعت الإنتاج السوري مدة طويلة وأوجدت لنفسها حالات متفاوتة في القيمة، فظهر كتاب مثل مروان قاووق وأحمد حامد وعثمان جحى وسيف رضا حامد وسمير هزيم، ومخرجون منهم بسام الملا ومحمد زهير رجب وهشام شربتجي.
وفي الموسم الحالي كان واضحا أن دراما المجتمع هي سيدة الموقف، فمع تقديم الحلقات الأولى من المسلسلات وتكشف مسارات وأجواء ما ستقدمه فإن الجمهور اندفع وراءها حيث وجد فيها ضالته في معايشة ومحاكمة مشكلات مزمنة يعاني منها في حياته اليومية. وكانت المتابعة الأكبر متجهة إلى مسلسلات "مع وقف التنفيذ" و"كسر عضم" و"على قيد الحب".
متابعة للوجع السوري
مسلسلا "كسر عضم" و"مع وقف التنفيذ" حملا أجواء خاصة تتعلق بالوجع الذي يعاني منه الناس في واقع مأزوم
في تاريخ الدراما الاجتماعية السورية الكثير من المسلسلات التي شكلت حالة اهتمام بينها وبين الجمهور، يبدأ ذلك من مسلسلات “حكايا الليل” و”حارة القصر” و”أسعد الوراق” و”فوزية” و”الأجنحة”، ومن بعدها “هجرة القلوب إلى القلوب” و”خان الحرير” و”ليس سرابا” و”غزلان في غابة الذئاب” و”أهل الغرام” و”قلم حمرا” و”في ظروف غامضة” و”الغفران” و”الندم” و”مسافة أمان” و”الولادة من الخاصرة” و”قاع المدينة” و”سحابة صيف” و”الفصول الأربعة” و”ذكريات الزمن القادم” و”ترجمان الأشواق” و”بانتظار الياسمين” الذي وصل كأول مسلسل سوري إلى المنافسات النهائية لجائزة إيمي أووردز العالمية نظير الأوسكار العالمي السينمائي عام 2015.
وكانت هذه الأعمال وغيرها انعكاسا لأوجاع الناس، وكثيرا ما توصف الدراما على أنها مرآة تعكس حياة الناس، وتقدم مواجعهم وأحلامهم في بناها السردية، وهذا ما يخلق لدى الجمهور شغف المتابعة لمعرفة مصائر شخوص إنسانية عايشوها وتشبه البعض منهم. فالعمل الاجتماعي قريب من الناس ويلمسون فيه تجارب حية.
وتتطرق أحداث مسلسل “كسر عضم” للكاتب علي معن صالح وإخراج رشا شربتجي لحكايات شرائح اجتماعية منقسمة على نفسها، قدم المسلسل من خلالها صراعات عنيفة بينية بين طبقات المجتمع (الأثرياء والفقراء)، ليشرح حالة التسلط الذي يمارسه بعض الناس على الآخرين مستغلين عوزهم.
وبين المسلسل مقدار الظلم الذي يمارسه أصحاب النفوذ على البسطاء. والأمر ذاته ينسحب على مسلسل “مع وقف التنفيذ” وهو من تأليف علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج سيف الدين سبيعي، والذي قدم تشريحا لواقع عانت منه شرائح اجتماعية سورية من خلال تهجيرها من بيوتها نتيجة أعمال الحرب واغترابها سنوات عنها ثم عودتها إلى أحيائها وما تفرزه هذه المرحلة من تغيرات اجتماعية عميقة، تظهر من خلال بروز شخصيات منتفعة تعيش متطفلة على آلام وعوز الناس البسطاء مستغلة قربها من السلطة أو وجودها فيها.
حمل العملان أجواء خاصة تتعلق بالوجع الذي يعاني منه الناس في واقع مأزوم، وتتعلق بأمن الناس ومعيشهم اليومي من حيث تأمين لقمة العيش ووسائل الحياة البسيطة، فوجد الناس فيهما ما يرونه في حيواتهم اليومية من نماذج انتهازية، وهذا ما يفسر تعلق الجمهور بهما بشغف، لقرب الشخصيات من واقع اجتماعي حقيقي معيش أو من خلال بعد عاطفي يكمن في شغف الجمهور بمعرفة مصير هذه الشخصيات التي تمثل قوى الشر في المجتمع.
في جانب آخر، يذهب مسلسل “على قيد الحب” للكاتب فادي قوشقجي والمخرج باسم السلكا إلى تأطير حكاياته في مشاهد اجتماعية أكثر هدوءا، وتبتعد عن العنف الناتج عن الحرب وآثارها، فتقترب من نموذج أعمال درامية سورية سابقة حققت نجاحا وحضورا لافتا لدى الجمهور.
تناول المسلسل ثيمات اجتماعية واسعة الطيف فعرض مسألة الزواج السري المتعدد والعلاقات العاطفية المتأزمة وربما المشبوهة. ومن جانب آخر عايش علاقات اجتماعية قديمة راقية تبنى على الاحترام والثقة. وتمثلت بعلاقات جوار وصداقة استمرت عقودا من الزمن، فتفاعل الناس مع حكايا المسلسل لقربها الشديد من ذواتهم.
مشاهد لن تنسى
“الولاد يا ابني عبتهج وتربى ببلاد برا.. لا تخليهن يسافروا.. الأرض بتتونس بولادها”. هكذا تخاطب أم هاشم السيدة المسنة مسؤولا جاء لزيارة الحي أمام جموع الناس العائدين إلى حي شبه مهدم.
ظهر هذا المشهد في مسلسل "مع وقف التنفيذ"، وكان بهذه الجملة العميقة التي تحمل حرارة الفكرة ومقدارا كبيرا من الألم مختلفا. لكنه كان أيضا موقفا صارخا قدمته الفنانة صباح الجزائري بشكل لافت فجعل المشهد على قصره مادة هامة على مواقع التواصل الاجتماعي وصار وسما باسمها.
وعبّر الكثير من المشاهدين للمسلسل على مواقع التواصل عن تأثرهم بالمشهد وتفاعلهم معه الأمر الذي دفع بالفنانة صباح الجزائري إلى الكتابة للجمهور “شكراً لكل الناس الطيبة على كل هذا الحب والدعم.. شكراً للزملاء المحبين والصحافة المحلية والعربية على كلامكن وذوقكن.. الفن صدق ورسالة بغض النظر عن حجم الدور وأنا سعيدة جداً إني قدرت لامس قلوبكن”.
وفي جانب آخر يعكس حرارة التفاعل مع الجمهور، يظهر في ذات المسلسل مشهد تتعرض فيه فتاة لتحرش لفظي من مجموعة من الشباب المتسكعين، وعندما تثور المشكلة وتصل إلى الشرطة يعاتبها الضابط وحتى شقيقتها على ارتدائها لملابس فاحشة حسب رأيهم.
تفاعل الناس مع المشهد وتعاطفوا مع الفتاة التي لم تكن تلبس ملابس فاحشة ما جعله على مدار أيام ترند في مواقع التواصل الاجتماعي وصار قضية رأي عام، الأمر الذي دفع بكاتب المسلسل علي معن صالح للتعبير عن موقفه ومن ثم المخرجة التي كتبت “المشهد الذي أثار الجدل في الحلقة السادسة من ‘كسر عضم’ عن تعرض صبية في الطريق للتحرش لا يبرر بتاتاً للمتحرشين فعلتهم، فالمتحرش هو شخص أزعر وطائش ومريض لا يهمه لباس الفتاة سواء أكان لافتا أم محتشماً فلطالما سمعنا عن محجبات تعرضنَ للتحرش أيضاً وإلقاء اللوم على الصبية من قبل أختها ورائد الشرطة هو تشريح للواقع الذي يعيشه مجتمعنا الذكوري والذي يضع اللوم على الفتاة ويتغاضى عن جريمة المتحرش وهذا ما يحصل للأسف”.
وفي ذات المسلسل قدمت الممثلة ولاء عزام مشهدا موجعا عن فتاة تتهم بأخلاقها فتخرج إلى الحي أمام جموع الناس وأولهم والدها الذي كان معهم وهي تسكب البنزين على جسدها مطالبة إياهم بإحراقها وتطهير شرفهم. وراج المشهد في مواقع التواصل الاجتماعي وحقق نسب متابعة عالية وسبب حوارات حارة بين مؤيد ومعارض.
ويبدو أن الدراما الاجتماعية بتفاعلاتها وأحداثها المتصاعدة ستكون محل المزيد من المتابعة لدى الجمهور. وهو ما يؤكد مدى حضورها وتأثيرها على المتلقي خاصة إن كانت تعالج الواقع وتنقل إلى الشاشات الصغيرة جزءا من معاناة السوريين وقضاياهم الحارقة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
نضال قوشحة
كاتب سوري
مواضيع ومشاهد تقترب من حياة السوريين فتضمن إعجابهم.
مشاهد قريبة من الحياة اليومية
يحفل المشهد الدرامي السوري هذا العام بالعديد من المسلسلات في أكثر من شكل فني، لكن من الواضح أن المسلسلات ذات الطابع الاجتماعي قد حققت حضورا كبيرا ولافتا، حيث شهدت نسب مشاهدة مرتفعة واختصها المشاهدون والنقاد بالمتابعة والتحليل.
حسم الجمهور السوري موقفه منذ انطلقت منافسات الدراما السورية في الموسم الرمضاني الحالي، واتجه في غالبه إلى الأعمال الاجتماعية كخيار أول، كما تبين مؤشرات المتابعة والتعليقات والآراء الصحافية المبكرة التي صدرت حتى موعد انتهاء الثلث الأول من مشوار العرض. ومثل أي دراما في العالم، تقدم الدراما السورية في أكثر من شكل فني، فهنالك الأعمال التاريخية والكوميدية والاجتماعية والبوليسية والفانتازيا وغيرها. ومن خلال مجموع هذه الأشكال تتنافس الدراما السورية إبداعيا مع الدراما العربية لكسب أكبر رصيد من اهتمام المتابعين.
وهنالك تنافس داخل حراك الدراما السورية ذاته بين تنوعات ما تقدمه، ففي مرحلة سابقة كانت الغلبة للأعمال التاريخية، خاصة في ثنائية وليد سيف وحاتم علي، والثنائي هاني السعدي ونجدة أنزور في أعمال الفانتازيا التاريخية، فيما كانت الكوميديا “حرفة” الثنائي ممدوح حمادة والليث حجو.
الجمهور اندفع وراء الدراما الاجتماعية حيث وجد فيها ضالته في محاكمة مشكلات مزمنة يعاني منها في حياته اليومية
وفي مساحات بين كل ذلك تسيّدت الدراما الاجتماعية الموقف سنوات طوال مع أعمال لكتاب مثل حسن سامي يوسف ونجيب نصير وعبدالنبي حجازي وعبدالعزيز هلال ومحمد العاص وفادي قوشقجي وريم حنا وفؤاد حميرة وسامر رضوان وعلي وجيه ويامن الحجلي ويم مشهدي وخالد خليفة وأمل حنا وإيمان السعيد ودلع الرحبي وأسامة كوكش. ومخرجين مثل هيثم حقي وعلاءالدين كوكش والمثنى صبح وسمير حسين وشوقي الماجري ورشا شربتجي وسيف الدين سبيعي ومحمد عبدالعزيز وأحمد إبراهيم أحمد.
ولا يمكن أن تبتعد دراما البيئة الشامية التي طبعت الإنتاج السوري مدة طويلة وأوجدت لنفسها حالات متفاوتة في القيمة، فظهر كتاب مثل مروان قاووق وأحمد حامد وعثمان جحى وسيف رضا حامد وسمير هزيم، ومخرجون منهم بسام الملا ومحمد زهير رجب وهشام شربتجي.
وفي الموسم الحالي كان واضحا أن دراما المجتمع هي سيدة الموقف، فمع تقديم الحلقات الأولى من المسلسلات وتكشف مسارات وأجواء ما ستقدمه فإن الجمهور اندفع وراءها حيث وجد فيها ضالته في معايشة ومحاكمة مشكلات مزمنة يعاني منها في حياته اليومية. وكانت المتابعة الأكبر متجهة إلى مسلسلات "مع وقف التنفيذ" و"كسر عضم" و"على قيد الحب".
متابعة للوجع السوري
مسلسلا "كسر عضم" و"مع وقف التنفيذ" حملا أجواء خاصة تتعلق بالوجع الذي يعاني منه الناس في واقع مأزوم
في تاريخ الدراما الاجتماعية السورية الكثير من المسلسلات التي شكلت حالة اهتمام بينها وبين الجمهور، يبدأ ذلك من مسلسلات “حكايا الليل” و”حارة القصر” و”أسعد الوراق” و”فوزية” و”الأجنحة”، ومن بعدها “هجرة القلوب إلى القلوب” و”خان الحرير” و”ليس سرابا” و”غزلان في غابة الذئاب” و”أهل الغرام” و”قلم حمرا” و”في ظروف غامضة” و”الغفران” و”الندم” و”مسافة أمان” و”الولادة من الخاصرة” و”قاع المدينة” و”سحابة صيف” و”الفصول الأربعة” و”ذكريات الزمن القادم” و”ترجمان الأشواق” و”بانتظار الياسمين” الذي وصل كأول مسلسل سوري إلى المنافسات النهائية لجائزة إيمي أووردز العالمية نظير الأوسكار العالمي السينمائي عام 2015.
وكانت هذه الأعمال وغيرها انعكاسا لأوجاع الناس، وكثيرا ما توصف الدراما على أنها مرآة تعكس حياة الناس، وتقدم مواجعهم وأحلامهم في بناها السردية، وهذا ما يخلق لدى الجمهور شغف المتابعة لمعرفة مصائر شخوص إنسانية عايشوها وتشبه البعض منهم. فالعمل الاجتماعي قريب من الناس ويلمسون فيه تجارب حية.
وتتطرق أحداث مسلسل “كسر عضم” للكاتب علي معن صالح وإخراج رشا شربتجي لحكايات شرائح اجتماعية منقسمة على نفسها، قدم المسلسل من خلالها صراعات عنيفة بينية بين طبقات المجتمع (الأثرياء والفقراء)، ليشرح حالة التسلط الذي يمارسه بعض الناس على الآخرين مستغلين عوزهم.
وبين المسلسل مقدار الظلم الذي يمارسه أصحاب النفوذ على البسطاء. والأمر ذاته ينسحب على مسلسل “مع وقف التنفيذ” وهو من تأليف علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج سيف الدين سبيعي، والذي قدم تشريحا لواقع عانت منه شرائح اجتماعية سورية من خلال تهجيرها من بيوتها نتيجة أعمال الحرب واغترابها سنوات عنها ثم عودتها إلى أحيائها وما تفرزه هذه المرحلة من تغيرات اجتماعية عميقة، تظهر من خلال بروز شخصيات منتفعة تعيش متطفلة على آلام وعوز الناس البسطاء مستغلة قربها من السلطة أو وجودها فيها.
حمل العملان أجواء خاصة تتعلق بالوجع الذي يعاني منه الناس في واقع مأزوم، وتتعلق بأمن الناس ومعيشهم اليومي من حيث تأمين لقمة العيش ووسائل الحياة البسيطة، فوجد الناس فيهما ما يرونه في حيواتهم اليومية من نماذج انتهازية، وهذا ما يفسر تعلق الجمهور بهما بشغف، لقرب الشخصيات من واقع اجتماعي حقيقي معيش أو من خلال بعد عاطفي يكمن في شغف الجمهور بمعرفة مصير هذه الشخصيات التي تمثل قوى الشر في المجتمع.
في جانب آخر، يذهب مسلسل “على قيد الحب” للكاتب فادي قوشقجي والمخرج باسم السلكا إلى تأطير حكاياته في مشاهد اجتماعية أكثر هدوءا، وتبتعد عن العنف الناتج عن الحرب وآثارها، فتقترب من نموذج أعمال درامية سورية سابقة حققت نجاحا وحضورا لافتا لدى الجمهور.
تناول المسلسل ثيمات اجتماعية واسعة الطيف فعرض مسألة الزواج السري المتعدد والعلاقات العاطفية المتأزمة وربما المشبوهة. ومن جانب آخر عايش علاقات اجتماعية قديمة راقية تبنى على الاحترام والثقة. وتمثلت بعلاقات جوار وصداقة استمرت عقودا من الزمن، فتفاعل الناس مع حكايا المسلسل لقربها الشديد من ذواتهم.
مشاهد لن تنسى
“الولاد يا ابني عبتهج وتربى ببلاد برا.. لا تخليهن يسافروا.. الأرض بتتونس بولادها”. هكذا تخاطب أم هاشم السيدة المسنة مسؤولا جاء لزيارة الحي أمام جموع الناس العائدين إلى حي شبه مهدم.
ظهر هذا المشهد في مسلسل "مع وقف التنفيذ"، وكان بهذه الجملة العميقة التي تحمل حرارة الفكرة ومقدارا كبيرا من الألم مختلفا. لكنه كان أيضا موقفا صارخا قدمته الفنانة صباح الجزائري بشكل لافت فجعل المشهد على قصره مادة هامة على مواقع التواصل الاجتماعي وصار وسما باسمها.
وعبّر الكثير من المشاهدين للمسلسل على مواقع التواصل عن تأثرهم بالمشهد وتفاعلهم معه الأمر الذي دفع بالفنانة صباح الجزائري إلى الكتابة للجمهور “شكراً لكل الناس الطيبة على كل هذا الحب والدعم.. شكراً للزملاء المحبين والصحافة المحلية والعربية على كلامكن وذوقكن.. الفن صدق ورسالة بغض النظر عن حجم الدور وأنا سعيدة جداً إني قدرت لامس قلوبكن”.
وفي جانب آخر يعكس حرارة التفاعل مع الجمهور، يظهر في ذات المسلسل مشهد تتعرض فيه فتاة لتحرش لفظي من مجموعة من الشباب المتسكعين، وعندما تثور المشكلة وتصل إلى الشرطة يعاتبها الضابط وحتى شقيقتها على ارتدائها لملابس فاحشة حسب رأيهم.
تفاعل الناس مع المشهد وتعاطفوا مع الفتاة التي لم تكن تلبس ملابس فاحشة ما جعله على مدار أيام ترند في مواقع التواصل الاجتماعي وصار قضية رأي عام، الأمر الذي دفع بكاتب المسلسل علي معن صالح للتعبير عن موقفه ومن ثم المخرجة التي كتبت “المشهد الذي أثار الجدل في الحلقة السادسة من ‘كسر عضم’ عن تعرض صبية في الطريق للتحرش لا يبرر بتاتاً للمتحرشين فعلتهم، فالمتحرش هو شخص أزعر وطائش ومريض لا يهمه لباس الفتاة سواء أكان لافتا أم محتشماً فلطالما سمعنا عن محجبات تعرضنَ للتحرش أيضاً وإلقاء اللوم على الصبية من قبل أختها ورائد الشرطة هو تشريح للواقع الذي يعيشه مجتمعنا الذكوري والذي يضع اللوم على الفتاة ويتغاضى عن جريمة المتحرش وهذا ما يحصل للأسف”.
وفي ذات المسلسل قدمت الممثلة ولاء عزام مشهدا موجعا عن فتاة تتهم بأخلاقها فتخرج إلى الحي أمام جموع الناس وأولهم والدها الذي كان معهم وهي تسكب البنزين على جسدها مطالبة إياهم بإحراقها وتطهير شرفهم. وراج المشهد في مواقع التواصل الاجتماعي وحقق نسب متابعة عالية وسبب حوارات حارة بين مؤيد ومعارض.
ويبدو أن الدراما الاجتماعية بتفاعلاتها وأحداثها المتصاعدة ستكون محل المزيد من المتابعة لدى الجمهور. وهو ما يؤكد مدى حضورها وتأثيرها على المتلقي خاصة إن كانت تعالج الواقع وتنقل إلى الشاشات الصغيرة جزءا من معاناة السوريين وقضاياهم الحارقة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
نضال قوشحة
كاتب سوري