للانتداب ، فيتلقى بعض أعضاء المجلس رغبة السيد « تيريت » المتحيزة بالشيء الكثير من الاستغراب وأذكر أني دخلت وبعض الزملاء معه في الحوار التالي:
قلت : إن الحجة التي يتذرع بها السيد و تيريت » لمساعدة بنت الزعيم الموالي للانتداب إذا ما أخذ المجلس بها « ستفرخ » على مجتمع المدرسة ثلاثة أخطار .
أولها على الديموقراطية في التعليم ، وثانيها على المساواة ، وثالثها على العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين الطلاب ، والديموقراطية ترفض بقوة « أن تكون المدرسة طينة قبضة الخزاف يحولها إلى مايريد من الازلام والأنصاب أو نبتة لينة يلوي البستاني قامتها إلى الجهة التي توافق هواه .
وقلت اعتماداً مني على مذكراتي » إلى السادة لا الزملاء : إن السائس أيها الزملاء الأكارم يستطيع بجر خيوله إلى الماء ، ولكنه لا يستطيع أن يرغمها على الشراب . . . ومن لا أدري كيف يستسيغ السيد « تبريت العمل على أن تنجح « راسبته » وفي الصف أكثر راسب وراسبة .
السيد الياس بشور أراني على يقين حازم بأن الاستثناء مهما كانت مبرراته يشكل خرقاً ، كما قال الزميل أديب للمساواة ، وينتج باباً للاحتجاج علينا والطعن بنزاهتنا ، وإذا كان لابد من الرأفة بالراسبين فلتشملهم جميعاً بدون ما تمييز أو استثناء ...
وتمر القهوة في تلك اللحظة مابين و حلوة » « وتركية « ووسط » على أعضاء المجلس ، فينفرط عقدهم إلى حلقات حلقات ، وأذكر أني نصحت ، للسيد , تبريت » في حديث ثنائي بأن لا يعاند في قضية الفتاة وبأن لايؤخذ بمظاهر التأييد
للانتداب لأن العربي ولو كان حلو اللسان في تملقه ووعوده لن يكون في مواقف الحد إلا عربياً
ويعود أعضاء المجلس بعد القهوة ليقرروا بمنتهى السهولة واليسر إعتبار جميع الراسبين والراسبات ناجحين وناجحات ، وهكذا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، أو قل على حجة الورد يشرب العليق .
و كانت الكلمة بعد استئناف الجلسة للآنسة أوبري » مديرة ثانوية البنات فقالت : بقي أمامنا مشكلة الطالب وعذره أنه يحبها ، فما رأي المجلس الكريم التزوير الأبيض ؟
السيد خليل مرقص : الحل أن ( يسقط ) هو ورفيقته
السيد طيار مازحاً ، الحل أن يعطى مادام متفوقاً شهادتين .
وهو طالب قدير موهوب كتب بخطه مسابقتين : واحـدة باسمه والأخرى باسم رفيقته .
السيد بشور : الطالب المتفوق وإن كان مزوراً
أولى بالشهادة من الراسب .
الآنسة أوبري : إني أوافق على نكتة السيد طيار بإعطاء الطالب المزور شهادتين على أن تكون الشهادة الثانية من توقيع الكاهن ...
ويبرر المجلس بالأكثرية عملية التزوير , الأبيض ويعتبر الطالب المزور ناجحاً وتتحقق أمنية الآنسة أوبري ويلتقي طرفا التزوير الأبيض على الشهادة الثانيـة على يد خوري المشتى . ويسقط الستار على الواقعة الأولى ليرتفع بعدها عن :
الواقعة الثانية :
تتلخص الواقعة الثانية بأن مندوب المفوضية العليا الجديد في اللاذقية جاء ومعه السيد و تبريت ، ذات صباح إلى ثانوية جول جمال بصفة غير رسمية ، وعلى غير موعد ، وأذكر جيداً أني رأيت السيد المندوب وأنا ألج باب الثانية الخارجي يلج هو بابها الثاني المؤدي إلى البهو الكبير ودخلت على أثره بخطا واسعة لالتحق بصفي تاركاً السيد تبريت » تماماً وراء ظهري ، ونظرت إليـه من جانب عيني ، وهو يدخل بعدي ، نظر الملاح وقد هبت على على زورقه عاصفة أو كادت ، فلمحته محملق إلي بنظر الحانق الغضبان ، وجد لي قبل الذهاب إلى الصف أن أعرج على قاعة المدرسين فوجدت فيها الزميلين خليل مرقص وفؤاد منصور : الأول يعرى أمامه أصابع الشوكولاته ، ولفائف البسكويت من أوراقها الفضية لفطوره اليومي المحبب ، والثاني ينظر في أوراق بين ويقف السيد المندوب ومضيفه السيد و تبريت هنيهة على باب قاعة المدرسين وينصرفان دون أن ينتبه الزميلان لهما ، وكانت فلول الطلاب المتأخرة عن الوقت ... تهرول نحو صفوفها دون أن تلوي على شيء ولما كنت في سبيلي إلى الصف كان الرجلان في سبيلهما إلى الإدارة . . . وينتهي المدرسان الأول والثاني ويخرج الطلاب إلى ساحتهم والمدرسون إلى قاعتهم
تلك هي أرضية الحادثة الثانية ، وكان ينبغي أن تمر بسلام إلا أن السيد تيريت أرادها جوارح تبيض وتفرخ ولو ارتدت مخالب نسلها إلى نحره .
وإن أنس لا أنسى حتى الموت السيد تيريت يقحم قاعة المدرسين ليدوي الباب وراءه كأنه الصاعقة ، فتنتصب القامات الثلاثون كأنما دفعتها إلى الانتصاب ، أو جذبتها إلى الوقوف عفاريت لوالب من الأرض عاتية من السقف ، وبدون ما مقدمه أو تمهيد يبصق المربي الكبير ، والرسول الخطير كالبركان الثائر احتقاره في وجه زملائه الثلاثين ، ويندفع كالحصان الجموح في حلبة التحدي والاستفزاز قائلا " تماماً : إنه أمر هائل . . . إنه ليحنقني أن تجهلوا ، وأنتم مربون ، أبسط مبادىء التربية والأدب والذوق واللياقة مندوب مخجل ، واسمحوا لي أن أقول إنه موقف فرنسا يمر هذا الصباح على المدرسة ولايجد فيها حتى - المدرسين من يعبأ به أو تحييه حقاً إنه لموقف مثير موقف لا يمكن السكوت معه أبدأ أبداً .
وكان يخيل للمشاهد أن الرجل ، وقد جحظت عيناه ، وانتفخت أوداجه ، قد انفلق : فلقة في الأرض وقلقة في السماء .
ولما لم أجد من السادة الزملاء من يتفضل على كرامته المهدورة ولو بكلمة . . . قلت بلهجة هادئة : كان على السيد « تيريت » أن يبدأ بسرد الواقعة قبل الانفعال ولا أفهم كيف ارتضى لنفسه أن يغضب هذا الغضب غير اللائق ، و يهين زملاءه من غير موجب ومن غير حق . أسرة التعليم عليه أن يعتذر لها ويبالغ في الاعتذار كما بالغ في عليه الإهانة .
إلا أن السيد و تيريت » لم يعتذر . وعاد ، وهو يدور على نفسه بحركة عصبية ليقول بصيغتي المتكلم والمخاطب معاً : إنني أصر على أننا لم نكن لائقين ، وانكم ستدفعون الثمن •
قلت بلهجة المتحدي : وسيكون غالياً عليك . قال : إذا كان لك ياسيد طيار ما تقوله ، تعال في مكتبي .
قلت هنا أثرت الموضوع ياسيد تيريت ، و هنا يكون الفصل فيه .
قال وهو ينظر إلي شرراً : حسناً ! واندفع نحو الباب ليحدث وراءه كالمرة الأولى مايشبه الانفجار ويتقوض مجتمع المدرسين بين مكفهر عابس ومشمئز غاضب ، ومقطب ساهم . . . وسمعت لغطاً : صوت يقول : « شو هالمجنون » وصوت يقول : باللحماقة وصوت يقول : لا فض فوك ياسيد و طيار »
قلت بصوت متهدج منفعل : جاء هذا الحماس متأخراً . ..
وأقسم ، وقد مر على هذه الحادثة أكثر من ثلاثين سنة . . . لو أن أحدنا سحب يومئذ من مقد البند » وضغط بإصبعه على زناده لتستقر ألفاظه خصره و شيئاً النارية من هذا الأرعن المتعالي « بحيث يكون اللب والرعب والحقد » لما كان على فعلته آثما أو ملوماً ، بل كان عندي بطلا " كريماً . . . ولكن أحداً والذكرى ترمضني ، يتفضل على كرامته كما قلت ولو بكلمة .
وكان ( نواطير ) الصفوف من الطلاب يتنسمون في البهو الكبير سبب تأخر المعلمين عن الالتحاق بصفوفهم ورغم أن الطلاب يعرفون الأرنب وأذنيه ويظنون الظن فلا يخطئون ، فإنهم ظلوا من أمر هذا التأخر ما بين موجم ومتكهن حتى نقلت إلى أحد صفوفي حكاية الإهانة وقلت وأنا أرتعد من الانفعال : . إن البقاء في هذا المناخ قد أصبح علي مستحيلاً ، وإني لذاهب بعد قليل إلى مديرية التربية لأقدم لها ، مع الأسف ، استقالتي ، فينفجر الصف في وجهي كالقنبلة ويدوي بصوت واحد لانقبل لانقبل . . . وهب الطلاب يزدحمون على الباب بالمناكب ، ويطوفون على الصفوف ، كل الصفوف وهم يهتفون :
لا نقبل .. لانقبل . والويل « لتيريت » ، فترتجف ، ويتدفقون إلى أروقة الدار تحت هتافهم وزئيرهم المدرسة ، وإذا ماتدفق الطلاب أحرقوا أو أغرقوا وشكلوا من فورهم وفداً كبيراً ليقول لمدير التربيـة السيد و مصطفى الزين » باسم ألفي طالب بأننا لا نقبل الاستقالة وإلا أضربوا عن الدراسة ، وتعمدت يومها أن أتوارى ثلاثة أيام عن أعين الطلاب ، وما ان اكتشفوا مكاني حتى أطبقت علي دفقة من الطلاب المغاوير لتعود بي على الأكف إلى المدرسة . . . ويجيء السيد مصطفى الزين إلى المدرسة أكثر من مرة ليؤكـد للطلاب أن السيد تيريت » قد ارعوى عن غيه ، وأنه لن يعود إلى مثلها .
قلت : إن الحجة التي يتذرع بها السيد و تيريت » لمساعدة بنت الزعيم الموالي للانتداب إذا ما أخذ المجلس بها « ستفرخ » على مجتمع المدرسة ثلاثة أخطار .
أولها على الديموقراطية في التعليم ، وثانيها على المساواة ، وثالثها على العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين الطلاب ، والديموقراطية ترفض بقوة « أن تكون المدرسة طينة قبضة الخزاف يحولها إلى مايريد من الازلام والأنصاب أو نبتة لينة يلوي البستاني قامتها إلى الجهة التي توافق هواه .
وقلت اعتماداً مني على مذكراتي » إلى السادة لا الزملاء : إن السائس أيها الزملاء الأكارم يستطيع بجر خيوله إلى الماء ، ولكنه لا يستطيع أن يرغمها على الشراب . . . ومن لا أدري كيف يستسيغ السيد « تبريت العمل على أن تنجح « راسبته » وفي الصف أكثر راسب وراسبة .
السيد الياس بشور أراني على يقين حازم بأن الاستثناء مهما كانت مبرراته يشكل خرقاً ، كما قال الزميل أديب للمساواة ، وينتج باباً للاحتجاج علينا والطعن بنزاهتنا ، وإذا كان لابد من الرأفة بالراسبين فلتشملهم جميعاً بدون ما تمييز أو استثناء ...
وتمر القهوة في تلك اللحظة مابين و حلوة » « وتركية « ووسط » على أعضاء المجلس ، فينفرط عقدهم إلى حلقات حلقات ، وأذكر أني نصحت ، للسيد , تبريت » في حديث ثنائي بأن لا يعاند في قضية الفتاة وبأن لايؤخذ بمظاهر التأييد
للانتداب لأن العربي ولو كان حلو اللسان في تملقه ووعوده لن يكون في مواقف الحد إلا عربياً
ويعود أعضاء المجلس بعد القهوة ليقرروا بمنتهى السهولة واليسر إعتبار جميع الراسبين والراسبات ناجحين وناجحات ، وهكذا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، أو قل على حجة الورد يشرب العليق .
و كانت الكلمة بعد استئناف الجلسة للآنسة أوبري » مديرة ثانوية البنات فقالت : بقي أمامنا مشكلة الطالب وعذره أنه يحبها ، فما رأي المجلس الكريم التزوير الأبيض ؟
السيد خليل مرقص : الحل أن ( يسقط ) هو ورفيقته
السيد طيار مازحاً ، الحل أن يعطى مادام متفوقاً شهادتين .
وهو طالب قدير موهوب كتب بخطه مسابقتين : واحـدة باسمه والأخرى باسم رفيقته .
السيد بشور : الطالب المتفوق وإن كان مزوراً
أولى بالشهادة من الراسب .
الآنسة أوبري : إني أوافق على نكتة السيد طيار بإعطاء الطالب المزور شهادتين على أن تكون الشهادة الثانية من توقيع الكاهن ...
ويبرر المجلس بالأكثرية عملية التزوير , الأبيض ويعتبر الطالب المزور ناجحاً وتتحقق أمنية الآنسة أوبري ويلتقي طرفا التزوير الأبيض على الشهادة الثانيـة على يد خوري المشتى . ويسقط الستار على الواقعة الأولى ليرتفع بعدها عن :
الواقعة الثانية :
تتلخص الواقعة الثانية بأن مندوب المفوضية العليا الجديد في اللاذقية جاء ومعه السيد و تبريت ، ذات صباح إلى ثانوية جول جمال بصفة غير رسمية ، وعلى غير موعد ، وأذكر جيداً أني رأيت السيد المندوب وأنا ألج باب الثانية الخارجي يلج هو بابها الثاني المؤدي إلى البهو الكبير ودخلت على أثره بخطا واسعة لالتحق بصفي تاركاً السيد تبريت » تماماً وراء ظهري ، ونظرت إليـه من جانب عيني ، وهو يدخل بعدي ، نظر الملاح وقد هبت على على زورقه عاصفة أو كادت ، فلمحته محملق إلي بنظر الحانق الغضبان ، وجد لي قبل الذهاب إلى الصف أن أعرج على قاعة المدرسين فوجدت فيها الزميلين خليل مرقص وفؤاد منصور : الأول يعرى أمامه أصابع الشوكولاته ، ولفائف البسكويت من أوراقها الفضية لفطوره اليومي المحبب ، والثاني ينظر في أوراق بين ويقف السيد المندوب ومضيفه السيد و تبريت هنيهة على باب قاعة المدرسين وينصرفان دون أن ينتبه الزميلان لهما ، وكانت فلول الطلاب المتأخرة عن الوقت ... تهرول نحو صفوفها دون أن تلوي على شيء ولما كنت في سبيلي إلى الصف كان الرجلان في سبيلهما إلى الإدارة . . . وينتهي المدرسان الأول والثاني ويخرج الطلاب إلى ساحتهم والمدرسون إلى قاعتهم
تلك هي أرضية الحادثة الثانية ، وكان ينبغي أن تمر بسلام إلا أن السيد تيريت أرادها جوارح تبيض وتفرخ ولو ارتدت مخالب نسلها إلى نحره .
وإن أنس لا أنسى حتى الموت السيد تيريت يقحم قاعة المدرسين ليدوي الباب وراءه كأنه الصاعقة ، فتنتصب القامات الثلاثون كأنما دفعتها إلى الانتصاب ، أو جذبتها إلى الوقوف عفاريت لوالب من الأرض عاتية من السقف ، وبدون ما مقدمه أو تمهيد يبصق المربي الكبير ، والرسول الخطير كالبركان الثائر احتقاره في وجه زملائه الثلاثين ، ويندفع كالحصان الجموح في حلبة التحدي والاستفزاز قائلا " تماماً : إنه أمر هائل . . . إنه ليحنقني أن تجهلوا ، وأنتم مربون ، أبسط مبادىء التربية والأدب والذوق واللياقة مندوب مخجل ، واسمحوا لي أن أقول إنه موقف فرنسا يمر هذا الصباح على المدرسة ولايجد فيها حتى - المدرسين من يعبأ به أو تحييه حقاً إنه لموقف مثير موقف لا يمكن السكوت معه أبدأ أبداً .
وكان يخيل للمشاهد أن الرجل ، وقد جحظت عيناه ، وانتفخت أوداجه ، قد انفلق : فلقة في الأرض وقلقة في السماء .
ولما لم أجد من السادة الزملاء من يتفضل على كرامته المهدورة ولو بكلمة . . . قلت بلهجة هادئة : كان على السيد « تيريت » أن يبدأ بسرد الواقعة قبل الانفعال ولا أفهم كيف ارتضى لنفسه أن يغضب هذا الغضب غير اللائق ، و يهين زملاءه من غير موجب ومن غير حق . أسرة التعليم عليه أن يعتذر لها ويبالغ في الاعتذار كما بالغ في عليه الإهانة .
إلا أن السيد و تيريت » لم يعتذر . وعاد ، وهو يدور على نفسه بحركة عصبية ليقول بصيغتي المتكلم والمخاطب معاً : إنني أصر على أننا لم نكن لائقين ، وانكم ستدفعون الثمن •
قلت بلهجة المتحدي : وسيكون غالياً عليك . قال : إذا كان لك ياسيد طيار ما تقوله ، تعال في مكتبي .
قلت هنا أثرت الموضوع ياسيد تيريت ، و هنا يكون الفصل فيه .
قال وهو ينظر إلي شرراً : حسناً ! واندفع نحو الباب ليحدث وراءه كالمرة الأولى مايشبه الانفجار ويتقوض مجتمع المدرسين بين مكفهر عابس ومشمئز غاضب ، ومقطب ساهم . . . وسمعت لغطاً : صوت يقول : « شو هالمجنون » وصوت يقول : باللحماقة وصوت يقول : لا فض فوك ياسيد و طيار »
قلت بصوت متهدج منفعل : جاء هذا الحماس متأخراً . ..
وأقسم ، وقد مر على هذه الحادثة أكثر من ثلاثين سنة . . . لو أن أحدنا سحب يومئذ من مقد البند » وضغط بإصبعه على زناده لتستقر ألفاظه خصره و شيئاً النارية من هذا الأرعن المتعالي « بحيث يكون اللب والرعب والحقد » لما كان على فعلته آثما أو ملوماً ، بل كان عندي بطلا " كريماً . . . ولكن أحداً والذكرى ترمضني ، يتفضل على كرامته كما قلت ولو بكلمة .
وكان ( نواطير ) الصفوف من الطلاب يتنسمون في البهو الكبير سبب تأخر المعلمين عن الالتحاق بصفوفهم ورغم أن الطلاب يعرفون الأرنب وأذنيه ويظنون الظن فلا يخطئون ، فإنهم ظلوا من أمر هذا التأخر ما بين موجم ومتكهن حتى نقلت إلى أحد صفوفي حكاية الإهانة وقلت وأنا أرتعد من الانفعال : . إن البقاء في هذا المناخ قد أصبح علي مستحيلاً ، وإني لذاهب بعد قليل إلى مديرية التربية لأقدم لها ، مع الأسف ، استقالتي ، فينفجر الصف في وجهي كالقنبلة ويدوي بصوت واحد لانقبل لانقبل . . . وهب الطلاب يزدحمون على الباب بالمناكب ، ويطوفون على الصفوف ، كل الصفوف وهم يهتفون :
لا نقبل .. لانقبل . والويل « لتيريت » ، فترتجف ، ويتدفقون إلى أروقة الدار تحت هتافهم وزئيرهم المدرسة ، وإذا ماتدفق الطلاب أحرقوا أو أغرقوا وشكلوا من فورهم وفداً كبيراً ليقول لمدير التربيـة السيد و مصطفى الزين » باسم ألفي طالب بأننا لا نقبل الاستقالة وإلا أضربوا عن الدراسة ، وتعمدت يومها أن أتوارى ثلاثة أيام عن أعين الطلاب ، وما ان اكتشفوا مكاني حتى أطبقت علي دفقة من الطلاب المغاوير لتعود بي على الأكف إلى المدرسة . . . ويجيء السيد مصطفى الزين إلى المدرسة أكثر من مرة ليؤكـد للطلاب أن السيد تيريت » قد ارعوى عن غيه ، وأنه لن يعود إلى مثلها .
تعليق